فوق انقاض عاصمة قبيلة عزيل–
رائحة بقايل الجثث التي تحيط بالأسوار و المتسربة من تحت الانقاض، شكل الديدان و الحشرات الرمامة و هى تبحث عن وجبتها التالية، اوبئة الجهاز الجلدي و التنفسي التي انتشرت بضراوة، قلة الطعام بشكل جعل الاحياء ينظروا لأفخاذ بعضهم و لعابهم يسيل، الارضية غير المتساوية بسبب المنازل المنهارة.. كل هذا و اكثر جعل هذه المدينة غير صالحة للعيش فيها
لكن بغرابة، كانت هى ايضاً الملاذ الامن لما تبقى من قبيلة عزيل
فكلما حاولوا الخروج منها وجدوا اباطرة الاعداء يتصيدوهم و يجبروهم على التراجع لداخلها، و بعدما يضعوا قدمهم بداخلها يتوقف مطارديهم و يعودوا من حيث اتوا، بعضهم حتى حب ان يتذاكى و يفر عبر انفاق من تحت الارض لكنهم لم يهربوا من الحس الروحي لأباطرة البشر فتم القبض عليهم و قطع اطرافهم ثم إلقائهم داخل المدينة مجدداً
جيش قبل عزيل كان قد فاض بهم الكيل في احد الايام و خرجوا جسداً واحداً مسلحين بالكامل و جاهزين للقتال ضد اباطرة البشر ان ظهروا، واضعين في رؤوسهم انه حتى لو قُتل معظمهم فقد ينجو حفنة منهم، لكن جيش مستعمرات المخلوقات الذكية حول المدينة كانوا هم من حاصروهم و دقوا على رؤوسهم حتى اجبروهم على الرجوع لداخل المدينة مجدداً
في الحقيقة هرب اباطرة قبيلة عزيل كان اسهل نوعاً ما، طالما التفرق و التسلل لا ينفع، إذاً كل ما عليهم فعله هو جمع بعضهم و الخروج كجسد واحد و يقاتلوا جنباً إلى جنب.. لكن السؤال هنا، إلى اين سيذهبوا؟ طالما بقية قبائل العمالقة اعلنوا انهم لن يستقبلوهم، هل سيهيموا في الجبال للأبد؟ هل سيبقوا ملاصقين لبعضهم طوال الوقت و لن يخرج احدهم للصيد او للتغوط مثلاً؟ هذا غير عملي ابداً~ الحياة خارج المدينة لن تكون افضل من داخلها.
هذه المدينة بكل قذارتها و امراضها و كل ما تمثله من شرور، كانوا يشعرون انهم طالما هم بداخلها لن يمسهم مكروه…
حتى اليوم.
*سوووووشـــ*
عدة شُهب خضراء اللون نزلت من السماء قاحلة السوادـ و صوب على منطقة تخييم الجيش
“همم؟ ما هذا هناك؟”
“هذا….”
“اركضوا!!!”
ما تبقى من العشرون الف جندي كل يحملون وشم تقوية الجسد، كلهم ما بين محاربين و شامان و تنانين، حتى لو ارهقهم الجوع فهم ما يزالوا مقاتلين اقوياء عاشوا لمئات السنين، لكن ردة فعلهم عندما رأوا اللهب ذا الاخضر الباهت لم توحي بذلك ابداً
رؤية اكثر من عشرون شهاباً اخضر اللون يتجه نحوهم، كلهم تركوا ما يفعلونه و هربوا في اتجاهات مختلفة، لم يحاول واحد منهم التصدي للهجوم القادم! بعض الجنود كانوا نائمين و لا يفهموا ماذا يجري و مع ذلك قاموا و بدأوا بالركض على اي حال، لكن هذا لم ينفعهم كثيراً.. شُهب اللهب الاخضر سرعان ما بدأت تلامس الارض واحدة تلو الاخرى محولة المنطقة بالكامل لبحر من النار!
“اااااااه!!!”
“انا احترق! انا احترق! انا..؟!”
اكثر من ربع الجنود لم يتمكنوا من الفرار في الوقت المناسب و امسك اللهب الاخضر بهم، من خوفهم بدأوا بالتدحرج على الارض و الصراخ او يقفزوا في ما تبقى لديهم من ماء للشرب، بعضهم حتى بدأ يهاجم نفسه بوشوم الجليد و الرياح و غيرها، لكن اللهب لم يتأثر و ظل يحترق على اجسادهم بعنف، و الاغرب انهم سرعان ما لاحظوا انهم لا يشعروا بأي الم.
