كوكب جرينلاند—

كأي كوكب يحتوي على حياة، القتل و الحروب لم تهدأ هنا ابداً، خاصةً قبل مئتي ألف عام عندما قامت الحرب الكبرى بين مخلوقات الترينت العتيقة و بين بقية المخلوقات الذكية، و كل هذا في كفة و عاصفة الدم التي ضربت الكوكب مجدداً بعد وصول الغزو من كوكب يورا في كفة أخرى.

لا توجد بقعة واحدة على ظهر هذا الكوكب تنعم بالسلام حالياً، فقط يوجد أماكن في حالة حرب، و أماكن أخرى تنتظر الحرب و تستعد لها.

فقط بقعة واحدة تنعم بالسلام، خيمة صغيرة نسبياً لا يوجد بها سوى سرير و كرسي بجوار السرير. داخل هذه الخيمة يوجد سلام حقيقي. كمية المصفوفات المرسومة تحت و حول الخيمة، و أعداد الحراس المنتشرين حولها جعلت هذه الخيمة الصغيرة حصن صغير حتى الحشرات لا تجرؤ على الاقتراب من هذه الخيمة!

أما ففي داخلها فيوجد شخصان، الأول فتاة جالسة على الكرسي تضخ طاقة رقيقة في جسد الشخص الجالس أمامها، بدت و كأنها تقوم بهذا الأمر منذ فترة طويلة جداً لدرجة أنها يمكنها فعلها الآن حتى و هى نائمة.

و الشخص الآخر الممدد على السرير بوجه خالٍ من الملامح. العمليات الحيوية تعمل بشكل طبيعي في جسده، و هنالك تحركات طاقة غريبة في المنطقة أسفل سرته في ما عدا ذلك فهو يبدو خامل كلياً.

لكنه في الحقيقة بعيدة كل البعد عن الخمول.

داخل نطاق روبين الروحي–

*ووووش* *ووووش*

الغيمة الداكنة الضخمة لم تعد تحجب الرؤية في المكان كالسابق، حجمها تضاءل بشكل كبير حتى أصبحت مجرد بقعة في المكان الذي يملأه البياض، و بدا أن هذه البقعة لن يطول وجودها ايضاً، ففي نطاق الروح كان يوجد جسد روحي ضخم، أبيض اللون كالحليب مع ذلك كل تفاصيل روبين كانت واضحة عليه و كأنه تمثال منحوت، ذلك التجسيد كان مليئ بالقوة و يقف بثبات كأنه الحاكم الوحيد بين الأرض والسماء، أي كائن حي سيراه سيرغب في النزول على ركبته و الانحناء أمامه.

ذلك الجسد الروحي كان يمتص ما تبقى من الغيمة عبر عدد لا يحصى من الدوامات، حسب ما يبدو فالغيمة لن يطول وجودها في نطاق الروح قبل ان تُمتص بالكامل لداخل ذلك العملاق.

“هممم؟” في هذه اللحظة فتح الجسد الروحي عينه و رفع يده لينظر نحوه، تشققات بدأت تظهر فيها.

…في الماضي استغرق روبين حوالي أربع سنوات ليمتص نصف الغيمة الداكنة لعدة أسباب، أولهم لأن روحه كانت ضعيفة وقتها مقارنة بالغيمة، كما أنه كان يحاول علاج نفسه لذا كان يمتصها بطريقة معينة.

ثالثاً لأنه كان يحاول رؤية الدرجة الرابعة من قانون البرق و قانون الحياة على الغيمة. مع أنه لم يفهم هذا المستوى من الأنماط بالسرعة التي تعود عليها إلا أنها ما تزال فرصة عظيمة أنه تمكن من أخذ لمحة عن الدرجة الرابعة من القوانين قبل الأوان، حتى لو اخذ سنوات ليفهم هذه الأنماط، هذا أفضل من لا شيء!

أما بعد قتال أسياد الحروب و قد عولجت روحه بالكامل و حتى أنه أصبح لديه طاقة أكبر من تلك التي في الغيمة الداكنة، فلماذا عليه أن يضع اعتبار لشيء آخر و هو يقوم بعملية الامتصاص؟

الشيء الوحيد الذي جعله مترددا في البداية هي أنماط قانونا الحياة الرئيسي و البرق الرئيسي من الدرجة الرابعة اللذان كانا محفوران على الغيمة الداكنة، لكن لسببٍ ما هذه المرة بنظرة واحدة تمكن روبين من رصد كل الحقائق التي استغرق سابقاً سنوات ليجد مفاتيح لها.

