“ايفرجرين، ما خطبك؟ انه مجرد لون..” اخذ روبين خطوتين للأمام و مد يده، كان واضح انه يحاول التربيت على رأس الفتاة الغزال
لكن ايفرجرين زادت المسافة بينهم و رفعت كفها الصغير، “فقط..!! فقط اعطني بعض المساحة للحظات.” ثم بدأت تتمشى ذهاباً و اياباً ببطئ
تجسيد روبين الفضي عقد حاجباه قليلاً، ثم جلس مكانه يتابع حركة ايفرجرين بعينيه…
مع ان هنالك ما منعها من اتمام كلامها قبل قليل عن مصير الاشخاص الذين شهدوا تطور في اعين الحقيقة خاصتهم، إلا ان النظرات المضطربة الخائفة في اعينها كانت تقول الكثير، حسناً، على الاقل لا يبدو ان حظو بحياة سعيدة جداً.
مرور الدقائق حول تساؤلات روبين إلى قلق، كيف لا و هذه الفتاة الصغيرة تعرف شئ عنه جعلها تتصرف بهذا الشكل؟ بعد حوالي عشر دقائق لم يتمكن من رؤيتها تتصرف بهذا الشكل اكثر و تكلم، ” ايتها الانسة الصغيرة، ألا ترين انك تبالغين كثيراً؟ قد تبدين ظريفة لكنك في النهاية كتلة من التراب تطوفين في الفضاء، ما سأكون عليه لا يخصك في شئ.”
“كيف لا يخصني و انت ستكون مالكي؟ بهذا الشكل انت ستربطني في عربة حربك، لو حظيت بالإنتصارات فأنا سأحظى بالمجد معك، و لو قُتلت فأنا قد اُدمر للأبد بسببك!” وقفت ايفرجرين و ضربت قدمها في الارض، واضح انها كانت غاضبة من وصف كتلة التراب
“اوه؟ ألا زلتي موافقة ان اصقلك؟” رفع روبين حاجبيه، ربما الوضع ليس سئ كما كان يعتقد
نظر ايفرجين بعيداً، ” موافقتي من عدمها ليس مهم، يمكنني ان اشجع و اساعد شخص ما على صقلي، لكن لا يمكنني منع عملية الصقل مهما كنت اكره مالكي الجديد، اقصى ما يمكنني فعله هو تعطيل الصقل و جعله يستغرق فترة اطول، هذه احد القوانين الحديدية التي نتبعها، يجب ان نطيع اقوى شخص متاح.”
روبين تجاهل تماماً انه سمع معلومة جديدة مفيدة، و ركز على ان روح الكوكب تفكر انها في ورطة لأنه على وشك صقلها… ما هذا الوضع بالضبط؟ قبل قليل كانت هى من تحاول اقناعه بأن يصقلها و تقنيا تترجاه ان يبق معها، لكن الان تبدو و كأنها تريد طرده عاجلاً قبل آجلاً؟ هل الانخراط معه سئ لهذه الدرجة؟! بالطبع لا يمكنه ان يسألها عن السبب، فهو رأى ما حدث لها عندما حاولت التكلم في الموضوع قبل قليل
” إسمعي، لا اعرف ما الذي تعرفيه ولا اهتم بصراحة، سأشق طريقي المستقبلي بنفسي ولا اسمح بأن يتم افتراض مصيري في منتصف الطريق.” تعابير القلق على وجه روبين اختفت ببطئ و تحول لغضب مخلوط بفخر، “انا شخص لدي من الفخر ما يكفيني، لو شخص قوي رفض الانصياع لي سأبرحه ضرباً حتى يُقبل قدمي، و لو شخص بلا حول يرفض إتتباعي فسأشعر بالقرف من نفسي لو ارغمت نفسي عليه… انتي حرة، لن اصقلك حتى تطلبي مني ذلك.”
ثم وقف روبين و بدأت تصدر منه هالة فضية حالمة، كان واضح انه على وشك الخروج من مجال روح الكوكب!
“انتظر!!” في لحظة مدت ايفرجرين يدها و امسكت بمعصم روبين
“همم؟” نظر تجسيد روبين الفضي نحو يد الفتاة ثم نحو وجهها بحواجب معقودة و قام بإبطال قراره للخروج، ” ما الذي تويين فعله بالضبط؟”
“انا… سحقاً!!” أفلتته ايفرجرين بتردد ثم اخذت بضع خطوات نحو الكرة الخضراء الضخمة و ركلتها، ثم بعد بضع ثوان فتح فاهها الصغير مجدداً بدون ان تنظر نحوه، ” انا فقط اُفاضل بين المخاطر و الفوائد هنا، حسناً؟ اعطني بعض الوقت فقط…”
“……” انتظر روبين قليلاً ثم جلس مكانه مجدداً و اغلق عينيه.
مرت دقائق او ربما ساعات، روبين لم يكن يعلم… طوال هذا الوقت حاول اكثر من مرة التركيز على الخروج بإستنتاجات من كلام روح الكوكب، لكن كل مرة كانت النظرة المرتعبة على وجه ايفرجرين تقطع حبل افكاره، ما الذي تعرفه تلك الفتاة بالضبط؟!
