“هذا…” ثاندور عقد حاجبيه، لم يفكر في هذا الأمر مطلقاً، فمنذ قيام نظام القبائل حتى الأن لم تُباد قبيلة واحدة كبيرة، و لم يحلم أحد بفعلها فكلهم متساوين تقريباً!
بعد السكون لدقيقة تقريباً أطلق العنان لنفسه. ” أحتاج لضعف الأسلحة الإلهية التي معي الأن، أحتاج لضعفين عدد الشامان في جيشي، و أحتاج مطيات يُعتمد عليها للتنقل بـ حرية من مدينة إلى أخرى بسرعة داخل ارض قبيلة المياة.”
“…” نظر روبين نحو أورزون الذي أومئ نحوه بدوره، ثم اعاد النظر نحو ثاندور، و تكمل. ” سأعطيك فيلق عظاءات هاوية النار حتى تنتهي الحرب، و 20 الف عتاد إلهي بربع السعر، أهذا كافٍ؟”
” كا- كافٍ! كافٍ جداً..!” كاد ثاندور ان يقفز من الفرح، لكنه صمت فجأة، و كأنه تذكر شيئاً. “لكن ماذا عن قبيلة القوة..؟”
” أتركها لطائفة إتحاد نيهاري، لا تشغل بالك بهم بعد اليوم.” تكلم أورزون بعينين ناعستين، و مورين أومئ..
اصبح هو، و امون بإمكانهم الإستماع لكل شيئ بعدما أعطاهم روبين تقنية يمكنها تحويل موجات الصوت في الهواء إلى إشارات دماغية، انها تُستعمل كالآذن تماماً لكن الفرق ان الجسد كله يمكنه إلتقاط موجات الصوت، و ليس الأذن فقط، لدرجة أنها أكثر فاعلية من الأذن.
“هذا…” نظر ثاندور بجانب عينيه نحو جابا، بدا مشككاً في كلام روبين.
كيف لا، و قبيلة القوة أخذت مساراً خاصاً قبل عشرة آلاف سنة، مسار القوة الخالصة الذي يمكن لأوشامه الإلهية اعطاء صاحبها قوة جسدية مضاعفة مرتين، او ثلاثة مقارنة بأقرانه!
إعتمادهم على الكائنات الذكية كطعام رئيسي جعلهم يريدون الأموال، و الأراضي الجديدة بشكل دائم لسد جوعهم، و هذا أدى إلى إتجاههم لإتخاذ الحرب، و الغزو عمل رئيسي لهم..
مع أنه يمكن القول إن معظم القبائل تتساوى على ميزان القوة في كل شيئ ما عدا عدد الأسلحة الإلهية، فقبيلة القوة لديهم أفضلية أخرى، و هى الشراسة، و الميل للطبيعة المحاربة.. انهم جنود بالفطرة.
” لا داعي للقلق.” وضع جابا يده على كتف والده، و ربت عليها مرتين مبتسماً.
“جيد، كل شيئ جاهز إذاً.. سنبدأ تحريك القوات اليوم!” صفق روبين مبتسماً، لكنه سرعان ما إختفت الإبتسامة، و وضعه يده على صدره. ” إعذروني حالياً..”
ثم خرج من الغرفة تحت أنظار الجميع.
بعد بضع دقائق—
“هااا.. هااا.. هووو…” منذ خرج روبين من الغرفة، و هو جالس يلهث بشدة، و كأنه خرج للتو من معركة.
” هل انت بخير..؟” خرج جابا من وراء أحد الجدران، و كلم روبين بحاجبين معقودين، هذه لم تكن اول مرة يرى فيها روبين بهذا الشكل.
“اجل، اجل.. اعتقد..” فرك روبين جبهته ببطئ، و نظر للأرض.
نظر جابا نحو روبين مطولاً لا يعرف ماذا يفع. ” أهو ذلك الشعور السيئ الذي شرحته في معلوماتك عن قانون الحقيقة؟ ألا يمكنك تحديد المُسبب؟”
“… كلا، كل شيئ مبهم، فقط أشعر أن كارثة ستقع قريباً جداً..” حرك روبين يده، و قبض الملابس فوق قلبه.
أخذ جابا بضع خطوات، و وضع يده على كتف روبين. ” لا داعي للقلق، نحن نخطط، و نسير بخطى ثابتة، كل شيئ سيكون على ما يرام.”
” …. اجل.”
——————————
مملكة الشمس السوداء – مدينة يورا
” سحقاً!! ” ضرب قيصر على طاولة الإجتماعات أمامه، و صاح. ” حتى جبهة مملكة غاريا لم تسلم؟!”
” أ- أجل سيدي، ظهر هناك أيضاً عشر حكماء.” قال قديس يتصبب عرقاً، و هو راكع على الارض.
“يمكنك الخروج الأن.” أشار ثيو نحو الباب، فتنفس القديس الصعداء، و تراجع ببطئ.
عم الصمت على المكان لأكثر من دقيقة، الوضع اصبح بشع..
قبل ثلاث سنوات جائت قوات من مملكة المياة الراكدة، و مملكة دوليفار، و هاجموا أراضيهم هناك، حتى أن مملكة أوكليا التي تقع في شمال غرب مملكة الشمس السوداء إنضمت لهم، و تقدموا في نفس الوقت لمحاصرة الشمس السوداء من ثلاث جهات، 3 ممالك أعلنوا حرب ملكية في غمضة عين!!
و هذا يعتبر شيئ طبيعي نسبياً نظراً للعلاقات السيئة بين البلاد.. لكن الغير طبيعي انهم إستعملوا عشرات الآلاف من طلاسم النار.
جائت هذه كمفاجأة صاعقة لعائلة بورتون، و مملكة الشمس السوداء ككل، لكن بسبب وصية روبين بالإهتمام بمخزون الطلاسم، و الجيش.. المفاجأة لم تكفي لكسرهم.
عشرات الآلاف من طلاسم إنفجار النار الخاصة بالحلفاء تم الرد عليها بمليون طلسم من عائلة بورتون!!
الحرب التي عُرفت بمطر الطلاسم لم تدم طويلاً، لم تنجح أيا من الممالك الثلاث في التقدم أكثر من بضع كيلومترات قبل ان يتم إرسالهم عائدين، بل، و أخذ المزيد من أراضي الممالك الثلاث!
بعد حرب مطر الطلاسم أصبحت أراضي عائلة بورتون كبيرة بما يكفي لإعلان مملكة خاصة بهم…
و مجدداً بعد ثلاث سنوات إشتعلت حرب أخرى من الثلاث جهات، و الأن إنضمت لصفهم مملكة غاريا التي كانت تعتبر حليفة قوية لمملكة الشمس السوداء، و كلهم أعلنوا ان غرضهم الوحيد من الحرب هو إبادة عائلة بورتون.
لكن هذه لم تكن المشكلة..
على رأس الجيش القادم من كل مملكة يوجد 10 حكماء، بظهور جيش مملكة غاريا هذا يعني انه تم رصد 40 حكيماً حتى الأن بشكل رسمي، هذا بخلاف ان كل جيش منه يملك تقريباً 500 قديس!
” كيف يعقل أن هنالك كل هؤلاء الحكماء في القارة؟! عندما ظهر أول عشرة كنت أعتقد أن هؤلاء هم حكماء كل الممالك الاخرى مجتمعة، لكن 40؟ أهذا كابوس لعين؟!” ترك ألفريد مارلي رأسه اخيراً، و بدأ يصيح.
” أمي.. هل نحن في ورطة؟” ولد صغير يبدو في العاشرة من عمره أمسك بيد ميلا، و تكلم بخوف…