“..الاخ الثاني ثيو؟! انت نجوت من غزو امبراطورية اللهب؟ ماذا عن اخي الاول قيصر و الجد جالان و الجد براين؟ هل الجميع بخير؟!” وقف ريتشارد ببطئ يكاد لا يصدق ما يرى، ملامحه تغيرت لأول مرة منذ دخل القاعة فتحولت من الإبتسامة الطيبة التي يبدو و كأن شئ لن يعكرها، لتكون صدمة مذهبة للعقول مخلوطة ببعض الفرح

اطلق ثيو تنهيدة طويلة عندما سمع هذا السؤال و تغيرت معالم وجهه و كأن تذكر شئ لا يريد ان يتذكره، “…حدث الكثير منذ يوم مغادرتك انت و السيدة. امبراطورية اللهب كثفوا الهجوم بشدة حتى— ثم قررنا تشكيل كتيبة و الهرب ثم—”

فتح ريتشارد عيناه احياناً دهشةً و اغلقها احياناً اخرى حزناً، قلبه قَبض في النصف الاول من الحكاية خاصةً عندما سمع بموت جده و اعداد كبيرة من الاشخاص الذي اعتاد عليهم، لكنه تمكن من تنفس الصدعاء عندما سمع بأن اخوته و عدد لا بأس به من العائلة نجو من تلك المذبحة… فمنذ هرب ذلك اليوم كان قد اعد نفسه انه اصبح يتيم، حقيقة ان هنالك اشخاص متبقين من عائلته لهى مدعاة للفرح.

ظل ثيو يتقدم في الحكاية بعدما تم إنقاذ الجميع و بدأ يشرح انتقام روبين ضد الامبراطوريات الاربعة و قارة السلف، لكن ملامح ريتشارد تغيرت قليلاً و قاطعه،” دعنا من هذا الان.. كيف اقنعت عاهل الشموس التسعة ليساعدك؟!”

“اقنعته؟ انت تستخف بإبتكارات والدك كثيراً ايها الامير الصغير.” ثيو لم يمانع تغيير الموضوع بما ان الحكي عن الماضي ثقيل على قلبه، بل قهقه بصوت منخفض ثم نظر بجانبه، “احضر لنا شئ نشربه.”

“حاضر.” انحنى العملاق قليلاً ثم ذهب للبار و بدأ يسكب شئ في كأسين و عاد بعد سريعاً يقدمهما بإحترام، ” نبيذ كرمة الشرق الفضية، أرجو ان ينال اعجاب السيدين.” ثم عاد ليقف بجانب ثيو و كأن شيئاً لم يكن.

“…ما الذي يحدث هنا؟!” ريتشارد وضع الكأس على الطاولة و اخذ ينظر نحو العملاق الذي دعاه بعاهل الشموس التسعة من الاعلى للأسفل و كأنه يحاول ايجاد خطباً ما فيه

“انه هو بشحمه و لحمه، كاندال ابن أرينوف ابن اشيرا، الامير رقم 7 في قبيلة عمالقة أشيرا الشمالية، ماذا.. أتعتقد اننا سنتمكن من خطفه و إستبداله بشخص اخر؟” هز ثيو رأسه برفق و اخذ رشفه من النبيذ، هو لم يكن بهذا الإسترخاء منذ سنوات

“إذاً كيف؟! ذلك الشخص احد مُلاك وشم تقوية الجسد الإلهي من الدرجة الرابعة، لقد اصبحت إمبراطور قبل مئات السنين و له العديد من الانجازات القتالية تحت اسمه، لقد احرق قتل عدد لا يحصى من الكائنات المتدنية و احرق بمفرده عواصم تسع قبائل عمالقة اغضبوه حتى وصلت ألسنة اللهب إلى عنان السماء لذا اطلق الجميع عليه اسم عاهل الشموس التسعة، العديد يقولون انه احد اقوى 10 اباطرة في العالم، هنالك ايضاً شائعات انه قبيلة اشيرا كانت اغنى قبيلة في المنطقة الشمالية بفضل أعماله المتشعبة في العالم، هذا قبل ان اظهر انا بالطبع و تصبح قبيلة عزيل هى الاغنى في العالم..”

