“حسناً، حسناً، دعنا لا نبالغ كثيراً هنا.” لوح روبين بيديه و هز رأسه، ” البشر هم أبناء الكواكب المدللين و الكوكب يدفع عباقرة البشر نحو استكشاف طرق تدريب الطاقة، كيف جاء في بالك شيء كهذا؟ هذه النظرية يمكن تكذيبها بسهولة لسببين، السبب الأول هو أن طريقة تدريب الطاقة الداخلية ليست صعبة جداً أو شيء ملئ بالألغاز، مركز تجمع الطاقة موجود عند جميع المخلوقات الذكية في منطقة أسفل السرة و على أحدهم إكتشاف إستخدام تلك المنطقة فحسب، و عندما يكتشف أحد أن تلك المنطقة يمكنها تخزين الطاقة سيعمل فوراً على إيجاد طريقة لتجميع الطاقة من محيطه و بعدما يصل لحد معين من القوة، فلنقل المستوى 10، لن يستطيع التقدم أكثر إلا بتعلم قانون سماوي، و بعدها سيكون عليك إكتشاف المزيد حول ذلك القانون لتترقى قوتك أكثر، عند هذه النقطة يكون لديك نظام طاقة داخلي متكامل! العملية سلسة و مُرتبة و تحتاج فقط لمرور الوقت و تراكم خبرات للوصول لها ليس إلا، الموضوع ليس غامض و يحتاج تنوير خاص أو شيء كهذا…”
“…أعلم أنك لن تقتنع و ستسأل إن كان اكتشاف نظام تدريب الطاقة الداخلي سهل جداً لماذا لا يتمكن بقية المخلوقات من اكتشافه، لابد أن لروح الكوكب علاقة بالموضوع، صحيح؟ إذاً دعنا ننتقل للسبب الثاني و الذي هو أوضح حتى، البشر هم أبناء الكواكب المدللين؟ البشر فعلاً متواجدين في الكواكب الاربعة، لكن كيف حالهم؟ تمت إبادتهم في كوكب المزرعة، يتم حالياً إبادتهم في كوكب جرينلاند، و يتم تربيتهم في مزارع في كوكب نيهاري للخدمة و الطعام، الكوكب الوحيد الذي نجى فيه البشر و تطوروا هو كوكب يورا لأنه لسببٍ ما لا يوجد فيه سوى البشر! أهكذا يعامل الكوكب أبناءه المدللين؟ لو هذا هو الحال فأنا أمثل كل البشر عندما أقول إننا لا نريد أن نُدلل!!”
تدخل جابا بسرعة، “لكن ما دخل الكوكب بهذا؟ كل البشر عند نقطةٍ ما يكون لهم اليد العليا، لكن لسببٍ ما كل مرة يقوم خائنٍ ما بتسريب طريقة تدريب الطاقة الداخلية و تحصل مشدات داخلية تضعف جانب البشر، ثم يأتي جنس آخر حاقد على قوة البشر فيقوم بتدميرهم. البشر كل يوم يتسلموا هبة تمنحهم تفوق صارخ، لكن كل مرة يفقدوها بأنفسهم، ألا يمكنك إعزاء تدمير البشر في الكواكب الثلاثة إلى غباء قاداتهم؟”
“يمكننا ايضاً إعزاء تفوق البشر إلى عبقرية أبنائهم. لماذا نقول ان الكوكب هو المسؤول عن الأشياء الجيدة، لكنه نلصق الأشياء السيئة بالبشر؟ هذه سخافة. أنظر الأفضلية المطلقة لدى الترينت هنا، لو كان أحد الأجناس هو الإبن المدلل لروح الكوكب فهم الترينت!” رفع روبين كتفه قليلاً.
روبين كان رافض بشكل قاطع القبول بحقيقة أن الكواكب لها يد في الموضوع، ليس لأنه متأكد أن الأمر مستحيل بل لأن كل ما يعرفه عن روح الكوكب مبهم لأقصى درجة، كيف يمكن لروبين تعليق أي شيء مثير للريبة على إرادة روح الكوكب؟ ألن يكون هذا كسلاً؟
حك جابا رأسه لبضع ثوان، ” حسناً هي في النهاية مجرد نظرية قابلة للصواب و الخطأ، فالنترك السبب على جانب حالياً و نركز في النتيجة الواضحة ألا وهى أن البشر متواجدين في كل الكواكب و هم دائماً أول من يكتشف طرق التدريب، هل يمكننا الإتفاق على هذه النقطة حتى الآن؟”
“اتفق. لكن ماذا بعد؟ هذا بالضبط ما قلته لنفسي عندما فكرت في الموضوع و صُدمت بنفس الجدار، في النهاية هى مجرد معلومة مثيرة للإهتمام، لكن لا يمكن إستخدامها في شيء عملي نظراً لتدني مستوى قوتنا الحالية و مستوى فهمنا البسيط للكون، كل ما يمكننا فعله هو تركها جانباً و نسيان الأمر.” قهقه روبين عند سماع هذا.
