“…لم يأتينا اي تواصل من جيش الجينرال إليزابيث حتى الان، نخشى اننا قد فقدناهم.”
“…!!!” عندما سمع الخبر، فتح روبين عيناه على اخرها و حدق في وجه ليونيد و كأنه يرى انسان لأول مرة، لكنه سرعان ما نظر للأسفل مجدداً، محافظاً على نفس تعبيره الذي ينم عن الصدمة و بعض الهلع.
مر فترة ليست بالقليلة على مغادرة بعثات غزو الكواكب، كان عليهم تفكيك و اقامة البوابات فور وصولهم و تأمين محيط البوابات، و فور تأمين قطعة الارض المحدودة تلك و تفعيل البوابة ثم تسليم تقرير سريع يمكنهم الانتشار للسيطرة على الكوكب، ما مدى صعوبة ذلك؟ تفكيكهم للبوابة و عدم إقامتهم لها حتى الان يعني انه لم يتثن لهم ذلك، أي ان شئ اقوى منهم منعهم، اي ان كارثة قد وقعت.
لكن روبين لم يهتم بالكوكب نفسه ما إذا تم غزوه او لا، فحتى لو فُقدت بوابته يمكنه ارسال جيش جديد عن طريق سفن الفضاء، صدمته و الهلع الذي سيطر عليه كان لأنه يفكر في شئ واحد… *لو ماتت إليزابيث فهذا خطئي!!*
إليزابيث ليست طفلة، عمرها يفوق الـ 900 عام كما انها حكمت امبراطورية الشجرة المقدسة لما يقارب الـ 200 عام، كما انها لم تكن مجرد حاكم ضعيف بل كانت ند قوي لكل الإمبراطوريات الاخرى! …لكنها ليست مهيئة لكل شئ.
الحكام ليسوا سواء، كل حاكم في التاريخ لديه نقطة قوة معينة و نقطة ضعف… مثلاً أليكساندر تميز عهده بالنظام و الإنضباط، كل منظومات الامبراطورية كانت تسير على خط مستقيم بدون ان يجرؤ احد على التفكير في ارتكاب اي انواع الفساد.
فيكتوريا تميز عهدها كحاكمة بالتسيُب الداخلي، المناطق العشواية و الجرائم كانت في اوجها و الاقتصاد هبط بشدة، لكن الجيش وصل لذروة قوته مقارنة بأخر 10 الاف عام و هى نفسها كانت من اقوى الاباطرة الذين حكموا القارة، بألفة عالية لمسار المياة و اسلوب شديد العدائية اتجاه اي عقبة.
اما العجوز غو فعهده قضاه في سلام كُلي، إنعزل بالكامل عن الامبراطرويات البقية فلم يحاول اللعب معهم او الوقوع في مشاكل بشأن اي شئ متعلق بالقارة المركزية، و في نفس الوقت عرف شعبه معنى الثبات خلال تلك السنين، مع ان عهده لم يتميز بأي شئ جديد او مبهرج، إلا ان شعبه احبوه و حزنوا على اليوم الذي سلم فيه السُلطة لولدهِ.
اما إليزابيث… لقد أوصلت إقتصاد امبراطورية الشجرة المقدسة إلى قمتها داخلياً و عاش الجميع في رخاء، و انشأت شبكة تجسس عملاقة نشرتها في القارات الاخرى و استخدمتهم لإفتعال المشاكل و بدأ الفوضى حولها اكثر من مرة، لكن جيشها كان بدائي جداً، لم تحاول حتى تدريبهم او التفكير في خطط لهم و هذا ظهر جلياً عندما تم دمجهم في جيش امبراطورية البداية الحقيقية.
إليزابيث ممتازة كإمبراطورة سلام، ستُنمي مملكتها و تحكم بالعدل، الجميع سيحبها و يعيشوا حياة جيدة حتى انهم سيترفعوا عن ارتكاب السرقة و الفساد و غيرها من أفات المجتمعات لأنهم لن يكونوا بحاجة لذلك، لكنها لا تصلح كقائدة جيش، قبل رؤيتها لروبين هى لم تقد جيش ابداً في حياتها، و بعد تجربتها اكثر من مرة أوقن روبين من هذه الحقيقة: هى و العجوز غو يجب إبعادهم عن قيادة الجيش.
