نظر السجانان لبعضهما، ثم ضحك أحدهما بشكل متقطع، ” أهاها.. ها.. هذه نكتة جيدة يا زعيم، جيد جداً..”
*الزعيم* لم يرد، بل وقف، و نظر نحوهما بنية قتل واضحة.
“هذا سيئ.” أحد السجانان لاحظ التغير في هالة زعيمهم فأخذ خطوة للوراء، و إندفع نحو بوابة الزنزانة، لكن زعيمهما كان اسرع بكثير، و في لحظة وقف أمام الباب، و اغلقه على أربعتهم، و تكلم ببطئ. ” لقد صدر الأمر بقتلكما.. لا مجال للهرب..”
” لا .. لا.. ااااااااه!!!”
*سبلاااااش*
قوة تنين عالي المستوى لم تكن شيئ يمكن لإثنان في مستوى شامان التصدي له، بسرعة إنقلبت ضحكات العملاقان لصرخات.
“هيهي..هي..” قهقه روبين بصوت منخفض ضعيف، و الدماء تتناثر في كل مكان في الغرفة، لأول مرة منذ أشهر تكون الدماء على وجهه ليست خاصته.
لقد نجحت الخطة!!
أول بضع ايام بعد أخذه لمهلة الإسبوع وضع روبين كل تفكير في كيفية الخروج من المكان، و ما هى الوسيلة الأفضل من فتح الأبواب من اجله؟
الروح لها خصائص كثيرة، و هو بالفعل تمكن من تقويتها، و تجديدها، و حتى ربطها بقسم، و عقوبات متعددة، ألا يمكن التأثير عليها بشكل إضافي لجعلها مطيعة؟ ربما بحقن ذكريات مزيفة، او الإخضاع بشكل مباشر.. المهم ان نظرياً هذا ممكن!
طوال الـ 4 أشهر كلها إنسكبت أبحاث روبين على الروح، و خصائصها حتى وصل اخيراً لطريقة يمكن بها إستعباد روح الهدف.
الهدف سيحتفظ بكل ذكرياته، و قدرته على التفكير، لكنه سيشعر برغبة مُلحة في اخذ الأوامر، و الإنصياع للشخص الذي نفذ عليه التقنية قبل الإقدام على فعل أي شيئ.
مشكلة التقنية أنه على الهدف التدرب عليها بكل رغبته، و يتركها تعمل مفعولها بدون تدخل منه.. لو حاول روبين هذا على شخص تدرب على تقنيات الطاقة الداخلية، و القوانين السماوية لعرف ما محتوى تقنية إستعباد الروح، و ما اكمل قراءة.
لكن لأن العمالقة لا يتدربون على أي شيئ، كان من السهل خداعه بشيئ جديد بالنسبة له.
بعد 5 دقائق فقط عاد العملاق مدرجاً بالدماء، و جلس أمام روبين، لكن هذه المرة جلس على الارض، و ظل ينظر لروبين بصمت..
” من انتم؟ لماذا كنتم تراقبونني؟” بعد بضع ثوانٍ سأل روبين أخيراً.
” رداً على سيدي، إسمي أوغاس، قائد تنظيم سلمندر النار في الناحية الشرقية من نيهاري.” رد العملاق بلا تردد.
” سلمندر النار؟! هذا الإسم…” عقد روبين حاجبيه المحروقين، و كأنه تذكر شيئاً، هذا كان إسم المنظومة الإرهابية التي ألصق بها جابا تهمة مهاجمته، و قتل فريق حفظة السلام الذي معه!!
ثم اكمل العملاق. ” كذبة جابا أننا قتلنا العديد من محاربي، و شامان حفظة السلام جلبت حملة كبيرة على فرعنا في أرض البرق، و واجهنا خسائر كبيرة بسبب تركيز جيش قبيلة البرق، و حفظة السلام على ملاحقتنا، لهذا قررنا معاقبة من تسبب في كل هذا.. لكن جابا هو إبن ثاندور رئيس القبيلة، و لا يمكننا لمسه بسهولة، فبدأنا نراقب كل تحركاته حتى نختلي به فنقتله بدون ترك شبهات، عندما بدأنا نلاحظ الأشياء الغريبة التي تحدث معكما.”
“…هيه~ ذلك الوغد هو من فعل هذا بي.” أسند روبين رأسه على الحائط، و نظر لسقف الزنزانة، ثم تكلم.” أحضر لي كل الأعشاب الطبية اللازمة لمعالجتي، و أحضر لي شيئ جيد لأكله، ثم تعال هنا مجدداً بمفردك.”
