على بعد مئات الكيلومترات من عاصمة عزيل المنكوبة–
“هااااه~ إلى متى سنواصل الصعود؟ هذا مؤذيٍ للركبتين.” هولاك توقف في منتصف الطريق لأعلى جبل و بدأ يطق ظهره من التعب كفانٍ عادي
“توقف عن الثرثرة و تابع المسير يا هذا، لقد اقتربنا.” سيد الحرب جوليان لم يقتنع بأن الشخص الذي اوقف ذلك الهجوم بسهولة سيتعب من المشي مسافة كهذه
“آي آي~ ألديك رحمة في قلبك؟” هز هولاك رأسه و تابع المشي، ” كيف تجعل رجل عجوز مثلي يمشي كل هذا، و حتى يصعد جبل؟ على الاقل إحملني على كتفك.”
وجه سيد الحرب جوليان إلتوى لكنه لم يتوقف او يرد هذه المرة، و مع ذلك لم يتمكن من ايقاف نفسه عن ارسال نظرة سريعة نحو هولاك
ذلك الشخص محاصر بسيدا حرب واحد في الامام و الاخر في الخلف و يسير بإتجاه مقر الاعداء بقدميه، و مع ذلك تعابير وجهه مسترخية و لديه وقت للمزاح؟ هل الإنعزال مع الوحوش طوال تلك السنين دمرت حسه السليم… ام انه موقن انه لن يمسه السوء اليوم؟
*رااااوور*
جوليان ارسل نظرة للأعلى ايضاً، ذلك الويفرن لم يبدو مسروراً ابداً و هو يتبعهم بهذا الشكل، لكنهم لم يحاول الهرب او فعل اي شئ مريب، يبدو انه طالما هولاك يتبع الاسلوب الناعم هو سيفعل مثله
استمر هولاك في التذمر لبضع دقائق اخرى بدون رد من احد، حتى اقتربوا اخيراً من القمة فتنحى جوليان عن الطريق و اشار له ان يكمل
“همم، ألن تأتي ايضاً؟ لقائي مع سيدك وحدنا قد يكون خطيراً..” تفاجئ العملاق
“معاليه طلب حضورك انت وحدك لذا لن يتقدم غيرك، حتى عظائتك ستبق معنا هنا، و ايضاً… معاليه لا يحتاج لحراسة شخص مثلي!” جوليان كان قد بدأ يصل حده بالفعل
“اوووه لا يحتاج لحراستك؟ مثير للإهتمام… حسناً يا كريكسوس إبق هنا معهم لتتونس بهم، انا سأذهب لرؤية الاخ المعاليه.” اومئ هولاك بضع مرات و تابع بضع خطوات اخرى حتى وصلت لقمة الجبل واضعاً يديه وراء ظهره
اول شئ فعله هولاك كان النظر اسفل قدمه… كان واضح منذ وضع قدمه على قمة الجبل انها ليست عادية، في العادة قمم الجبال تكون حادة و مليئة بالانحناءات و النتوء، لكن هذه القمة كانت مستوية بالكامل و ذات سطح املس كأنه الرخام، بل مستوى لدرجة يجعلها من المستحيل ان تتشكل بهذه الهيئة طبيعياً، كان واضح انه تم قطع القمة بأداة حادة كالسيف و بضربة واحدة…
سيف ضخم و قوة جبارة لقطع قمة جبل بهذا الشكل…
لفعل شئ كهذا… رفع هولاك حاجبيه متعجباً و اُجبر على النظر للخلف نحو سيد الحرب جوليان، بالتفكير في الامر، حتى هذه اللحظة هو لم ير سلاح سيد الحرب
ثم رفع هولاك كتفيه و عاد للنظر امامه مجدداً، يريد هذه المرة ان يرى الشخص الذي جاء من اجله، مختار السماء الثالث الذي قلب المنطقة الشمالية رأساً على عقب و أتباعه الموثوقون
لكن تعابير وجهه المتحمسة تحولت لخيبة امل سريعاً، لم يكن يوجد فوق قمة الجبل سوى بشريان اثنان جالسان على مقعدين كبيرين، مع انه وصل لقمة الجبل منذ بضع ثوان الان لم ينتبه اياً منهما على حضوره
احدهما كان اشقر يرتدي ملابس فضفاضة زرقاء، و الاخر لديه شعر اسود و يرتدي درع كامل خليط من الاسود و الذهبي و يضع خوذة الدرع السوداء على فخذه، كلاهما كانا يعطيان جو من النبل و ان حتى التراب يستحي ان يقترب من احدهما… لكن ما احبط هولاك ان احدهما ما يزال امبراطور منخفض المستوى بينما الثاني ليس امبراطور اصلاً!
