لم يغادر روبين تلك الغرفة خلال الايام التالية، و لم يتحرك خطوة واحدة من مكانه ايضاً، وضع نفسه في تركيز كامل لرفع مستواه.

أراد غمر شعور الإكتئاب ذاك بالتفكير في شيئ آخر…

هذه ليس اول مرة يقابله شيئ كهذا، خلال عمره الطويل في الكهف فكر في الإنتحار بضع مرات بسبب موجات إكتئاب مشابهة، لكن كل مرة كان ينجو بالتفكير بالعظمة التي سيصل لها عندما يكتشف قانون الحقيقة.

لكن الأن، ماذا لديه يفكر فيه بعدما حقق ما يطمح له…

لم يرد روبين التفكير في هذا الإتجاه اكثر، فأخذ بضع حبوب تنشيط الروح، و تجاهل الوقت من حوله، واضعأً كل تركيزه في تشكيل أساسات الطاقة في جسده

بعد 13 يوماً فقط من التركيز التام، قفز للمستوى 15 مباشرةً!

اما اليومان التاليان، فأغشى عليه بسبب الإرهاق الشديد.

——————-

“اممممم، صباح الخير يا-….” في اليوم الخامس عشر من دخوله الخِلوة، قام روبين من نومه، اخذ يبحث بجانبه على الجسد العاري المعتاد بإبتسامة، لكنه فجأة تذكر شيئاً، و سقط في صمت طويل.

بعد بضع دقائق هز رأسه بإبتسامة ساخرة، ثم قام بخطوات متكاسلة قام فإغتسل، و وجد شيئاً ليأكله، ثم خرج من غرفته بعد ساعتين تقريباً بوتيرة مُثقلة…

” بحق الـ-..؟!” تسمر روبين مكانه عندما وصل لباحته الخارجية، أكوام فوق أكوام من المعادن، و بضع جبال صغيرة من احجار الطاقة!

تحرك روبين نحو احد الحراس بسرعة، و أمسك كتفه، ” متى وصل كل هذا؟ منذ متى، و انا في خلوتي؟!”

“اوه، معاليك قد إنتهيت؟” الحارس انحنى بسرعة. ” معاليك كنت في الخلوة لـ 15 يوماً، هذه الاغراض وصلت بإسمك من العائلة الملكية قبل 6 ايام، و رفضوا وضعها في اي مكان اخر غير باحتك الأمامية.”

ترك روبين الحارس، و بدأ يتفقد كل ما في الباحة الامامية لأكثر من نصف ساعة، ثم تمتم لنفسه. ” هذا يشكل تقريباً 60% من قيمة الاغراض التي طلبتها، لم اعتقد ابداً انهم جمعوا كل هذا خلال تلك الفترة القصيرة، ربما علي رفع سقف توقعاتي للعائلة الملكية للشمس السوداء اكثر من هذا في طلباتي القادمة…”

ثم نظر للحراس، و صاح. ” اجلبوا اشخاص لنقل كل هذا للمستودع المعدني بجانب قصري، كل شيئ يجب ان يُنقل قبل نهاية اليوم!”

“حاضر!!”

———————

منذ ذلك اليوم، وضع روبين كامل تركيزه في صناعة بوابة الفضاء، و ليس هو وحده..

حسب التصميمات التي مررها له المستبصر، فالبوابة عبارة عن نصف دائرة مجوفة قطرها 15 متراً، مصنوعة بالكامل من المعادن النادرة!

لذلك تم تعيين 20 من فرسان فيلق النار للبقاء مع روبين، و مساعدته بشكل كامل، اولاً لأنه سيحتاج كميات كبيرة من اللهب في إنشاء هيكل معدني بهذا الحجم، و ايضاً لأنه متأكد انهم سيبقوا كل شيئ يروه سراً..

