مرت السنين في لمح البصر.. روبين الأن عمره 120 عاماً، شعره كله تحول للأبيض مع لحية خفيف و وجه ملئ بالتجاعيد، لكن بنيته ما تزال قوية و عينه ما تزال مُركزة

إستطاع مؤخراً إحراز بعد التقديم في مسار الحقيقة مما مكنه من متابعة عمله بشكل أكثر سلاسة، ففي خلال هذه الفترة وصل عدد القوانين الثانوية التي كشف عنها إلى 131 و قام ايضاً بإتقان المستوى الأول لعدة قوانين اخرى ! نسبة نجاحه في اكتشاف القوانين و كشف عن حقائقها إرتفع بشكل كبير مؤخراً مما جعل روبين يتأكد انه في الطريق الصحيح

تثائب روبين بعدما انهى كتابة بضع ملاحظات في مخطوطة و ألقاها جانباً ثم تمطع و خرج من الكهف ، اخذ نفس عميق ثم نزل ليتمشى كعادته في وقت العصر من كل يوم..

بعد بضع خطوات بدأت اصوات الوحوش و الطيور تصدى في انحاء الوادي، كلهم ينبؤون بعضهم ان شبح الموت بدأ يتحرك.. لم تتوقع تلك الوحوش محتلفة الانواع في حياتها ان تتعاون ، لكن وجود روبين جعلهم مرغمين على التنسيق فيما بيننهم للهرب من مخالبه!

“اخرسوا! انا اريد لحم طاووس الدم اليوم، فليغرب اي كائن اخر قبل ان اغير رأيي! هاي انت، اين طواويس الدم ؟” صاح روبين بعلو صوته، ثم اشار لغوريلا ملكية بالقرب منه، الذي فزع بدوره و أشار نحو جهة معينة

هدأت كل الوحوش فجأة عندما عرفوا انه كتبت لهم النجاة ليومٍ اخر، ما عدا صرخة مهتاجة و كلمات بلغة غير مفهومة وجهها طاووس الدم الخائف للغوريلا الملكية قبل ان يطير سريعاً ، الذي بدوره نظر بعيداً و بدأ يُصفر

ضحك روبين و نر بإتجاه الطاووس ثم يبدأ يركض خلفه.. مع انه يعتبر عجوز الان و في المستوى العاشر فقط، إلا ان اي شاب تحت المستوى الـ 14 لا يمكنه الحلم بمجاراته بفضل كمية القوانين التي تلصص عليها و التي أتقنها

اخذ يطارد الطاووس طوال الطريق حتى اقترب من حدود منطقة الوحوش الخارجية، عندما سمع صوت بكاء طفل على بعد حوالي مئة متر.. * نحن بالقرب من الحدود لكن هذه ما تزال منطقة محظورة، ما الذي يفعله رضيع هنا؟*

توقف روبين احد الاشجار لوهلة مما اعطى الطاووس فرصة للإبتعاد مسافة أمنة و اخذ يصيح بحماسة ثم إستدار و رفع لروبين الريشة الوسطى في جناحه، ” ايها الطائر الوسخ! سأجعل من ريشك وسادة قريباً” تلك الجملة التي سمعها من روبين أعادته لرشده و انطلق للأمام بأقصى سرعة.

أما روبين فوجه نظره اتجاه المكان الذي أتى منه صوت الطفل.. اقترب خلسةً فوجد امرأة معها سلة من القصب و فيها رضيع جالسان تحت شجرة كبيرة “…..انا اسفة يا بني، اعرف ان هذا جرم في حقك لكن أباك طلقني و لا يمكنني ان اصرف عليك.. افضل فرصة لي هى التخلي عنك حتى اجد لنفسي زوج اخر.. انا اسفة.. اسفة” صرخت المرأة و هى تبكي ثم تركت السلة خلفها و ركضت بإتجاه حدود منطقة الوحوش الخارجية

نية القتل ظهرت في رأس روبين فجأة لكنه كبحها، خبرته أخبرته مدى صعوبة الحياة على الفانون.. مرأة كهذه لن تتمكن من حماية إبنه حتى يكبر، على الاغلب كان سيتم القبض عليه و تحويله لعبد مبكراً لذا فقرار إطعامه للوحوش الان يعتبر أرحم له

