شعر روبين أنه على وشك الإغماء عليه مجدداً عندما سمع رد زارا، هو ممدد على هذا السرير منذ عامين؟ بدى الأمر وكأنه استراح شهرين أو ثلاث بالكثير!
لو كان هذا صحيح فالوقت الذي امضاه داخل نطاق الروح يمتص تلك الغيمة مر كلمح البصر، ألهذه الدرجة كان مُركز بالكامل على عملية الامتصاص؟
“إنن، أنت في هذه الحالة منذ عامين كاملين، لقد اخفتنا كثيراً يا أبي” اومئت زارا بعينين متلألئتان، العامان الماضيان كانا ضغط نفسي كبير عليها.
“لكن كيف..؟! مستحيل أن أكون قد قضيت عاملين كاملين في نطاق الروح!!” تسائل روبين بصوت منخفض و هو يعتدل في جلسته، حتى لو نسي مرور الوقت أثناء عملية الامتصاص فهو في النهاية امتص حوالي 30% فقط قبل أن ينهار جسده الروحي، مستحيل أن يكون قد قضى عاملين ليمتص 30% فقط! ثم بدأ يفرك جبهته ببطء ليحاول استرجاع ما حدث بعد معركته ضد اسياد الحرب لعله يجد الإجابة
لكن زارا اعتقدت أنه يسألها هى، لذا وضعت يدها على ذقنها قليلاً ترتب الاجابة ثم تكلمت، “هممم لا أعرف ماذا كان يحدث معك بالضبط، لكني كنت معك منذ اليوم التالي من سقوطك و لاحظت كل التغييرات التي حصلت لك، و هذا هو تسلسل الاحداث: اولاً منذ سقطت في معركة دخلت في غيبوبة تامة حيث فقط العمليات الحيوية الهامة في جسدك كانت تتم، ولكن بصعوبة شديدة و ظللت على هذه الحالة لمدة سبعة أشهر تقريباً. بعد ذلك شعرت بك و أنت تحاول فعل شيء بمركز تجمع طاقتك لكنك كنت ضعيف جداً لذا حاولت المساعدة و بدأت أرسل طاقتي الخاصة إلى هناك أيضاً، مع أني فزعت عندما وجدت جسدك يرتفع كأنك تعاني، لكن عندما رأيتك ما زلت تثابر على ضخ الطاقة هناك ظللت اساعدك طوال الوقت، و ظللت على هذه الحالي لمدة شهرين تقريباً.”
بعدها انتظرت زارا للحظة لتتذكر بقية الأحداث قبل أن تكمل، “بعد انتهاء تلك المرحلة حدثت تغيرات كثيراً في مركز تجمع طاقتك و رأيتك تتصبب عرقاً، لكن لم أدري كيف اساعد، لكن الجيد أنه بعد عدة أيام عاد جسدك يستقر و عدت لإستهلاك قدر كبير من الطاقة لذا عدت أنا أيضاً لضخ الطاقة في جسدك، لكن هذه المرة بمساعدة درة طاقة لأن طاقتي وحدها لم تعد تكفيك، و بقيت على هذا الحال حولي عام، أي حتى منذ شهرين تقريباً. بعدها استهلاك الطاقة توقف تماماً و كل العمليات الحيوية في جسدك رجعت لطبيعتها، لكنك بقيت غائب عن الوعي. حتى أخيراً فتحت عينك اليوم!”
رفع روبين حاجبيه قليلاً و هو ينظر نحو زارا، مع أن كلامها بدى مبهماً، لكنه فهم كل شيء…
أكثر جزئية ركز عليها هو أن استهلاكه للطاقة هدء قبل شهرين بالفعل لذا بسرعة مرر حسه الروحي عند مركز تجمع طاقته قبل أن يعطي ابتسامة كبيرة، كل شيء هناك قد عاد لطبيعته هناك.