بل يشعرون.. بضعف..
“لو كنت تجرؤ اخرج و ارنا نفسك!” احد اباطرة قبيلة عزيل قفز و سدد لكمة نحو احد الشهب التي لم تلامس الارض بعد فإنفجر الشهاب في منتصف الهواء، لكن هذا لم يمنع اللهب الاخضر الذي نزل على هيئة مطر فأصاب المزيد من الجنود، ” سحقاً!!”
اباطرة قبيلة عزيل بدأوا بالخروج واحد تلو الاخر ينظروا نحو بحر اللهب بغضب و قلة حيلة، كيف لا يعرفوا ما هو هذا اللهب الاخضر؟ اللهب الذي جعل قبيلتهم مشهورة لعشرات السنين و اطال حياتهم و أثرى جيوبهم، اللهب الذي اخذ حياة قبيلتهم كلها..
“ريتشااااارد!!! عندما أجدك سأنش لحمك بأسناني، تماماً كما فعلت بأمك!” صرخ إبن زعيم قبيلة عزيل، ساليدار، بكل قوته محاولاً اخراج ريتشارد من مخبئه، لكن كان عالماً علم اليقين ان ريتشارد لن يرد عليه
فمنذ بدأت تلك الاعمال التخريبية لم يُكلمهم ريتشارد و لم يحاول اي بشري التواصل معهم، حتى سبب كل هذا استنتجه العمالقة لاحقاً عندما تذكروا ليوم الاسود الذي رأوا فيه ريتشارد اول مرة
لذا هو يعرف ان ريتشارد لن يخرج، بل هذه فقط احد مآربه في تعذيبهم زيادة، هو بالتأكيد يحاول ان يخبرهم انه حتى داخل المدينة هم ليسوا في آمان منه
لكن حدث شئ غريب، هذه المرة جاء من اعلى السور: “كرر هذا مجدداً.”
وجه ساليدار الغاضب اشرق قليلاً عندما لمح مصدر الصوت، لقد كان ريتشارد!!
لم يصدق ساليدار ان خطته لإخراجه من مخبئه نفعت اخيراً، “قلت اني سأكلك كما اكلت أمك، لكن انت لن اشويك كما شويناها ذلك اليوم، سأكلك حي!”
امال ريتشارد رأسه للجانب ببطئ، المنطقة بين عيناها السوداوان بدأت تتجعد بشكل مخيف، “هل افهم انك ما زلت تتذكر ذلك اليوم؟”
عندما رأى ساليدار ان ريتشارد لم يهرب بعد و ان ينوي بدأ حوار مطول، بدأ ساليدار يتقدم نحو السور بخطى بطيئة متجاهلاً صرخات آلاف الجنود و هم يشعرون بطاقة حياتهم تتسرب منهم، “كيف انسى؟ لقد اكلت الكثير من لحوم الكائنات المتدنية مثلك طوال حياتي، لكن طعم والدتك كان الافضل بلا شك، ما زلت اتذكر قطعة الثدي تلك حتى اليوم، أتسائل لو كنت تملك قطعة لحم طرية كتلك؟ هاهاها”
بعدها بدأ ساليدار يسرع اكثر فأكثر، بقية اباطرة قبيلة عزيل بدأوا يقتربوا من السور ايضاً و جميعهم لديهم نفس الفكرة في رؤوسهم
فجميعهم يدركوا ان السبيل الوحيد للخروج من هنا هو القبض على ريتشارد و استعماله كرهينة، فمن الواضح ان بقية البشر يسيروا بأوامره، و اليوم قد تكون فرصتهم الوحيدة للقبض عليه!
لكن ساليدار اخطئ في شئ، ريتشارد لم يكن ينوي المغادرة من البداية
كل ما فعله انه اغضبه زيادة
================
لدعم هذا العمل مادياً:
باي بال: paypal.me/eslam997
دفع فيزا مباشر موقع كوفي : https://ko-fi.com/teamx15699
اي محفظة كاش مصر: 01020451397
إجمالي دعم هذا الشهر: 5$
~~~~
لدعم هذا العمل معنوياً لا تنس التعليق و الدعاء
~~~~~~~
الموقع القديم لمشاهدة الفصول القديمة: اضغط هنا
~~~~~~
سيرفر ديسكورد لرؤية صور الشخصيات و متابعة مواعيد نزول الفصل:
https://discord.gg/AxDFN6uVTE