خلال الشهر الماضي قطع شوطاً كبيراً في نقل المعلومات ذهنياً، و هذه كانت لحظة الفصل، لذلك الاسبوعين التاليين قضاهم روبين في عزلة تامة تقريباً..
القضية كلها كانت تحويل الطريقة من تخزين المعلومات اولاً في وسيط ثم نقلها، إلى نقل مباشر من روح إلى روح ، و مع انها أتبعت روبين بعض الشيئ، إلا انها كانت خطوات روتينية روبين كان قد فكر بها جيداً قبل ان يبدأ اساساً.
لذلك في نهاية الاسبوعين.. روبين نجح في صناعة أول تقنية للتواصل بين الأرواح مباشرةً!
لدى التقنية بضع مشاكل بسيطة كـ انه يلزم وجود الشخصان الذي سيحدث بينهما تواصل في مدى الحس الروحي لبعضهما، الأخر، و الأهم انها تستنذف قوة روحية كبيرة عند الإستخدام
انها ليست كالوسيط مُجهز بأختام، و قوة روحية، و طاقة طبيعية، و مستعد لهذه المهمة بالذات، العبئ كله يكون على روح من يرسل الرسالة الذهنية لذلك فهى تنفع لقول معلومة، او محادثة صغيرة جداً، لا يمكن إستخدامها لحديث مطول، فضلاً عن تمرير تقنيات!
لكنه مع ذلك كان راضٍ جداً بها.. و لم يخرج مباشرةً من عزلته بعدها، لقد أعلم من حوله ان لا يزعجوه إلا عند عودة الفرسان، و القديسين من الأراضي الجديدة.. و بعد شهر، و نصف، لم يعد احد بعد.
الموضوع كان مُقلق بعض الشيئ، إلا انه لا حاجة للقلق على مجموعة من القديسين، و الفرسان عالي المستوى!
لذلك بدأ في البحث التالي الأهم.. تقنية نخبة عائلة بورتون.
سابقاً كان قد طلب من البطريرك إرسال نسخة من تقنيات القوانين التي تمتلكها العائلة ، و قد حان اخيراً موعد فتحهم..
البطريرك أرسل 3 تقنيات من الدرجة الأولى، يتم إعطائهم للمرتزقة، و العائلات الصغيرة الاخرى التي تعيش في أراضي العائلة مقابل ولائهم، و حتى من ليس لديهم موهبة كبيرة من عائلة بورتون… هؤلاء غالباً لن يصلوا للفروسية في حياتهم اساساً بغض النظر عن القدسية في حياتهم فلا داعي لنشر تقنيات من الدرجة الثانية لديهم.
و تقنتيان من الدرجة الثانية مخصصتان للصغار الموهوبين في العائلة الذي ستتم رعايتهم بشكل مباشر من العائلة، و اعطائهم الموارد، و الدعم الكافي للوصول لمستويات مرتفعة في الفروسية.
هذه التقنيات الخمسة مِلك للعائلة الملكية، و مُوزعة بشكل كبير على كل نبلاء المملكة.
منذ إمساك اول كتاب تقنية، و ملامحه بدأت تتغير مع كل سطر يراه..
احياناً إستغراب، و احياناً تعجب، احياناً غضب، و سب و احياناً ضحك هستيري..
لقد تصفح احد هذه التقنيات في الماضي قبل ان يترك العائلة، و كان يراها كشيئ كبير جداً، لكن الأن.. يمكن وصف شعوره بأن طباخ عالمي طُلب منه تقييم طعم القمامة.
بعد إتقان روبين لقانون النار الرئيسي، يمكن القول انه طوى الدرجة الاولى من مسار النار تحت إبطه… فكل القوانين الثانوية مُنشقة بطريقة، او بأخرى من القانون الرئيسي.
لكن عبر قراءة هذه التقنيات.. هو بالكاد، و بصعوبة جداً تمكن من تحديد عن اي قانون ثانوي تتحدث بعدما قرأ الكتاب اكثر من مرة!
انهم مشوهين جداً لدرجة بشعة، خاصةً الثلاث تقنيات ذات الدرجة الاولى.. ببساطة يستحيل عمل الدرجة الثانية من هذه القوانين إعتماداً على ما يراه في الدرجة الاولى.. سيكون الأمر كمن يبنى قلعة فوق رمال متحركة.
نفس الكلام للدرجة الثانية، كمية التشوهيات في هذه التقنيات تجعل التقدم من مستوى لمستوى داخل القدسية صعب جداً، فرصة الوصول للمستوى 27 معدومة تقريباً… في الحقيقة وصول البطريرك براين للمستوى 26 تعد معجزة، و دليل على عبقريته النادرة.
اثناء تقليبه في الكُتيب يحاول فهم ماذا يؤدي إلى اين، جاءه صوت من الخارج. ” سيدي، القادمين من أراضينا الجديدة قد وصلوا، انهم الان عند البطريرك.”
فأغلق روبين الكتاب بين يده بسرعة، و اطلق زفيراً طويلاً كأنه وجد عُذر ليبتعد عن هذه البشاعة، ثم اخذ لفيفتين في جيبيه، و خرج مسرعاً.
و هو في طريقه للخارج اخبر احد الحراس ان يستدعي له ثيو ليتوجه فوراً نحو مكتب البطريرك، ثم اكمل طريقه..