“حاضر.” أومئ اوغاس، و إنسحب من الزنزانة بهدوء.
بعد نصف ساعة فقط عاد أوغاس بحزم ضخمة من الاعشاب، و حقائب ضمادات، ثم غادر الزنزانة مجدداً، و بعدها بنصف ساعة أخرى عاد بأطباق لحوم وحوش عالية المستوى، و فواكه.
طوال غيابه سمع روبين أصوات مذعورة من بعيد، أشخاص يترجون اوغاس ليحملون عنه الاطباق، و الحقائب، لكنه يرفض، و أصر على حملها بمفرده.
بعدما جلب آخر طبق، إنشغل روبين بالأكل، و إنشغل أوغاس بطحن الاعشاب، و وضعها على جراح روبين، و لف جسده بالضمادات، و كان يفعلها، و هو مبتسم، و فخور حتى..
أثناء انشغال روبين بالأكل سأل. ” ما الأخبار في الخارج؟ هل ما يزال جابا يبحث عني؟”
” الموضوع تخطى مجرد بحث، جابا قام بتحريك قوات حفظ السلام، و عدة فرق من الجيش للبحث عنك، ليس هذا فحسب بل أعداد ضخمة من الكائنات المتدنية ايضاً يبحثون عنك تحت كل صخرة، و فوق كل سحابة.. قبل شهرين تقريباً يبدو أن جابا، و من معه شكوا بنا فبدأ حملات موسعة على مراكزنا، و مصالحنا في أراضي البرق، تم تدمير كل شيئ له صلة بنا، و حسب آخر معلومات وصلتني فبعض الجماعات الإرهابية من الأجناس المتدنية دخلت ارض المياة، و أرض القوة لإستهداف رجالنا ايضاً، حتى العفاريت هاجمتنا في أكثر من موضع.. هنالك شيئ غريب يحدث..” رد اوغاس بهدوء.
” اوه.. لهذا بدى السجانان منزعجان إذاً.. لكن هم فعلوا كل هذا، و مع ذلك لم يجدوني حتى الأن؟ …حدثني أكثر عن منظومة سلمندر النار.” سأل روبين بفضول.
“نحن منظومة شبه سرية تكونت قبل عشرة آلاف عام، لسنا تابعين لأحد، ولا نخضع لأي قبيلة، او قانون، لا يوجد لدينا هدف محدد غير تحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح، للمنظومة خمسة قادة عمالقة كل واحد يهتم بأعمال المنظمة داخل 20% من أراضي الكوكب بمفرده، و انا أحدهم، و ادير الجزء الشرقي لنيهاري، نحن نقوم بتهريب البضائع، و العبيد، و عمليات سرقة، و سطو، و تداول غير شرعي للأوشام الإلهية، و تجارة لحوم الأجناس المتدنية، و غيرها من الممنوعات، لكننا نقوم بذلك في حدود المعقول حتى لا نستفز حكومات القبائل لأكثر من اللازم.. أما عن رجال سلمندر النار فهم موجودون في كل أنحاء الكوكب، موجودون حتى داخل القبائل الشمالية الإثنا عشر.” تكلم اوغاس، و هو يضمد فخذ روبين.
“هذا..” تمتم روبين، منظومة غير تابعة لأحد تمكنت من التشعب داخل الكوكب كله، و عدائهم جميعاً في نفس الوقت؟! ” قلت أنك تدير المنطقة الشرقية للكوكب.. هذا بالتأكيد يشمل عشرات القبائل، كم عدد رجالك بالضبط؟!”
” حسب آخر تقدير فأنا لدي مليونا تابع، أكثر من نصفهم مجهزين بأوشام إلهية.” أعلن اوغاس. ” لكن الاعداد المحددة لا يمكن تقديرها، فنحن نُجند المزيد من الرجال بإستمرار، و يقتل الكثيرين في عملياتنا كل يوم.”
* مليونا تابع، و اكثر من مليون مستخدم وشوم!!!* إنفجرت هذه المعلومة في رأس روبين كالصاعقة، هذه لم تكن قبيلة، ولا حتى يمكنهم العيش في مستعمرات كالأجناس المتدنية، أنهم إرهابيين حقيقيين يهيمون في الشوارع، ولا يمكن أن يتجمعوا بأعداد كبيرة.. كيف يمكنهم تدبير هذا؟
” يا لها من تنظيم معقد، تستحقون سمعتكم القذرة عن جدارة..”
” شكراً لك سيدي.”