خلال الـ 21 عاماً السابقين إنشغل روبين بكشف دلائل و حقائق بسيطة من كل قانون ثانوي يكتشفه، لكنه لم يحاول ابداً التركيز على قانون ثانوي واحد و إلا لربما قد قام بإستيعاب أحدهم بالفعل،
حتى الان كشف بضع حقائق عن حوالي 18 قانون ثانوي، أراد ان يجرب الإنتقال من احد تلك القوانين الثانوية لتكون دليله نحو القانون الرئيسي للمسار الذي يحكمها، لكنه فشل مراراً، لذلك كان يحاول مع واحد جديد بين كل حين و اخر~
لكن ثورته الان قامت بتوعيته نحو إتجاه لم يعتقد انه ممكناً من قبل..” الحقائق.. انها موجودة في كل مكان.. تختلف طريقة الوصول لها و مكوناتها، لكن في النهاية.. كل شئ له حقائق.. ألا يمكن إعتبا هذا مسار سماوي ؟!”
عندما وجه تفكيره نحو هذا الإتجاه.. شعر بالخوف! كل مسار سماوي يحتوي على عدد لا يحصى من القوانين، لكن هذه القوانين يجب ان تكون شئ ملموس او على الاقل مرأي او قابل للإستشعار حتى يمكن البحث فيه و إلقاء نظرة على خواصه على أمل إتقانه و صنع تقنية لإستعماله ،
هل يمكن لشئ مثل *الحقيقة* ان يكون مسار سماوي حقاً ؟ إن كان بالفعل مسار و له قانون رئيسي يمكن إستخدامه.. ألن يكون هذا مرعب؟
*ألن يعني هذا انه سيمكنني إستخدام هذا القانون الرئيسي للتلصص على حقيقة العالم نفسها؟*
عندما وصل به التفكير لهذه النقطة فتح روبين عينيه و صرخ ” هذه هى!!” اجل، هذا كان هدفه من البداية، ايجاد مسار غير مسبوق يُخلد اسمه في التاريخ و يمهد الطريق لمن بعده… يجعل حياته تستحق العيش.
رجع لوضعية تأمله بسرعة بعدما هدأت ثورته و بدأ يحاول رسم خطط لكشف بعض الخيوط عن مسار الحقيقة و كيفية إستيعابه و التدرب عليه، لكن بعد يومين.. لم يصل لشئ.
انها المشكلة نفسها التي واجهت الحكماء من قبله عندما حاول احدهم دراسة مسار الفضاء و او مسار الفوضى البدائية..
لم يكن لديهم شئ ملموس ليدرسوه كمسار المياه و النار و النباتات! الفضاء ، الفوضى البدائية و الحقيقة و أشباههم يعتمد وجودهم على مجرد نظريات!
هدئ روبين نفسه مجدداً و فكر * كيف توصلت لقانون الحقيقة من البداية؟ هذا سيكون طرف الخيط” كيف توصل لوجود القانون؟ عن طريق دراسة حقائق 18 قانون ثانوي!! أعليه دراسة قوانين ثانوية إلى ما لا نهاية حتى يكتشف شيئاً؟
“….. لا رجعة الأن، سأسعى وراء الحقيقة لما تبقى من حياتي و ليحدث ما يحدث” عقد العزم و فتح عينيه محاولاً رصد قانون ثانوي اخر حوله ليكتشف حقائق..
———————
و على هذا مرت الأيام سريعاً.. ستون عاماً اخر مروا في لمح البصر، ر
وبين الأن عمره 90 عاماً
ترك الزمن آثره عليه، نصف شعره اصبح ابيض و ظهرت تجاعيد على وجهه الخالي من الشعر ما عدا وجود شارب كثيف، لكن ملامحه ايضاً هدأت كثيراً و عينه اصبحت واسعة كالكون نفسه إن امعنت النظر فيها، مع انه جالس أمام مكتبه و يكتب بضع ملاحظات، إلا ان كل تحرك منه يبدو كاملاً لدرجة الوهم
خلال تلك الفترة إنكب روبين على دراسة القوانين الفرعية معظم وقته فوصل العدد لـ 76 قانون ثانوي غير مكتشف سابقاً!
طبعاً كلها مجرد إكتشاف لوجود القانون ثم التطلع فيه لإكتشاف حقائق عنه ثم يقوم بتسجيل ما اكتشفه و ملاحظات عن القانون و مفاتيح التدرب عليه مستقبلاً في مخطوطات و يلقيها داخل الكهف..
