“الاخ الكبير المستبصر؟!” وقف روبين بسرعة عندما رأى المنظر أمامه، ثم بدأ يتلفت حوله مُضيقاً عينيه، يحاول ان يرى ما إن تغير شيئ، حتى أن رأى ذبابة تطير بحُرية، فعاد لينظر للهيئة البشرية أمامه، و سأل. ” لماذا لم يتوقف قانون الزمن هذه المرة؟”

“هاهاها أتعلم كم ألف عام اخذ ذلك الايقاف الطفيف للزمن من تدريبي؟ فعلتها ذلك الوقت لأنك كنت على وشك الموت، و أردت الإطالة في حياتك، أتحسبني سأفعلها كل مرة كنوع من الإستعراض؟ انا لست مستغني عن مجهود عمري لهذه الدرجة..” ضحك هيكل النور بصوت عالٍ.

“حقاً؟ اوه.. على العموم اهلاً بك، ماذا يمكنني ان افعل من اجلك؟” رد روبين بوتيرة بطيئة، عينه لم تتحرك من على هيكل النور، و لو لوهلة

“… هلا توقفت عن إستخدام عين الحقيقة على هذا الهيكل؟ سترهق نفسك فحسب، ما يزال امامك الكثير قبل ان تتمكن من رؤية شيئ.” هز الهيكل رأسه مبتسماً. ” لماذا لم تحاول التواصل معي طوال تلك المدة؟ منذ اخبرتك ان تُكلمني عندما تحتاجني ذلك اليوم توقعت ان تسألني عن شيئ كل يومين، او ثلاث..”

رجع روبين للجلوس مكانه، و اغلق عينه، و بدأ يفرك جبهته ببطئ، فعلاً محاولة إكتشاف حقيقة ذلك النور أرهقه كثيراً، و لم يفهم أي شيئ…

بينما هو في هذه الحالة رد. ” لو حاولت الإعتماد عليك في كل شيئ فكيف أطور نفسي.. ايضاً خشيت ان أسألك عن شيئ فيتغير مسار تطور العالم، ففي النهاية انا المسؤول عن الإتجاه الذي يأخذه العالم، و ليس انت…”

أومئ هيكل النور. ” إجابة جيدة.. فعلاً صاحب قانون الحقيقة يكون مسؤول عن الإتجاه الذي يمشي في العالم، لكن انت يا عزيزي لست كمعظم هؤلاء…”

فتح روبين عينه. ” ماذا تقصد؟ هنالك اشخاص يعرفون قانون الحقيقة في كل الكواكب، صحيح؟”

هز الهيكل رأسه. ” قانون الحقيقة لا يمكن كتابة تقنية عنه، و تمريره، لا يمكنك فتح أعين أحدهم بالغصب، هذا شيئ لا يُشترى، يمكنك فقط تدريب وريثك بما تعرفه، و تدعو ان يختاره مسار الحقيقة في النهاية…

و هنالك من يكتشف الحقيقة، و هو عجوز هرم على قمة كوكبه من حيث القوة، و المستوى، فيستفيد منها كشيئ جانبي، لكنه لا يتقنها ابداً، هؤلاء هم معظم مُكتشفي الحقيقة في الكون، لو كنت احد هؤلاء لما جئت لزيارتك …

أولائك الذين يكتشفوا الحقيقة بأنفسهم، ثم يقوموا ببناء أنظمة تدريبهم عليها -في حالتك بناء الأعمدة- أولائك هم ورثة مسار الحقيقة الحقيقيين.. مثلي، و مثلك! نحن نادرون ايها الاخ الصغير.”

” اوه.. من الجيد معرفة ذلك، عذراً عن السؤال.. لكن انت لست هنا لترفع معنوياتي فقط صحيح؟”

“…. أرى انك تبحث في قانون الحياة؟ لو بحثت فيه وحده سيطلب منك آلاف السنين، و قد لا تصل له ابداً، الحل الأمثل هو ان ترصد مفتاحاً لقانون الموت اولاً، و تستخدمه لتحديد قانون الحياة به.. فلا يوجد تعريف لمصطلح حياة بدون الموت… إيجاد مفتاح لقانون الموت قد يأخذ منك وقتاً، و جهداً كبيرين، لكن على الاقل هو خيارك الأفضل… و لو كنت مكانك لوجدت هدف اخر، و تركت هذين القانونين حالياً، لا تضيع عمرك عليهما، و انت امامك مجالات أهم.” قام المستبصر بتفحص كومة الكتب أمام روبين.

” اوه؟ فكرت في الأمر بعض مرات فعلاً، لكني كنت احاول تجنب قانون الموت، لا اريد التفكير في ذلك الشعور الفظيع مجدداً.. لحظة، انت غيرت الموضوع مجدداً؟! لقد بدأت تقلقني! ما الذي تريده؟” عقد روبين حاجبيه.

