سماء المنطقة الشمالية–

نظرت شظية الروح السوداء للأسفل بنظرة انتصار و سخرية… الموقع الذي كانت تضع عينها عليه لم يكن بالشئ المختلف، المنطقة التي تحيط سفح جبل الحد الشمالي العظيم بالكامل مغطاة بالغابات الزرقاء شديدة الكثافة حيث كل شئ يبدو متشابه.

لكن في هذه النقطة التي تنظر لها تحديداً كان بالفعل هنالك شئ غريب… باب خشبي تمكن منه العفن.

“اووه؟ يبدو ان احدهم وجدك؟ و ليس منذ وقت قريب ايضاً، أهو محلي؟” نبرة السخرية تحولت للجدية على الفور

بغض النظر عن الباب الخشبي كان يوجد عدد من الوحوش في نطاق امبراطور متناثرون حول هذه النقطة، اياً كان الشخص الذي اكتشف هذا المكان فهو ما يزال متواجد في الارجاء و لديه طريقة للسيطرة على الوحوش عالية المستوى!

“هاها ليس واحد فقط.” الصوت الطفولي عاد بضحكة مغتاظة بجانبها، ثم نفحة من الهواء ارشدت شظية الروح السوداء للنظر في اتجاه معين… ان لم تكن تستطيع منع هذه الغريبة من ايجادها فعلى الاقل يجب ان لا تشعرها بالإنتصار.

تلك النقطة كانت مظلمة تقع تحت عدد من الاغصان الكثيفة، يستحيل ان ترى شئ فيها سوى بضع حشرات، لكن على من يخفى؟ على الفور رصد شظية الروح السوداء شيئاً، ” مستعمل لقانون الظلام الرئيسي… سيوف الظل عرفوا موقعك؟”

معلومات شظية الروح السوداء مقتصرة عن ما سمعته من جابا، فهى مثلاً تعرف الان ان هنالك منظمة خاصة تدعى سيوف الظل يستعملون قانون الظلام الرئيسي و مسلحين بأفضل الاسلحة التي يمكن لإمبراطورية البداية الحقيقية توفيرها، لكنها لم تعرف إلى اي مدى تغلغل هذه المنظمة في المنطقة الشمالية، و بالتأكيد لا تعرف عن هولاك او مختار السماء الثاني الذي قام ببناء هذا الباب الخشبي.

“مختار الحقيقة روبين بورتون لا يضيع وقت، انتظري حتى ارسل من يبلغه بحضورك و بما قلتيه لتلميذه جابا، سيدمر اتباعك و يقتل ذلك الخائن! انصحك ان تعترفي بالهزيمة و تنسحبي و انتي ما تزالي محتفظة بشئ من كرامتك.” صوت روح كوكب نيهاري عَلى ضحكاً، لكن في صريرها كانت تبكي و هى تتذكر الاتفاق بين هولاك و روبين.

“ما هى الحياة بدون بعض التحديات؟ هذا يجعل الامور اكثر اثارة فحسب.” إبتسامة ظهرت على وجهة شظية الروح السوداء، و ثم عادت للتركيز اكثر على سيف الظل، و بكل لحظة تمر تهدئ ابتسامتها اكثر حتى اختفت، “فقط انظري له، انه امبراطور يستعمل قانون اعلى درجة من قوانين العناصر، و بشكل نقي ايضاً، و مع ذلك ارصد تقييد روح قاسي اخذه عن رضا… الخنجرين على ظهره مصنوعين بالكامل من الأوراسيليوم مما يجعلها اسلحة ملحمية، طقم الدروع الاسود المتناثر حول جسده يزيده صلابة و قوة و سرعة و ملئ بالنقوش التي تساعد قانون الظلام الرئيسي بشكل مباشرة، الطقم ايضاً كله ملحمي.”

“يوجد على جسده عدة اوشام كتلك الموجودة على الوحوش و انصاف البشر تحمل نقوش تعود لمساري المياة و الحياة من الدرجة الثالثة حتى يكتسب قوة دفاعية اعلى و ترتفع احتمالية بقاءه حياً،” و لم تكتف بهذا، مباشرةً حولت نظرها نحو يده، “الخاتم في يده اليسرى هو خاتم فضاء و بالتالي هو مباشرةً يدخل تصنيف ملحمي بغض النظر عن المساحة بداخله، السوار في يده اليسرى يعمل على تعديل الجاذبية من حوله بشكل تلقائي، و أي اداة تعمل تلقائياً بهذا الشكل تفوق التصنيف العادي و تقترب من الملحمي… فقط الاشياء التي ذكرتها للان تجعل هذا الشاب مؤهل ليكون حارس شخصي لأي عائلة كبرى في النطاق المتوسط، لكنه هنا يراقب باب خشبي متعفن…”

