“أحالته تشبه حالتي الآن.. هممم..” حرك روبين يديه لتدليك جبهته للحظة، ثم تكلم. “لأجيب عن سؤالك علي أولاً أن أعرفك ما هى الروح و كيف تُستخدم… روح الكائنات الحية تظهر عند الولادة في حالتها المبدئية، و بدون تدريب طاقة، أو تدريبات روحية تبقى تلك الروح على حالها حتى تترك الجسد في النهاية. * حتى الموت *… اما مع التدريب، و التنشئة تبدأ تلك الروح المبدئية بالنمو شيئاً فشئ حتى تصبح أضعاف أضعاف حجمها الأساسي… لكن حجم الروح الجديد يكون عبارة عن طاقة صافية تحيط الروح الأصلية… ركزي، تحيط بها فحسب، لذا فالروح المبدئية التي تجعل الشخص حياً لا تتغير، بل تُكسى بمعاطف من القوة يمكن اعتبارها كإمتداد إضافي لها.”
سكت روبين قليلاً، ثم اكمل. “..عندما اُرسل روحي لخارج جسدي سواءً لعمل تقنية بحث الروح، أو الاستشعار، أو لأي غرض آخر فأنا لا أرسلها كلها بل أرسل الطاقة المكتسبة حديثاً فقط… يجب ان تظل الروح المبدئية داخل الجسد بشكل مستمر، و هذا شيئ خارج عن إرادة المستخدم… الروح المبدئية تعمل، و كأنها مَرساة تربط قوة الروح بالجسد، و لا يمكن إخراج الروح المبدئية من الجسد أبداً على حد علمي… الروح المبدئية التي تبقى في الجسد دائماً تحمل كل الذكريات، و المشاعر، و الوعي الذي يجعل الشخص شخصاً… و لهذا تحديداً تمكن جسدي لا ارادياً من الصراخ أثناء معركتي الروحية مع أن معظم روحي كانت خارجها…
أما الجزء الأكبر من الروح – يمكننا أن نطلق عليه امتداد الروح حالياً – و الذي يمكنه الخروج لعمل العمليات المختلفة هى عبارة عن الطاقة الصافية عديمة الهيئة المتراكمة عن طريق التدريب، و حتى إن فُقدت كلها سأصاب بشدة و قد اتحول إلى أبله، لكن غالباً سأظل حي لأن روحي المبدئية ما تزال سليمة، أتسائل لو كان هذا مفهوماً؟
و الآن لننتقل للمهم… صاحب تلك الروح كان قد قام بحبس إمتداد روحي في مكان واسع جداً لم أرى له مثيل من قبل، أعتقد انه كان عقل ذلك المخلوق.. أنا كنت أحاول حقن امتداد روحي في عقل ذلك الكائن البشري الأبيض، لكن بدلاً من ذلك وجدت نفسي في عقل صاحب تلك الروح العملاقة بطريقةٍ ما.. و عندما بدأت بمحاولة تفجير نفسي قامت تلك الروح الدخيلة بفتح قناة إتصال مباشر مع عقلي حتى تدفع إمتداد روحي إلى جسدي مجدداً و يبعد ذلك المخلوق عن نفسه خطر الموت بسبب إنفجار إمتداد روحي داخل عقله بشكل مباشر.. و أثناء تلك العملية كان يوجد حوالي 90% من كتلة روح ذلك المخلوق داخل عقلي للحظة.. و هذه الـ 90% من امتداد روحه قد دُمرت بالكامل في الإنفجار داخل عقلي… يعني هو أراد حبس امتداد روحي لإلتهامه، في المقابل أنا حبست إمتداد روحه، و فجرته هيهي..”
فتح إليزابيث عيناها مندهشة. ” أنت تلقيت دمار يعادل 60% من روحك بينما هو تلقى اضرار تعادل 90% تقريباً؟ إذاً في هذا التبادل أنت من خرجت الفائز؟ … إذاً لماذا أنت بالكاد إستفقت اليوم بينما هو ما يزال يتحكم بـ أكثر من 500 من تلك الكائنات بلا مشاكل؟!”
“أولاً لأن روحه أقوى مني، ليس بفارق كبير، لكنها بلا شك أقوى.. ثانياً، هيهي.. تصرفه ذاك يؤكد الأضرار التي تلقاها…” قهقه روبين بفرح بادٍ، لكن بصوت منخفض، ثم اكمل. ” الأمر كالأتي إليزابيث… إذا تم طعن ذراعك عدة مرات فسيظل بإمكانك إستخدام ذراعك كلها، لكن في كل مرة تستخدمينها ستشعري بالألم و كلما ضغطتي عليها سيزداد الألم حتى ينخلع ذراعك من كتفك بالكامل… أما لو قُطع ذراعك مباشرةً من الكوع فعلى الاقل ستتمكني من إستخدام عضدك بكامل قوته…. هذا تماماً ما حدث بيننا… أنا روحي كاملة، لكن مليئة بالإصابات خاصة روحي البدائية التي تلقت ضربة قوية لأن الانفجار وقع داخل عقلي… بينما هو روحه أخذت ضربة قاضية، لكن ما تبقى منها كامل و متماسك.”