و قد إستخدمهم بالفعل لأكثر درجة ممكنة، في إزابة المعادن، و إعادة لحامها، او إرسالهم في مهمات خارجية كإزالة المعادن الاكثر صلابة في مصانع يورا، أو البحث عن موارد..

المستودع الضخم الذي ظل هادئاً منذ صنعه، اصبح عبارة عن مصنع صاخب من كثرة الحركة، و الضوضاء الصادرة منه، الجميع شغل بالهم ما يحدث في الداخل.. لكن لم يجرؤ احد على الاقتراب.

بعد شهران اخران..

العائلة الملكية أرسلت كل الموارد المتفق عليها بدون نقصان، و الأن لم يتبقى شيئ سوى إكمال البناء

اما النصف دائرة المفرغة فبالفعل إكتملت تقريباً!

كان بإمكان روبين، و مُساعديه تركيب هيكل مشابه في اقل من اسبوعين، لكن التصميمات كانت ببساطة دقيقة جداً

و كان على روبين السير بحذر شديد في صنع البوابة، و المشي حسب التصاميم بدقة متناهية، و إلا حصلت مشكلة اثناء إنتقاله، و وجد نفسه يطفو بجانب الشمس.

حتى انه كذا مرة كان يطرد الفرسان من المستودع، و يقوم بإستدعاء المستصبر ليتابع ما وصل له حتى الان، و يُخرج له العيوب ليقوم بالعمل على تصليحها.

لذلك فما وصل له حتى الان كان بالفعل دقيق إلى حد الكمال..

بعد شهر اخر.. إكتمل صنع هيكل البوابة.

وقف روبين امامها، وضع يداه في جانبه، و بدأ ينظر لصُنع يده… البوابة ببساطة كانت هائلة الحجم، هو ما يزال لا يفهم لماذا قد يأمر المستصبر بصنع بوابة بهذا المقياس إن كان هو فقط من سيستخدمها!

كنوع من الإحتفال، أخذ روبين العشرون فارساً، و عزمهم على الطعام ذاك اليوم.

و بعد الانتهاء جائت فكرة في رأسه، فبدل الرجوع للمنطقة الإدارية، غير طريقه، و اخذهم نحو الحانة، و اعلن انه سيدفع لهم كل مصاريف الاحتفال في الحانة ايضاً.

كانت ليلة صاخبة.. بعد بضع ساعات من الإحتفال اخذ كل فارس منهم فتاةً لإحدى الحجرات، و تركوا روبين مع اجمل امرأة بينهم.

… لكن مجدداً، بعد ربع ساعة غادر الغرفة خافضاً رأسه، و مشى بمفرده خارج الحانة تاركاً فُرسانه خلفه.

و لمنع نفسه من التفكير كثيراً مجدداً، توجه نحو المستودع مباشرةً ليكمل عمله.

في نفس اليوم بدأ روبين بمزج بقية الموارد الغير معدنية لعمل أحبار من أجل الجزء التالي من صناعة بوابة الفضاء، تغليف هذا الهيكل الضخم بنقوش متعلقة بمسار الفضاء!

المستبصر قام بتبسيط النقوش قدر الإمكان، و خفض مستواها لأقل درجة ممكنة حتى يتمكن روبين من رسمها، حتى انه إبتكر طريقة تُمكن روبين من رسم هذه النقوش الأعلى مستوىً… و مع ذلك كانت معقدة جداً، و غريبة بالنسبة له.

سواءً المسار الجديد، او المستوى، او الإستخدام.. كل شيئ جديد بالنسبة له.

حاول بضع مرات إستيعاب مسار الفضاء من النقوش، لكنه سرعان ما وجد ان هذا مستحيل.. كان الامر كرضيع يحاول دراسة الفيزياء.

لذلك إكتفى بنسخ الموجود في المخطوطات حسب الإرشادات التي وضعها له الإله المستصبر، و اكتفى بحفظ كل النقوش في رأسه.

و بسرعة مر شهران آخران.

 

 

0 0 votes
Article Rating

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=