“… جسدك هزيل جداً بالنسبة لفارس، طاقتك المُخزنة، و كمية الطاقة التي يمكنك وضعها في كل ضربة قليلة ايضاً، عظمك الطري هذا لم يعرف الكثير من المعارك.. ما الذي تفكر فيه؟ اعرف انك تتبع مسار الحقيقة، و تعتقد ان إتجاه العالم يقع على عاتقك، لكن هذا بائس جداً، انت ما تزال بحاجة للحصول على المزيد من فرص القتال لتُقوي نفسك، و توسع آفاقك، لو ظللت بين الحوائط تبحث في هذا، و تكتب ذاك لن تعيش طويلاً، يجب ان لا تعتمد على حماية الاخرين لك، فأنت لن تعرف ابداً من اين تأتيك الخيانة، و لا من هو عدوك القادم..” نصح المستبصر، و هو يمشي ذهاباً، و إياباً.

” حسناً هذا رسمياً اصبح مزعج، ما الذي تفعله هنا؟ تكلم مباشرةً.” وقف روبين، و تكلم مُجعد الحاجبين.

” …هيه~ اريدك ان تساعدني في شيئ.” تنهد المستصبر، و رد، واضح ان الكلمات كانت ثقيلة عليه.

“انا؟ اساعدك انت؟! بماذا..؟” إستغرب روبين بشدة، انه مجرد كائن من كوكب *رضيع* ماذا يمكن ان يفعله لشخص كهذا؟

بعد بضع ثوان رد المستبصر. “.. الفترة الماضية كان احد اعدائي يقوم بتحركات مريبة، و يجمع الجيوش في أحد الكواكب صغيرة العمر التابعة له، عندما قمت بتحرياتي عرفت انه ينوي مهاجمة كوكب اخر يافع اخر يدعي نيهاري عمر الفنون القتالية فيه حوالي 400 الف عام، لم يتبقى أمامه الكثير قبل ان يصبح كوكب متوسط..

ذلك الكوكب فريد من نوعه، انه ضخم جداً، حجمه اكبر من كوكبك بمئات الاضعاف، غني بالموارد، و يمتاز بكثافة الطاقة الطبيعية فيه لدرجة ان سُكانه المحليين لا يحتاجون للتدريب على إمتصاص الطاقة! مع ان عُمر الكوكب القتالي 400 الف عام فقط، إلا ان قوة سكانه الحقيقية تُساوي كوكب بعمر 500 الف عام على الاقل، و لهذا قلت انه اقترب كثيراً من ان يصبح كوكب متوسط..

و أبرز ما يميز هذا الكوكب هو وجود أحجار طاقة عالية الكثافة، و النقاء، و التي تحتوي على روابط بين بعضها، تلك الأحجار بالذات لو وقعت في يد أتباع ذلك الشخص.. المنافسة بيننا ستكون قد حسمت.”

” إن كان هو يحشد قواته لمهاجمة ذلك الكوكب لما لا تفعل المثل؟! ألم تقل انك حاكم كواكب ايضاً.” رد روبين.

” كل الكواكب التي تحت سيطرتي متوسطة العمر، و سكانها اقوياء، كوكب نيهاري سيقاوم فتح قنوات إتصال فضائية مع احد كواكبي.. لدخول كوكب يجب ان يكون المكان الذي أتيت منه في نطاق الكواكب صغيرة العمر ايضاً، و يتراوح ذلك من صفر، و حتى 500 الف عام فقط.

“كيف يكون كوكب عمر الفنون القتالية فيه نصف مليون عام *صغير* بحق الجحيم؟!” صاح روبين.

هذا صغير بما يكفي! سرعة تقدم الكواكب في أول نصف مليون عام تكون بطيئة، أتحسب كل الكواكب يظهر فيها وحوش مثلك مبكراً؟ إذاً ماذا ستفعل إن عرفت ان الفئة العمرية للكواكب المتوسطة تتراوح من نصف مليون، و حتى المئة مليون عام! … على أي حال، الكواكب لديها وعيها الخاص، و لن تسمح بدخول كائنات من كواكب أعرق منها بكثير فيتم تدميرها.. و مُنافسي للأسف لديه كواكب في هذه الفئة العمرية الصغيرة التي يقع فيها كوكب نيهاري، أما انا فلا..”

قهقه روبين. ” يبدو ان منافسك مُتقدم عنك بخطوة ها..”

” انه مجرد كسول يُدمر الكواكب قبل ان يكتمل نموها!” صاح المستبصر. ” انه يستغل حقيقة ان سكان الكواكب صغيرة السن يمكنهم دخول الكواكب الأكبر سناً، فيقوم بالتواصل ذهنياً مع كائنات من الكواكب الصغيرة -كما اتواصل انا معك الأن- و يعطيهم معلومات، و نصائح، و حتى تقنيات على مدى مئات، أو آلاف السنين ليصبحوا اقوى، و يوحدوا كوكبهم في خدمته، ثم يفتح لهم بوابات لعوالم صغيرة مثلهم ليهُاجموها، و ينهبون ما فيها، و يتركوها رُكاماً، ثم يقوم أتباعه بإرسال ما نهبوه لتحت قدمه على طبق من ذهب، من يستغلون الكواكب الصغيرة بهذا الشكل هم اقل من الحثالة في أعين الجميع!”

 

0 0 votes
Article Rating

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
-+=