هذا جيد بالنسبة لأعمارهما، فأجساد كلاهما تقول انهما في نفس العمر و كأنهما توأمان، ان يصلا لهذا القوة في حين ان عمرهما بالكاد تخطى المئة عام لهو انجاز ممتاز، لكنه لم يأتي لمقابلة مواهب شابة!
“إحم!” وضع هولاك قبضته على فمه و كح مرتين لينبه الاثنان على حضوره، “من انتما يا حلوين؟ اين الكبار؟”
لكن لم يلتفت احد، تجاهله الاثنان و كأنه غير موجود
“هممم؟” رفع هولاك حاجبيه و اخذ يتفقد يديه و عضلاته، هل حضوره ليس كافٍ؟
*كلاااك*
“اااااههـ”
“همم؟” سمع هولاك في هذه اللحظة شئ جعله يتوقف عن تفقد نفسه و ركز على الاثنان امامه مجدداً
كانت هنالك دائرة طائفة في الهواء امام البشريين، في تلك الدائرة رأى قتال هائل و سمع صرخات المقاتلين، بنظرة واحدة تمكن هولاك من تحديد موقع هذه المعركة.. كانت هذه هى البقعة التي تركها للتو، تلك المعركة تحدث الان!
*صفير~* اطلق هولاك صفيراً طويلاً رافعاً حاجبيه ثم تقدم بخطوات سريعة، ” هذا يبدو رائع، يمكنكم متابعة قتال يجري على بعد مئات الاميال بشكل مباشر صوت و صورة؟ أهذا من ابتكار مختار السماء الثالث؟ دعوني ارى!”
*شوالااااا*
الفتى ذا الشعر الاسود حرك يده عرضياً بدون النظر خلفه و اقام جدار من اللهب الاسود امام هولاك، ثم سمع صوته يتكلم: “لا تقترب اكثر حتى يأذن لك أبي.”
في العادة كان هولاك ليمدح هذه الحركة الرائعة و يتابع التقدم على أي حال، لكنه و لأول مرة منذ ظهوره اليوم عقد حاجبيه و اخذ خطوة للوراء.
جدار اللهب لم يتخط طوله المترين و كان يشتعل بشكل خفيف جداً كأنه ستار مخصص للبعوض، و مع ذلك شعر هولاك بروحه تنتفض قليلاً عندما اوشك على لمسه
روحه هو.. روح هولاك.. تنتفض؟ متى كانت اخر مرة حصل شئ كهذا؟!
لوح هولاك فأتت رياح عاتيه اطفأت اللهب الاسود، ثم نظر نحو الشاب ذا الشعر الاسود بوجه خال من اي مشاعر، “هذا يبدو خطيراً ايها الشاب، لو تابعت اللعب بهذا الشكل قد يتأذى احدهم.”
*باا* ذا الشعر الاسود وقف ثم اخرج مطرد اسود من العدم و ضرب به على الارض، رأس المطرد اشتعلت بذلك اللهب الاسود مجدداً، ” انت تتحدث كثيراً.”
امام تهديد قيصر، رفع هولاك حاجب واحد ثم بدأ يحك رأسه، “…اسمع يا ولد، قبل قليل قلت ان انتظر اذن والدك، هل افهم من ذلك ان والدك هو مختار السماء الثالث؟ ذلك الشخص يحب الانجاب حقاً هاه.. لا يهم~ انا متفهم حماس الاطفال و كل شئ لكني جئت للتعرف على اباك، لا اريد تضييع الفرصة عندما يأتي و يراني حولت رأس إبنه لمبولة.”