في نفس الوقت— في مكان بعيد جداً— في احدى أروقة قلعة ضخمة

*اضطراب* *اضطراب*

“…هل جاء والدي بعد؟”

“لم يتم استدعائنا بعد، لذا… لا، سيدتي، لا يبدو انه قد حضر بعد.” فتاة ترتدي درع حرب انثوي و تخفي معظم وجهها بضمادات انحنت قليلاً و تكلمت بأقصى درجات الإحترام

في العادة هى لا تتصرف بهذه الرسمية مع سيدتها، لكن هذا واجب عليها عندما يكون هنالك احد اخر في الجوار، و في هذه الحالة، يوجد العشرات من الحراس المتراصين حولهم.

“اوه…”

“…سيدتي، انتي تقفين هنا منذ ساعات، ألم يخالك الملل؟” بعد فترة قصيرة من الصمت، سألت الفتاة ذات الدروع
سيدتها لم ترد مباشرة، بل اطالت النظر في الافق و كأنها لما تسمع شيئاً.

في الخلف، خادمتها لم تستطع إلا ان تحدق فيها هى، مجرد وقوفها هناك كان يبدو كمشهد جميل يحكى عنه في الاساطير… شعرها الابيض الخلاب بالاخص كان جاذب للنظر، مع انه مربوط بدبوس إلا انه بدى و كأن كل خصلة منه تقدر بكنوز الدنيا. ترتدي قناع اسود لا يظهر منه سوى عينان حمراوان كالياقوت و شفتان اشد منها حمرة، ترتدي فستان اسود واسع و مع ذلك يظهر قوامها الممشوق، لا يكشف منها شئ سوى جزء بسيط من رقبتها لتظهر بشرة ناعمة بيضاء لكن ليس لدرجة الشحوب.

اطالت الفتاة ذات القناع النظر نحو الافق لفترة اضافية، ثم نطقت مبتسمة بصوت هادئ: “…ابداً لن امل منه.”

“هل يمكنني ان اسأل لماذا، سيدتي؟ انا اجده…” الفتاة ذات الدروع نظرت نحو الافق من خلال نافذة الممر الضخمة، و لم يخطر في بالها سوى كلمة واحدة: “مرعب.”

هذه القلعة تم بنائها على اعلى قمة جبل في الكوكب، مقاييس بنائها غير طبيعية ابداً، فكل من يتحركوا بداخلها هم بنفس حجم البشر، و مع ذلك هنالك غرف بحجم قرى و قاعات بحجم مدن، هذا الرواق العشوائي التي توقفت فيه الفتاتان كان سقفه بإرتفاع ثلاثون متراً و عرضه المِثل، يكفي ليمر فيه جيش و ليس مجرد رواق عشوائي للتنقل بين الغرف!

و مع ذلك فتلك المقاييس الخانقة لم تكن شئ في نظر تلك الفتاة ذات الدروع، فأمامها الان وهى تنظر من خلال احدى مئات النوافذ الضخمة على طول الرواق، منظر يخطف القلوب و الانفاس…

شمس الكوكب كانت تتراقص~

بإختصار، الشمس هى عبارة عن نجم مستقر يقع على مسافة معينة من الكوكب، أي كوكب يحتوي على حياة يجب ان يكون بالقرب من نجم مستقر ليكتسب منه الضوء و الدفئ و يرتبط بجاذبيته. لو كانت المسافة بينهم بعيدة جداً، قريبة جداً او لو كان النجم غير مستقر فسيتحول الكوكب الحي لمجرد كويكب، صخرة عائمة بلا هدف.

اما ما يراه الاثنان يناقض ذلك المنطق… شمس هذا الكوكب لم تكن مستقرة بتاتاً، لقد برأوا بأعينهم انفجارات برتقالية تحدث على سطح الشمس، رأوا هالة رمادية اللون تخرج من باطن الشمس و تغلف تلك الانفجارات لتقمعها… ثم رأوا انفجارات اخرى رمادية تحدث و رأوا الطاقة البرتقالية تقمعها!

في العادة عندما تبدأ هذه الانفجارات تقوم القوتين بإيقاف بعضهما البعض على سطح الشمس، لكن في بعض الحالات، ربما كل بعض شهور او كل بضع مئات من السنين، احدى الانفجارات من القوتين تتمكن من الافلات من القوة الاخرى و تتجه نحو الكوكب على شكل حزام من الطاقة.

عندما يضرب الحزام البرتقالي الكوكب تحدث موجة حارقة في كل مكان يلمسه، تقنياً يموت الفانون مشويين بشكل فوري، الحياة العشبية تُباد و تنصهر بعض الصخور… يمكن رؤية اثار الحرق بشكل ملحوظ من السماء، حيث يكون هنالك خط هائل من النار يقطع نصف الكوكب!

اما عندما يلامس الحزام الرمادي الارض، فتلك الارض تتحول لأرض موت.

على الاقل لو كنت عندما يصدمك الحزام البرتقالي قد تتمكن من تحمل الحرق و تهرب، لو كنت قوي جداً لن تصاب بشدة، على الاقل الحياة العشبية ستخرج بشكل افضل لأن رماد سابقتها تعمل كسماد لها… اما في المنطقة التي تلامس حزام الطاقة الرمادي، لا يهم ان كنت بشر او وحش او نبات، كل شئ يتلاشى فحسب.

