*بززززتتـ*
اخرج ريتشارد قدماً من البوابة ثم الاخرى، ثم وقف مكانه و رفع وجه ليواجه السماء
اشعة الشمس الذهبية الخفيف، الجاذبية الطبيعية التي تشعره انه خفيف كالريشة، لون السماء الازرق المألوف، كل هذه الاشياء اكدت له انه و بعد خمسون عاماً… قد عاد لموطنه.
عندما ترك ريتشارد هذا العالم كان عمره عشر سنوات فقط، لكن خلال تلك السنوات كانت عائلة بورتون في توسع مستمر و كان مشغول بالذهاب مع العم بيلي و الجد براين و الجد جالان في كل مكان، يراقب الجيوش و الرعايا و يقابل اطفال نبلاء جدد. كانت سنوات قليلة لكنها مليئة بالذكريات…
ثم اخذ ريتشارد شهيقاً عميقا حتى يشتَم الهواء الذي افتقده و يحبه، لكنه في منتصف الشهيق توقف و اعترى وجهه ملامح اشمئزاز، فعاد لأرض الواقع و نظر حوله
بخلاف مساجين العمالقة، المكان حوله كان ملئ بمخلوقات قرمزية اللون بلا عيون ولا آذان، لهم قرون حلزونية و بعضهم له شعر ابيض طويل، ليس و كأن ريتشارد لم ير العفاريت من قبل، اثناء تجاهله في المدينة رأى بعضهم يعملون كعبيد، لكن هذه اول مرة ير هذه الاعداد الكبيرة منهم في مكان واحد، “ماذا يحدث هنا؟ هل جئنا لمكان خاطئ؟”
*بززتتـ* البوابة خلف ريتشارد لمعت مجدداً و خرج قيصر، صودف انه سمع سؤال ريتشارد فإبتسم و ربت على كتفه، ” انهم اتباع والدك، لقد اقتطع لهم نصف القارة المركزية ليسكنوا فيها.”
“نحن في كوكب يورا حقاً؟ ما الذي يفكر فيه أبي حتى يجلب العفاريت إلى هنا؟!” بالطبع ريتشارد سمع عن سمعة العفاريت ككائنات صماء بكماء عمياء لا يعرفون شئ غير صيد المخلوقات الذكية، تلك الكائنات يجب ان تُباد بمجرد رؤيتها، ليس جلبها لمنزلك!
“هاها لا تقلق، ستحبهم بعد قليل..” ضحك قيصر ثم اشار لما بين ذراعي ريتشارد، ” تعال نأخذه لمكان هادئ ليرتاح فيه”
“..حسناً.” بعد تردد بسيط قرر ريتشارد ان يثق بأخاه الاكبر، لكنه لم يتزحزح بعيداً عن البوابة
بحركة بسيطة من قدمه بدأت الارض تحته تتشكلل على هيئة خيمة و بداخلها سرير، ثم نبتت اعشاب فوق ذلك السرير لتشكل طبقة طرية، بعدها وضع ريتشارد اخاه الثالث برفق على السرير ثم خرج و ترك جانب واحد من الخيمة الحجرية مفتوحة، و عاد ليقف ما بين الخيمة و البوابة.
عندما رأى قيصر هذا قهقه و هز رأسه، ريتشارد وفر مكان مريح لأخاه و بفعلته تلك اخبر قيصر انه يثق به لكنه في نفس الوقت قام ببناء تلك الخيمة بجوار بوابة الفضاء حتى يكون له طريق هرب في اي وقت. “اهٍ لو تعرف مقدار تشابهك مع اباك”
“…” لم يرد ريتشارد مباشرةً، فقط اكتفى بوضع يده وراء ظهره و مراقبة المنظر امامه
ريتشارد و قيصر كانا اخر من دخل البوابة، اي انه الالاف من العمالقة المساجين دخلوا قبلهم، و كل اولائك العمالقة كانوا راكعين الان على الارض امام البوابة، محاصرين بالعفاريت من كل جانب
ريتشارد كان قد أوقف لهب الروح الاخضر من ساليدار حتى لا يدمر روحه بالكامل عن طريق الخطأ، و قيصر أمر ان يتم ايقاف خاصية الألم في مسمار الختم، أي ان ساليدار و داودار و كل اتباعهم و جنودهم الان الراكعين فعلاً فقدوا كل قوتهم و اصبحوا كأي فانٍ لكنهم لا يشعروا بأي ألم، هم فقط جالسين ينتظروا معرفة ماذا سيحدث لهم
و مع ذلك… ريتشارد رآهم يرتجفوا بوضوح.