اومئ ثيو عدة مرات، “انت محق، هذا الشخص فعلاً من اقوى رجال العالم سواءً بالقوة الفردية او الاقتصادية، لكنك لا تدرى انه الشخص المسيطر على العالم السفلي في نيهاري ايضاً… هذا الشخص هو الرئيس الفعلي لمنظمة سلمندر النار.”

“منظمة سلمندر النار الإرهابية؟ هذا ليس غريب جداً، الجميع يتكلم عن مصدر غنى قبيلة اشيرا الفاحش و عن الاغراض النادرة و المسروقة التي تظهر بإستمرار في مزاداتهم الشهيرة، لا عجب ان اكبر منظمة اجرامية تعمل لديهم… لكن ما دخل هذا بأي شئ؟”

“هيه~ كيف احكي لك… عندما كان والدك ما يزال في نيهاري قام بإبتكار تقنية للسيطرة على العقول تدعى إستعباد الروح و استخدم خدعة لإخضاع اوغاس، زعيم منظمة سلمندر النار فرع المنطقة الشرقية، تحت سيطرته عبر جعله يقرأ تلك التقنية و يتدرب عليها.” وضع ثيو ايضاً الكأس على الطاولة و بدأ يشرح لريتشارد بلطف، “قبل ان يترك اباك نيهاري اعطى والدك أوغاس بضع اوامر، منها ان يطيعني عندما يراني، و عدة اشياء اخرى.. لكن اهم أمر اعطاه له كان هو ان يحاول يخضع بقية فروع منظمة سلمندر النار تحت سيطرته…”

“…منذ ذلك الوقت و اوغاس يحاول التقرب من زعماء بقية المناطق يستخدم كل الحيل الممكنة ليجعلهم يتدربوا تقنية إستعباد الروح، و شيئاً فشئ تمكن من إستعباد زعماء المنظمة في المنطقة الغربية و الجنوبية و الوسطى و حتى الشمالية، ببساطة هو اخضع جميع رؤساء المناطق و مساعديهم، و لم يبق سوى الرأس الكبيرة… فقط بالأمس تمكن رؤساء المناطق الخمسة اخيراً من طلب لقاء من الرئيس الفعلي،عاهل الشموس التسعة، و اقنعوه انهم وجدوا تقوية لها علاقة بمختار السماء الثاني و انه عليه تجربتها، و بهذه الطريقة تمكنوا من جعله يقبل استعباد الروح و اصبح في صفنا!”

جلس ريتشارد مكانه ببطئ، “..إذاً عاهل الشموس التسعة يعمل لصالح اوغاس الان، و اوغاس يعمل لصالحك، هل فهمت بشكل صحيح؟”

“بل لصالح والدك، انا و سيوف الظل مجرد وسيط بينهم.” هز ثيو رأسه

“اها.. و ما الذي تنوون فعله بكل هذا؟” رفع ريتشارد حاجبه قليلاً و سأل

“اشياء كثيرة… والدك وضع خطة طويلة الامد لكوكب نيهاري و قد بدأ التطبيق بالفعل، لكن كل هذا في كفة و لقائنا اليوم في كفة، لقد انتظرت سنوات من اجل اتمام اخضاع عاهل الشموس التسعة من اجل ان نلتقي بدون ان يزعجنا احد، أباطرة قبيلة عزيل لن يجرؤوا على ارسال حسهم الروحي للتجسس داخل هذا القصر!”

“اها… و ماذا الان؟” أسند ريتشارد ظهره على الكرسي الضخم

“لقد ارسل لك والدك اشياء جيدة،” اخرج ثيو خاتم فراغي من جيبه و بحركة خفيفة اخرج عدة اشياء على الطاولة، ” سأشرح لك إستخدامات كلهاً منهم و اشرح لك دورك في الاحداث القادمة، قد يطول الامر قليلاً لكنك ستخرج من هنا لا محالة بالخطة التي وضعها والدك.”
عينا ريتشارد نزلت قليلاً لتنظر نحو الخاتم ثم عاد لينظر في عينا ثيو بوجه خال من الملامح، ” اشكرك على تعبك، اخي الثاني، لكني سأُخرج نفسي بنفسي.”

من Zeus

-+=