“بالطبع لا يا حبيبي، والدك ترك لنا الكثير من الخطط الإحتياطية، و وصانا على الجيش اكثر من مرة، لدينا قوة يمكنها حمايتنا مهما كان العدو..” إنحنت ميلا قليلاً، و ربتت على شعر الولد برفق.

” ريتشارد كبير بما يكفي الأن، و لهذا بدأ يحضر الإجتماعات، لا داعي لمعاملته على أنه طفل.” أحد القديسين الكبار في الغرفة نظر نحو الولد. ” في الحقيقة نحن واقعين في خراء عميق، لو ظل أباك معنا لربما تمكن من إبتكار شيئ لمساعدتنا، لكن أين هو الآن عندما نحتاجه؟ لقد هرب.”

الولد الذي يبدو في العاشرة، ريتشارد، قبض يداه بقوة، و نظر للأسفل، لم يجد شيئاً يقوله للدفاع عن والده الذي لم يراه يوماً…

” اخرس! ” بيلي ضرب الطاولة، و وقف. ” لو قلت كلمة ثانية في حق روبين سأقوم بتخفيض رتبتك فوراً، و ارسلك لحماية محاصيل القطن من البعوض، مفهوم؟!”

“تسك~” نظر ذلك العجوز بعيداً، و لم يقل شيئاً، بقية مجلس الشيوخ في العائلة بدأوا ينظرون لبعضهم ايضاً بإنزعاج.. منذ متى المجلس يمكن أن يحضره طفل في العاشرة، و امرأة من عائلة أخرى، و حتى بضع شباب صغار لا يعرفون اصولهم؟! هذا مجلسهم!!

البطريرك كان تائه منذ سماع الأخبار، و كأنه في عالم اخر، لكنه في النهاية نظر نحو ألفريد، و تكلم. ” سموك، ما هو رأي العائلة الملكية في ما يحدث؟ هذه حرب ملكية كما تعلم، العائلة الملكية ستقف معنا.. صحيح؟”

في الحرب قبل ثلاث سنوات أرسلت العائلة الملكية جيوشهم الجرارة للثلاث جبهات، و كانوا عنصر مهم في الدفاع أمام تقدم الممالك الثلاثة، بدونهم كان النصر بدون خسائر فادحة سيكون صعباً جداً.

فحتى لو تمكنت عائلة بورتون من التصدي للهجمات من دوليفار، و أراضيهم في المياة الراكدة، ما تزال هنالك أراضي عائلات برادلي، و ألتون في المياه الراكدة التي كانت تتعرض لإجتياح ملكي ايضاً، و اراضي عائلة جوليان المواجهة لمملكة أوكليا!

و الأن إنضمت جبهة جديدة، و هى جبهة مملكة غاريا التي لا يوجد أي دفاع حدودي يذكر بينهم، و بين الشمس السوداء لأنهم كانوا حلفاء منذ آلاف السنين.

بدون تواجد جيش العائلة الملكية، و إصدارهم الأوامر لتحريك جيوش كل النبلاء تحتهم أمام هذا الزحف من كل الإتجاهات فسوف…..

” بالطبع! نحن بالتأكيد سوف–” كلام ألفريد الحماسي قاطعه اهتزاز خاتمه، فمرر حسه الروحي فيه، و أغلق عينيه لبضع ثوانٍ، ثم وقف بهدوء. ” والدي يطلب حضوري في العاصمة، سأرى ما يريد، ثم سأعود لأخبركم.”

“تفضل.” رد قيصر بإبتسامة، و أشار نحو الباب.

تابع الجميع الامير الصغير ألفريد حتى خرج، و أغلق وراءه باب المجلس، ثم قال بيلي. ” العائلة الملكية ستنسحب…”

” سيتخلوا عنا.”

” هذا واضح..”

” سحقاً، أنحن أصبحنا في مواجهة العالم وحدنا الأن؟!”

هلِع الجميع، و وضعوا رؤوسهم بين أيديهم، جيش عائلة بورتون كان قوي، لكن ليس كبير.. مستحيل ان يتمكنوا من الدفاع أمام كل تلك الجيوش الملكية التي يمكن حصر عددها بالملايين وحدهم، حتى لو لم يكن لدى اعدائهم 40 حكيماً!!

أملهم الواحد كان كالسابق، الإعتماد على دعم العائلة الملكية، و استخدام الطلاسم للهجوم من الخلف ، لكن بعد ظهور كل أولائك الحكماء، و حتى دخول مملكة غاريا الحرب، واضح ان حتى العائلة الملكية بدأت تخاف على نفسها.

فإن كانت حتى مملكة غاريا أعلنت الحرب، ما الذي يمنع الممالك الثلاثة البعيدة أن يرسلوا جيشوهم ايضاً؟

و ايضاً.. الكيان وراء كل أولائك الحكماء..

