“انت..!!” تقدم جابا خطوة، و بدى عليه الإستعداد لمهاجمة أورزون، لكن الظلال خلف الخيمة أيضاً تحركت، و إتخذوا وضعيات اكثر تحفزاً..

عندما شعر بهذا كبح جابا نفسه، و رجع ليقف مكانه مجدداً، الصرير على أسنانه كان مسموعاً حتى للواقفين في الخارج..

“هاها انت تعرف ماضيكم القذر إذاً أيها العملاق الصغير، لا عجب انك رفضت التوضيح للسيد روبين.” ضحك أورزون بصوت عالٍ عندما رأى هذا. ” أتسائل ماذا سيكون رد فعلك بعدما اشرح له حكاية مختار السماء الثاني إذاً!”

“أتجرؤ؟!” صرخ جابا.

” دعنا نجرب.” رد أورزون بتحدي.

اكمل الإثنان هواشهما، لكن روبين لم يسمع لكلمة مما قيل… قصة مختار السماء الأول كانت ببساطة مطيرة للعقول!

تلك الإبتكارات، و الإكتشافات المفاجئة خاصته لم تأتي من فراغ، لا مجال للشك ان ذلك الرجل فُتحت عينه للحقيقة، لو كان هذا هو المقصود بكون المرء مختار سماء فهذا يعني أن بالفعل روبين يعتبر ثالثهم.

لكن ما حدث له فعلاً تعتبر قصة حزينة، و معبرة..

ذلك الشخص إختار الطريق الذي رفض روبين إختياره، عرَف بنفسه من البداية، و نشر كل شيئ علانية بدون وجود قوة وراءه تدعمه وتحميه، و نال المصير الذي لطالما كان يخشاه روبين… الموت المبكر بسبب إبتكاراته.

بل، و نال مصير أشنع، مات بسبب الحزن، و الندم؟ بسبب شتائم، و مهاجمة بنو جنسه له؟ و من أجل ماذا..؟ هو من حسم حروب الكوكب لصالحهم!!

كل من يبحث عن الحقيقة، و يراها هو شخص فوق العادة، شخص يمكنه تسيير حضارات كاملة!

أن يموت ميتة كهذه…

لعله إختار هذا الخيار لأنه بالفعل كان من أقوى الخبراء على الكوكب وقتها، و كانت له سمعة جيدة، ربما إعتقد ان هذا سيعطيه القدرة على التحكم بماذا تستخدم إبتكاراته، او على الاقل يحظى بإحترام كافٍ من افراد جنسه حتى النهاية.

لكنه لم يضع حساباً للطمع..

الناس بطبيعتهم يتذكرون فقط أخر شيئ فعلته، لو كنت وغد شرير طوال حياتك يمكنك ان تكسب الإحترام لو تظاهرت بفعل شيئ خيرّ… و لو عشت قديس حقيقي طوال حياتك فسينسى الناس تاريخك كله لو اقترفت شيئ خاطئ في نظرهم.

“هيه~” اطلق روبين تنهيدة كبيرة، شكر السماء أنه إختار تقوية عائلة بورتون، و تركيز قوته فيها، و إلا مصيره كان ليكون أفظع بلا شك.

” الزعيم أورزون، رجاءً أكمل.. ماذا حدث بعدها؟” نظر روبين لأورزون بشغف، و سأل.

“ما حدث هو أنه تم تشكيل العالم الحالي…” فتح الزعيم أورزون كلتا يديه على اخرهم. ” حصل خلاف بين زعماء جنس العمالقة في ذلك الوقت، الذين اشتركوا في مهاجمة، و سجن مختار السماء الأول، فلم تعد هنالك حروب ضد أجناس اخرى لتجمعهم، و كلهم يريدون السُلطة المطلقة.

