عقد روبين حاجبيه، و هو ينظر نظرة مطولة نحو الكائن القرمزي، هذه المرة لم تكن نظرة كراهية، او اشمئزاز، بل إستغراب..

بعد عدة دقائق فكر في شيئ، ثم أخرج حسه الروحي ليغلف المخلوق الاحمر، و ارسل عبر تقنية نقل الخواطر. ” لا تنظر إتجاهي.”

*سووش*

لم يكد يكمل جملته حتى فوجئ روبين أن الكائن القرمزي فعلاً وجه رأسه نحو اليمين كلياً، و فعلها بسرعة، و خوف حتى ظن روبين للحظة ان أوتار عنقه ستقطع!

“بحق الـ…؟!” تمتم روبين لنفسه، ذلك الكائن يمكنه فهم كلامه؟!

عندما إستخدم روبين تقنية نقل الخواطر عليه سابقاً اراد فقط ظهور نيته الغاضبة، و كلمات غريبة في رأس الكائن القرمزي ليخيفه، حتى أنه في تفكيره إستعمل لغته الأصلية، و ليس لغة هذا العالم!

هذا الكائن أساساً لا يعرف لغة عالمه لأنه لم يسمعها، او يكتبها، او يرى حتى شفاه من يتكلموا بها، الموضوع ببساطة كان لتسبيب الرعب، و التساؤلات في نفسه، و حتى إن فشلت الخطة، و لم يخف فهى طريقة جيدة لتنفيس روبين عن غضبه!

لكنه لم يتوقع ابداً ان يفهم الكائن القرمزي كل كلمة يقولها.. كيف؟!

بعد بضع دقائق تنهد روبين، و هز رأسه… لقد ابتكر شيئاً، و لم يكن يعلم حدود إستخداماته…

الان فقط تذكر ان التقنية مصممة لنقل المشاعر، و افكار صاحبها لروح الهدف مباشرةً، و المشاعر، و الافكار لا تعترف بلُغة!!

في كوكبه الأم الجميع يتحدثون بنفس اللغة فلم يلاحظ هذا، حتى وحوش كوكبه يتمكنوا من التعرف على بضع كلمات من اللغة البشرية من بعد إتمامهم للمستوى الخامس.. لا يمكنهم التحدث بها، لكن تلقي الاوامر، و التعليمات من البشر لم تكن مشكلة ابداً

“انظر نحوي..” إستخدم روبين تقنية نقل الخواطر مجدداً، و كلم الكائن القرمزي.

فتحركت رأسه بنفس السرعة، و توجهت نحو روبين بأدب، و انضباط، و كأنه جندي في الجيش!

” أهذه اول مرة تتواصل مع شخص اخر روحياً؟ لو كان هذا صحيحاً فأخفض رأسك، و ارفعها، لو خطأ فهز رأسك يميناً، و يساراً.” قال روبين عبر تقنية نقل الخواطر.

أومئ الكائن القرمزي ببطئ..

“… هل تجد هذا امر جيد؟”

أومئ الكائن القرمزي مجدداً..

“… أما زلت تريد ان تأكلني؟”

هز الكائن القرمزي رأسه بقوة

مد روبين شفتاه للأمام قليلاً عندما رأى هذا… ذلك الكائن يتصرف كـ أصم سمع صوتاً لأول مرة في مكانٍ ما، على الارجح سيحاول البقاء في ذلك المكان قدر المستطاع ليسمعه مجدداً.

كيف يتعامل مع هذا الكائن القرمزي الان؟ انه ينتظره بتلهف ليتكلم، و كأنه كلب ينتظر ان يلقى سيده العصا..

مشاعره نحوه تحولت من * قطعاً سأقتلك* لـ *مثير للإهتمام..*

و بالفعل كان لديه ألف سؤال في رأسه لذلك الكائن، لكنه بدأ يلاحظ ان بقية السجناء ينظرون للكائن بالفعل، يحاولون فهم لماذا يومئ، و يهز رأسه بإستمرار.. و لو إستمرت أسئلته قليلاً بعد لربما العمالقة ايضاً سيشكوا في الأمر.