كهفه الذي اصبح الأن كمعمل صغير ملئ بالمخطوطات في كل مكان بعدما كان ملئ بالجلود و رائحة الخمر و الدماء
هدفه كان مسار الحقيقة و لهذا لم يحاول إستخدام هذه المعلومات لإستيعاب القوانين الثانوية بالكامل، كان يريد فقط اخذ فكرة عامة عن اكبر قدر ممكن من القوانين حتى يقترب اكثر من هدفه.. لكن قاعدته هذه كُسرت ثلاث مرات، اجل.. لقد أتقن ثلاث قوانين ثانوية غير مُكتشفة.
1- قانون سريان السائل العامودي: عن طريق ملاحظته لطريقه شرب النبات من التربة طوال هذه السنين وجد ان نموها مرتبط بشكل كبير بكمية المياة و الغذاء الذي يمر عبرها و كيفية توزيعها، لذلك قرر إتقان القانون لعله ينفعه مستقبلاً إن قرر إستزراع شئ.. هذا بالفعل حدث بينما بدأ يكبر في العمر قرر زراعة حديقة صغيرة اسفل الجبل لتمده الخضراوات و الفواكه التي يحبها و تعطيه بعض التغيير في المظهر
2-قانون البخار الجوي: هذا مهمته إستخلاص المياه من الهواء حوله و بالتالي لم يعد هنالك حاجة للذهاب للنهر بين كل حين و اخر لجلب المياه للشرب و الإستحمام و الطهو وغيره~ مما زاد الوقت الذي يقضيه في التأمل بشكل كبير، فبمجرد تحريك يده تكون كفيلة بضغط كل البخار حوله مكوناً سحابة ضئيلة لتمطر في المكان الذي يريده
3- قانون إندفاع الدم: يمكنه بهذا القانون زيادة سرعة سريان الدماء إلى رأسه و بالتالي يمكنه البقاء مستيقظ لفترات أطول بكثير ممن هم في مثل مستواه
في العادة يمكن تأسيس الأعمدة من اجل المستوى الـ 11 بقانون ثانوي واحد، لكن روبين لم يستعمل أياً منهم و ظل في المستوى العاشر.
القوانين تبدو بسيطة كلها.. لكن من كان ليكتشفها؟ الحكماء مهتمون بالقوانين التي ترفع قوتهم و قوة عائلات او إمبراطورياتهم بأكبر شكل ممكن، أي حكيم هذا الذي سيقطع 10~20 عاماً من عمره الثمين حتى يتأمل و يتقن قوانين *تافهة* كهذه؟
و من يحتاجها فعلاً كالفلاحين و العاملون في المناجم و الصحراء لا يمكنهم حتى الحلم بإتقان أياً منهم.. و بالنسبة للعباقرة مثل روبين؟ الخيار الطبيعي لهم ان يدرسوا تقنية لقانون ثانوي مُسجل مسبقاً لزيادة قوتهم بسرعة، من اخر لديه الجرأة على إضاعة حياته بهذا الشكل؟
خلال الستون عاماً لم يحجز روبين نفسه بالكامل في الكهف، بل كان ما يزال عليه التوجه كل بضع شهور للقرية لبيع جلود الوحوش و شراء ملح الطعام و المخطوطات و الحبر و غيرها من الضروريات، و ايضاً ليكافئ نفسه بليلة واحدة في الحانة كل رأس سنة!
اشتهر *الصياد الشبح روب* كثيراً في القرية و اصبح السكان يعدونه واحداً منهم و يأتون بأنفسهم ليبدأون معه أطراف الحديث في كل زيارة.. حتى احد الزيارات عندما كان عمره ما يزال 68 عاماً..
ذكر احدهم انه حضر جنازة لعائلة بورتون اٌقيمت في مدينة يورا و كم ان الجنازات هناك مهيبة بالنسبة للجنازات في القرية، و ما إلى ذلك~ عندما سمع روبين كلامه إستفسر اكثر و وجد ان المتوفي كان والدته..
صمت صمتاً طويلاً ثم تنهد و إستأذن منهم و غادر نحو يورا.
دخل المدينة مغطياً وجهه، و هناك زار قبرها و استفسر عن حالها قبل الموت فعرف انها أنجبت اثنين من بعده ، فتىً و فتاة، و انها ماتت على سريرها بسبب تقدم العمر، لا شئ مشبوه..
لم يكن يدري يفرح لحياة امه البسيطة ام يحزن لأنه يعرف ما عانته مع والده .. لكنه في النهاية ترك الأمر و قرر الرجوع لما كان يفعله.
الموضوع التاليالموضوع السابق