“إن وضعنا الإمبراطوريات جانبًا، يتبقى أمامنا العائلات، الكيانات التجارية، العشائر، والأكاديميات… حدِّثني عنهم.” تابع روبين طريقه إلى الأمام وهو يتنهّد بصوت خافت.
“دعنا نبدأ من الأضعف فالأقوى… أولًا: الكيانات التجارية.” رفع بيتسو إصبعًا واحدًا، “هناك عدد من البشر العباقرة الذين تمكنوا من تحقيق الثراء بطريقةٍ أو بأخرى، واستخدموا ثرواتهم لتأسيس أعمالهم الخاصة. ومع الوقت، اشتروا عبيدًا لحماية أعمالهم في بداياتها، ثم اجتذبوا حولهم مزيدًا من البشر والأتباع، ونموا تدريجيًا حتى أصبحوا كيانات تجارية ضخمة.”
ثم أشار نحو اتجاه معين، “مثلًا، على بُعد ستة شوارع من هنا ستجد متجرًا ضخمًا لبيع الحبوب يُدعى الملاذ الآمن. صاحبه بشري، وجميع العاملين فيه من البشر أيضًا. بدأ رحلته بطريقة متخبطة تمامًا، لكنه الآن على صِلات بعدة عشائر، أكاديميات، وممالك بشرية، بل وله علاقات قوية مع إمبراطوريات كوكبية من أعراق أخرى!”
تحولت نبرة صوته إلى الفخر، “متجر حبوب الملاذ الآمن موجود في جميع الكواكب التجارية ضمن القطاع الأوسط رقم 100، كما أنه موجود في عدد من الإمبراطوريات الكوكبية التي وعدت بحماية فروعه من الهجمات الطائفية.”
“هذا مذهل… لكنه إنجاز فردي، أليس كذلك؟ ما علاقته بأسس القوى البشرية؟” سأل روبين ببراءة.
“كيف لا علاقة له؟ الملاذ الآمن يحظى بدعم وحماية عشائر وأكاديميات وممالك بشرية، لكنه أيضًا يموّلهم بسخاء، ولا يبخل عليهم بالحبوب التي تزيد قوتهم. يمكن القول إن صاحبه راعٍ رسمي للجنس البشري، وهو أحد الأسس التي تمنعنا من الانهيار.”
ثم رفع إصبعًا، “إضافة إلى أن متاجره ومصانعه توفّر عددًا هائلًا من فرص العمل للبشر، وتُدرّبهم على صناعة الحبوب، والكيمياء، ونقش الرموز السحرية. يمكنك القياس على ذلك في جميع الكيانات التجارية البشرية الكبرى. ورغم قلّتهم، فإن كل واحد منهم يُعتبر عَمودًا من أعمدة العِرق البشري. وفي المقابل، يحصلون على حماية وأولوية شراء من قِبل القوات البشرية… إنها علاقة تبادلية تنفع الطرفين، وإن كانت علاقة محفوفة بالمخاطر.”
ثم عاد لينظر أمامه بتنهد، “بالطبع، ليس كل التجار البشر يفعلون ذلك. فقط الأشراف منهم. أما البقية، فيدّعون أن لا فرق بين الأعراق، ولا يدعمون البشر بأي شكل… ونحن لا نمنحهم أي معاملة خاصة أيضًا.”
“أوه…” أومأ روبين عدة مرات، ثم سأل، “وما هي قوات البشر تلك بالضبط؟”
“هنا نبدأ الحديث عن العشائر، الأكاديميات، والعائلات.” قال الفتى بجدية، مشيرًا لروبين أن يغيّر مساره إلى شارع مختلف. “أولًا الأكاديميات: هي قوة يُؤسّسها عدد من الأصدقاء أو أصحاب المصالح المشتركة، وتنمو بمرور الوقت مع انضمام أفراد جدد. الأكاديميات لا تخدم فردًا بعينه كملك، بل كل فرد يسعى لمصلحته الشخصية… لكن بشكل منظم أكثر.”
وتابع، “داخل الأكاديميات يمكنك أن تجد كل ما ترغب به من تقنيات، معلمين لجميع المسارات، تسجيلات لمعـارك أسطورية، مختلف أنواع الحبوب، الأسلحة، وغيرها. طبعًا، حسب قوة الأكاديمية وموقعها. لا يمكنك مقارنة ما تُقدّمه أكاديمية محلية على كوكب صغير بما تُقدّمه أكاديمية نجمية… لكن هناك أمرًا مشتركًا بينها جميعًا: عليك الدفع مقابل كل شيء. حتى رسوم اختبارات الدخول يجب دفعها.”
ثم رفع كتفيه قليلًا، “هذا يجعل الأكاديمية تجمعًا لأفراد لديهم هدف مشترك واحد: اكتساب القوة. لكنهم يختلفون ويتفرقون في كل ما سواه، كل منهم يعتمد على نفسه ويفكر فقط في كيفية تدبير المال اللازم لشراء احتياجاته من الأكاديمية.”