بينما كان ينظر بإتجاه الطفل بهدوء يفكر ماذا سيفعل إقترب من الرضيع خنزير بري ضخم ذا عينان حمراوان ” اغرب من هنا ايها السمين، كيس اللحم ذاك مِلكي!”
فزع الخنزير عندما سمع صوت ملك الموت الشهير و ركض في الناحية المقابلة بدون ان ينظر خلفه

بعد وهلة اخرى قفز روبين من فوق الشجرة و اتجه نحو الرضيع و إلتقطه واجداً انه فتى ” اعتقد اني كنت بحاجة لشخص ينظف لي الكهف.. هذا سيخفف بعض العبئ عني ” عندما سمع نفسه ابتسم و هز رأسه ثم اخذ الرضيع و اتجه نحو الكهف.. حتى هو يعلم ان هذه الكلمات القاسية لم تكن ما شعر به فعلاً،

*يبدو ان السماء اشفقت على وحدتي اخيراً و ارسلت لي هذا الرضيع ليؤنسني في اخر ايامي..*

—————-
مرت عشر سنوات اخرى.. روبين الان عمره 130 و يقترب من نهاية حياته، لحيته اصبحت اطول و اكثر بياضاً و ظهره بدأ ينحني قليلاً، لكن سرعة اكتشاف و تحليل القوانين زادت اضاعفاً، ففي خلال هذه الفترة فقط كشف عن اكثر من 50 قانوناً و أتقن 3 جدد

هذا نتيجة التطور الواضح في مسار الحقيقة الذي فتح له بضع أبواب جديدة، لكن المسار نفسه ما يزال امامه حاجز شفاف لا يمكنه اختراقه، لكن هذا لم يعد يشكل فارقاً بالنسبة له.. لقد سلَم امره للموت.. ما يفعله الان سيتم توزيع على البشر قبيل موته حاملاً اسمه.. هذا يكفيه.

و مهمة توزيع هذه المخطوطات التي لا تقدر بثمن وقعت على عاتق قيصر الصغير.. الطفل ذو العشرة اعوام الذي وصل للمستوى السادس من اساس الطاقة بالفعل كان واقفاً بجوار المكتب الخاص بروبين داخل الكهف لمناولته ما يحتاجه ، نظر له روبين ” ما الذي تفعله هنا ايها الشقي، ألم اخبرك ان تمسك بثعبان ذا عين حمراء؟”

-“انه ملقىً في الخارج يا أبي”

=” إذاً إذهب و قم بسلخه جيداً، لا اريد اي قطع على الجلد و الا ستبخس ثمنه!”

-” هذا ايضاً تم يا ابي” ابتسم قيصر الصغير ابتسامة كبيرة رافعاً رقبته كأنه انقذ العالم

نظر روبين للفتى قبل ان يتنهد و يلعب في شعره .. هذا الطفل لم يعرف معنى كلمة طفولة، منذ صغره تربى داخل كهف محاط بوحوش من كل جهة، روبين علمه فنون القتال منذ كان في عمر الثانية و مع الوقت صب فيه كل معرفته التي جمعها خلال اكثر من قرن، مثلاً فعل عليه قانون يزيد من ذكائه و أخر يسرع من امتصاصه للطاقة من حوله.. هلم جراً~ مما جعله وحش صغير.. حتى هو الذي ولد عبقري لم يملك قوته عندما كان في مثل سنه

مما ساعد في تنشئة قيصر ايضاً هى سطوة *والده* حيث امر الوحوش في الغابة ان لا يهاجموا قيصر الا ان كانوا في نفس المستوى، لذا بمقدوره التحرك على راحته بدون القلق من وحش من ذوي المستويات العالية ان يفتك به

استمع لقيصر الصغير و هو يقص عليه كيف ترصد لفريسته العملاقة بذكاء ثم هاجمها بقوة و صرعها ارضاً، يلوح بيداه الصغيران بإستمرار بينما روبين يتصنع الإندهاش احياناً و يضحك بصوت عالٍ احياناً اخرى.. هذا الطفل أعاد له جزأً من البهجة و الحب الذي افتقده طوال عمره،

لكن للأسف.. عمره كصاحب 130 عاماً جعله مقدر له ان يرحل عنه قريباً

من Zeus

-+=