*سقوط* *سقوط* لعاب العفاريت كان يتساقط بجنون و يتدافعون ليقتربوا اكثر من المساجين العمالقة، لم يقل احدهم كلمة او يمزجر او حتى يلمس احد العمالقة لأنه تم إعلامهم انهم مساجين المولى، لكن مع ذلك التعطش للدم في الهواء كان كثيف جداً، كثيف لدرجة ملموسة…
إن كان ريتشارد، شخص ما يزال يملك طاقة حياة اكثر من مليوني عملاق، شخص يمكنه قتال آلاف الاعداء في نفس الوقت، يشعر بالضيق من الوجود وسط هذا الجمع و يستعد للهرب، فماذا عن شعور العمالقة الان؟
“الجينرال الاعلى.” في هذه اللحظة تقدم احد العفاريت ذوي الشعر الابيض و انحنى نحو قيصر، ” ماذا علينا ان نفعل بهم الان؟”
“همم؟ ألم يخبركم أبي؟ لقد قضى اكثر من شهر هنا و معه فريق كامل من اسياد النقوش..” رفع قيصر حاجبيه قليلاً، حتى هو لم يكن يعرف ماذا يفعل والده هنا
“كلا، لقد انشغل المولى و اسياد لنقوش بعمل مصفوفة تحيط بالمدينة كلها، نعتقد انها مصفوفة دفاعية او شئ كهذا، لكنه لم يبنى سجناً او ينبئنا بما علينا فعله.. هل نأكلهم؟”
“لا!!” اخذ ريتشارد خطوة للأمام، ما يزال غير قادر على استيعاب لماذا و كيف هذا العفريت يتكلم، لكنه تحرك تلقائياً عندما سمع انه يريد اكل المساجين، ” يجب ان يعيش اولائك المساجين، ان لم تكن هنالك تجهيزات من اجل ابقائهم احياء سأخذهم معي و اغادر!”
“لا داعي للقلق، طالما وعدك اباك انه سيبقيهم احياء فهذا ما سيفعله.” ربت قيصر على كتف اخاه، ثم هز رأسه للعفريت، ” فليبق الوضع على ما هو عليه، سننتظر حتى معاليه، يفترض ان هسيحضر في اي وقت.”
“المولى سيأتي؟ سأبدأ بعض الاستعدادات.” اومئ العفريت و استدار بسرعة ليخبر البقية
*بزززت* بوابة الفضاء لمعت مجدداً
*خطوة* *خطوة* رجل اشقر يتدلى شعره حتى كتفه، يرتدي زي مدني ازرق خرج من البوابة واضعاً يديه وراء ظهره
“المولى!!” ذلك العفريت ذا الشعر الابيض، و من وراءه كل العفاريت على الارض راكعين
روبين تابع التقدم مباشرةً، بدى و كأنه لم يلاحظ العفاريت، بل لم يلاحظ قيصر و ريتشارد الذين مر بجانبهم، بعيناه مفتوحتان على اخرهما و هالة تفيض بالتعطش للدم، تابع التقدم نحو العمالقة كأنه لا يرى غيرهم
روبين مشي وسطهم و تابع التقدم و عينه على داودار، لكنه لاحظ شئ غريب اثناء مشيه… لا يوجد اي رد فعل.
كل العمالقة الراكعين على الارض الان هم من النسل الرئيسية لقبيلة عزيل، كلهم اشراف عاشوا حياتهم كما يحلوا لهم بدون رقيب او حسيب، لكنهم الان ينظروا نحو الارض بأعين ميتة لا حياة فيها.. طالما حتى حق الانتحار سُلب منهم، ماذا بقي للتفكير فيه؟
لم يمر الكثير حتى وصل روبين اخيراً ليقف امام داودار… حتى اثناء ركوع داودار بكلتا ركبتيه على الارض، رأسه ما تزال أعلى من روبين و هو واقف، لذا فحالياً روبين كان ينظر للأعلى بغضب، و داودار يبادله النظرة بعين نصف مفتوحه لا حياة ولا امل فيها
“…كنت اتخيل اليوم الذي ارى فيه الشخص الذي خرب حياتي، قضيت ايام و ليالي و انا اتخيل ماذا سأفعل بك، كلما شعرت ببعض الملل كنت اخطط في رأسي كيف ستجري هذه المقابلة و ماذا اقول لك، لكن برؤيتك الان…تسك~ للأسف ريتشارد اخذ مني افضل جزء… انس الامر اذاً.” تنهد روبين و هز رأسه، الغضب الذي كاد يفجر صدره في طريقه إلى هنا انهار عندما رآهم بهذا الحال
ثم رفع صوت ليسمعه بقية العمالقة و فتح ذراعيه، “لا داعي لتحزنوا يا رفاق، انا لن اسجنكم في زنازين مظلمة تحت الارض او شئ كههذا، و لن اعذبكم ايضاً، كل ما في الامر هو ان مدينتك دُمرت فقررت نقلكم لتعيشوا في مدينة اخرى، هنا، رحبوا بموطنكم الجديد و جيرانكم الجدد.”
================
لدعم هذا العمل مادياً:
باي بال: paypal.me/eslam997
دفع فيزا مباشر موقع كوفي : https://ko-fi.com/teamx15699
اي محفظة كاش مصر: 01020451397
إجمالي دعم هذا الشهر: 110$
~~~~
لدعم هذا العمل معنوياً لا تنس التعليق و الدعاء
~~~~~~~
الموقع القديم لمشاهدة الفصول القديمة: اضغط هنا
~~~~~~
سيرفر ديسكورد لرؤية صور الشخصيات و متابعة مواعيد نزول الفصل:
https://discord.gg/AxDFN6uVTE