فبدأت حروب داخلية بعد موت مختار السماء الاول مباشرةً، قُتل فيها إعداد لا تحصى من عمالقة نيهاري، و إنهارت ممالكهم، في تلك الفترة اخيراً بدأت تتنفس بقية الأجناس الصعداء و بدأ يظهر بينهم مستخدمين للأوشام بأعداد كبير.

بعدما شعر العمالقة بالخطر، عُقد إجتماع سلام بين كل زعمائهم لمحاولة إنهاء الأزمة.. في النهاية تقرر ان كل زعيم سيأخذ رجاله و يستقر في قطعة ارض لتكوين *قبيلة* بعدما تم حظر إستخدام اسم مملكة، و سيكون لكل قبيلة حق إستخدام وشم تقوية الجسد من الدرجة الاولى، و الثاني بشكل عادي، و معه نوع معين من الوشوم الإلهية الهجومية لا تستخدمه أي قبيلة أخرى.. مثل قبيلة البرق التي لديها كل الوشوم الإلهية المتعلقة بالبرق بشكل حصري.

و بالفعل اختار كل زعيم منهم قطعة ارض، و نادى في بني جنسه أن من يريد إستخدام الأوشام الفلانية فليتبعه.. و كل الأجناس الاخرى التي تعيش على تلك الأرض اصبحوا فجأة كائنات متدنية تعيش لخدمة تلك القبيلة.”

“هكذا إذاً، قبائل العمالقة الحالية لا تربطهم صلات الدم بل هم فقط تجمعوا حول زعيمهم آن ذاك بسبب حبهم له، او من اجل إستخدام وشم إلهي هجومي معين… أنظمة حكم العمالقة أشبه بالممالك بالفعل، لكنهم لا يستخدمون لفظ مملكة حتى لا يجذبون سخط بقية العمالقة عليهم..؟ هممم،” فرك روبين ذقنه، و تكلم. ” ماذا عن مختار السماء الثاني؟ أيمكنك ان تخبرني قصته ايضاً؟”

“تشة..” جابا نظر جانباً، عرف انه لا يمكنه منع هذا…

“هيهي من دواعي سروري.” قهقه أورزون. ” دعنا ننطلق الأن إلى عصر ظهور الممالك مجدداً… دعني أبدأ بتعريفك عليه، مختار السماء الثاني لم يكن شخصية قوية، أو شيئ قبل ان يُعرف للجميع، لكن جدير بالذكر انه من سلالة دم مختار السماء الاول!”

“من سلالته؟” فتح روبين عينه على آخرهم.

” أجل، أتذكر عندما أخبرتك أن مختار السماء الاول اختفى لبضع سنوات قبل ان يعلن الإضراب؟ إتضح انه صنع لنفسه حريماً كبيراً، و أنجب الكثير من الأطفال في ذلك الوقت بشكل سري، و أعطى لأم كل ولد كتاب سميك، و أخبرها ان تمرره لإبنها عندما يكبر، و ان يستمر كإرث سري للعائلة، فقط الاذكى، و الأكثر موهبة يجب ان يقرأوه.

تلك الكُتب بالفعل توارثها أبناء مختار السماء الاول، و أحفاده، و احفاد أحفاده، عارفين ما حدث لسلفهم، و نهايته، لم يختر أحدهم ان يظهر الإرث الذي حصل عليه، و ظلوا يعيشون بين الناس بسرية، و لا يعرفون حتى أن لهم أقارب من حريم آخرين لسلفهم…

الإرث ظل يتوارثه الاجيال جيلاً بعد جيلاً، تدمرت كُتب، و أعيد كتابتها، الآلاف من سلاسة مختار السماء الأول قرأوها.. لكن لم يستطع احد الاستفادة منه ابداً

على هذا مرت آلاف السنين، تحديداً 60 الف سنة، عندها وُلد فتىً من ذلك النسل، و حصل على نسخة من الكتاب، و لسببٍ ما كان هو الوحيد الذي تمكن من إستيعابه، عندها ظهر أخيراً مختار السماء الثاني لهذا العالم.”

 

0 0 votes
Article Rating

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=