“هنالك بالتأكيد تفسير اخر يا سيد العشيرة.” اورزون اظهر إبتسامة مصطنعة

“أي تفسير؟ طيب كيف يمكنك تفسير ما حصل في عمالقة المنطقة الغربية؟!” ضرب جابا على الطاولة، كان يشعر بهلع شديد في هذه اللحظة

قبل فترة ليست بالبعيدة بُني الجسر الجليدي بين المنطقتين الشرقية و الغربية و نُقل عدة مليارات كائن ذكي، لم يكن بينهم عملاق واحد.

عندما ذهب جابا و بقية الشيوخ لإستقبال القادمين الجدد من المنطقة الغربية ذاك اليوم وجدوا وجووهم مسودة من الخوف و الفزع، بعضهم حتى كان يصرخ عندما يقترب شخص منه لمسافة معينة

لاحقاً بعدما هدأ الجميع عرف جابا ان العفاريت احكموا قبضتهم على المنطقة الغربية كلياً، و مع انهم لم يمسوا اولائك الاهالي بسوء، إلا انهم جميعاً قالوا انهم رأوا الجحيم و لم يدخلوه.

كل سكان المنطقة الغربية رأوا فظائع تحدث لجنس العمالقة، سواءً كان رجاء او نساء، رضع او شيوخ، اقوياء او فانون…

جنس العمالقة بالكامل تم التمثيل به في كل شارع و وسط كل ميدان.

كل *الاجناس المتدنية* يكرهوا العمالقة بعمق و هذا لا جدال فيه، لكن حتى هم اصيبوا بالاكتئاب و الرعاش اللا إرادي مما رأوه… البعض حكى لجابا انهم رأوا العمالقة معلقين من اقدامهم و يتم سلخهم احياء، بعضهم قال ان عدد كبير من عمالقة المنطقة الغربية ما يزالوا احياء إلا انهم يُعاملوا كالماشية و يتم اقتيادهم واحد تلو الاخر ليلقى مصيره كوجبة متحركة، بعضهم حتى قال ان بعض العفاريت الذين امتلأت بطونهم استخدموا العمالقة كوسائل ترفيه.

الفظائع التي سمعها جابا ذلك اليوم طاردته ذهنياً و نفسياً، لم يتمكن من النوم إلا بعدها بعدة ايام حيث سقط مغشياً عليه من الارهاق.

“ماذا عن عمالقة المنطقة الوسطى؟ ظاهرياً تم اعطائهم فرصة و ضمهم للجيش و حتى تسليمهم اسلحة، لكن عندما تم النزوح وصلنا تقريباً 30 الف عملاق.. كم كان عدد عمالقة المنطقة الوسطى؟ 200 مليون تقريباً؟!” عندما رأى جابا الجميع ساكتين صاح مجدداً، “عمالقة نيهاري انتهى امرهم كلياً في المنطقة الغربية حيث اُكلوا احياء، و تم اعدامهم و إلقائهم في المعارك غصباً في المنطقتين الجنوبية و الوسطى حتى اصبحوا مجتمعين لا يكفوا لتشكيل قرية… لم يبق هنالك موطن للعمالقة غير الشرق و الشمال.”

“اممم..” رفع احد الشيوخ يده و تكلم مبتسماً، ” حسناً تقنياً نحن ايضاً قتلنا 90% من تعداد عمالقة نيهاري في المنطقة الشرقية لأنهم رفضوا الخضوع لأخر رمق و البقية تم إلقائهم في السجون، لذا موطن العمالقة الوحيد الان هو الشمال، حسناً تفضل يمكنك الاكمال.”

“……”

ذلك الشيخ توتر عندما شعر بنظرات الجميع على جسده، ” ماذا؟! أقلت شئ خاطئ؟!”

*باا*

شعر جابا بالضعف في قدميه فجلس مكانه مجدداً واضعاً رأسه بين كفيه، و عندما كاد ان يفتح فمه مجدداً ليدافع عن ما حدث في المنطقة الشرقية، شعر بهالة كثيفة تقبض على مؤخرة رقبته، “…جميعكم، أخلوا الطابق بالكامل.”

