في مواجهة قبضة داودار القامعة، الهجوم الذي ضحى فيها داودار بثُلث طاقة حياته تقريباً و وضعه خطوة على اعتاب الموت من اجل تنفيذها، امام القبضة التي تخطت حاجز امبراطور متوسط و استحقت لقب هجوم لإمبراطور عالي المستوى بشكل كامل… ريتشارد لم يتراجع.
*شوالااااا*
بمجرد التفكير حرق ريتشارد طاقة الحياة المتبقية لديه بدون حساب، في غمضة عين تم احراق طاقة الحياة الخاصة بخمسة ملايين عملاق في نفس الوقت، لم يضع حسبان للضغط الذي يمكن ان يضعه هذا على شريان حياته ولا فكر للحظة في المصاعب و السنين التي قضاها في جمع هذه الطاقة
*قليلاً بعد.. قليلاً بعد..* اعطى ريتشارد ابتسامة كبيرة و هو يتقدم
اللحظة التي لطالما انتظرها اصبحت نصب عينيه الان، لا شئ يمكنه ايقافه الان!!
لكن…
*وووشـ..*
قبضة ريتشارد اصطدمت بشئ فتوقفت، صوت الانفجار القوى و الدماء المتناثرة التي كان يتوقعها لم تحدث… بل بدى و كأن قبضته كانت كحصاة ارتطمت ببركة من الطين، كل الزخم الذي جمعه اختفى فجأة و كأنه لم يكن
*ما.. هذا..؟* عقل ريتشارد توقف عن العمل للحظة، هو يرى راحة يده كبيرة تصد ضربته، راحة اليد هذه تعود لعملاق.
هل داودار صد هجومه بهذه البساطة؟ هل داودار بهذه القوة اصلاً؟ لكن بتوقفه بهذا الشكل المفاجئ لماذا لم تقم الموجات الإرتدادية بقتله؟ هو كان ادرى الناس بمدى القوة التي جمعها، كيف يمكن ايقافه اصلاً، و براحة يد من لحم و دم؟!
رفع ريتشارد عينه لضعف للأعلى لينظر في عينا داودار لمرة اخيرة و ربما يلعنه مرة او اثنتين، طالما اوقفه بهذا الشكل و امسك قبضته فهو بالتأكيد قادر على قتله بسهولة الان، *هيه~ لقد فشلت إذاً، لا بأس على الاقل سأنضم لأمي. أتسائل لو كان ابي بإمكانه الانتقام من هذا الوحش… هيهي حسناً من اخادع، بالطبع يمكنه، انه روبين بورتون.*
“..ايه؟!” عندما رفع ريتشارد عيناه لم يرى ما كان ينتظره، لم يرى وجه داودار العجوز و هو ينظر له بحقد و بإبتسامة المنتصر، لم ير الموت يقترب
بل رأى عملاق اخر ينظر له بجانب عينه مبتسماً… ذلك العملاق لديه شعره طويل و كثيف به خُصل زرقاء، وجهه حليق و ملامحه حادة قوية يبدو في بداية الثلاثينيات
جسده ملئ بالعضلات لكنها ليست ضخمة متفجرة مثل داودار بل عضلات متناسقة تزيده جمالاً و هيبة تبدو و كأنها مرسومة بالقلم، هذه اول مرة يرى فيها ريتشارد هذا التناسق العضلي على عملاق، و الغريب انه اطول حتى من داودار!
“هاها اوه يا ويلي يا ويلي، اشعر بتخدر في ذراعي، كانت هذه لكمة جيدة بالنسبة لشبل بالكاد وصل الخمسين!” ذلك العملاق اخيراً فتح فمه و ضحك في وجه ريتشارد بإبتسامة صافية، ثم نظر ليمينه نحو داودار معقد الحاجبين قليلاً كأنه يقسو على تلميذ، ” لا اريد ان اكون جالب الاخبار السيئة هنا، لكني اختبرت قبضتك و قبضته، لو لم اظهر لكان فجر ذراعك و فكك السفلي بهذا الهجوم، عليك ان تكون اكثر حذراً في انتقاء خصومك ايها الاخ الصغير، هذا ليس مفيد للصحة!”