ثم رفع إصبعًا، “لكن الأكاديميات توفر حلًا للمنتسبين الفقراء: تنفيذ مهام لصالح الأكاديمية أو جهات خارجية مقابل مكافآت مالية كبيرة.”
“أوه… لا يبدو أنهم قوة حقيقية، ففي وقت الأزمة سيهرب كل واحد منهم في اتجاه مختلف.” قال روبين رافعًا حاجبه.
ابتسم بيتسو، “مع ذلك، الأكاديميات تظلّ تجمعًا هائلًا للمواهب والأقوياء. وإن دخلت الأكاديمية حربًا—مهما كان سببها—فبإمكانها عرض مكافآت ضخمة للطلاب مقابل المشاركة… وصدقني، الأكاديميات لا تعاني من نقص في الموارد، فهم يحصلون على نسب كبيرة من مكافآت المهام.”
“أوه…” رفع روبين حاجبيه ثم أومأ مرتين.
كقوة مثل الأكاديمية، فإن امتلاك الموارد هو المفتاح. حتى لو لم يعطوا الطلاب طاقة، يكفي أن يعِدوهم بالاطلاع على تقنيات متقدمة أو قوانين كانت ممنوعة عليهم… وهذا وحده كفيل بتحريك معظمهم.
“بالنسبة للأكاديميات البشرية، فأغلبها خفيّ لا يظهر كثيرًا، نادرًا ما تُذكر أسماؤهم في المشكلات، لكنهم موجودون، ويمكن الوصول إليهم بقليل من البحث. أغلبهم يتمركز في كواكب غير مملوكة ذات ظروف سيئة، ويحصلون على التمويل من الكيانات التجارية ليستمروا فيما يفعلونه.”
تابع الشاب بابتسامة، “ثم ننتقل إلى العشائر… العشائر تشبه الأكاديميات إلى حد كبير من حيث النشأة، التمركز، وسياسة ضمّ الأعضاء. الفرق يكمن في طريقة معاملة المنتسبين.”
توقف لثوانٍ حين لاحظ بعض النظرات الغريبة من المارة، ثم واصل بعدما تجاوزوهم، “عندما تنضم إلى عشيرة، فأنت تنضم مدى الحياة.”
“همم؟” رفع روبين حاجبيه.
“العشائر لا تطلب نقودًا كلما رغبت بشيء. بعد انضمامك تصبح جزءًا من منظومة متكاملة. وكلما أصبحت أقوى، تحصل على المزيد من التقنيات والأسلحة دون مقابل فوري… لكن هذا يجعلك عبدًا لهم بشكل أو بآخر. على عكس الأكاديمية التي يمكنك مغادرتها وقتما تشاء، فإن مغادرة العشيرة تعني سداد ثمن كل شيء استخدمته مضاعفًا، إلى جانب فوائد مرهقة. وإن لم تستطع الدفع أو رفضت، فستُطارد وتُقتل على يد أفراد العشيرة الآخرين.”
تابع، “ولأنك تستفيد دون مقابل، فإن للعشيرة الحق في استخدامك كما يشاؤون. فهم يتلقون مهام حماية، القضاء على وحوش، وغير ذلك، وتذهب العوائد إلى خزينة العشيرة، بينما يُؤمر المنتسبون بتنفيذها. وفي حالة الحرب، يُجبر الجميع على المشاركة!”
أومأ روبين عدة مرات. لقد أسس عشيرة من قبل، ويدرك ما يقوله. يمكن القول إن العشيرة أشبه بإمبراطورية بدون شعب أو تجنيد إجباري—نفس فكرة النظام الحاكم، لكن جميع أفرادها مقاتلون جاؤوا بإرادتهم.
“وأخيرًا… العائلات.” توقف بيتسو في منتصف الطريق، عقد حاجبيه، ثم التفت إلى روبين وسأله بصوت جاد: “…ماذا تعرف عن عائلة ديسترا؟”
================
لدعم هذا العمل مادياً:
باي بال: paypal.me/eslam997
دفع فيزا مباشر موقع كوفي : https://ko-fi.com/teamoney
اي محفظة كاش مصر: 01020451397
بايير: P1017229514
بينانس أي دي : 39853995
سعر الفصل 5$
سعر الفصل بعد يوم 20 من كل شهر 10$
~~~~
لدعم هذا العمل معنوياً لا تنس التعليق و الدعاء
~~~~~~~
الموقع القديم لمشاهدة الفصول القديمة:
novelxs.com/novel/lord-of-the-truth
~~~~~~
سيرفر ديسكورد لرؤية صور الشخصيات و متابعة مواعيد نزول الفصل:
https://discord.gg/AxDFN6uVTE
======
فصول الشهر 40/1