————————
“إذاً انت هو روبين..”
“هذه اول مرة أراه فيها ايضاً..”
“هاها عائلتنا مباركة انك ولدت بيننا.”
“روبين، هذا عمك ديفيد.”
الترحاب، و الإبتسامات ملئت القاعة الرئيسية في مبنى البطريرك بعدما وصل روبين.
5 قديسين بما فيهم بيلي، و البطريرك، و حوالي 15 فارس عالي المستوى إلتفوا حول روبين بعدما دخل، و بدأوا بتبادل مجاملات صغيرة.. جميع المجوعودين هنا هم أركان عائلة بورتون، جميعهم يعرفون من هو روبين في العائلة، و ما هو دوره في كل ما يحدث.
لكن بعضهم لم يرونه من قبل.. و هو صغير لم يولوه إهتماماً كبيراً حتى يذهبوا، و يتواصلوا معه، و بعدما كبر، و أشعل فتيل الحرب تم إرسالهم لدوليفار قبل ان يعود هو للعائلة، و تكون لهم فرصة التعرف عليه.
إستمرت المجاملات لحوالي نصف ساعة تقريباً، حتى اخيراً أشار روبين نحو المقاعد. “رجاءً اجلسوا يا اعمامي، لدي ما احدثكم بشأنه.”
لم يشعر واحد منهم بغرابة بأن روبين يشير عليهم ما يفعلونه، فهم حرفياً جاؤوا للتو من الأراضي التي كسبها لهم…
انتظر حتى إتخذ كلاً مقعده، ثم قال. ” سأدخل في الموضوع مباشرةً، و رجاءً لا تأخذوا كلامي على انه إساءة… خلال الفترة الماضية وجدت مشاكل كثيرة في عائلة بورتون، و قد عملت جاهداً على حل معظمها، لكن هنالك مشكلة واحدة ما تزال تقلقني… انها انتم.”
اخذ الحضور ينظرون لبعضهم بإستغراب لا يعرفون عن ماذا يتكلم.. أيقصد ان هنالك خائن؟
” دعوني افسر اكثر.. اكبر مشكلة في عائلة بورتون الأن هم قِممها، نحن لا نملك عدد كافي من القديسين، بدون وجود قديسين فسنحتاج دائماً مساعدة خارجية في أي حرب.. لأنه لا يمكننا اخذ أراضي عائلة بالقوة العسكرية بينما لديهم قديسين عالي المستوى طليقين، و لا يمكننا قتلهم.. في تلك الحالة سنعيش طيلة حياتنا في خوف.”
“هذا..” اخيراً فهموا ما يجري، لكن لم يفهموا ما يريده منهم، حتى تكلم ديفيد. ” هاها انت لم تطلب مجيئنا اليوم لتؤنبنا، صحيح؟”
“أؤنبكم؟ و كيف يجرؤ هذا الصغير؟” ثم اخرج لفيفة من جيبه، و فردها امامهم. ” رجاءً إلمسوها بحسكم الروحي.”
بدون تأخير اضافي فعلوا جميعهم ذلك.. و ما عدا بيلي، و البطريرك، البقية اغلقوا اعينهم كأنهم ناموا..
“أليست هذه تقنية انماء الطاقة؟ ما الذي تنوي فعله؟” سأل بيلي مستغرباً، لكنه لم يجد اجابة..
روبين ظل صامتاً بينما بدأ الجميع يفتحون أعينهم واحد وراء الأخر، و ينظرون لبعضهم في ذهول، حتى فتح اخر واحد منهم عينه، رجع روبين يتكلم مجدداً. ” بدأً من اليوم لم تعودوا بحاجة للإشراف على أي شفئ تجاري، او عسكري، و لمدة 4 سنوات.. كل ما عليكم فعله هو إستخدام هذه التقنية مع كل احجار الطاقة الممكنة لزيادة قوتكم للإختراق للمستويات الأعلى في اقرب وقت.”
“هممم لم اجرب هذه التقنية بعد، لكنها تبدو إعجازية، بيلي ايضاً حكى لنا عنها في الطريق، و قال انها رائعة… لكن الإختراق للمستويات الأعلى تتطلب ما هو اكثر من الطاقة يا روبين..” تكلم ديفيد بهدوء.
” اعرف اعرف.. لكنها ستكون مفيدة لمن إستوعب القانون الثانوي الخاص به لبناء المستوى الثاني، سأترك مع البطريرك كميات من حبوب تنشيط الروح ستكون جاهزة دائماً في حالة شعر احدكم انه قريب من الإختراق..
و بالنسبة لمن لديهم سعة الطاقة الكافية، و لا يملكون الفهم الكافي فلا داعي للقلق ايضاً، تدربوا مثل البقية على التقنية لتغزوا اجسادكم بالطاقة، و تحسنوا مواهبكم، و انا.. سأجلب لكم الحل قريباً.”
البطريرك كان فرح جداً بالفعل بموضوع كمية حبوب تنشيط الروح، لكنه وقف بسرعة من مكانه عند اخر جملة من روبين. ” تقول ان لديك حل لمشكلة فهم القوانين؟! ما هو ؟ كيف يمكنك حل ذلك؟!”