“جيد! على الأقل لدينا الآن نقطة يمكننا المضي قدماً منها.” صفق جابا فجأة ثم أخرج حجر شفاف مسطح من خاتمه الفراغي و مرره إلى روبين.
أمسك روبين بغير إهتمام و انتظر جابا ليشرح ما هو هذا، لكنه فجأة رفع حاجبيه قليلاً عندما رأى ان اصابعه تضخمت عدة اضعاف عندما نظر لها من خلال الحجر، عندما قلب الحجر للجانب الآخر وجد انغ أصابعه ما تزال بنفس حجمها، و الآن الحصوات على الارض هى التي أصبحت تبدو أضخم!
هنا تدخل جابا، “هذا يدعى حجر القمر الكاشف، عندما تنظر من خلاله ستجد أن لديه القدره على تضخيم الأشياء لعشرة أضعاف حجمها الاصلي، اهل جرينلاند هنا يستعملونه للكشف عن وجود الحشرات الدقيقة جداً و نسب مكونات الأعشاب عندما يقوموا بعمل عجين الجروح أو حبوب العلاج، إن وضعت أكثر من حجر قمر كاشف أسفل بعضهم سيتضاعف تأثير التكبير حتى يصل لمئات الاضعاف بسهولة!”
اومئ روبين برأسه عدة مرات مبتسماً، “هممم هذا فعلاً غرض مفيد لعمل الأبحاث، أنت لن تحتاجه الآن بما أن لديك عين الحقيقة الآن، لكن على يبدو أن اختيار الحقيقة لك لم يكن من فراغ، عن ماذا كنت تبحث من وراء ظهري، هاه؟”
” في الحقيقة خلال السنوات الأربعة التي تلت الحرب لم يكن لدي الكثير لفعله، بخلاف إمساكي زمام الامور أثناء المعارك الكبرى، الضباط كانوا يتكفلون بكل شيء آخر لذا كان لدي وقت فراغ كبير.” حك جابا رأسه قليلاً و هو يبتسم بإحراج، “بالعودة لموضوعنا، عندما وصلت لفكرة أن البشر لهم مكانة خاصة عوضاً عن بقية المخلوقات قررت أن أبحث في الموضوع أكثر حتى لا أعرض الموضوع عليك و أضيع وقتك الثمين بدون أدلة. أول فكرة جائت في خاطري هو مقارنة البشر ببقية المخلوقات الذكية لأرى أن كان هنالك فارق ملموس بيننا..”
“..في البداية لم أصل لأي شيء، فالشكل الخارجي ليس مقياس، و الأعضاء الداخلية أيضاً متشابهة جداً من حيث مبادئ العمل هى فقط تختلف في أماكن تواجدها و ربما حجمها حتى تدعم شكل الجسم، قلت لنفسي أن هذا بالتأكيد ليس الفارق الوحيد. لكن لم يكن لدي وسيلة للبحث بشكل أكثر عمقاً آن ذاك، حتى قرأت بعض التقارير من المقر عن عادات و تقاليد البشر في جرينلاند و تعرفت على حجر القمر الكاشف، و حينها بدأت مرحلة جديدة في الإستكشاف..”
عند هذه النقطة وقف جابا و ذهب لجلب 4 أوعية مغلفين بإحكام بطرق خاصة، ثم شد طاولة و وضعها أمام روبين و وضع الأوعية عليها، ثم بدأ يزيل التغليف بدقة، إتضح سريعاً أن الاوعية الاربعة تحتوي على دماء، ” هنا يوجد عينة من دمائي عندما كنت ما ازال أملك جسد عملاق نيهاري، و عينة من دماء آخان من جنس النجميين و جنس الاقزام، بالإضافة إلى عينة من دماء أحد الشباب من عائلة بورتون، مُعلمي، رجاء خذ وقتك و استخدم حجم القمر الكاشف لفحص هذه العينات وأخبرني برأيك.”
الموضوع التاليالموضوع السابق
شكرا على الفصل
شكرا