الوقت الحالي–.

بعدما عاد قيصر من خيمة روبين، و أطمئن أنه قام بتفعيل تقنية تجديد الروح، عقد حاجبيه و هو يراقب المعركة التي تدور بين العشرون قديساً…

قديسي الكائنات البشرية البيضاء لم يكونوا من فارغي العيون، بدى عليهم الحماس الناتج عن القتال الجيد، و الخوف عند مواجهة هجوم قوي، و تواصلوا مع بعضهم كثيراً عن طريق الصياح بلغتهم، لكن حقيقة أنهم ليسوا من فارغي العيون لم تضعفهم ابداً، بالعكس، لقد أبدوا براعة كبيرة، و تعاون عالي المستوى فيما بينهم، حتى بعد بدأ القتال بحوالي ربع ساعة لم يكن هنالك فائز واضح.

أما الأكثر جاذبية للنظر في المعركة هو تلك الأسلحة الخشبية التي يحملونها…

العشرة قديسين من عائلة بورتون تخلوا عن دروعهم الذهبية قبل الخروج من القبة بملئ إرادتهم ليكون النزال عادل، لكنهم اخذوا معهم الأسلحة الإلهية الذهبية، لذا يمكن القول ان قوتهم الهجومية ما تزال في أوجها.

مع ذلك أسلحتهم الإلهية الذهبية لم تتمكن من اخذ المبادرة ضد تلك الاسلحة الخشبية، بل هم يبدوا متكافئين نوعاً ما!

هذا لم يفاجئ أفراد الكتيبة الذهبية فقط، بل فاجئ حتى المتفرجين من الكائنات البشرية البيضاء!

المعركة الطويلة التي إستمرت بين أليكساندر، و الستة آلاف حكيم ضد أكثر من عشرون الف قديس و حكيم من المخلوقات البشرية البيضاء كانت نوعاً ما تعتمد على النجاة، لم يكن هنالك وقت لمقارنة أسلحة أو تقنيات و خلافه، أو حتى من شعر بشئ غير طبيعي لم يكن غير متأكد منه، الآن فقط تأكدت شكوك كِلا الجانبين، كان واضح على معالمهم ان كل جانب يتسائل كيف للجانب الآخر أن يمتلك أسلحة تكافؤه قوة!

الشئ الثاني الذي بدأ الجميع يرعى انتباهاً له كان مدى نقاء، و قوة تقنيات القوانين التي يتبعها الجانب الآخر…

حتى الآن ظهر عدة قوانين رئيسية من كلا الجانبين، لكن جانب الكتيبة الذهبية كان دائماً هو الفائز في إختبار قوة و نقاء القوانين، ما عدا قانون رئيسي واحد.. قانون النبات!

هو القانون الوحيد الذي وصل لمرحلة المثالية، و يكاد يكون مطابق لقانون النبات االرئيسي المثالي الذي سلمه روبين لإليزابيث ذاك اليوم…

في المرتبة الثانية حلت القوانين الثانوية المرتبطة بالارض، و الرياح، مستوى نقائها كان مرتفع جداً، على الاقل كان أعلى من تلك التي كانت تمتلكها الإمبراطوريات الاربعة قبل ظهور روبين.

في ما عدا ذلك فبقية القوانين مليئة بالشوائب الخطيرة، خاصةً القوانين المرتبطة بمسار اللهب، أو البرق سواء رئيسية أو فرعية، كلها تبدو كالقوانين التي كان يستعملها عائلات البارون في مملكة الشمس السوداء، بل أسوأ!

كون تلك القوانين وصلت للمستوى الكافي الذي يجعل المستخدم قديس، او حكيم هو في حد ذاته إنجاز كبير، بل و خبر مهم يجب نقله لمعاليه روبين..

“لا يعقل أن هذا مجرد تحدي عادي فعلاً، هاه؟” سأل قيصر بعد بضع دقائق، لم يتمكن من رصد أي شئ غير طبيعي.