*زفير* “لن تفهمي مهما حاولت التفسير…” الفتاة ذات القناع تنهدت و هى تتابع انفجارات الشمس.

عندما بدأت *رقصة الموت* هذه اول مرة قبل ملايين السنين حيث بدأت تنتج تلك الطاقة الرمادية المرعبة، ظن السكان انه شمسهم تموت و انهم لاحقون بها لا محالة، إلا انه حصل امر عجيب بأن طاقة الشمس البرتقالية بدأت تقاتل و تحدث توازن، لينتج في النهاية هذه الشمس البرتقالية السوداء الفريدة من نوعها.

بالطبع هذه المعركة الشمسية أدت لموجات وراء موجات من الانقراض على سطح الكوكب، لكنها ادت ايضاً لتغيير في الناجين، تلك الشمس بمفردها انتجت شعباً قوياً لديه ألفة استثنائية نحو قانون سماوي كان يُقال انه يستحيل استخدامه، و الذين بدورهم أقاموا مَجرة فريدة من نوعها.

لذا ففي اعين الفتاة ذات القناع، هذا الحدث الخارق للطبيعة التي تراه عيناها، هو اصل كل شئ حولها، هو البداية.
*اضطراب*

“اوه لا…” الفتاة ذات الدروع اخذت خطوة للوراء تلقائياً، رقصة الموت هذه المرة لن تمر على خير، لقد أفلتت احدى الانفجارات الرمادية و هنالك حزام طاقة يتجه بسرعة نحو الكوكب، “يجب ان اخبر الجميع!!”

“لا داعي، لن يهتم احد… فقط استمتعي بالمشهد.” الفتاة ذات القناع لم تبدو مهتمة كثيراً

بالفعل الحراس الذين يملأون الرواق و يقفون بجوار كل نافذة لم يتحركوا خطوة او ينظروا ورائهم حتى، بالنسبة لهم هذا امر طبيعي… الحزام الرمادي سينزل و يحصد بضع آلاف ، عشرات الاف، او حتى مئات الالاف من الارواح، ما المشكلة في ذلك؟ ليس و كأن سكان الكوكب لم يعتادوا على ذلك بعد.

لا يهم كم عام مر منذ اول رقصة موت، لا يهم مدى تطور السكان الحالي… ذلك الحزام الرمادي يحتوي على قانون الدمار الرئيسي، توجد بضع ابتكارات صُنعت لتحذر الناس من مكان هبوط حزام الطاقة، ربما بضع مصفوفات دفاعية وُضعت على الاماكن شديدة الاهمية كهذه القلعة، لكن هذا كل شئ.

“هممم؟” في هذه اللحظة ضيقت الفتاة ذات القناع عيناها الحمراوين، لقد ظهر شخص فوق القلعة.

ذلك الشخص كان يقف في منتصف الهواء بهيبة غير طبيعية، جسده متوسط الطول و البنية، لديه شعر رمادي يصل لكتفه، و مع ان ملامحه لم تظهر بالكامل من تلك الزاوية إلا انه يمكنه الملاحظة من جلده المشدود و عظمة فكِه المرسومة انه شخص وسيم يبلغ الاربعين بحساب عمر الفانون.

ذلك الشخص نظر للأعلى مبتسماً، ثم تفوه بأكثر شئ متغطرس يمكن لشخص قوله، “لا ليس اليوم يا شمس ديسترا، كيف اسمح بهذا الشؤم و قد وصلت للتو؟”

بعدها مباشرةً دفع بكفه للأعلى نحو الحزام الرمادي الهائل.

*هممممممممم*

الكف الذي اخذ يتضخم بسرعة ارتطم بالحزام الرمادي و فوراً توقف الاثنان، بعدها تلاشوا فحسب بدون حدوث او انفجار او موجات طاقة، الكف كان يحتوي ما يكفي من قوة ليلغي الحزام بالكامل في استعراض غير طبيعي للقوة و الدقة اللامتناهيتين… كل شئ انتهى بدفعة من يده.

“همم؟” عندما شعر ذلك الشخص بأعين احدهم على ظهره، إلتفت فتبسم عندما رأى الفتاة ذات القناع تراقبه من النافذة، “هيلين، مر زمن طويل.”

الفتاة ذات النقاب، هيلين، امسكت بفستناها من الطرفين و انحنت قليلاً، “لقد تأخرت، ابي.”

================
لدعم هذا العمل مادياً:

باي بال: paypal.me/eslam997

دفع فيزا مباشر موقع كوفي : https://ko-fi.com/teamoney

اي محفظة كاش مصر: 01020451397

بايير: P1017229514

إجمالي دعم هذا الشهر: 55$.

+ اي 5$ فوق الـ 150$ الاساسيين = فصل اضافي.
~~~~

لدعم هذا العمل معنوياً لا تنس التعليق و الدعاء

~~~~~~~

الموقع القديم لمشاهدة الفصول القديمة:

novelxs.com/novel/lord-of-the-truth
~~~~~~

سيرفر ديسكورد لرؤية صور الشخصيات و متابعة مواعيد نزول الفصل:

https://discord.gg/AxDFN6uVTE

من Zeus

-+=