*بوم بوم بوم*
الاسهم اخذت تنفجر تباعاً مُحدثة كمية وفيات هائلة في الجيش الذي معظمه فلاحين و عُمال لا يتخطون المستوى الخامس، و الأدهى.. صنعت فراغات كبيرة و هلع أكبر
قبل ان يتمكن احد من فهم ما يحدث إقتربت فرقتين الخيالة المكونة من الفرسان بسرعة و شقوا جيشي الميمنة و الميسرة لنصفين كالسكين في الزبدة بدون أي مصاعب ، الوفيات بدأت تتراكم بسرعة كبيرة، و لم يستطع الضباط إيقاف تقدم الخيالة الفرسان او حتى إبطائهم، أي محاولة لإبطائهم إنتهت بالموت الفوري.
إستسلم الضباط سريعاً من محاولة عمل تشكيلة لائقة لإيقاف الفرسان بسرعة، فتجاهلوهم و بدأوها يحاولون يرجعون الجيش لتشكيلة الأولى المتماسكة سريعاً و سد الفجوات، لكن الهلع و الخوف الذي احدثته الإنفجارات في نفوس الجنود جعلت التواصل معهم و تنفيذ الأوامر بطئ لدرجة عدم التحرك اساساً
في النهاية جمع بضع فرسان بعضهم و توجهوا لإيقاف تقدم خيالة العدو بالقوة، لكن بسرعة إنحرفت فرقتين الخيالة نحو الجانب و خرجوا من التشكيلة، ثم إلتفوا و عادوا من طريق اخر لإكمال تقطيع جناحين الجيش لأشلاء.. كـ دود ينخر في تفاحة
سيتينا وقفت عاجزة لم تدري ماذا تفعل، جناحي الجيش أصبحا بلا فائدة.
بينما ما تزال تفكر في حلول لمحت بعينها نشابون العدو يرفعون أقواسهم لبدأ جولة ثانية.. هذه المرة الأقواس موجهة لجيش القلب.
إستعادت سيتينا وعيها بسرعة و صاحب بعلو صوتها “كل رجل يملك حصاناً إستمع لي جيداً، إذهبوا و اقتلوا اولائك النشابين فوراً! القديسين ساعدوا في إيقاف موجة الأسهم الثانية ريثما يقضي الخيالة على النشابين، الميمنة و الميسرة توقفوا اماكنكم و احبسوا فرسان العدو بداخلكم و اقتلوهم، لا تهتموا لشئ اخر، أما القلب.. تقدموا بأقصى سرعة!”
إستمع كل جينرال للجزئية التي تخصه و باشروا العمل فوراً، مع ان الخطة الجديدة تشمل التضحية بالخيالة و أعداد هائلة من المشاة في الميمنة و الميسرة إلا انها بالفعل أسلم طريقة.. يجب إيصال قلب الجيش المكون من 40 الف جندي و بدأ إشتباك قريب حتى تنعدم فرص إستخدام العدو لهذا النوع من الأسهم المتفجرة مجدداً
ثم يعود الفرسان لإعادة تنظيم صفوف جيشي الميمنة و الميسرة ثم ينضمون للحرب المتلاحمة.. هذا كان الخيار الوحيد.
“إطلاق!” *سوووووش* جولة جديدة من السهام المدمرة توجهت صوب جيش القلب
طاف القديسين الثلاثة امام الجيش رافعين أيديهم، بدأوا بتشكيل حاجز طاقة جماعي لإيقاف الأسهم قبل ان تسقط على الجيش
عندما رأى اوكتافي الاسهم قادمة عليه”أسرعوا، ركزوا معي على هذه النقطة انها تحتوي اكثر عدد من الأسهم، يجب ان-..بففف”
لم يكمل كلامه للنهاية حتى بصق دماً، نظر للأسفل للإتجاه الذي شعر فيه بألم شديد فرأى غمد خنجر في قلبه… تتبع اليد التي تمسك الخنجر ببطئ فرأى فتاة شديدة الجمال و الأنوثة تبتسم إبتسامة قاسية.. لقد كانت قديسة ترتدي زي الأعداء.. ظهرت أمامه كالشبح من اللامكان
عندما رأى القديسان الأخران هذا صاحا معاً ” اخي أوكتافي!” تركا تشكيل الدرع و ذهبا لمساعدة أخاهم الاكبر، لكن قديسة العدو كانت قد أخرجت خنجرها من قلب اخيهم و هربت
طعنة في القلب ما تزال ضربة قاتلة بالنسبة لقديس، لكنها ما تزال قابلة للعلاج ما إن تم الإسراع في المداواة، اقترب الاثنان بسرعة و امسكوا اخاهم قبل ان يسقط و حاولوا إيقاف النزيف، لكن صوت *سووووووووش* مر بجانب أذانهم..”هذا سئ”
لقد هبطت السهام على أهدافها.. و بـ *بوم بوم بوم بوم* بدأت جولة اخرى من الإنفجارات
“لااااااا” صرخت سيتينا بعلو صوتها، 400 إنفجار في اماكن عشوائية مزقوا التشكيلة بالكامل، الـ 40 الف جندي الذي كانوا في صفوف متراصة قبل ثوان اصبحوا كحفنة فلاحين منتشرون بدون أدنى تنظيم.. هذا بدون ذكر ان الهجمات تسببت في مقتل او أصابة بضع آلاف جندي.