“… من منكما أفضل حالاً إذاً؟!” زارا نظرت بين روبين، و إليزابيث للحظة، ثم سألت بإستغراب، الشخص الذي نجى بخسائر أقل يبدو أنه لا يمكنه فتح عيناه بالكامل، لكن الشخص الذي دُمر جزء أكبر من روحه متماسكة أكثر الآن و يمكنها القتال؟!
“هاها.. ها.. أعتقد أن لكلانا خسائره، للمدى القريب على الاقل هو من له الأفضلية لأن لديه خبرة كبيرة في إستخدام روحه، أما على المدى بعيد.. سنرى~.” ضحك روبين بصوت منخفض، و مسح على رأس زارا.
هزت إليزابيث رأسها، و تنهدت. “المدى البعيد، أتعنى الإنتظار لمئات السنين حتى تشفى روحك؟ لكنت متهوراً جداً يا صاحب الجلالة، المعارك ضد الكائنات البشرية البيضاء ما تزال قائمة و ذلك الشخص يديرها، بينما نحن خسرنا مشاركتك معنا، أخشى أن خسائرنا هذه المرة ببساطة عالية جداً..”
صاحب تلك الروح ربما يكون فقد السيطرة على الملايين من الكائنات البشرية البيضاء، إلا أن قيادته لأولئك الـ 500 كان كاف بجمع الجيش مجدداً، حتى لو كانت خطورتهم أقل بأضعاف عدة، هم ما يزالوا جيش هائل…
على الجانب الآخر روبين يمسك برأسه بعد كل جملة طويلة، و عيناه المنكسرتين تقولان الكثير عن الألم الذي يشعر به، كيف لشخصه الحالي أن يحلل الوضع، و يعطي الأوامر؟ بل يمكن القول إن روبين خرج من اللعبة لفترة طويلة جداً، يمكن من هذا رؤية من الفائز، و من الخاسر من تلك المواجهة..
“لا داعي للقلق… طالما أُشغل تقنية تجديد الروح بشكل مستمر سيكون لدي صفاء ذهن كافٍ لتحليل الوضع و عمل بضع قرارات… أو حتى إتخاذ تقنية تجديد الروح كأساس، و عمل تقنية مخصصة لمعالجة الروح، كل ما أحتاجه هو بعض الوقت..” كان روبين يبتسم إبتسامة خفيفة حتى تلك اللحظة، لكن عند هذه النقطة إبتسامته زادت من الإذن للإذن حتى ظهرت أنيابه، و قال بثقة. ” ثانياً.. من قال إني لم أكسب شيئ من تلك المواجهة؟ في الحقيقة مكاسبي هذه المرة قد تكون كافية لجعل هذه البعثة كلها ناجحة!”
إليزابيث، و زارا كانوا قد بدأوا بالإبتسام بفرح عند سماع الجزء الأول من كلام روبين، لكن الجزء الثاني جعلهم ينظرون لبعضهم بحواجب معقودة للحظة، ثم سألت إليزابيث بفضول بادٍ. “ماذا تقصد؟ هاي إن كنت تخبئ شيئ فقله لنا!”
“هي.. هيهي.. بل قلت كل شيئ.. فكروا بأنفسكم في ماذا قد تكون الفائدة… أما أنا فسأعلن عنها لاحقاً إن نجح ما أفكر فيه..” ضحك روبين، و لوح يده ببطئ، ثم بحركة خفيفة نزل من على سريره، و وقف بسهولة، ثم أكمل كلامه، و هو يتحرك نحو باب الخيمة. ” سمعت بالصدفة أن جابا أخذ معه الجيش، و غادر قبل ثلاثة أيام؟ لابد أنه أرسل لكم بضع تقارير، إحكوا لي كل شيئ عن هذا..”
“تحت امرك، لكن إلى اين أنت ذاهب؟!” تحرك إليزابيث بسرعة خلف روبين، و سألت بإستغراب.
حرك روبين يده مزحزحاً باب الخيمة الذي كان عبارة عن ستار، و تكلم مبتسماً. ” ما يزال لدي عمل غير منتهي مع أولائك المساجين.”
الموضوع التاليالموضوع السابق