في الحقيقة الشيء الذي خرج به من تلك الأنماط كان قانون البرق الرئيسي من الدرجة الرابعة فقط، أما ما كان يحسبه قانون الحياة الرئيسي أتضح أنه في الحقيقة خليط من القوانين الثانوية كالحيوية والتجدد و التوريث، إلخ… صحيح أن كلهم من الدرجة الرابعة أيضاً لكنهم ما يزال مجرد قوانين ثانوية.

الأب الشجرة أخذ عدد لا يحصى من السنين يبحث في الحياة و وصل للعديد من قوانينها الثانوية و تمكن من صنع روابط بينهم، ربما أعتقد وقتها أن الناتج كان القانون الرئيسي للحياة.

لا يمكن القول أنه مخطئ ايضاً، فحتى روبين خُدع عندما رأى تلك الأنماط المتشابكة في الغيمة و ظن أنها قانون الحياة الرئيسي، بل خُدع منذ وصل الكوكب و رأى أساليب الاب الشجرة المذهلة بخصوص مسار الحياة، لكن عيناه ببساطة كانت بعيدة عن أن ترى من خلال الواقع آنذاك

فالقوانين الثانوية لمسارٍ ما ما هي إلا فروع من القانون الرئيسي، و لو ألَم احدهم بكل القوانين الثانوية سيتمكن من جمعهم ليكون لديه القانون الرئيسي لذلك المسار، بعد كل تلك السنين التي أفناها في البحث و الدراسة أعتقد هوفنهايم أنه تمكن من هذه الخطوة اخيراً، لكنه في الحقيقة هو كان ما يزال بعيدا عن ذلك…

تنهد روبين في ذلك الوقت و هز رأسه برفق، * كان علي توقع هذا، كيف لكيان عالي المستوى كقانون الحياة الرئيسي أن يكون في يد كائن من كوكب يافع؟ حتى و انا أملك عين الحقيقة كان علي إستخدام معرفتي عن الموت حتى اكتب تقنية لقانون الحياة الرئيسي.*

مع أنها كانت خيبة أمل صغيرة إلا أنه ما يزال يمكنه الوصول للدرجة الرابعة من قانون الحياة الرئيسي بنفسه لاحقاً… عندما فهم روبين كل شيء حيال الغيمة، إستخدام تقنية ملئ الروح ليمتص كل شيء ويحولها لطاقة صافية.

لم يعلم كم مر من وقت منذ بدأ، لكن العملية كانت تسير بشكل سلس و لا شيء يعطلها، حتى هذه اللحظة.

عقد الجسد الروحي حاجبيه العظيمين، فقبل قليل كان هنالك اضطراب شديد في الدوامات التي تنقل الطاقة من الغيمة الداكنة، في تلك اللحظة توقف تدفق الطاقة الروحية لجسده بالكامل.

*بزززت*

*كريييك* *كريييك*

“بحق الجحيم، ما الذي يحدث هنا؟!” هلع روبين بالكامل في هذه اللحظة، فجسده الروحي الضخم الذي كاد يصل لعنان السماء بدأ يتقشر و ينهار و نطاق الروح بالكامل بدأ يتصدع!

حاول روبين استخدام كل الطرق و التقنيات التي يعرفها عن الروح لإيقاف ما يحدث، لكن شيئاً لم يحدث، حتى أنه حاول الخروج من نطاق الروح بالكامل لكنه فشل!

*بووووم*

بعد عدة دقائق الظاهرة الغريبة هدأت اخيراً، لكن قلب روبين لم يهدأ و لو قليلاً و هو يرى التغيرات من حوله..

جسده الروحي الضخم الذي كاد يبلغ عنان السماء قد أنهار كلياً و تشتت في كل مكان، الجسد الروحي الهائل الذي كان يقف شامخاً بمفرده تحول لجبال ال وتضاريس عديدة أعطت بعض الملامح لنطاق الروح، عيناه تحولتا لبحيرة واسعة أما شعره فتحول لغابة ضخمة بها عدد هائل من الأشجار

كل شيء ما يزال مغطى باللون الأبيض كالحليب، لكن نطاق الروح لم يعد كالسابق، فقد تحول العالم معدوم الملامح إلى وادي عتيق لا ينقصه شيء سوى وجود مخلوقات حية!

أما جسد روبين الروحي الحالي عاد ليكون نسخة مصغرة لطيفة عن روبين، نسخة تكاد تكون أصغر من تلك التي إتخذها أول مرة دخل فيها لنطاق الروح

لكن الجديد أن هذه النسخة المصغرة كانت مغطاه بطبقة من الفضة اللامعة.

من Zeus

Subscribe
نبّهني عن
3 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
MR.M
2 شهور

شكرا على الفصل

مالك_2
2 شهور

مثير للاهتمام

Meshari
26 أيام

شكرا

-+=