بعد هذه الكلمات ارخى ذلك العملاق كفيه ثم دفع القبضتين للخلف بلطف، هذه الدفعة اللطيفة كانت كفيلة برمي ريتشارد و داودار للخلف اكثر من عشرون متراً
*صمت*
بخلاف صرخات ساليدار، عم الصمت العميق على المكان مجدداً، كل من بقي لدي بعض الوقت وجه انظاره نحو ذلك الدخيل الجديد
اباطرة البشر لأول مرة شعروا بالفزع، حتى هذه اللحظة صدقوا انه حتى ان لم ينتصروا فيمكنهم الهرب بسهولة، لكن بعد رؤية ذلك العملاق يوقف الهجوم الاخير لريتشارد و داودار بهذا الشكل.. من يمكنه الهرب من كيان كهذا؟!
في المقابل، ما تبقى من جيش القبيلة بهتف بقوة!
“هااااااا لقد نجونا!”
“هاها كنت اعرف ان الدعم قادم!”
“اقتلهم! اقتلهم جميعاً!!”
اباطرة البشر اخذوا بضع خطوات للخلف امام هذه الهتافات، بالنسبة لهم لم يعد هنالك قتال، عليهم التفكير في فرصة لأخذ ريتشارد و بيون و الخروج من هنا!!
من تبقى من الاباطرة العمالقة شعروا للحظة بأن البطل المنقذ قد وصل و كادوا يهتفوا بعلو صوتهم ايضاً، لكنهم سرعان ما اسكتوا انفسهم لسببين، الاو هو انهم لا يعرفوا من هو ذلك العملاق، و الثاني هو كيفية تعامل العملاق مع ريتشارد و داودار كأنهم سواسية في نظره!
بين فزع اباطرة البشر و فرح ما تبقى من جيش العملاقة، و ترقب اباطرة العمالقة… الجو بين الثلاثة اشخاص في وسط المدينة كان اثقل حتى
*باا*
سقط داودار على مؤخرته لم يعد يقوى على الوقوف، الوهج الاحمر القاتم حوله اختفى و هالته اصبحت كتلك الخاصة بفانٍ، ملامح وجهه لم تعد تُرى من التجاعيد، و تحتم عليه ضم عيناه بقوة حتى يرى القادم الجديد… الان يبدو على داودار العظيم، الشخص الذي يمكنه هز الارض في اي مكان يذهب إليه، ان نزلة برد يمكنها قتله
ذلك الهجوم قضى على ما تبقى من مخزون داودار من طاقة الحياة، هو لم يحتفظ سوى بما يكفيه ليرى ريتشارد و هو ميت و يأكل شيئاً من جسده ليشعر بلذة الانتقام
” انت.. هذه القوة.. هذه المواصفات.. هل انت… ذلك الشخص في الجبال..؟” صوته ايضاً اصبح ضعيف و مشوش كعجوز اقتربت ساعته
*راااااااورر*
*بااام* *باام*
في هذه اللحظة ظهر ظل في السماء حجب ضوء الفجر فجذب كل الانظار نحوه
لقد كان الظل لوحش مجنح ضخم، لونه ازرق قاتم، له رأس ضخم يحتوي فك هائل يبدو انه يمكنه تمزيق اي شئ في الوجود و ذيل طويل ملئ بالندوب كأنها نصال، طوله من الفك و حتى طرف ذيله لا يقل عن ستون متراً، بكل ضربة من جناحيه الضخمين ينفجر الهواء من تحته
*سوووش* *بوووم*
هبط الوحش فوق ما تبقى من سور المدينة على ساقيه الخلفتين الهائلتين، ثم مد ذراعيه المجنحين، *راااااااور!!!* زأر الوحش مجدداً فجلب عشرات الاف من العمالقة على ركبهم و اجبر الاباطرة على اخذ بضع خطوات للوراء
“… أهذا تنين لعين؟!”