ثم عندما كادت تنتهي اشارت نحوه مجدداً، “انظري! ذاك الخاتم في يده اليمنى يملك نقوش روح تعمل على نقل الرسائل الذهنية عن طريق بصمات الروح، كيف فكر روبين بورتون في شئ كهذا؟ بهذا الشكل ستقول ما تريد بدون ان تفتح فمك، الصوت سيصل نقي و في رأسك مباشرةً، سيتم ترجمته مباشرةً لو كان بلَغة اخرى، كما انك ستتلقى رسائل من الاشخاص الذي يعرفون بصمة روحك فقط بدون ان يتم ازعاجك… حتى في الحزام المتوسط لم نحصل على هذا النوع من التقنيات بعد! هل عدت للحزام الكوكبي اليافع حقاً ام تقدمت للحزام الكوكبي العتيق عن طريق الخطأ؟!”

“مختاري الحقيقة درجات، لابد انك قرأتي عن ذلك…” حتى روح الكوكب تنهدت

“…يبدو اننا كنا سنحظى بمزاحمة قوية في الحزام المتوسط في المستقبل القريب، من الجيد اني وصلت هنا مبكراً، قتل ذلك الشخص عندي يحمل نفس اهمية السيطرة عليكِ.” تنهدت شظية الروح السوداء ثم إستدارت و كادت ان تترك الكوكب اخيراً، لكن: “همم؟”

*شواااا*

اختفت شظية الروح السوداء من فوق الغابة الكثيفة، و عندما ظهرت مجدداً كانت ما تزل في المنطقة الشمالية، لكن المنظر تحتها تغير كلياً… كانت حالياً تطفو فوق خراب لا اول له ولا اخر.

الحطام متراكم اطلالا إمتزجت حتى صارت كجبال حقيقية، و الجثث فوق بعضها تلالاً تحللت حتى لم يبق سوى العظام و بعض الروث المتناثر الناتج عن نهش الوحش فيهم… الشئ الوحيد الذي يبين ان هذه كانت مدينة حقيقة و انها ليست مكب نفايات للكوكب كله هو انه كان يحطوها بقايا سور ضخم.

طافت الروح للامام قليلاً حتى وصلت لمنتصف المدينة المنكوبة، في هذا المكان كان الحطام على أشده و اثار معركة ضارية كان بيّن، و مع ذلك كانت هنالك بضع اعمدة منصوبة هنا و هناك، كان واضح ان هذا قصر ضخم و قد شُيد بمواد قوية
هبطت شظية الروح السوداء في مكان معين في القصر و اخذت تنظر حولها بحاجبين معقودين، “…روح كوكب نيهاري، ما الذي يعنيه هذا؟”

“…….”

“هنالك شئ قد يحصل هنا.. شئ لم يجدر به ان يحصل.” صوت شظية الروح السوداء اضحى اكثر جدية، هالتها اخذت في التزايد و عيناها المتوهجتان بالاحمر اخذتا تحومان حول تلك البقعة بجنون، ثم هدأت قليلاً و ظهرت إبتسامة صغيرة على وجهها، ” حسناً حسناً ماذا لدينا هنا، هنالك من كانت تدعوني بالغشاشة؟”

“…رجاءً لا تحاولي ان تتظاهري بأنك تعرفين ما جرى.” الصوت الطفولي ظهر مجدداً، مترددة هذه المرة.

“إنن، لا داعي للتظاهر فعلاً فهذا حصل منذ وقت طويل و لم تبق منه سوى اثار بسيطة، لكني اعرف ان التبليغ عن هذه الحادثة في احد الاكاديميات النجمية سيجلب لك بعض الانتباه الغير مرغوب، هذه المرة كونك في الحزام اليافع لن يحميك.” إبتسامة شظية الروح السوداء ازدادت

“…ماذا تريدين؟”

“الامر بسيط جداً، ابق على زيارتي هذه بيني و بينك، و عندما يأت احد اتباعي لصقلك عليك ان تساعديه، مفهوم؟”

“…مفهوم.”

“هاهاها!!” ضحكت شظية الروح السوداء بصوت عالٍ ثم تلاشت، هذه المرة غادرت كوكب نيهاري حقاً

تاركة روح الكوكب ورائها، التي تشكلت على هيئة طفلة بشرية ترتدي الكثير من الُحلي و الأسوار المصنوعة من الدرر، تلك الدرر ظلت تنظر نحو تلك البقعة، نحو ما كان يوماً قاعة للاحتفالات، لبضع دقائق، قبل ان تتنهد و تختفي مجدداً…

من Zeus

-+=