مرت ربع ساعة تقريباً قبل أن يرفع بيلي رأسه اخيراً، و يتكلم. ” من الجيد اننا أعدنا بناء مدينة يورا في الوقت المناسب، المدينة يمكنها تحمل الحصار لفترات طويلة، أملنا الوحيد هو إستدعاء كل قواتنا و تركيزهم هنا.”
” و كل أراضينا؟ كلها ستذهب؟ ماذا عن لقب الماركوس؟ هل كل شيئ فعلناه ذهب أدراج الرياح..؟!” أحد القديسين كاد قلبه يتوقف، و هو يتكلم.

“اجل، يجب ان ندافع عن كل شبر من اراضينا، هذه ممتلكاتنا! إنها حلمنا، و حياتنا!!” صرخ آخر.

“حياتنا أهم من الالقاب حالياً، إن نجونا من الهجوم سنسترد ما هو لنا، انا اتفق مع العم بيلي، فيلق النار سيبقى في يورا.” تكلم قيصر.

ثيو، و بيون نظرا لبعضهما لوهلة، ثم تكلم بيون. ” فيالق الرياح، و الظلام، و الحياة سيبقوا في يورا.”

“من تظنون انفسكم؟ أتعتقدون أنكم من العائلة حقاً؟ أنهم قواتنا نحن!! من أعطاكم الحق لتقرروا تحريك قواتنا كما تشاؤون أيها الأطفال؟! الفيالق الاربعة هى سلاحنا السري الذي صرفنا عليه كل موارد العائلة، و الذي كنا نحتفظ به، و لم نظهره في الحرب الأخيرة، انه حرفياً أملنا الوحيد الأن، و انتم تريدون التحكم فيه؟” وقف أحد الشيوخ من عائلة بورتون، و ضرب على الطاولة.

“ما كنتم لتصرفوا عليهم ذهبة واحدة لولا توصية أبي، و رعاية العم بيلي، توقف عن التكلم، و كأنك ساهمت بشيئ! والدنا هو من أعطانا هذه القوات، و هو من أعطاكم تلك الموارد، و سيبقوا تحت تصرفنا حتى يقول هو عكس ذلك.” رد قيصر بعينان باردتان.

“انتم..!!”

البطريرك وقف، و تنهد. ” الشباب معهم حق، حياتنا هى الأهم، يجب أن ننجو بعدها ننتقم…”

” لكن أيها البطريرك..!!” حاول أحد الشيوخ التدخل بسرعة.

” يكفي كلاماً في الموضوع، الأمر قد تقرر!” البطريرك براين أوقفه، ثم نظر لميلا، ” خذي ريتشارد، و ارجعا معاً لبيت عائلة برادلي، أنهم يريدوننا نحن فقط، يجب ان يبقى الولد في أمان، وإلا لن أعرف كيف أنظر في وجه روبين في الحياة الأخرى…”

نظرت ميلا في عينا البطريرك مباشرةً. ” من أخبرك ان عائلتنا ستبقى في مكانها؟ سأجلب جيش عائلة برادلي، و سيجلس هنا في مدينة يورا، عائلة برادلي ستقف معكم للنهاية.”

” لكن…!” البطريرك أراد إضافة شيئ اخر، لكن توقف، و تنهد عندما رأى التصميم في عينا ميلا.

” لا فائدة من البقاء، و التكلم أكثر، فليذهب كلاٍ إلى عمله، ابدأوا بإعداد الطعام، و التجهيز للحصار.” وقف قيصر، و بدأ يمشي نحو الشرفة، ثيو، و بيون تحركا خلفه بنصف خطوة أيضاً.

نظر قيصر للأسفل، و صاح. ” رجال عائلة بورتون، لقد إتفق العالم على التخلص منا لأننا أفضل منهم، لكن العظيم روبين بورتون لم يترك لنا كل هذا لنسقط بدون قتال! هذه المدينة يجب أن تظل صامدة حتى تستقبل عودته الميمونة لنا، عندها سنحكم العالم! فيلق النار، فيلق الظلام، فيلق الريح، أخبروني.. هل ستسقط مدينة يورا؟”

” على جثثنا!! ” صيحة موحدة، و مدوية هزت يورا بأكملها.

حوالي ستون ألفاً من الجنود يقفون تحت الشرفة بأعين تشتعل غضباً، و حماسة، كلهم يرتدون دروع بيضاء لامعة، و يمسكون أسلحة عالية التصنيف، و على الأقل نصفهم تصدر منه هالة قديس…

———-
شايفك ياللي بتقرأ من غير ما تترك تعليق!

 

0 0 votes
Article Rating

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=