“… تسك~” توقف روبين عن العد قبل ان ينطق الرقم واحد، و اكتفى بإظهار ملامح مزعجة
“هاها اهلاً بك اخ فوغون، اهلا بقبيلة غضب الشمال معنا!” وضع بيلي يده على قلبه للحظات ثم ضحك بصوت عالٍ، الارتياح كان ظاهر في صوته
بقية الجينرالات و الضباط في اومئ نحو زعماء القبائل الثلاثة بحسن نية، هم يعلمون مقدار الألم و قوة التحمل الذي يجب ان يتحلى بها المرء ليأخذ قرار كهذا، فجميع الحضور تقريباً جربوا هذه اللحظة فوق التل الاخضر…
أما إليزابيث فتبسمت و وضعت يدها على الطاولة، الخشب بدأ يلتئم مجدداً و الخدوش الذي صنعها الخنجر عن حدود القبائل الاربعة قد اختفتى، الان كل ما تبقى كان قطعة ارض واحدة تمتد شرقاً في اراضي هوفنهايم و شمال غرب نحو اراضي ديكارت، و على الجوانب اراضي القبائل الاربعة إنصهرت معهم… حدود الإمبراطورية على كوكب جرينلاند قد تشكلت اخيراً.
*سووش*
“…هيه~ عن نفسي كنت افضل قبول استسلامك بعد بدأ الحرب و اضمك لجيشي كجنود على ان اقبل اعلان ولاء مجموعة حمقى مثلكم الان و اضمكم كمسؤولين و اتباع عالي الشأن، لكن لسببٍ يبدو ان رجالي هنا متعاطفين معكم و يريدونكم معنا، لذا…” روبين القى ثلاث الواح قسم نحو زعماء القبائل بدون ان يكثر الكلام، “…انتم تعرفون ما عليكم فعله.”
زعماء القبائل الثلاث، او حالياً يمكن القول الجينرالات الثلاث، لم يضيعوا وقت ايضاً و قاموا بتلو قسم بسيط للولاء و عقوبة صريحة للمخالفة و هى الموت، ثم رفعوا الألواح للأعلى بكلتا أيديهم و هم ما يزالوا راكعين، ” نحن رعايا امبراطورية البداية الحقيقية نحيي معاليك.”
روبين اومئ ثم لوَح بيده مجدداً فطارت ألواح القسم و لفافات المكافئات إتجاهه، ألواح القسم عادت لتدخل خاتمه الفضائي، و اللفافات اُحرقت في منتصف الهواء حتى تحولت غبار و طارت بعيداً، ” عودوا لأماكنكم، سنستأنف الاجتماع.”
“حاضر.” وقف الزعماء الثلاثة و وقف خلفهم اتباعهم ثم عادوا لمجالسهم، بعضهم كان يبدو عليه الحزن و اخرون ما يزالوا لا يعرفوا ما الذي فعلوه للتو، لكن كان هنالك شئ مشترك على وجووهم جميعاً… الهدوء.
لقد وجدوا سلامهم الداخلي مجدداً، الان سواءً هُزموا او انتصروا لا يهم، لقد اختاروا جانب و انتهى الامر.
اما روبين بأرسل نظرة تأنيب سريعة نحو بيلي، قبل ان يعود لينظر نحو أليكساندر، ” الجميع منا الان، تكلم… هل هنالك مشكلة في الجيش؟”
“رداً على معاليك، انها ليست مشكلة بقدر ما هى شئ علينا التعامل معه عاجلاً ام أجلاً…” رد أليكساندر الذي كان ما يزال واقف، ثم اكمل مباشرة بعدها، “… هنالك شريحة كبيرة من الجنود في فيلقي يريدون العودة لعائلاتهم.”
“إن سُمح لي بالتدخل، ارغب بالقول ان هذا حدث في فيلقي ايضاً خاصة بعد الحصار، هنالك الكثير من الشباب الذين يريدون رؤية امهاتهم و حبيباتهم، الاباء الذين يريدون رؤية اطفالهم و زوجاتهم، حتى اليتامى قالوا بالحرف انهم يريدون شم هواء كوكب يورا و تذوق طعم النوم في الليل الحالك مجدداً.” اومئت إليزابيث
“فيلقي حدث فيه نفس الامر.”
“فيلقي ايضاً..”
“و انا ايضاً!”