عادت سيتينا تنظر نحو خيالتها الذين كان عليهم قتل نشابين العدو فوجدت انهم يتقاتلون ضد 10 قديسين و لم يعد بإمكانهم التقدم اكثر، أما نشابين العدو فهم يجهزون أقواسهم لجولة جديدة…
نظرت للخلف نحو الجناحين الذين توقفوا بالفعل لكنها لم تجد فرقتي خيالة فرسان العدو، لقد هربوا من التشكيل قبل ان يتم الإطباق عليهم.. و هم الان قادمين من الخلف نحو جيش القلب لينخروه كما حدث مع جيشي الميمنة و الميسرة!
تبقى 200 متر على الإلتحام..
حتى الأن عشرة آلاف جندي قُتلوا او جرحوا بشكل خطير.. الميمنة و الميسرة اصبحوا بلا فائدة و من المستحيل إعادتهم لتشكيلة قتالية خلال المعركة.. تشكيلة القلب المتماسكة تدمرت بفعل الفجوات الكثيرة و فرسان العدو قادمين لشقهم من الخلف.. خيالتها تم إيقاف تقدمهم بواسطة قديسي العدو و اصبحوا عرضة لهجوم مضاد من أي نشابين عاديين.. و واحد من قديسيها الثلاثة اصيب بشدة و لا يمكنه إكمال القتال..
كل هذا و لم يتحرك قوام جيش العدو الفعلي حتى الأن.
“اااااااااااااااااااااااه” صرخت سيتينا بكل ما اوتيت من قوة و خلعت خوذتها و ألقتها جانباً، ألقت نظرة مطولة نحو قائد جيش العدو، ثم إندفعت للأمام بحصانها ” حتى لو كنا سنذهب للجحيم اليوم، سأخذكم كلكم معي! يا جنودي، لا تعبؤوا لتشكيلات.. اركضوا بإتجاههما فحسب! اقتلوا اولائك الملاعين!!”
الجينرال على الجانب الأخر إبتسم إبتسامة كبيرة عندما سمع هذه الكلمات..
——————————-
عاصمة الشمس السوداء، قاعة المؤتمرات، بعد صيحة سيتينا بيوم واحد
“هوف هوف هوف”
رجل يركض في الطرقة المؤدية نحو القاعة الرئيسية و كأن حياته تعتمد على هذه اللحظة، يبدو عليه الإرهاق الشديد و أنه على وشك السقوط مغشياً عليه في أي لحظة، لكنه تابع الركض حتى رأى الباب المؤدي للقاعة، ففتحه و دخل مباشرةً.
مرت ساعات منذ إجتماع الأمير ويليام مع كبار المسؤولين، لكن الإجتماع لم يفض و الأعداد لم تقل.. بالعكس فأعداد الحضور تضاعفت عدة مرات.
الشخص الجالس على الكرسي الرئيسي لم يعد ويليام، بل رجل يبقى في الخمسينيات من عمره تشع منه هالة خانقة.. انه ابن عم الملك، الوزير الحالي و منافسه السابق على الحكم.. الحكيم ألبيرت مارلي
منذ جائت الأخبار الصادمة عن تدمير جيش البارون و تقدم إدوارد برادلي مع جيشه نحو لقاء جيش اكبر منه حجماً، تمت دعوة المزيد من الاشخاص الذين لم يكونوا مهتمين في البداية او كان الأمر أقل من ان يثير إهتمام سابقاً، من بينهم الوزير الاعلى ألبيرت
بينما كانت القاعة في مناقشات حامية و توقعات عن ما سيحدث لإردوارد برادلي و جيشه و ما سيترتب عليه لاحقاً من مشاكل و كيفية الرد.. دخل شخص يبدو عليه الإرهاق و سقط على الأرض مباشرةً
القاعة تحولت لصمت في لحظة، لم يحاول احد الصراخ في وجهه و السؤال من هذا.. لقد كان معروف، هذا هو القديس ماركو المسؤول حالياً عن جلب الأخبار من ساحة المعركة في دوليفار
تقدم شخصان بسرعة اعطوا ماركو قنينة مياة ، الجميع جلسوا اماكنهم بدون إضافة كلمة
اخيراً القديس ماركو وقف على قدميه مجدداً و إنحنى ” أعتذر عن هذا المنظر المؤسف الذي رأيتموه للتو. سيداتي سادتي.. لقد جلبتم أخباراً تستحق إنتظاركم.”
الموضوع التاليالموضوع السابق