3 سنوات أخرى مروا بصمت…….
أو على الاقل بصمت داخل قاعة التدريب الكبرى في أكاديمية الأوشام الإلهية.
اما في الخارج، فقبيلة البرق لم تكن نشطة أكثر في تاريخها..
بعد الحملات العسكرية المتتالية على قبيلة المياة، استعادة قبيلة البرق السيطرة على كل أراضيهم القديمة واحدة تلو الأخرى، ثم بدأوا بالتوغل داخل أراضي قبيلة المياة، و اخذوا قطعة كبيرة منها!
خاصةً بعدما إزدادت شعبية ثاندور بين رعاياه، و قوي حزبه، و بعدما أصبح متوفر لديه المزيد من أحجار، و درر الطاقة، ثاندور لم يكن لديه أي نية لإيقاف الإعتداء!!
بعد التيقن من هذه الحقيقة، حركت قبيلة المياة كل جيشها نحو الحدود مع قبيلة البرق، و إندلعت بضع معارك، بعضها كانت معارك كبيرة جداً لدرجة أن جابا تم إستدعاءه غصباً للمشاركة فيها!
الحرب حصدت أرواح أعداد كبيرة من الطرفين، لكن بعد ظهور قوة قبيلتهم الجديدة، و إستعادة اراضيهم، إندفع عمالقة قبيلة البرق للتطوع في الجيش واحداً وراء الأخر في مشهد غير مسبوق.
و هذا ليس كل شيئ.. الشأن الداخلي لم يكن مسالم ايضاً!
هجمات الجماعات الإرهابية زادت أضعافاً مضاعفة مما جن جنون حفظة السلام، لكن الغريب أصبحت تستهدف أشياء معينة بخلاف السابق.
لم يعد هنالك هجمات عشوائية على مدن العمالقة، و لم تقع حالات قتل في أي هجوم اخير للجماعات الإرهابية، أنهم فقط يظهرون ليأخذوا ما يريدون، ثم يرحلوا بصمت.. أصبح من اللائق اكثر دعوتهم بالحرامية الأن!
المشكلة الوحيدة الأن أن أهداف الجماعات الإرهابية أصبحت متعددة أكثر، و لا يسهل التنبئ بها أكثر مما ضاعف خسائر قبيلة البرق!
مواد البناء، البذور، مخططات لصنع أدوات، و افران صنع الأسلحة، معارض كائنات ذكية، مكونات طعام مترف كبيوض الكائنات القوية، أحجار، و درر طاقة… لم يكن يعلم أحد ما الذي تفعله الجماعات الإرهابية بكل هذا!!
لكن غضب جموع العمالقة إتجاههم بدأ يقل شيئاً فشيئاً بسبب اختفاء حالات القتل، فقط كبار التجار، و المسؤولين هم من كرهوهم حتى النخاع!
تم تحريك فرقتي جيش، و ضمهم لقوات حفظ السلام لإستعمالهم كما يشاؤون من أجل إيقاف الخسائر لصالح الجماعات الإرهابية، بشكل غير مباشر فُتحت جبهة حرب ثانية داخل أراضي قبيلة البرق…
شيئ آخر غريب هو ظاهرة تفشي العفاريت كالجراد مؤخراً!
انتشر الرعب لفترة بعدما إنتشرت إشاعة بأن أنوف العفاريت بدأت ترصد العمالقة حتى لو يستعملون عبق الإخفاء بسبب *حوادث* القتل الكثيرة للعمالقة المسؤولون عن الإعتناء بأعشاش العفاريت مؤخراً.
هنالك ناجٍ واحد من حادثة مماثلة حيث قال العملاق أنه كان يقوم بدوره المعتاد بقتل الأشبال مع زملائه عندما فجأة أقترب منهم عفريت بالغ، و بدأ يستخدم خياشيمه للإشتمام بقوة حولهم، ثم بدأ يزمجر، و يلوح بشكل عشوائي حوله، و كأنه يحاول ضرب شيئ، ثم إستدعي بقية العفاريت في العش، و بدأوا جميعاً بالضرب بشكل عشوائي في مكان تواجدهم، حتى قتلوا كل زملائه، و هو تمكن من الهرب.