عقد روبين حاجبيه بشدة، هو لم يحسب ان حرب توحيد جرينلاند ستتعرقل من بدايتها بهذا الشكل…
طبيعي بعد اي حرب ان يتفكك الجيش و يعود الجنود لأهاليهم محملين بالغنائم ليؤمنوا لهم حياة افضل او يستكملوا التجارة او الفلاحة التي كانوا يمتلكونها، خاصةً ان حرب جرينلاند استمرت لـ 6 سنوات، و قبلها قضى الجنود نحو 3 سنوات اخرى يتدربوا في القارة المركزية، للأسف مطالبهم مشروعة…
“…ألدى احدكم اقتراح؟” فرك روبين جبهته و سأل
وقف قيصر و نظر إلى وجوه الاشخاص الجالسين حول الطاولة، ” لابد ان معظمكم يتابع الوضع في كوكب يورا، مع انه يمكن تجاهل سكان قارة السلف بسبب رفضهم للتجنيد بشكل قاطع، إلا ان القارات الاربعة ما تزال تنتج مستخدمي قوانين كل يوم و تعداد الاشخاص الذين اعربوا عن نية الانضمام للجيش منهم حتى الوقت الحالي وصل 4 ملايين تقريباً. اقترح ان نجمعهم و نعطيهم تدريب مكثف لمدة 6 اشهر و نجلبهم إلى هنا، و بعد وصولهم نُرجع الجيش الحالي إلى الوطن ليستريحوا و ينقلوا خبراتهم للجيل الجديد.”
بعدما انتهى قيصر وقف العجوز غو، ” اقتراح الاخ قيصر جيد، لكن هذا ليس افضل حل… جيشنا الحالي لديه خبرة قتالية مرعبة، ألا تعتقدون انه سيكون من المؤسف لو عادوا للتجارة و الفلاحة؟ وبالنسبة للجيش الجديد، هل سيتمكنوا من الصمود امام جيوش كوكب جرينلاند مجتمعة؟ هم سينهاروا في اقل من عامين! ثانياً بالفرض انهم صمدوا، ألن يطلب الجيش الجديد ان يعود للديار بعد بضع سنوات ايضاً؟ شخصياً اقترح ان نُجزء الجيش لـ 3 اقسام، و نرسل كل قسم لكوكب يورا لمدة 3 اشهر فقط ثم يرجع لنا، و بعدها نرسل الجزء التالي، و هكذا..”
بعدما جلس قيصر و العجوز غو، وقفت الجينرالة كاسيا ليفان قائدة الفيلق التاسع، كانت امرأة في منتصف العمر ترتدي ملابس محتشمة و هنالك نظرة جادة تعلو وجهها، “من وجهة نظري المتواضعة، كلا المقترحين من الاخ قيصر و الاخ غو جيدين كحل قصير المدى، لكن دعونا لا ننسى مصاريف الذهاب و الاياب بين الكواكب، لو اعتمدنا احدى الطريقتين فنحن سنصرف على نقل الجنود اكثر مما سنكسبه من الحرب و هذا غير منطقي ابداً.. انا لدي اقتراح سيكون مُكلف من ناحية الوقت قليلاً لكنه دائم، ارجو من الجميع الاستماع لصدرٍ رحب.” ثم نظرت نحو روبين و كأن تنتظر إذنه قبل ان تستأنف كلامها
لكن عينا روبين كانتا فاقدتا التركيز كلياً، بل يمكن القول انه فقط تركيزه منذ النصف الثاني من كلام قيصر.
النصف الاول كان جميل، فهو عرف ان رقم الجنود المتاحين قفز من 2 لـ 4 ملايين، لكن هذا ليس مفاجئ جداً ففي خلال هذه السنوات الست كان هنالك اولاد اعمارهم 10 سنوات اصبحوا الان في الـ 16، حتى لو كان الجيل القديم عديم الفائدة فهو اوصى بزيادة النسل، و بمرور الزمن سيتضاعف حجم الجيش بهم! لكن كلام قيصر كان يحوي شئ اخر قلب رأسه بالكامل…
التقرير الذي قرأه عن كوكب يورا كان جامع لأهم الاحداث فقط و مثلاً ذكر ان الكوكب حالياً فيه 2 مليون مستعمل للقوانين، لكن لم يذكر توزيعهم بين القارات، هل تم تجاهل احصاء قارة السلف بسبب رفضهم التجنيد؟ او ربما هم يرفضوا التعاون مع مختصي الاحصاء من الاساس..؟
إتضح ان سكان قارة السلف يتم تجاهلهم بالكامل، و هذا بسببه و ليس بسبب انعدام موهبتهم؟! يعني.. لو نتكلم من حيث الموهبة فـ 4 ملايين متدرب من حوالي بين مئتي مليون شخص يسكنون القارات الاربعة ما تزال ليست افضل نتيجة، لكنها قطعاً افضل من 4 ملايين من بين مليار و نصف!
ليس و كأنه يجهل بسبب رفض سكان قارة السلف الإنضمام لجيشه، كيف لا يعلم إلى اي مدى يكرهوه؟ لقد أذاقهم الجحيم لسنوات. و لهذا السبب ايضاً هو وضع قانون يمنع اياً منهم من الوصول لنطاق حكيم إلا بعدما يقسم على الولاء له!
تجاهلهم للنداء العسكري الان.. أهذا يعني انهم ضعفاء و لا يستخدمون التقنيات التي وزعها عليهم، أم انهم يستخدموها و هنالك الان عشرات الملايين من الفرسان و القديسين في قارة السلف الذي يرفضون الانصياع لإستدعائه؟
هل تحولت قارة السلف إلى قرية كبيرة يريد كل سكانها الرعي و الفلح و التجارة، ام انها عبارة عن بركان خامل…
الموضوع التاليالموضوع السابق