في مكان ما داخل اراضي الاب الشجرة ديكارت–
*سووش* *سووش* هبط شخصان على حافة غابة كثيفة، احدهما كان اشقر يرتدي ثوب ابيض نظيف، و الاخ كان يرتدي زي عسكري، لقد كانا روبين و بيلي
“هل وصلنا بعد؟” سأل روبين واضعاً يداه خلف ظهره، لقد كانت رحلة طويلة من المقر إلى هنا لم يستريحوا خلال اكثر من نصف ساعة كل مرة
نظر بيلي حوله اكثر من مرة ثم اومئ، ” إنن، حسب معلوماتي فهذه الغابة مهجورة و لن يزعجنا فيها احد، يمكننا عقد الاجتماع هنا بلا شك.”
“جيد.” روبين اخذ بضع خطوات ليدخل الغابة بعدها جلس على الارض سانداً ظهره على احد الاشجار، ممداً احدى ساقيه بينما ثني الاخرى و وضع يده عليها، ثم تكلم بصوت منخفض، ” ديكارت، اعلم انك تراقبنا منذ وصلنا دائرة سيطرتك، يمكنك الظهور الان.”
*ووووش*
الطاقة المحيطة بدأت تتجمع حتى شكلت بؤرة طاقة صغيرة ثم نبتت جذور من الارض فشكلت ما يشبه الهيكل العظمي، ثم تساقطت بعضاً من اوراق الشجر المحيطة لتغطي الهيكل و تعطيه المظهر الخارجي
“الامبراطور القادم من العالم الاخر، روبين بورتون، اخيراً نلتقي.” الجسد المصنوع من الاوراق بدأ يتكلم بصوت ناعم مهدئ لمن يسمعه، ” لم اتوقع ان تأتي وحدك بدون حراسة، ربما علي اعادة تقييمك قليلاً…”
“دعني اوضح شئ لمصلحتك، الامر ليس و كأني جرئ ولا اخشى الموت انا ببساطة واثق من قدراتي في المغادرة بدون خدش في اي وقت، حتى لو وقفت رأساً على عقب لن تتمكن من إيذائي بسهولة، على الاقل لن تتمكن من منعي من الهرب، انا متأكد من هذا و انت ايضاً يجب ان تتأكد من هذا جيداً…” لوح روبين، ثم رفع اصبعه و اشار نحو التجسيد امامه، ” أهذه هى جنودك؟ لطيف… المهم، سمعت انك لا تقاتل بجدية منذ ظهرت الفيلق الخامس في اراضيك، حتى انك طلب هدنة كاملة مؤخراً لحين لقائك بي، ما الذي تريده؟”
“يمكنني ان اسألك نفس الشئ، اثناء حربك مع هوفنهايم ارسلت فيلق واحد ليقاتلني مع انك تعرف ان انتصارهم مستحيل، حتى انك اخترت هذا السيد المتعقل كجينرال الفيلق، ما الذي تريده؟” تجسيد الاب الشجرة ديكارت رد بسرعة
نظر روبين و تجسيد الاب الشجرة لبعضهما لبضع ثوان اضافية قبل ان تظهر إبتسامة ذات مغزى على وجه كلاً منهما، اجابة السؤالين كانت واضحة لكلاً منهما لكن بعض الاجابات يجب ان تقال حتى تنتقل المحادثات للنقطة التالية
“لا بأس، دعني افسر إذاً… الفيلق الخامس كان وسيلة لأدعك تختبر قوة جيشي و تنفذ عليهم ما شئت من خطط و استراتيجيات، اردت ان اريك القوة الساحقة لرجالي حتى تفقد الامل في الفوز و توقن انه إن اعلنت الحرب عليك لن تفلت، و في نفس الوقت لم ارد ارسال جيش اكبر او اضغط عليك اكثر من اللازم حتى اترك فرصة لكلانا للتراجع خطوة بدون خسارة وجه، رؤيتك هنا اليوم تجعلني اخمن اني نجحت.” تكلم روبين بإسترخاء
ظل تجسيد الاب الشجرة ديكارت مركزاً عيناه على روبين لبضع ثوانٍ، هذا فعلاً ما حدث..
خلال السنوات الماضية كان يمكن لديكارت شن هجوم ساحق بكل قوته يدمر به الفيلق الخامس لكنه لم يفعل ذلك، فهو يدرك ان هذه الحرب المصغرة ما هى إلا جس نبض من الطرفين و تدمير الفيلق الخامس يعني انه سيواجه جيش اكبر بعدهم
لذا هو اكتفى بإرسال جيوش نباتات بنفس حجم الفيلق الخامس في البداية، ثم اكبر منهم بضعفين ثم ثلاثة ثم عشرة اضعاف، كل مرة ينفذ خطط جديدة و يجرب اسلحة جديدة ليجد نقطة ضعف الفيلق الخامس، لكن بلا فائدة..