بتكرار حوادث مشابهة مؤخراً، أعداد العمالقة المتطوعين لهذه المهنة بدأ يقل شيئاً فشيئاً حتى خاف الجميع من الاقتراب لها، و بالتالي بدأت أعداد العفاريت تتزايد بسرعة رهيبة…
في فترة قياسية تضاعفوا، و تركوا أعشاشهم للصيد، لكن لحسن الحظ انهم توجهوا نحو مستعمرات الكائنات المتدنية، و تركوا العمالقة، و شأنهم.
مع أن أعداد الكائنات المتدنية في المستعمرات كانت تقل بسرعة، و هنالك مستعمرات كاملة لم يعد يسكن فيها شخص واحد.. عمليات الجيش في الخارج، و عمليات الجماعات الإرهابية في الداخل جعلت الإهتمام بما يحدث للمستعمرات آخر هم كبار العمالقة.
لكن مع ذلك تم تخصيص بضع فرق جيش لقتال العفاريت، و خفض أعدادهم قبل ان تصبح مشكلة، و بالتالي فُتحت جبهة حرب ثالثة في الداخل ليتعامل معها ثاندور…
أما داخل قاعة التدريب الكبرى في اكاديمية الأوشام الإلهية المركزية.. فكل شيئ ممل نوعاً ما.
الـ 200 متدرب أصبحوا صناع أسلحة إلهية بكل معنى الكلمة، كل واحد فيهم يمكنهم الإنتهاء بالكامل من سلاح بنفس مستوى سوار النار الذي أراه جابا لروبين في البداية!
الورشة الخاصة التي طلبها روبين ترسل الأسلحة، و العتاد الخاص كلما انتهوا من دفعة، و جابا ترك رجاله الموثوقين ليشتروا أسلحة من كل مكان، و يرسلوا الأسلحة للقاعة حيث يقوم صناع الأسلحة الإلهية بالعمل عليهم بصمت.
ثم تخرج يومياً عربة مغطاة، و تتجه نحو قصر زعيم قبيلة البرق، بينما أمون، و فريقه المكون من مئات العفاريت المتمركزين خارج العاصمة مباشرةً يدخلوا ليلاً لأخذ كل العتاد الإلهي الزائد، و يوصلوه لمكان الطائفة، فحاسة شمهم الفائقة بالإضافة إلى حسهم الروحي النقي جعلهم هم الخيار الأمثل للتسلل بدون أن يكتشفهم احد.
أما روبين نفسه، فلم يُظهر نفسه كثيراً خلال الثلاث اعوام..
أحياناً يخرج ليمر على صناع الأسلحة الإلهية ليرى ما إن كان يمكنه تعليمهم شيئاً، او يسأل جابا بسرعة عن تطوره في فهم قانون الحقيقة، و يساعده في فهم أشياء تقف أمامه، و يعطيه نصائح.. أما غير ذلك فهو لا يخرج من غرفته في وحدته السكنية في الاكاديمية.
لم يخطو خطوة خارج الأكاديمية، لم يطلب كتاباً جديداً من المكتبة، لم يسأل عن أي شيئ يحدث حوله.. هو فقط إما في غرفته، أو يتمشى في الأرجاء بعينه التي تبدو نصف ميته عندما يشعر بالضجر.
ربما الشيئ الوحيد الذي يمكن ذكره هو انه وصل لقمة نطاق محارب، و قام برسم الدرجة الثانية من وشم تقوية الوشم الإلهي المُعدل.. لكنه لم يخبر حتى أحد بهذا، جابا شعر بالتغير في هالته بعدها بشهر، و هو في جولته المعتادة.
رؤيته على هذا الحال كانت تذبح جابا، لكن لم يكن لديه شيئ ليفعله…
———-
* شهيــــــــق *
“هووووووو…” اطلق روبين زفيراً طويلاً، و هو جالس على سريره كعادته، ثم ادخل طاقته في أحد خاتمين في يده، و أرسل. ” الزعيم اوزون، انتهت مهلة العشر سنوات.. هل انتم مستعدون؟”
بعد بضع ثوان ظهر صوت في رأسه. ” الجميع ينتظرون إشارتك. “