إستغرقت الرحلة من دوقية برادلي إلى العاصمة اسبوع كامل
العربة الصغيرة التي يجرها حمارين بالكاد كان بإمكانها التحرك.. فهى مُحملة بالصناديق الثقيلة و الجلود و فوق كل هذا يجلس عليها العديد من الاشخاص ايضاً، روبين و زارا و الشبان الثلاثة، و القديسين الستة ايضاً!
فالرسل الخمسة و بيلي لن يطوفوا بجوار العربة لمدة اسبوع بالتأكيد..
“واااو…” زارا تعجبت من المنظر امامها، اخيراً العاصمة ظهرت امامهم.
الأسوار العالية السميكة و الأعلام التي تُرفرف فوق البوابات الضخمة، الحراس الواقفين بدروعهم اللامعة.. كل شئ كان يبعث على الشعور بالرهبة و الإحترام
وقف احد القديسين الخمسة عند رؤية هذا المنظر، ” سأذهب للتحضير لللقاء.” ثم طاف و توجه مباشرةً نحو البوابة
أما رئيس الرسل فنظر نحو روبين بإبتسامة، ” انا متأكد من انك ستحب هذه الزيارة و ستحب الحكيم ألبيرت يا سيد روبين، و هو ايضاً بالتأكيد يحترمك، لا اعرف لماذا.. لكن هذا كان جلياً في الطريقة التي وصانا عليك بها..”
إبتسم روبين لكنه لم يقل شيئاً، هو كان يعرف جيداً لماذا هذا *الإحترام*
وصلت العربة سريعاً للبوابة و إجتازوها بلا عوائق ثم توجهوا نحو القصر الإمبراطوري مباشرةً، لا يوجد جندي او مار واحد رأى العربة التي دخلت القصر و لم يتعجب مما يحدث…
حتى الرسل الخمسة كانوا يشعرون بالإحراج.. لكن هكذا تكون الحياة~
اخيراً وصلت العربة امام المبنى الخاص بالحكيم ألبيرت و كان القديس الذي تركهم قبل قليل في الإنتظار، ” تفضل معي سيد روبين، صاحب السمو في إنتظارك.”
“انتظر لحظة.” نزل روبين من على العربة و إلتف ليبحث بين الصناديق حتى أخرج صندوق معين كان قد جمع محتوياته بنفسه سابقاً، ثم تقدم نحو القديس مجدداً، ” حسناً انا مستعد، هيا بنا يا رفاق.”
عندما تقدم قيصر و البقية وراء روبين وقف احد القديسين امامهم، “لا لا هذه محادثة خاصة ليست حفلة! سيد روبين رجاءً تابع انت، انا سأنظم إقامة جيدة لرفاقك.”
اومئ روبين، “إمم معك حق، لا تنسى ان تعتني بالحمارين ايضاً!” ثم إلتف و أكمل طريقه وراء القديس حاملاً صندوقه الصغير
================
مشي روبين خلف القديس لبضع دقائق في المبنى الضخم، في كل خطوة يأخذها كان يتلفت حوله و يلاحظ كل شئ يمر بجانبه
المبنى ببساطة عبارة عن متحف ضخم! حتى البلاط و السقف مليئين بالأحجار النادرة و الرسومات العظيمة، اخيراً وصل أمام بوابة ضخمة،
طرق القديس على مرتين *طق طق*
“ادخل.” صوت قوي هادئ جاء من وراء الباب
دفع القديس البوابة و أدى إنحناءه كاملة مباشرة… خرج روبين من وراء القديس ليجد امامه شخص يبدو في الستينات من عمره، لكن عينه مُركزة و واضح عليه القوة الكبيرة مع انه كان يكتم هاتله.. بنظرة واحدة عرف روبين انه في مستوى حكيم
فإنحنى إنحناءه بسيطة هو ايضاً، “أحيي الحكيم ألبيرت.”
“إنن، تعال اجلس امامي يا روبين الصغير” أومئ الحكيم بإبتسامة عندما رأى هذا، بعدها وجه كلامه للقديس “اتركنا.”