الفيلق الخامس ببساطة كان عبارة عن صخرة و جنود ديكارت كانوا مجرد بيض.
حتى جنود المشاة في الفيلق الخامس كانوا فرسان، و الاسلحة التي في ايديهم و تلك الطلاسم و التنوع الكبير في القوانين داخل الفيلق الواحد جعل قتالهم صعب جداً!
مع انه تمكن من قتل اكثر من 60 الف جندي من الفيلق الخامس طوال حرب الست سنوات، الحرب ايضاً اسقطت الملايين من جنوده القدامى و كسحت تقريباً 10% من اراضيه.
لو تم تضخيم ساحة المعركة عبر ارسال المزيد من الجنود من الطرفين، فالخاسر هنا يمكن تحديده بسهولة.
إلا لو اختار احد خيارين…
الاول هو ان يظهر ان يظهر الأسلحة و الخطط التي كان يعدها للتعامل مع الاباء الاشجار الاخرين، في هذه الحالة قد تكون امامه فرصة ضد روبين لكن كل اوراقه ستُكشف امام الاباء الاشجار و سيكون كالعاري امامهم
الثاني هو ان يقوم بالتضحية بنسبة من صقله للكوكب لصنع سيد حرب، طبعاً هو لا يريد اتخاذ خيار كهذا لكنه يبقى السلاح الرادع إن تطورت الامور.
طبعاً حتى هذا الأمال الفارغة انهارت بعدما انتصر جيش الغزاة على جيوش هوفنهايم و سحق كل خططه و اسلحته، كما ان امبراطورهم روبين قام بتدمير ستة اسياد حرب بنفسه و في لمح البصر!
لهذا بعد تدمير اسياد الحرب الستة حبس بقية الاباء الاشجار انفاسهم طوال العامين، فحتى لو رصدوا انهيار روبين ايضاً لم يجرؤوا على الهجوم، فحتى لو انهار روبين ما يزال جيشه موجوداً، فرد واحد من ذلك الجيش، جابا، تمكن بمفرده من ايقاف سيد حرب و تدميره تقريباً قبل وصول روبين بقليل، لذا فمن الامن القول ان صنع سيد حرب واحد لن يؤثر على الجيش الغازي ايضاً، أسيكون عليهم صنع عدة اسياد حرب مثل هوفنهايم؟ مستحيل، من مجنون يضيع 200 الف عام من عمل حياته بهذا الشكل؟!
طبعاً خيار التحالف معاً ما يزال موجود، الاباء الاشجار صحيح انهم يكرهون بعضهم و يفضلون السلام البارد بينهم حتى ينتهي امر البشر، إلا ان تحالف حقيقي لم يعد أمر بعيد جداً بل و طُرح اكثر من مرة بالفعل…
اغراق الجيش الغازي بالجنود من كل جانب يجب ان يكون كافياً بالقضاء عليهم او كبحهم اماكنهم على الاقل، لكن السؤال هو هل يمكن الوثوق ببعضهم؟
فعلة هوفنهايم كانت ابسط مثال ان هذا مستحيل… اثناء صنعه لأسياد الحرب هو قال بنفسه انه سيستخدمهم للقضاء على بقية البشر و الاباء الاشجار بعدما ينتهي من الغزاة، مع ان الاباء الاشجار غضبوا من سماع هذا إلا انهم لم يلوموه، ألم يكونوا جميعاً ليفعلوا المثل؟
اليوم ان قام ذلك التحالف و اختار الاباء الاشجار الستة قتال الغزاة للنهاية، من يضمن ان احدهم لن يطعن البقية في الخلف في اللحظة الحاسمة؟ من يضمن ان كل واحد من الاباء الاشجار سيحرك جيشه بالكامل و لن يخفي اوراقه الرابحة؟ و لو كل واحد منهم اخفى اوراقه و أبقى على جيش كبير ليحمي نفسه، إذاً ما فائدة التحالف اساساً؟!
و لهذا الاب الشجرة ديكارت طلب مقابلة اليوم.
*الحرب بمفرده ستكون خاسرة، و الحرب في التحالف مجهولة النتائج، فلما لا اسمع ما لدى رئيس الغزاة اولاً؟* او هكذا فكر..
“اجل، رسالتك وصلت بنجاح و صوت عالٍ، ما يزال لدي اشياء لم اجربها بعد لكن لن يكون هنالك رجعة بعدها، لذا اردت ان اسمعك اولاً، و ها نحن ذا، ما الذي تريده بالضبط؟”
اعتدل روبين في جلسته قليلاً و نظر في اعين تجسيد الاب الشجرة مباشرةً، ” القوة… انا اريد القوة يا ديكارت.”
الموضوع التاليالموضوع السابق