“جابا، كل شئ سيكون بخير، فقط استرح قليلاً حسناً؟” عاد روبين لينظر نحو تلميذه بإبتسامة تظهر بعض الرضا

“هاا.. هاا..” نظر جابا بجانبه اخيراً، الدماء الكثيفة التي تغطي عينه جعلته يرى كل شئ باللون الاحمر لكنه مع ذلك تمكن من قراءة ملامح مُعلمه بوضوح… لقد كانت تملأها القلق و حتى بعض الرعب!!

انزل جابا ذراعيه اخيراً ثم نزل على ركبتيه *طاخ*، “مُعلمي.. هل مظهري.. يبدو بهذا السوء؟”

“…ستكون… بخير. إرتح الان فحسب و سنتكلم لاحقاً.” روبين ارغم إبتسامته على الإزدياد بصعوبة و مسح على شعر جابا، لكن دقات قلبه المرتفعة أعلمت جابا انه يخبئ عليه شيئاً

فعلاً مظهره وحده كان كفيل بإخبار روبين عن ما حصل قبل وصوله، جلده الذي تحول للأحمر، عيناه التي تسيل منهما الدماء، شرايين ذراعه و اقدامه المُقطعة، و الأهم… بنيته الجسدية!!

جابا الان طوله بالكاد 190سم و عضلاته الكثيفة تلاشت، لو وُضع العملاق -سابقاً- بين جنود الفيلق السادس الان فلن يتم تمييزه. في السابق حتى لو نزل على ركبته كان سيظل اطول من روبين، لكنه الان في طول البشر الطبيعين، بل ربما اقصر قليلاً من البشر في مثل مستواه!

إرتعشت شفتا روبين و هو ينظر نحو تلميذه، *ماذا حصل؟ أتفهم الدماء التي تغطيه، لكن منذ متى يمكن تقليص الكتلة العضلية خلال بضع دقائق، و حتى تقصير العظام؟!*

*قعقعة* *قعقعة*

العشرات من الجذور الضخمة عتيقة المظهر شقت الارض و اكملت طريقها بوتيرة ثابتة للأعلى حتى وصلت للغيمة الرعدية و اخترقتها، ثم بدأت الصواعق تضرب الجذور!

*كاتشااا*

الغيمة لهائلة التي كانت تضئ باللون الابيض الساطع من كثرة الصواعق فيها بدأت تخفت تدريجياً، اعداد الصواعق و قوتها في الخيمة بدأت تقل بشكل واضح، و الغيمة نفسها بدأت تتضائل بسرعة هائلة… لكن هذا لم يجلب السعادة لأي شخص من الفيلق السادس!

“هااااهاهاهاها تقول انك تريد قتلي؟ قتلي انا؟ هاهاهاها” البرعم الضخم ضحك بشكل هيستيري و كأنه سمع اغرب نكتة طوال حياته، ثم اشار نحو السماء بذراعه الممزق بعدما تحرر من ضغط الجاذبية، “افتح عينيك و انظر، انت الان ستختبر غضب جرينلاند الذي تحاول غزوه!”

*قعقعة* *قعقعة* *قعقـ—-*

كاد روبين يرد على هوفنهايم الذي يحتل وعي البرعم العملاق، لكنه اُجبر على النظر للأعلى بعدما إنقطعت اصوات الرعد و لإضطراب في السماء.. لقد اختفت كل الصواعق في الغيمة، بل كادت الغيمة نفسها تختفي، لكن مع ذلك لم يصلهم ضوء الشموس الثلاث الذين يجعلوا معظم ايام جرينلاند ضياءً

بل إختفت الشموس وراء ما يبدو كـ شاشة شفافة رمادية اللون… لقد كانت سماء الكوكب، لقد تحولت بالكامل تقريباً لللون الرمادي الان.

*تكسر*

لم يكد روبين يستفيق من صدمة ما يحدث حوله، إلا شئ غريب لا يحكى عنه إلا في الاساطير حدث امامه عينه… جذور هوفنهايم كانت قد أكملت طريقها للأعلى حتى بعد فض الغيمة حتى اختفت مقدمتها عن الانظار، لكن الان اخيراً يمكن رؤية إلى اين وصلت الجذور، لأن تلك الجذور المحملة بالصواعق إصدمت بشئ في السماء و بدأت تظهر تشققات في الاعلى

بدأت تظهر تشققات.. في السماء.

*تكسر* *تكسر*

“اه.. اااااه..!!”

المنظر المهيب فوق رؤسهم حطم الحاجز النفسي لمعظم جنود الكتيبة السادسة

“تراجعوا لمسافة آمن!” حاول بعض الضباط و الحكماء جمع شتات الجنود و تحريكهم مجدداً لكن لا حياة فيمن تنادي، الجميع وقفوا ماكنهم يراقبوا ما يحدث في الاعلى، الخبر الجيد انهم ليسوا هم فقطوا من تصرفوا بهذا الشكل، بل حتى البراعم انفسهم نظروا للأعلى بخوف!!

و بينما الجميع يركزون على الشقوق في السماء و ينتظرون رؤية ما سيحدث…

*شووووووااالااااا*

اقدام لا تبدو كأقدام بشر ظهرت من احدى الشقوق و اخذت تنزل شيئاً فشيئاً كاشفةً عن كائن ترينت يحيطه الغصون و الجذور، جسده شبه شفاف يبدو كالشبح، ملامح وجهه صارمة و ثابته حتى بدى و كأنه تمثال، و هالته جعلت الجميع يظنون انه قادر على محوهم من الوجود بمجرد إشارة!!

و لم يأخذ احد إستراحة و لو لثانية ليدرك ما حدث للتو… بسرعة هبط كائن شبحي اخر يشبه السلانمدر يحيط بجسده لهب عديم اللون

ثم ظهر طائر شبحي يشبه الاساطير حول العنقاء ينضح بطاقة حياة هائلة، ثم آيل شبحي تحول حوله صواعق بلا لون، ثم كائن على هيئة إنسان يمسك بسيف بيده اليمنى و تحدث انفجارات عديمة اللون في يده اليسرى، ثم.. ثم .. ثم~~

افراد الفيلق السادس و البراعم نظروا للأعلى بأفواه مفتوحة و جِباه متعرقة، بعضهم حتى اخذ يتراجع بلا وعي حتى تصادم من *العدو* لكن لم يكن لأياً من الحضور نية في القتال مجدداً … المسافة بينهم و بين الصدوع في السماء كانت ببساطة كبيرة جداً و مع ذلك يمكنهم رؤية تلك الكائنات الشبحية بوضوح، هذا ينم على ان تلك الكائنات الشبحية يصل طولهم إلى عشرات الكيلومترات!

خلال بضعة ثوانٍ فقط العشرات من تلك الكائنات الشبحة اظهرت نفسها من خلال الصدوع في السماء

“أهذه…” روبين فتح عينيه على اخرهما حتى كادت مقلتيه الذهبيتين يخرجان من محجريه، لكن على غرار البقية لم تكون توجد ملامح الرعب، بل ملامح تنم عن الصدمة الشديدة، ” …تجسيدات قوانين كوكب جرينلاند؟!”

من Zeus

-+=