“انت.. ماذا تعني بكل هذا؟ أكُنت تُطعمني الوهم طوال هذه الفترة؟” الغضب كان بادٍ على ملامح الدوق، الكُتيب في يده أوشك على التهتك من شدة قبضته عليه

“اولاً، انصحك ان تخفف قبضتك على الكُتيب لأني لن أكتب غيره… ثانياً، انا فقط اشرح لك حقائق حتى لا ترجعها و تكتشفها بنفسك ثم تعتب علي، انا هنا اشرح لك كل شئ وجهاً لوجه و بهدوء…

بالطبع يمكنك عمل مصنع الخاص للطلاسم سيد جالان، هل اخبرتك انه مستحيل؟ انا فقط اخبرك انه عليك اولاً: اختيار عُمال تكون قوتهم الروحية المولودون بها تكون اقوى من المعتاد، ثانياً: تصبر عليهم حتى يعتادوا على العملية، ثالثاً و الأهم.. إختر اشخاص موثوقين يمكنك السيطرة عليهم حتى لا يتم تسريب تقنيتي، لأنه لو تسربت… دعنا نقل ان هذا سيحزنني منك اكثر.”

لم يكن لجالان رد على الجملة الاخيرة، ففي الطريق اخبره إدوارد ان مبعوثي الحكيم ألبيرت وصلوا و يريدون إصطحاب روبين للعاصمة، واضح ان من سرب اخباره شخص من كبار عائلته او احد الاتباع المُقربين جداً الذين كانوا يأتون لأخذ الطلاسم…

النصيحة الثانية طبيعية ايضاً، هو كان يعرف انه لا يمكنه الحصول على نتائج فورية

لكن الأولى… فقط القديسين تكون أرواحهم قوية بما يكفي لمعرفة مستوى القوة الروحية للشخص الذي أمامهم،

هذه *القوة الروحية* لم يُلقى لها بالاً من قبل، فحتى من لديه قوة روحية كبيرة قد لا يكون له مستقبل جيد في التدريب، حتى هذه اللحظة كان يتم إعتبارها ان تعطي صاحبها ذهن أصفى و ربما عِلم اكتر بالمحيط حوله
لكن كلمات روبين الأن وضعت أصحاب الروح الأقوى في مكانة مختلفة تماماً.. لقد فتح لهم تخصص جديد!

في عائلة برادلي يوجد اثنان فقط لديهما قوة روح اعلى من المتوسط، لكن بالطبع حسب كلام روبين هذا لن يكفي لفتح مصنع لتغذية جيش..

لكن ايضاً جعل القديسين يمشون في الشوارع يستكشفون المواهب ذات الارواح القوية لم يكن بالشئ العملي، و حتى إن إستكشفوا واحد إضافي سيكون عليهم التأكيد من ولاءه الأبدي قبل تسليمه تقنية جوهرية كهذه!
لقد فهم الان كلام روبين لم يكن لإحباطه، بل انه يحاول إعادته للواقع فعلاً… هذا لن يكون سهلاً ابداً.

“هيه~ حسناً حسناً، بهذا تكون قد أوفيت بوعدك.” إستسلم جالان اخيراً وأعلن، و فك قبضته من الكُتيب اخيراً

إبتسم روبين و أومئ، “جيد، الأن كل إلتزاماتنا أمام بعضنا قد إنتهت، لا يوجد ما يربطنا ببعضنا.”

هذه الجملة فاجئت جالان، “ماذا تقصد بلا يوجد ما يربطنا؟ لا يعجبني هذا الكلام…”

” في الحقيقة انا كنت اتحدث قبل قليل مع العمة ميلا و القديس إدوارد حيال سبب تواجدي هنا، و انا فعلياً لا اجد سبب إضافي للبقاء، لذااا…” عند هذه النقطة صمت روبين و رفع كتفيه، المعنى واضح و لا يوجد ضرورة للكلام اكثر…

“… طالما كلامك في الموضوع معهما منتهي، فلن افتحه مجدداً، انا فقط أمُل ان إنعدام الإلتزامات بيننا لا يعني إنعدام العلاقات ايضاً، ما يزال يمكنني تقديم الكثير لبعضنا.”

“هاها بالطبع دوق جالان، عندما احتاج لمساعدتك مستقبلاً سأتي بعروض إضافية، لكن إن كنتم تريدون علاقة جيدة معي في حالات غير هذه.. فهذا يعتمد على ما يمكنك تقديمه.”

