“… دعني استوضح منك هذا، انت وجدت ان هنالك طاقة هائلة تنتج من تدمير الجزيئات المتغيرة، و ان تفجير الجزيئات المتغيرة في نقطة دم واحد قام تفعيل اصبعك و انت شخص لديك جسد بقوة نصف خطوة إمبراطور! فـــ قررت ان تجمع كل تلك الطاقة المتفجرة داخل جسدك بدلاً من ان تجد طريقة لتهدئة الانفجار؟” بدى روبين و كأنه يتفاهم من ابنه ذا العامين و يحاول ان يعرفه خطأ بهدوء بدلاً من ان يقوم و يوسعه ضرباً
حك جابا رأسه بضع مرات، “اممم اجل، لكن ما هى خياراتي الاخرى؟ لو تركت الانفجار يحدث كما يحلو له فطبيعي ان يخترق جسدي اثناء خروجه و أنا سأموت بالتأكيد و لن يبقى في جسدي بخار دم حتى، الحل الوحيد هو اجد طريقة تجعل جسدي مرن لتحمل تلك الطاقة لفترة معينة و اثناء تلك الفترة اُخرج الطاقة من جسدي بطريقة اخرى آمنة لا تقتلني.”
اومئ روبين بضع مرات، ” و طبعاً الطريقة الأمنة التي تتكلم عنها كان إستخدام تلك الطاقة الهائجة لتدعيم هجومك على سيد الحرب، صحيح؟”
“بالضبط!! لو سمعت للإنفجار بالحدوث لكان مسح سيد الحرب و الفيلق السادس و المنطقة كلها، لكن للأسف لأني استغرقت نصف ساعة و انا احاول اخراج الطاقة بطريقة آمنة قدر الامكان ضعفت قوة الطاقة الانفجارية بشكل كبير و تمكنت من ايقاف سيد الحرب فقط بدلاً من قتله، لولا مجيئك في النهاية لكان الوضع ليتحول لكارثة…” هز جابا رأسه بضع مرات، هذا فعلاً لم يكن في حسبانه
رفع روبين حاجبيه قليلاً، “لكن هذا ما يزال مذهل، تقنية يمكنها الابقاء على طاقة كافية لتدمير مدن داخل الجسد لفترة معينة، أليست هذه فكرة رائعة؟ لا عجب انه لم يكن لديك الجرأة على تجربتها فوراً خوفاً من الناتج و فقط الجرأة لديك تحركت عندما وجدت نفسك في ذلك الوضع ضد سيد الحرب، فقمت بتفجير جزيئات الطاقة المتغيرة في جميع انحاء جسدك ثم إستخدمت تلك التقنية الثانية لقمع الطاقة الناتجة داخل جسدك و عدم السماح لها بالتسرب، و بالتالي حصلت على قوة هائلة لفترة محدودة، حتى لو كان اخراجك لتلك القوة بتعقل جعلها اضعف فهى ما تزال اوصلتك لنفس قوة سيد الحرب او اقوى حتى! همم.. كيف كان شعور الحصول على قوة نطاق امبراطور مستوى متوسط؟ رائع ها؟”
مع انه بدى كمديح إلا ان جابا شعر بقشعريرة في صدره، ” رجاءً هدئ من غضبك، اعرف ان ما فعلته كان مخاطرة كبيرة”
“مخاطرة.. كبيرة؟ يقول مخاطرة كبيرة!!” كاد روبين يقوم ليصفع جابا على رأسه لكنه قاوم حاجته لذلك و جلس مكانه بصعوبة، بدى و انه يحارب داخلياً ان لا يقوم و يبرح جابا ضرباً
“انظر، ألست بخير الان؟ كل شئ سار على ما يرام.”
“…هوووف~ اسمع يا ولد، سأصرف نظر عن هذه الحماقة و اعتبرها طيش شباب و حماس لأنك وجدت لعبة جديدة، لكن لو اردت اكمال طريق الابحاث فإياك ان تكررها.” هدئ روبين نفسه و تكلم ببطئ
“لكن–”
“لا تُلكني! الحظ حالفك فحسب، الباحث يجب ان يظل حياً حتى ينقل علمه للناس لا ان يخاطر بحياته، سحقاً، لهذا ليس من الطبيعي ان تجد شخص يحب القتال و يعمل كباحث في نفس الوقت، الاثنان تقريباً يستحيل ان يتجمعا معاً… هل تقول لي انك لو استمررت في البحث لبضع سنوات اخرى ما كنت لتجد طريقة اقل مخاطرة و ذات نسب نجاح اعلى؟ لو حدث و انفجر جسدك و تحول لبخار ذلك اليوم كان اسمك سيُمحى من عقول الناس في غضون ايام، و ربما ستبقى في عقول من يحبونك بضع سنوات قبل ان تُنسى ايضاً، و هوفنهايم كان سيخسر سيد حرب واحد على اكبر تقدير!”