حسب كلام زارا فإصلاح الأساسات من الرقم 1 حتى الرقم 10 استغرق شهرين بينما إصلاح الأساسات من الرقم 11 و حتى الرقم 30 استغرق عام كامل.
“همم؟” لكن ابتسامته ذهبت بسرعة و تحولت مكانها ملامحه لصدمة عندما تذكر شيء، المستويات من عشرون إلى ثلاثون يجب أن تكون قد تلاشت بالكامل، لكنها الآن عادت وكأن شيئاً لم يكن!!
تقنية تعديل الأساس ليست مصممة لتعمل بهذا الشكل… حتى لو كان مستخدم حقيقة مثله هو من صنعها، هى ما تزال تقنية مبدئية صُنعت لهدف إصلاح أخطاء تدريب الماضي، لكن بناء نطاق القدسية بالكامل من الصفر و خلال عام واحد؟! مستحيل!
ثانياً كيف حدث هذا تلقائياً؟ التقنية تتطلب تركيز هائل و قدرة هائلة على التحمل، كان هذا جلياً عندما عانى روبين في إستخدامها لإصلاح أول عشر أساسات، ظل واعياً يصرخ داخلياً طوال الوقت لمدة شهرين، الأمر كان أشبه بشخص يمسك بسكين و يحفر بنفسه كلمات على جلده ولحمه!
أما عندما بدأت التقنية بلمس الأساس رقم 11 بدى وكأن تلك السكين تحولت لقلم و شخص آخر أمسك بهذا القلم و بدأ يستخدمه بكل سهولة و حرية، لم يكن على روبين فعل أي شيء سوى المشاهدة، حتى أنه من قلة ما عليه فعله ذهب ليتدرب في نطاق الروح!
تنهد روبين و هز رأسه، ثم عادت إبتسامة نابعة من القلب على شفتاه… هنالك الكثير من الغوامض بشأن قانون الحقيقة السيادي عليه اكتشافها، لكن على الأقل هذه المرة تلقى المساعدة من القدر و لم يتدخل حظه السيء مجدداً، كانت الكسور في مركز تجمع طاقته عبئ كبير يشغل باله، الآن حالة مركز تجمع طاقته عاد ليكون كما كان قبل المعركة، بل أفضل!
بل افضل… عقد روبين حاجبيه قليلاً عندما شعر بهذه النقطة و جرب تفعيل تقنية امتصاص الطاقة الطبيعية المُطلقة، و كانت المفاجئة أن المستوى 31 بدأ يتشكل ببطء!
“ما الذي..؟!” رفع روبين حاجبيه مجدداً، يفترض أن هذا مستحيل بدون أن يخترق للدرجة الثالثة من قانون الحقيقة السيادي!
عندها فكر روبين في شيء و قام بتفعيل عين الحقيقة، عيناه بدأتا تضيئان بالذهبي و طبقة رقيقة من الوهج المتلئلئ غطت جسده بالكامل، ثم سرعان ما عادت الابتسامة إلى وجهه… هو الآن كان يرى ما لم يره من قبل، كل القوانين المحيطة به حتى الدرجة الرابعة كانت مكشوفة أمامه كالكتاب المفتوح.
لقد وصل قانون الحقيقة السيادي لديه للدرجة الثالثة!!
كاد روبين أن يقفز من على سريره من الفرحة، هو لم يعد يذكر كم سنة مرت منذ تمكن من الوصول للدرجة الثانية من الحقيقة، لم يظن أنه سيصل للدرجة الثالثة بالصدفة!
لكنه سرعان ما هدأ… أليس هذا طبيعي؟ ما هو الزمكان بالضبط؟ قانون الحقيقة السيادي يتطور عندما يرتفع فهم روبين لحقائق الكون من حوله، إن لم يتطور قانون الحقيقة للدرجة الثالثة بعد اكتشاف و تطويع قانون سيادي آخر، فمتى سيتطور؟ فضلاً عن الدرجة الثالثة، اكتشاف الزمكان السيادي سيساعده بلا شك حتى في الوصول للدرجة الرابعة من قانون الحقيقة السيادي لاحقاً!
