داخل الخيمة الإمبراطورية– فوق التل المنحدر.
“… هل سمعتم آخر الاخبار؟” إحدى الفتيات داخل الخيمة كسرت الصمت، و تكلمت، مع أن ملامحها الرقيقة بالكاد يعطي انطباع بأنها في العشرينات من عمرها، إلا أن الرمز على درعها الذهبي يقول بوضوح أنها قديسة من فيلق الحياة!
“تتكلمين عن أفعال جابا؟ أنه متهور جداً…” رد قديس آخر من فيلق الحياة، و هو يسكب لنفسه سائل وردي في كوب.
لكن امرأة أخرى بجواره حركت يدها، و لطمت مؤخرة رأس ذلك القديس بلطف. “انت جندي، لا تتكلم عن القائد الثاني بهذا الشكل في غيابه.”
“اخخ العمة ليندزي، لماذا فعلتي هذا؟! ليس و كأن أحدهم سيسمعنا هنا..” حك ذلك القديس مؤخرة رأسه، و تكلم بانزعاج. ” ثانياً كيف ترين أنتي أفعاله؟ لقد اخذ جُل الجيش، و غادر دون إعطاء مبررات، أنهم غائبون لثلاثة أيام الآن، من يدري ماذا حدث لهم؟ لماذا لم ينتظر، و يدافع عن التلة ريثما يقوم معاليه بالسلام ليأخذ هو القرارات؟ أنه مجرد تلميذ لمعاليه، لكنه تصرف و كأنه قائدنا الحقيقي!”
“إمم انا أيضاً اؤيد الاخ بيترسون، القائد الثاني أخذ أربعون ألف جندي من الكتيبة الذهبية و غادر مسرعاً، لم يبق أحد ليدافع عن معاليه لو حصل شيئ… حالياً لا يوجد فوق التلة سوى 5 الاف حكيم جريح، و فقط أقل من أربعة آلاف يمكن الإعتماد عليهم، لكن حتى هؤلاء معظمهم من قوات الحياة و قوات النبات، و طبعاً جثث الـ 1500 فقيد الذين قُتلوا أثناء المعارك منذ وصلنا للكوكب… كيف يمكننا الدفاع عن معاليه بهذا العدد من القوات إن جائت غارة جديدة؟” الفتاة ذات الملامح الرقيقة تكلمت بصوت منخفض.
المرأة المدعوة ليندزي صمتت لوهلة، و نظرت للأرض لا تعرف كيف ترد، صحيح الوضع الأمني فوق التلة ظل آمن منذ مغادرة جابا، و الأربعون ألف جندي، حتى أن كل القوات الأرضية حول التلة انسحبت و توجهت نحو شمال غرب أيضاً، بدون أي تهديد حالي في الأفق، إلا أن هذا لا يضمن أنه قد لا يأتي قوات أخرى للهجوم عليهم في أي لحظة..
الـ 5 الاف حكيم الذين تضرروا من ضربة الصاعقة قد عولجوا بشكل كبير تحت إشراف سيدة قانون الحياة زارا شخصياً، إلا أنهم ما يزالون ليسوا في أفضل حالاتهم، و مع أن هناك تقريباً 10 آلاف فرد اخر فوق التلة، و هم فيلق الحدادين الإلهيين و فيلق أسياد النقوش، إلى أن قدراتهم القتالية محدودة جداً.
ثانياً حتى بغض النظر عن هذا و ذاك، ماذا يحصل مع أولئك الأربعين ألف جندي؟ كل قديسي و حكماء الكائنات البشرية البيضاء ذهبوا ورائهم فوراً، و بسرعة تبعهم كل القوات الارضية، هل عليهم قتال كل هؤلاء وجهاً لوجه؟ ماذا لو تم حصارهم هناك بدون وجود مصفوفة قبة الطاقة، و السور المعدني ليحتموا ورائه؟
“…الأربعون ألف جندي يمكن أن يموتوا، نحن أنفسنا يمكن ان نموت، لا مشكلة ابداً في هذا لأنه يمكن تعويضنا بسهولة، العديد من شباب الجيل الجديد في عائلة بورتون سيكبرون ليخدموا معاليه و ينشروا مجد العائلة للأبد بجواره، لكن إن متنا كلنا هنا فمن سيحمي معاليه؟ معاليه روبين بورتون لا يجب أن يموت في هذا المكان مهما كلف الثمن!!”
لكن ليندزي في النهاية ردت بصوت منخفض. ” لا تقلقوا من هذه الأمور، صاحب السمو قيصر بورتون خرج أيضاً مع القائد الثاني، لو شعر أن هنالك تهديد على حياة معاليه روبين بالتأكيد سيقود بقية أقربائنا و يعود… طالما تأخر حتى الآن فهو يرى أن بقائهم هناك انسب.”
الفتاة والشاب الآخران نظرا لبعضهما، ثم نحو الأرض، و لم يردوا، فعلاً قيصر بورتون، الإبن بالتبني لأيقونة عائلتهم، هو الشخص الوحيد الذي يمكنهم الثقة به حالياً، لكن حتى هو لا يمكنهم الاتصال به لمعرفة ماذا يجري..
مع أن جميع قوات التشكيلة الذهبية لديهم خواتم صوت إلا أنه لا يمكنك التواصل مع بقية اقربائهم من عائلة بورتون لمعرفة ماذا يجري، فقد تم تحريم إستخدام خواتم الصوت بشكل عشوائي حتى لا يتشتت الجانب الآخر أثناء معركة مثلاً، او يتم تسريب معلومة لا يجب أن تُسرب، لذا تم إعلامهم أن إستخدام تلك الخواتم يقتصر على إرسال تقرير عاجل جداً للجينرالات أو تسلم الأوامر.
مع أنه لا يمكنهم التواصل مع أقربائهم إلا أنهم ليسوا في غفلة بالكامل، الجينرالة إليزابيث ترينت مكثت معهم بإرادتها لقيادة الدفاع عن التلة، و قالت أكثر من مرة أنها على تواصل دائم مع بقية الجينرالات، و إن الوضع الجيد وأنه ليس عليهم القلق، لكن المشكلة أنها لم تقل غير ذلك، فهى لم تقل مثلاً لماذا خرج هذا العدد من أفراد الكتيبة الذهبية أو ماذا يحدث في الخارج أو متى سيعودون، كل ما يحدث في الخارج ظل شيئ يحوطه الغموض…
“لا داعي للقلق، جميعهم أفراد أكفاء، طالما الوضع مستتب هنا فهم بالتأكيد في موقف جيد أينما كانوا، و إلا لكنا تعرضنا لهجوم قوي بالفعل.” صوت صدر فجأة قطع الصمت.
“هممم معك حق..” أومئت ليندزي بلطف و هي تنظر للأرض، ثم رفعت رأسها بحاجبين مرفوعين، و نظرت حولها. ” من كان هذا؟”
الفتاة و الشاب أيضاً بدى عليهما الحيرة، و هزا رأسيهما.
“هيه~ هل فقدتم الامل في إني قد استفيق ذا يوم أم ماذا؟” الصوت صدر مجدداً، مصحوباً بحركة هذه المرة، روبين الذي كان ممدداً على سريره منذ أسبوعين تقريباً قد جلس!
“مـ.. معاليك!!”
الموضوع التاليالموضوع السابق