تراجع القديس و هو ما يزال في وضعية الإنحناءه و اغلق الباب عليهما.
———————
مرت بضع ثوان منذ جلوس روبين أمام الحكيم ألبيرت، روبين ظل صامت ينتظر ان يبدأ الحكيم بما يريد الكلام بشأنه،
بينما الحكيم نفسه كان ينظر لروبين من الأعلى لأسفل بنظرات غريبة، بعدها تنهد و تعجب “مذهل.. مذهل..”
“هل لي ان اسأل ما هو المذهل يا صاحب السمو؟” سأل روبين بإبتسامة
“مصادري تقول انك انت هو نفسه روبين بورتون الذي يفترض ان عمره قرن و نصف، لكنك تملك جسد شاب يافع لا شك في هذا، حتى انا كحكيم لا يمكنني إكتشاف ثغرة لمعرفة عمرك الحقيقي”
قهقه روبين ” و لماذا تأكدت اني نفسه ذلك الروبين؟ ربما اكون الاخ الاكبر لقيصر و يكون روبين بورتون مُعلمي ايضاً.”
“لا تحاول حتى، لدى أدلة و شهود كثر عن هويتك و عن انك مصدر كل تلك الطلاسم و انك حتى مصدر تلك الحبوب التي بيعت في المزاد السنوي لدوقية برادلي،
دعني اخبرك.. انت فاشل في التخفي! لا اصدق انك سمحت لكل اولائك القديسين و الفرسان بمعرفة هويتك طالما كنت تحاول التخفي، أكنت تعتقد انهم ملائكة و سيحفظون السر؟”
“هيه~ ربما انت من اساء فهمي يا صاحب السمو..”
“كيف؟”
“لو اردت فعلاً التخفي لكنت عِشت كولد عادي في أحد الأزِقة ما كنت ذهبت لعائلة برادلي من الأساس، لو اردت التخفي لما إستعملت نفس إسمي، لما أعلنت عن إسم *قيصر بورتون*امام الملئ و لما و سمحت لعائلتي بالإعلان اني ما زلت حياً”
عقد الحكيم حاجبه قليلاً، ” أتخبرني انك لم تحاول إخفاء هويتك؟!”
” بل حاولت.. لكن هذا نِسبي! بما انك تعرف كل شئ عني بالفعل دعني اشرح لك وجهة نظري… كل ما كنت افعله كان لصنع موضع قدم ثابت في المستوى الأعلى قبل ان اخذ الخطوة التالية،
مثلاً في البداية انا برهنت على فائدتي لعائلة برادلي عن طريق تقنية الشعلة البيضاء و عن طريق طلاسم النار قبل ان احاول التعاقد معهم، و برهنت لعائلة بورتون على فائدتي عن طريق كل ما سبق بالإضافة إلى الإعتماد على قوة عائلة برادلي و عن طريق طلاسم الظلام، و الأن…”
“و الأن ماذا؟” قالها الحكيم بقوة
“هاها لا تستبق كلامي يا صاحب السمو، انا لست احمق لأقول ان عائلتي بورتون و برادلي يحميانني او شئ كهذا، أعرف ان معك القوة المُطلقة.. لكن دعنا نقل ان سيادتك عرفت ما انا قادر على فعله لهذه المملكة و لدي حسن ظن انك لن تسئ معاملتي.”
العبوس على وجه الحكيم تفكك و ضحك لأول مرة منذ بدأ اللقاء، ” صحيح، انت قدمت خدمة كبيرة لمملكة الشمس السوداء، و انت هنا لنتكلم اكثر عن طرق اخرى يمكنك إفادتنا بها..”
عند هذه النقطة أرجع روبين ظهره ليستند على الكرسي بالكامل و تكلم بثقة، “بالطبع يمكنني زيادة التعاون ليشمل العائلة الملكية لمملكة الشمس السوداء! لكن… لدي شروط.”
الموضوع التاليالموضوع السابق