“كنت قلت سابقاً أن عدد قبائل البشر كان قد تخطى المئتين قرب بداية عصر تدريب الطاقة، بعدها هبط العدد لحوالي الستون بعد إكتشاف قانون اللهب الازرق الثانوي و اكتسابنا للمزيد من الأراضي، و حصول الدمج، أما بعد تحالف الآباء الأشجار السبعة… عدد القبائل البشرية التي نعرفها حالياً هو 15 قبيلة، و تلك القبائل تسيطر على 5% من مساحة العالم.” أومئ فوغون عدة مرات بمزاج سيئ. ” نحن القبائل الـ 15 لم نر بعضنا منذ عشرات آلاف السنين، و ربما أكثر، نحن مثلاً قبيلة غضب الشمال يمكننا التواصل مع قبيلتين أخريين بإستخدام نحل الحرب، و هم يمكنهم التواصل مع واحدة أخرى، و تلك القبيلة تتواصل مع قبيلة، و هكذا~ بهذه الطريقة عرفنا أننا حالياً 15 قبيلة… أما القبيلة رقم 16 فقد دمرت قبل بضع سنوات فقط.”
” 15 قبيلة متناثرة، و كل واحدة محاصرة من كل الاتجاهات بواسطة دوائر سيطرة الآباء الأشجار… كونكم ما تزالون محافظين على 5% من مساحة الكوكب يعد إنجاز في حد ذاته.” نقر روبين على فخذه، و هو يتكلم ببطئ.
“حسناً لم نعد 15 قبيلة بعد الآن، أنتم الآن معنا! هاهاها.” ضحك فوغون بصوت عالٍ، ثم توقف، و نظر نحو روبين بإستغراب قليلاً، و سأل. ” بالمناسبة، أين كنتم بالضبط طوال تلك السنين، لماذا لم نسمع عنكم؟ و ما هو إسم ذلك الأب الشجرة الذي يستخدم السم؟ نحن نعرفهم كلهم.. أهو أب شجرة جديد أم أنه أحد السبعة لكنه إكتشف أسلوب جديد للهجوم؟”
“…الآباء الأشجار يمكنهم تغيير القوانين في مساحة سيطرتهم، مستوى الطاقة في تلك المساحة يكون أقل بكثير من الطبيعي، و لديهم قدرات خاصة شديدة القوة، و كأنها غضب الطبيعة نفسه.. لماذا و كيف لديهم شيئ كهذا؟ بل لماذا يسعون وراء السيطرة أساساً؟ ليس لديهم أبناء، أو اقرباء ليورثوا لهم تلك الارض، ما هو مسعاهم الاخير؟ “ أخذ روبين ينقر على فخذه، وهو يتمتم بصوت منخفض جداً، و كأنه لم يسمع فوغون.
ثم سأل سريعاً. ” ماذا عن مستوى الطاقة، و تركيب القوانين داخل الأراضي التي يسيطر على القبائل البشرية حالياً، هل هي مختلفة عن الخارج؟”
“… نعم و لا. أيام تحارب مخلوقات الترينت العتيقة فيما بينهم كان ما يزال هنالك فجوة كبيرة في القوانين بين كل دائرة سيطرة، و أراضي البشر كانت ما تزال متماسكة تحتفظ بطاقتها الطبيعية، و تركيب القوانين العادي، حتى أنه كان يعيش بيننا الكثير من مخلوقات الترينت، سواءً كانوا لاجئين هاربين، أو مخلوقات ترينت يافعة ولدت داخل اراضينا.” تحولت ملامح فوغون للجدية مجدداً. ”لكن بعدما تحالف الآباء الأشجار السبعة و سيطرتهم على 95% تقريباً من الكوكب بدأ تأثير ما يفعلونه يتمد لأراضينا، مستوى الطاقة حتى لدينا قَل بشكل واضح، والقوانين تغيرت لدرجة أنه لم يعد هنالك أي مخلوق ترينت جديد يولد في أراضينا و بقيتهم ماتوا واحداً تلو الآخر، قوانين العالم ببساطة لم تعد تدعم وجودهم كما السابق.”