عقد جالان حاجبه، ” ماذا تقصد بكلامك؟”

إبتسامة روبين اختفت، ” عندما إحتجت لكم بجانبي لم توافق على المساعدة بدون تقديم تنازلات مني، صحيح؟ لا تفهمني بشكل خاطئ فأنا لا اقصد القول ان هذا خاطئ، فأي احد مكانك كان ليطلب المثل، لكن المعاملة بالمثل… عندما احتجتك قدمت تنازلات، إن كنت تريد مني إمدادك بالمزيد من إبتكاراتي عليك ايضاً تقديم تنازلات.”

جز جالان على أسنانه و سأل، ” تنازلات مثل ماذا؟”

“هاها هذا يرجع لمدى إجتهاداتك، و إلى أي مدى تريد ان تبقى منخرطاً معي.”

نظر قديسي برادلي الثلاثة لبعضهم بنظرات كلها معاني، لكن لم يقل احدهم شئ اخر

عندما رأى روبين هذا، أومئ و اكمل كلامه مبتسماً، “حسناً إذاً، طالما تم تصفية كل العوالق بيننا فإعذروني، سأذهب لأحزم حقائبي و اذهب للقاء الحكيم ألبيرت.”

“… هذا ليس إتفاقنا.” ميلا قالت متتعضة بصوت منخفض

إستغرب روبين من كلامها و عقد حاجبه، “عذراً؟ عن أي إتفاق تتحدثين، انا لم أتفق معكم ان اعطيكم كل شئ أبتكره بدون مقابل! انا-..”

“هذا ليس ما كنت تقصده!! انت اتفقت معي انك ستبقى هنا في المؤسسة لخمس سنين… يجب ان تحترم كلمتك على الاقل!” صوت ميلا كان حاد جداً و جاد، واضح انها كانت تتعرض لحالة ذعر

ملامح روبين هدأت و صمت لبضع ثوان، ” هذا الإتفاق كان مُلزم من ناحيتك، ليس مني.. انا أعفيك من هذا الإتفاق، لم تعودي بحاجة لحمايتي لخمس سنوات.”

“لكن..” ميلا كانت على وشك قول شئ اخر، لكن والدها وضع يده على كتفها و أومئ لها ان لا تكمل في هذا الحديث.. لم يكن امامها سوى ان عضت شفتيها و صمتت.

وقف روبين و اخذ بضع خطوات إتجاه غرفته ثم وقف و نظر للخلف مجدداً، ” لا تغادر يا بيلي، انت سترافقني.”

هذه الجملة أسعدت بيلي كثيراً، بل جعلت القديسي الثلاثة من عائلة برادلي ينظرون إتجاهه بنظرات مليئة بالحسد، لكنهم في النهاية تنهدوا و غادروا واحداً وراء الاخر…

—————————
خلاص ساعتين تم جرد المنزل بالكامل، أي شخص يخص روبين تم وضعه في صناديق مختلفة الأحجام

أوراق.. طلاسم منتهية.. جلود وحوش من مختلف الألوان و المصادر، المنزل كان عبارة عن متحف صغير!

بعدما إنتهى الستة من جمع كل شئ في المنزل بدون ترك قشة، توجهوا للمنزل المجاور

فتح روبين الباب فوجد القديسين الخمسة جالسين في غرفة المعيشة منتظرين كمان اخبرهم، فحياهم ” أرجو انكم لم تملوا بعد، رجاءً أنتظروا قليلاً بعد فقد أوشكت على الإنتهاء.”

“اوه لا عليك ايها الاخ الصغير، لقد أُمرنا ان نعاملك بأعلى درجات الإحترام، يمكنك إتمام ما تريد قبل المغادرة.”

أومئ روبين بإبتسامة، ثم بدون قول كلمة اخرى، دخل خلفه الشبان الثلاثة و زارا ثم بيلي، و بدأوا يفعلون المثل هنا..

إستغرب القديسين الخمسة كثيراً من المشهد أمامهم، فـ هم قد أتوا لدعوة روبين للقاء أميرهم، لم يخبروه انه سيغير مسكنه كله!

في ظرف نصف ساعة اخرى كانوا قد جمعوا كل شئ في صناديق ايضاً و وضعوها على عربة جيش في الخارج كان بيلي قد ذهب و جلبها قبل قليل

عندما إنتهى التحميل اخيراً ذهب روبين للقديسين الخمسة، ” حسناً هيا بنا.”

عندما خرج القديسين و رأوا العربة الكبيرة التي جلس عليها روبين، عرفوا ن حظهم السئ تمكن منهم هذه المرة..

جاؤوا ليأخذوا روبين بمفرده في رحلة منفردة قد تكون بضع ساعات، لكنهم تورطوا في مرافقة عربة بطيئة ستأخذ أياماً او حتى اسابيع حتى تصل للعاصمة..

لكن في النهاية تنهد رئيسهم، ” حسناً حسناً لا يهم، هيا بنا.”
—————-

من Zeus

-+=