شعر روبين برعشة خفيفة و شعر جسده بدأ يقف بخفة عندما فكر في الأمر، لكن ملامحه تحولت للأسوأ مجدداً و نظر لزارا بسرعة، “أين اخوتك؟ ماذا حصل للحرب خلال العامين؟”
“همم الأب الشجرة هوفنهايم جُن جنونه بعدما قمت بتدمير أسياد الحرب الخاصين به، خلال أسبوع واحد جمع جيش مكون من عشرات الملايين من البراعم و أرسلهم إلى هنا لينتقم منك، لكن كان هنالك عدة فيالق هنا بالفعل و تمكن اخوتي و بقية الجينرالات من صد الهجوم الذي أستمر لأكثر من شهر، بعدها بدأ هجوم مضاد شامل ضد الأب الشجرة شارك فيه كل الفيالق و عادوا ليطعنوا بقوة في أراضي الأب الشجرة هوفنهايم، لكن هذه المرة بدون أي نوع من كبح الذات، خلال العامين حشروا الأب الشجرة و كل براعمه المتبقين في منطقة صغيرة حول جسده الحقيقي و حالياً الحرب ما تزال قائمة هناك، سمعت أن عشرات أو حتى مئات الآلاف من الجثث تسقط هناك يومياً بدون فرصة للراحة بين الطرفين. أخوتي يأتون إلى هنا كل فترة لزيارتك، لكنهم سرعان ما يعودوا إلى ساحة الحرب مجدداً.”
ثم بدت زارا و كأنها تذكرت شيء، “..اوه، هنالك بضع أجسام مكونة من الجذور حاولت أن تدخل الخيمة من تحت الأرض، لكن المصفوفات رصدتهم و منعتهم من إختراق أرضية الخيمة لذا حاولوا تشكيل تلك الأجساد حول الخيمة، لم نعلم ما هي نواياهم لذا أمرت الحراس بتدميرهم جميعاً بمجرد رؤيتهم. أحدهم جاء أكثر من مرة و قال إنه يود التحدث معك فقط، لكننا أخبرناه أنك في تدريب مغلق و إن عليه ترك إسمه و التراجع حتى تخرج بنفسك من الخيمة، هو بالفعل تراجع، لكنه رفض ترك اسمه.”
“أجساد من الجذور؟ هذا يذكرني بتجسيد هوفنهايم.. هل يحاول التواصل معي ليستسلم؟” عقد روبين حاجبيه قليلاً، ثم فكر بشيء و عاد لينظر نحو زارا، ” ماذا عن بقية الآباء الاشجار؟”
“هنالك صمت يعم الكوكب منذ ذلك اليوم، لدينا اشخاص يراقبون حدود مناطق سيطرة بقية الآباء الأشجار، لكن لا يوجد تحركات كبيرة. العم بيلي يتواصل كل بضع أيام عن طريق خاتم الصوت ليطمئن عليك و أخبرني مؤخراً أن الاب الشجرة ديكارت بدى و كأنه تخلى عن الحرب، مع أنه ما يزال يرسل جيوش لإيقاف العم بيلي، المقاومة لا تذكر مقارنةً بالماضي، لذا تمكن العم بيلي من السيطرة على منطقة هائلة من الأب الشجرة ديكارت بمساعدة الفيلق الخامس فقط.”
“الاب الشجرة ديكارت… ذلك الأب الشجرة لم يدخل معنا في حرب حياة أو موت مثل هوفنهايم إلا أنه في نفس الوقت تذوق جزء من قوة جيشتنا من خلال الفيلق الخامس، ربما تكون لدينا ثغرة هناك.” أخذ روبين ينقر على فخذه بضع مرات حواجبه معقودة
ثم وقف بسرعة بعدما بدى وكأنه تذكر شيء، ” أين جابا؟!”
الموضوع التاليالموضوع السابق
شكرا على الفصل
شكرا