“حاضر.” الشيوخ اطلقوا تنهيدة ارتياح و اختفوا في لحظات

ذلك النوع من الاجتماعات المريبة كثُر مؤخراً، بضع مرات تحدثوا عن غلاء اسعار تجار عائلة بورتون، مرات اخرى تحدثوا عن الاسعار المتدنية التي يشتري بها التجار المواد الخام و المعادن، بضع مرات اخرى كانت حول عدم تمكنهم من الحصول على شبكة معلوماتهم الخاصة لأن سيوف الظل يمنعوا اي تحرك للمعلومات ليس من طرفهم، و بالطبع هذا ثالث اجتماع حول اختفاء العمالقة.

الغريب في الامر ان بعد التذمر في جميع الاجتماعات يحطم جابا شيئاً و يطلب منهم المغادرة بدون اتخاذ أي اجراء… اليوم لم يكن مختلفاً في نظرهم، على الاقل زعيم العشيرة لم يحطم شئ هذه اليوم.

“…..” جابا ظل واضعاً رأسه بين يديه حتى غادر الجميع، ما لم يراه الشيوخ ان تعابير وجهه لم تكن غاضبة او متوترة كالعادة، بل كانت مليئة بالخوف.

*سووووش*

“احسنت عملاً بإبعادهم، كانت حركة ذكية.” ظل اسود محاط بوهج من اللون الاحمر القاتم ظهر امام جابا، “كنت لأكره ان اقتلهم جميعاً قبل ان احظى بفرصة للتحدث معك.”

استجمع جابا شيئاً من قوته فرفع رأسه ليرى الظل الاسود واقف امامه، و تمتم بضعف، “..من؟ من تكون؟”

اظهر الظل إبتسامته اللامعة واضعاً يديه وراء ظهره، “انا؟ في العادة أي احد سيتعرض للإبادة عن سؤالي شئ كهذا، لكن اعتقد انك مؤهل للحصول على بضع اجابات كمستعمل قانون سيادي… لن اخبرك اسمي، انت لست مؤهل لتعرفه بعد، لكني سأخبرك بمكانتي: من يعرفني يدعونني بإلهة الدم و الدمار.”

“…إلهة؟” نظر جابا نحو الظل بإستغراب، فعلاً القوة التي شعر بها كانت جبارة، لكن ليس درجة وصف التأليه!

“اجل، و واحدة قوية جداً ايضاً ان اخذت رأيي.” قهقه الظل بصوت منخفض، ثم اخذ بضع خطوات نحو القرص الذي كان يعرضه جابا و بدأ يفحصه

لكنه فجأة وقف و اخذ بضع خطوات للخلف، ففي هذه اللحظة تذكر ان هذه ليست اول مرة يعرف بشخص يدعو نفسه بالإله… *إذاً هذا هو الغريم الذي كان المستبصر يتكلم عنه!*

*هذا؟* “لحظة، انتي امرأة؟!” سأل جابا متعجباً، الصورة التي كانت في مخيلته عن هذا الكيان عن كونه وحش مرعب ملتهم للكواكب بدأت تنهار قليلاً

“ألا يمكنني ان اكون قوية و امرأة؟” رفع الظل حاجبيه و تكلم بلهجة صارمة حتى ان جابا اخذ خطوة اخرى للخلف مرتعباً، لكن الظل بعدها ضحك، “حسناً استرح، حتى بايثور ما يزال يظن اني رجل ايضاً.”

بعدما قال الظل كلماته بكل هدوء، تابع مراقبة القرص لبضع ثوانٍ، “اوه هذا الشئ مثير للإهتمام، هذه ليست الطريقة المعتادة في التصوير و التسجيل لكنها ليست سيئة ابداً، حتى في الحزام الكوكبي المتوسط ستجد لها ثمن جيد، لكني اراهن انه لن يكون قريباً من الثمن الذي دفعته فيها…”

“…ماذا تريدين مني؟” شعر جابا ببعض الخجل و الغضب عندما سمع الجزء الاخير

ازاح الظل نظره عن القرص اخيرا و نظر لجابا بعينان متوهجتين، ” جابا ابن ثاندور، لقد سمعت ما اثار اهتمامي عنك… فجئت لأرى ان كان هنالك سبيل لبعض التعاون.”

 

 

من Zeus

-+=