“…اسف.” خفض جابا رأسه و تفوه بكلمة واحدة، هو ان يعرف ان ما قلته روبين صحيح في النهاية، لكنه ما يزال كان يطمع في شئ اخر…
“… هيه~ لا داعي لتخفض رأسك، ارفعها، إرفعها حتى تخترق عنان السماء، مع اني لم اساعدك كثيراً لكن اسمح لي ان اقول انك فخري! فقط التقنيتين التي ذكرتهم بشكل عابر يكفوا لتخليد اسمك كباحث عبقري، هل من السهل التحكم في الطاقة على هذا المستوى الدقيق، أو من السهل الاحتفاظ بتلك الطاقة الهائلة داخل الجسد بدون التسبب في انفجار داخلي؟ انت حققت بمفردك و في بضع سنوات اكثر من الذي حققه مختار السماء الاول في مجال بحث الدم و هو كان يستخدم عين الحقيقة. الطريق امامك مفتوح على مصرعيه، لكن عليك ان تبق حياً اولاً، جرب مرة و اثنان و ثلاثة و مئة على اعدائك قبل ان تطبق على نفسك! لو كنت طاوعت نفسي و تسرعت في اي طريق مشيت فيه لكنت مت الف مرة بحلول الان!”
رفع جابا رأسه و نظر نحو روبين بعينان لامعتان، واضح ان عليهما طبقة من الدموع، فقط بعد بضع ثوانٍ اظهر ابتسامة لطيفة بدت دخيلة على وجهه القاسي، ” شكراً لك، سأتذكر كل كلمة.”
هذا هو..
هذه الكلمات من مُعلمه، هذا الإعتراف بقدرته..
هذا هو ما كان يقوده للأمام خلال السنوات الماضية.
شعور انه خذل مُعلمه لم يفارقه ابداً… مختار السماء الثاني استلم كتاب فيه بعض التعاليم و الخبرات و كان كفيل بجعله مختار السماء الثاني المعروف، لكن هو اخذ المعلومات من مُعلمه الذي كان ما يزال على قيد الحياة و ظل يتعلم لعشرون عام و مع ذلك لم تقبله الحقيقة، ما مدى الغباء الذي يجب ان يكون عليه حتى يحصل شئ كهذا؟
لذا في النهاية قرر اخذ خطوة للوراء و التدرب على الجاذبية و التحول لجينرال للدفاع عن معلمه مختار السماء الثالث، و ترك منصب التلميذ الحقيقي، وريث الحقيقة، مفتوح حتى يقبل روبين بواحد اخر يستحقه، هذا هو كان السبب الرئيسي وراء قراره آن ذاك، لم يرد من معلمه ان يضيع عليه المزيد من الوقت و يستمر بوضع الأمال عليه!
يدرس الجاذبية حتى يساعد في الحرب؟ هذا هراء، حتى بدون نظام الطاقة الداخلي جابا كان قوي بما يكفي وقتها لمسح الارض بأي جندي اخر في جيش روبين!!
هو فقط اراد الاختفاء في الخلفية، يعطي فرصة لروبين ليتجنب احراج امتلاك تلميذ كهذا..
لكن روبين لم يتخل عنه او يعامله بطريقة مختلفة بعدما سلك مسار الجاذبية، بل اعترف به كتلميذ مرارا امام الجميع و رفع مكانته ليكون الثاني فقط بعده في كامل الإمبراطورية، وضعه حتى قبل ابناءه!
كيف يستمر في تلطيخ سمعته؟ كيف يسمع بأن يقول سكان اربعة كواكب ان تلميذ الإمبرطور مجرد جينرال إضافي في الجيش مثله مثل العشرات غيره؟
يجب ان يقوم بشئ فريد ليُقال هذا هو المتوقع من التلميذ الذي اختاره معاليه الإمبراطور، يجب ان يحفظ لمُعلمه و لنفسه ماء الوجه حتى ولو على حساب حياته!
و قد كان.
تعب البحث لمدة اربع سنين بينما كان في نفس الوقت يقود جيش في كوكب غريب؟ الألم الذي تعرض له عندما كانت الطاقة الانفجارية تفتك بجسده من الداخل للخارج؟ عين الحقيقية المبدئية التي إكتسبها اخيراً؟
كل هذا يهون الان، كل هذا نُسى و كأنه لم يكن… لقد سمع اخيراً ما كان يريده.
الموضوع التاليالموضوع السابق