إبعاد غو بارنيت كان سهلاً، فهو عجوز بالفعل و يحب القراءة في هدوء، هو بنفسه طلب الانضمام لبرج فاتح السماء، لكن كيف يبعد إليزابيث عن اقرانها و يعطيها دور اقل بدون ان يكسر روحها؟
…روبين فعلاً هلع عندما سمع الخبر، لأنه كان يعلم انها لا تصلح ان توضع في مواقف كهذه و مع ذلك ارسلها في مهمة اخيرة لحفظ ماء وجهها بين اقرانها و امام عائلتها.
السؤال هو، لو كان اعطاها الخيار، أكانت ستذهب على اي حال و هى تعلم انها قد لا تعود، ام كانت ستختار الانسحاب؟
“معاليك… معاليك…” امال ليونيد رأسه للجانب و اخذ ينادي بصوت منخفض
“معك، معك… انا معك،” روح روبين عدة مرات، “تجاهلوا كوكب أر-3 في الوقت الحالي، لا يمكننا ارسال دعم سريع بدون البوابة على اي حال ولا يمكننا ارسال اي دعم كبير عن طريق السفن حالياً… لو كان رجالنا هناك ما يزالوا احياء سيجدوا طريقة للصمود، و ان قُتلوا جميعاً فلن يفيد ارسال المزيد من علف المدافع.”
“….” اومئ ليونيد مرتين ثم تراجع، كلمات معاليه قاسية لكنه الواقع.
اما روبين فألقى نظرة مجدداً نحو المارشال هاروس و من معه، هذه المرة الابتسامة المستفزة الواثقة لم تعد موجودة، بل حاجبان معقودان و دماً يغلي… بالكامل تمكن من تهدئة نفسه خلال بضع دقائق و عاد ليغلق عينه مجدداً، راجعاً لنطاق روح الكوكب.
-متبقي 4 ايام على بدأ المفاوضات-
——————–
بعد نصف يوم– كوكب أر 1
*سكريييييـ*!!!
“كاااااااااههـ!!!”
*بووم* *بووم* *بووم*
“……” جلس أليكساندر بإعتدال على مقعد خشبي بسيط، بعينان مفتوحتان، ظهر مفرود، و كفاه على ركبتيه بشكل مستقيم، يراقب اجواء المعركة…
هذا المنظر اصبحت مألوف جداً بالنسبة له الان، القتال لم يتوقف لحظة منذ وطئت قدمه الكوكب خاصة اثناء الليل حيث تنشط تلك الكائنات الشبيهة بالخفافيش.
حتى الان رأى أليكساندر منهم مئات الالاف بلا شك، كما انهم اتحدوا مع قوات امبراطورية الثعبان العظيم المتبقين على الكوكب و الذين يقدروا بحوالي العشرون الف جندي من اجل تنسيق هجمات شديدة الوطئة بدون توقف، حتى انهم نسقوا موجتين كل واحدة كانت تحتوي اكثر من 150 الف جندي!
اما تلك الموجات و الضغط العالي لم يكن بأليكساندر إلا تقسيم جيشه الصغيرة ليستريح بعضهم و يقاتل البعض، ثم يُعد بضع خطط للتقدم ببطئ شديد و تزويد الدفاعات في اي بقعة جديدة يخطوا فيها، امام كل تلك المخاطر و القتال المستمر تمكن بطريقةٍ ما بالسيطرة على 5% من مساحة الكوكب، و ما يزال يتقدم!
لكن…
*سووش* سيف ظل ظهر بجوار أليكساندر، “سيدي الحاكم، خسائر اليوم هى 571 جندي، و امبراطور قتالي واحد.”
“…” جفن أليكساندر إرتجف لكنه حافظ على ثباته الظاهري بطريقةٍ ما.
لقد خسر ثلث جيشه تقريباً حتى الان، لولا اسياد الحرب الثلاث و المصفوفات الدفاعية التي تُبني بإستمرار لتم سحقه بالفعل، لكن الجنود بداخل اسياد الحرب يموتوا من الارهاق حالياً، و موارد المصفوفات لا تظهر من الهواء بل تستنزف خزينة الامبراطورية و لا يجب ان يستهلكها بهذا الشكل!
لا توجد خطة يمكنها ان تعوض النقص العددي المهول، يمكنه حالياً التوقف عند اخر حدود قام بتحصينها و الدفاع عنها بسهولة، لكن مهمته هى اخضاع الكوكب كله!!
سيف الظل الذي لم يغادر بعد انحنى قليلاً بعد فترة تردد، “…سيدي الحاكم، اعتقد انه حان الوقت لنطلب الدعم.”
الموضوع التاليالموضوع السابق