كيف يعقل أن تلك المخلوقات التي كانت تسعى لإبادتهم فجأة أصبح لديهم المنطق الكافي لبدأ تحديات و فتح سُبل تواصل؟ هذا لا يبدو منطقي أبداً… أيعقل ان قائدهم إستسلم و قرر معرفة المزيد عن الفضائيين الذي ظهروا في أرضه؟

في هذه اللحظة إبتسم جابا و رد. ” نظرك قصير جداً..”

“هاه؟” نظر قيصر نحو فاتحاً فمه.

” تجاهل المعركة يا صاحبي، أنشر حسك الروحي لأقصى مدى ممكن، و ركز على الخلفية.” نصح جابا.

“همم؟” عاد قيصر للنظر أمامه، و فعل كما يقول جابا، و بسرعة عاد حاجبيه للغرق للأسفل مجدداً..

هنالك العديد من قديسي و حكماء المخلوقات البشرية البيضاء ينسحبوا ببطئ مختبئين خلف ظهور زملائهم، يهبطوا للأسفل، ثم يركضوا للخلف بسرعة كبير تحت غطاء الغابة بإتجاه شمال-غرب!

“ما الذي يحدث بالضبط؟!”

” يبدو أنها خطة لسحب جزء من قواتهم الرئيسية بدون أن نشعر، سحب القوات الأرضية يمكن تجاهله بما انهم بلا فائدة تقريباً بسبب السور، يمكن القول أنهم عادوا لأعمالهم ببساطة حتى يتم تقليل عبء إطعام الجيش، لكن سحب جزء من القوات الرئيسية، و التي هى القديسين، و الحكماء بالتأكيد سيثير ريبتنا، لهذا حاولوا صرف انتباهنا لأشياء أخرى بينما ينسحبوا هم في الخفاء، خلال الربع ساعة الماضية غادر بضع مئات قديس.. أما بالنسبة للسبب، فلا أعرف~.” رفع جابا كتفيه و رد بصوت منخفض هادئ.

ثم أكمل. “في الحقيقة هذه الخطة ليست سيئة ابداً… لولا أرواحنا القوية التي اُعطيت لنا بفضل تقنية تقوية الروح الخاصة بالمُعلم لما تمكننا من إكتشاف ما يحصل في الخلفية، و لما تمكننا من مراقبة الأعداد التفصيلية لقواتهم، كنا سنسير مع التيار، و نراقب تقنياتهم، و أسلحتهم و نحاول التواصل معهم… لسوء حظهم نحن لدينا المُعلم في صفنا و هم لا.”

عاد قيصر للنظر نحو جابا، لا يدري ماذا يقول… لقد تكلم و كأن اكتشافهم عن طريق الحس الروحي شيئ بديهي، لكنه قد راقب الوضع مثله لبضع دقائق، و لم يخطر في باله التركيز على الأشخاص في الخلفية، من قد يفعل هذا؟ غالباً بين كل الموجودين فقط جابا الذي فكر في هذه النقطة.

هذه ليست أول مرة يصدمه جابا بإحدى القرارات، أو الإجراءات التي يرى فيها ظِل روبين…

*ما الفارق بيني و بين جابا؟ الخبرة.. الذكاء.. التفكير خارج الصندوق؟… لو لم يجدني والدي بالتبني كرضيع، و كان عليه الإختيار بيني و بين جابا كتلميذ، من كان سيختار؟*

تنهد قيصر مستسلماً عند التفكير في هذا، و سأل مجدداً بصوت منخفض. “تنفيذ خطة إنسحاب بهذا الحجم يعني أنه قائدهم ينوي سحب عدد ضخم من القديسين و الحكماء، ما العمل الآن أيها القائد الثاني؟”

“ولا شيئ… للأن على الاقل~.” إبتسم جابا إبتسامة كبيرة.

 

 

 

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=
8
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x