فقرر في النهاية تجاهل لغة جسد الكائن القرمزي المتحمسة، و المترقبة، و العودة للتدريب بصمت…

—————-

اليوم التالي.. فتح روبين عينه عندما شعر بتوقف العربة، و رأى انه أمام سور خشبي عالٍ، و رئيس القافلة يتكلم مع الحراس.

“هيه~” اعطى روبين تنهيدة طويلة، يوم مليئ بالإهانة، و قلة القيمة قد جاء مجدداً..

ككل مرة دخلت القافلة بلا مشاكل بعد القليل من الكلام، و ربما رشوة صغيرة للحراس، و بدأ العمالقة السبعة بنصب المسرح المشؤوم، و الصياح مجدداً لجمع متفرجين.

صعد المساجين واحد وراء الآخر يقومون بأدوارهم المعتادة…

لكن عندما صعد الكائن القرمزي لم يقم بدوره *المعتاد*.. لم يقم بالصراخ، و قضم الهواء، و محاولة الفرار كالمجنون، بل وقف مُكبل بالسلاسل، و لغة جسده تقول انه لا يطيق الانتظار للرجوع لذلك القفص مجدداً!

لم يلق هذا إستحسان المشاهدين كثيراً، حتى ان بعضهم هم بالمغادرة بعد وصف العرض بالملل..

مما دفع رئيس القافلة بإعطاء الاوامر لإرجاع الكائن القرمزي للقفص، و اخراج منجم الذهب خاصته.. عظام السمك.

كالعادة تم حمل روبين – لأنه ما يزال يمثل انه لا يستطيع التحرك- و عرضه للمشاهدين كأنه مصلوب، و مثل كل مرة جمعوا الكثير من الأوراق السوداء بسبب هذا *الجنس الجديد.*

تنهد روبين براحة بعدما انتهى هذا الموقف، و اقسم داخلياً انه قطعاً سيهرب قبل الوصول للمدينة التالية!

لم يبق الكثير على الوصول للمستوى 18، او حتى 19!

و لم يبق سوى حوالي 3% من النمط، و ينهي دراسة قانون الجاذبية المثالي… انها مسألة بضع ايام، عندها لن يحتاج حتى غياب رئيس القافلة عن المكان، عندما يفُتح الباب في أي وقت لإدخال الطعام سيتمكن من الفرار!
لكن أفكار روبين الجميلة قُطعت فجأة بواسطة صيحة من بين المشاهدين. ” إلى اين انت ذاهب؟ هذا الكائن ملكي الان.”

وقف العملاق الذي يحمل روبين، و نظر نحو رئيس القافلة، الذي تقدم بدوره مبتسماً، و تكلم. ” إعذرني أيها الشاب، هذا الكائن ليس للبيع، انه نجم العرض كما ترى هيهي..”

“اخشى اني لم اكن اطلب رأيك، هذا الكائن سيكون ملكي اليوم على اي حال!” تقدم عملاق شاب من وسط الجمهور، و وقف أمامهم، كان واضح ان جودة ملابسه افضل من البقية، و مع بعض مرافقين.

أنزل مالك القافلة حزامة الذي يلتف جسده، و اظهر وشم فوق معدته، ثم تكلم بثقة. ” هذا الكائن.. ليس للبيع.”

عندما رأى الشاب هذه العلامة تغيرت ملامحه للأسوأ، ثم أشار لاحد تابعيه، و اخذ منه شيئاً، كانت ورقة ارجوانية اللون، ثم قدمها نحو رئيس القافلة. ” أهذا كافٍ؟ هيا يجب ان تساعدني هنا.. هذا الكائن ضعيف جسدياً، و قد يموت من الترحال في أي وقت، اليس الافضل أن تخرج بصفقة رابحة اليوم؟ هو خسارة في العروض من هذا النوع، انه يبدو.. لذيذ جداً.. على إستخدامه بهذا الشكل!”

 

0 0 votes
Article Rating

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=