“…هذا معقول، في البداية كان كل مخلوق ترينت عتيق يحاول تغيير القوانين من وجهة نظره داخل دائرة سيطرته، و هذا أدى للتضارب بين كل تلك الدوائر، لكن بعد تحالف الاباء الشجرة السبعة ربما يكونوا قد بدأوا بتغيير قوانين معينة بشكل ممنهج، و تغييرها في 95% من العالم بالتأكيد سيؤثر على البقية… همم، تغيير القوانين لم يؤذي البشر المحليين بشيئ، صحيح؟” أنتظر روبين بضع ثوانٍ، ثم سأل.
هزت إليس رأسها و اجابت. ” …كلا، مستخدمي بعض القوانين شعروا ببعض الضعف، لكن مستخدمي قوانين أخرى أصبحوا اقوى، لذا يمكن القول انه لم يتغير شيئ.”
“هاه.. اذاً المتضرر الوحيد من تغيير القوانين هو بقية مخلوقات الترينت التي إنقرضت، لماذا قد يريدون إبادة بقية جنسهم؟ قبل حقبة تدريب الطاقة لم يكن هنالك عداوة واضحة بين مخلوقات الترينت، لماذا قد يريدوا إبادة بعضهم فجأة؟” عاد روبين للتمتمة بصوت منخفض. “… قلتم أنه بعدما ظهر أول مخلوق ترينت عتيق، و بدأ يوسع نطاق، بدأ العديد من مخلوقات الترينت الأخرى فعل المثل، يستحيل أنهم أخبروا بعضهم بأياً كانت المعلومة التي يملكونها فهم يحاولون قتل بعضهم! ربما تلك المعلومة هو شئ يسهل لجنس الترينت الوصول له بعد وصولهم لقدر معين من القوة؟ ألهذا يريدون القضاء على بعضهم؟ حتى تبقى المعلومة حصرية لأقل عدد ممكن منهم؟ اياً كانت هذه المعلومة فهى بالتاكيد مرتبطة بطريقة لتغيير قوانين الكوكب..”
ثم أضاف بعد بضع نقرات على فخذه. ” لو كان هذا هو السبب وراء تغيير القوانين، فالسبب وراء انخفاض مستوى الطاقة أسهل حتى، تغيير قوانين عالم، و المحافظة عليها لمئات آلاف السنين بالتأكيد ليس بالشيئ السهل، استهلاك كمية طاقة هائلة لهذا الغرض شيئ مفهوم، هذا بغض النظر عن كمية الطاقة التي يستهلكها كل آب شجرة في صنع جيشه، كالأب الشجرة هوفهنايم الذي يقوم بجمع الطاقة، و ضخها في جيش البراعم الخاص به… لو إعتمدت هذين التفسيرين فلم يبق سوى تفسير مصدر تلك *القدرات الخاصة* مثل الصواعق التي تضرب كل شيئ طائر، أو انعدام الهواء لبضع دقائق، هذه ظواهر طبيعية لا يمكن لشخص حتى في مستوى إمبراطور تنفيذها، أهذا له علاقة بتغيير القوانين أيضاً؟ ماذا تريد تلك المخلوقات من تغيير الكوكب لهذه الدرجة؟ و الأهم، من علمهم طريقة العبث في قوانين العالم؟ و هل هذا شيئ خاص بمخلوقات الترينت أم يمكننا أيضاً فعلها أن عرفنا الطريقة؟!”
فوغون و إليس نظرا لبعضهما بطرف العين بدون قول كلمة، لكن بعض قطرات من العرق بدأت تتسلل من رؤوسهم بشكل واضح، ثم عادوا للنظر نحو روبين بنظرة تعتلوها الدهشة، و حتى بعض الخوف…
الأسئلة الوجودية التي تحير كل قبائل البشر منذ مئات آلاف السنين كان يتم الإجابة عنها الآن أمام عينهم!
و من يعطيهم الإجابات هو شخص لم يروه من قبل، شخص قبل بضع دقائق لم يكن يعرف ماذا تعنيه كلمة ترينت ..
الموضوع التاليالموضوع السابق