“اللعنة، و لما لا!”
بعد وقت غير معلوم سمع روبين صيحة اجبرته على فتح عينه، “همم؟”
فوجد ايفرجرين قادمة نحو بنظرة حازمة لطيفة، ” انا موافقة ان تصقلني، لكن بشرط.”
اطلق روبين صفيراً خافتاً، “ظننت انك لا تملكي خيار الموافقة او الرفض؟”
“………”
“حسناً حسناً تكلمي.” ضحك روبين و لوح، القلق في صدره ارتاح بشكل كبير
نظرت ايفرجرين في أعين روبين للحظات ثم اوصلت، “اريدك ان تبني قواعدك العسكرية هنا و توطن على الاقل جزء من جيشك عندي و لا تعتبرني مكان تأخذ منه موارد فقط، لأضعها بشكل وقح، إن كنت سأقفز في الحروب معك فجيب ان اكون في الصفوف الامامية! و في المقابل فمساعدتي لك و المعلومات التي سأمنحها لك ستزيد تلقائياً، لن انتظرك حتى تطلب شئ او تسألني عن شئ، طالما اعتقد ان هذا سيفيدك سأدلك على اشياء لا تتخيلها و بدون ان تطلب حتى، موافق؟”
“انتي تفكرين كثيراً، اي حروب؟ لدي فقط شئ بسيط عالق في كوكب يدعى نيهاري، سأنتهي منه سأعيش بسلام.” هز روبين رأسه بإبتسامة
“شئ بسيط عالق.. بالطبع سيكون دائماً شئ بسيط عالق..” اظهرت ايفجرين ابتسامة ساخرة، ” طالما طلبي بسيط و قد اكون بالغ في التفكير فلا بأس ان تعدني به، صحيح؟”
عقد روبين حاجبيه بسرعة، ما معنى هذا الكلام؟ هل هناك شئ لم يلحظه بعد؟!
بعد بضع ثوان اومئ روبين، “..لا بأس، سأغير خطتي من اجلك، سأبني مدن هنا و اعتبرك كوكب محوري تحت سُلطتي، هل رضيتي الان؟”
“….هووو~ حسناً يمكنك البدأ.” اخرجت ايفرجرين هذه الكلمات بصعوبة كبيرة ثم افسحت الطريق من امام روبين ليرى الكرة الخضراء الضخمة امامه
اما روبين فلم يزل عينه من على ايفرجرين للحظة، رأى ملامحها و هى تتبدل بين القلق و الحماسة بشكل سريع و كأن مسها الجنون، اراد ان يقول شئ لكنه فضل ان يعطيها بعض الوقت لتكمل ما تفكر به، ثم تقدم نحو الكرة الخضراء الضخمة.. نحو روح الكوكب.
رفع روبين يده و وضعه على الكرة ثم اغمض عينيه
بعد بضع دقائق تقريباً–
*أووومننننــ*
“هذا ليس صعب جداً… لقد وصلت بالفعل لـ 1%.” تمتم روبين و هو ما يزال يغلق عينيه، لو سمع الاباء الاشجار هذه الكلمات لربما لن تكون هنالك حرب بما انهم سينتحروا من الغضب!
بعد ربع ساعة–
“2%، هذا اخذ مني وقت اكثر قليلاً..” حاجبا روبين عُقدا قليلاً على الصعوبة المفاجئة، الـ 2% استغرقوا الاباء الاشجار حوالي 30 الف عام للإنتهاء منهم
بعد ساعة–
“3%! ايفرجرين، لماذا هذا يصبح اصعب؟!” فتح روبين عينه و نظر خلفه، يديه كانت ما تزال على الكرة الخضراء
رفعت الفتاة الغزالة كلتا يديها، ” اسفة هذه مقاومة تلقائية يجب ان تحدث، يفترض بي ان احاول تأجيل اتمامك للصقل حتى يعلم اخرون بما يحدث و تأتيك منافسة جديدة يربح فيها الشخص الاقوى، اسفة هذا شئ لا اقدر على ابطاله، لكني اخفف المقاومة قليلاً بالفعل، لكن كلما ازدادت نسبة الثقل كلما قلت السرعة، بالطبع عندما تصل قوتك لمستوى معين سيكون هذا النوع من المقاومة لا يذكر!”
“……” تأجيل اتمام الصقل حتى تأتي المنافسة؟ لم يعرف روبين ما يقول، عاد صامتاً لعملية الصقل مجدداً
بعد 3 ايام—
“عملية الصقل وصلت لـ 10%، هذا يكفي، لدي اجتماع مع اتباعي لا يمكنني تأجيله اكثر، سأعود لأكمل الباقي لاحقاً.” اخيراً رفع روبين يده عن الكرة الخضراء الضخمة ثم تكلم نحو ايفرجرين قبل ان يختفي من المجال دون انتظار رد منها.
الموضوع التاليالموضوع السابق