عاصمة قبيلة عمالقة عزيل– داخل المبنى الوحيد الذي ما يزال قائم، قصر الزعيم

*دروب*

قطرة عرق أفلتت من جبهة داودار و سقطت على الارض كاسرةً الصمت القاتل في المكان

نظر داودار مكان سقوط قطرة العرق لكنه لم يستطع النظر للأسفل بسبب لحيته الكثيفة و عضلات صدره و كتفه المرتفعة!
جسد زعيم القبيلة داودار الذي كان يتباهى بعظمته و انه يبدو كجبل متحرك، الجسد الذي يتفجر بالقوة و الهيبة و السُلطة التي لا تعرف حدود!! … لم يعد يقوى داودار على استخدامه لرفع كوب المياه امامه ليشرب، مر يومين و هو ينظر لذلك الكوب لكنه لا يمكنه اجبار جسده على التحرك لأخذه.

منذ ظهور تلال الجثث حول العاصمة دخل داودار هذه الغرفة و لم يخرج منها مجدداً، يأكل وجبة واحدة كل بضع اسابيع و يتغوط في احد اركان الغرفة، لا يريد ان يرى احد و لا ان يدع احد يراه

صرخاته الجنونية على اتباعه و محاولته لإيجاد ريتشارد و كل هذا انتهى، لم يعد يقل كلمة و لم يعد يسمح لأحد ان يدخل عليه ليقل شيئاً لدرجة ان الجميع في تلك المدينة المنكوبة بدأوا يتناسوا وجوده شيئاً فشيئاً، جميعهم عرفوا انه قد كُسر
هم فقط لا يعرفوا إلى اي مدى بعد…

لكن لإنصافه، هذه ليست مشكلته وحده، بل يمكن تعميمها على المنطقة الشمالية كلها

مرت مئات آلاف السنين منذ مقتل مختار السماء الثاني و توزيع الغنائم على 12 قبيلة شمالية، نفس القبائل الموجودين حالياً

أي انه طوال مئات الاف السنين اكتفت القبائل الإثناعشر بسباق للتسليح و تقوية انفسهم ليردعوا البقية ظاهرياً و يحافظوا على مكانهم، و في نفس الوقت يتجنبوا اي صدام مباشر مع بعضهم و يكتفوا ببعض المكائد.

لذا من حيث قوة الشخصية و الاقتصادية و العتادية فأي قبيلة من الشمال يمكنها قتال المنطقة الشرقية كلها بمفردها، لكن من ناحية التجارب الشخصية و القوة الذهنية، هم ليسوا بهذه القوة.

هنالك منهم من لم يرضى بهذه الحياة و قرر الانفصال عن عائلاتهم و عيش تجاربهم الخاصة مثل ذلك الشخص القابع في الجبل، لكن عدد هؤلاء قليل جداً.

اما داودار، الإبن المحظوظ، لم يكن لديه مثل تلك الميول.

منذ وُلد داودار ليكون الإبن الاول لزعيم القبيلة السابق و الكل عرف مستقبله سلفاً، و بالفعل سار على الخطى المرسومة بدون ان يحيد: كبر ليكون سيد شاب متعجرف يتباهى بسُلطة اباه و غرق في الملذات، تم اعطائه افضل الموارد لرسم وشوم تقوية الجسد و بطبيعة الحال كان له حق إستخدام الدرجة الرابعة من وشم تقوية لجسد بعد اخبار *موت* احد اباطرة القبيلة بحادثة انفجار عضلات، و هذا فتح له باب جديد ليغرق في المزيد من الملذات

و بطبيعة الحال تم تعيينه امير للقبيلة و امسك بزمام اعمالها و بدأ ينافس امراء بقية القبائل في الادارة و المكر، ثم بدأ بدوره ينجب الكثير من الابناء ليكونوا سنداً له بعدما يصبح هو الزعيم، و بالفعل طريقه المرسوم اوصله في النهاية ليكون زعيماً لإحدى القبائل الإثنا عشر! …ثم غرق في الملذات قليلاً بعد.

عندما عرف ان ريتشارد هو السبب في كل هذا و ذكره احد اعمامه الذين كانوا في الحفل بما فعله بوالدة ريتشارد، شعر بالغضب الشديد!

أهذا كل شئ؟ أهذا هو سبب كل حالات الاختطاف و قتل احفاده؟ أهذا هو سبب تدمير العشيرة؟ انثى بشرية؟!

كيف لذلك الكائن المتدني ان يقتل عملاق واحد بسبب كائنة متدنية اخرى؟!

هو فعلاً كان غاضب، هو فعلاً لم يكن قادر على الإستيعاب… كيف لبشري ان يتقبل خبر مقتل إبنه و حرق منزله على يد دجاجة، لأنه اكل بيضة؟!

لكن غضبه كان كالحصاة التي اُلقيت على جبل، صغيرة و بلا فائدة امام غضب ريتشارد الذي عبر عنه بتل الجثث، التل الذي كسر داودار و اخرسه منذ حين

من كان ليتوقع ان احدى ملذاته ستكون سبب انهياره، كيف كان ليتوقع ان حادثة العبث بانسانة عشوائية نساها في نفس الليلة سيوصل القبيلة التي نجت لمئات آلاف السنين إلى هذه الحالة؟ لو عرف آن ذاك ما سيحدث لاحقاً لأكل ابناءه عوضاً عنها، لكن بماذا سينفع الندم الان؟

شخص لديه ماضي قاسي و تجارب فشل كان ليقوم من هذه المحنة و يحاول ايجاد حل، لكن ليس داودار، ليس الشخص الذي اختبر طول حياته نجاحات وراء الاخرى، الشخص الذي سار على الخط و لم يحد عنه

ابناءه في الخارج يحاولوا حرق تلك الجثث او دفنهم لأنهم منظرهم مدمر للمعنويات كما انهم يتسببوا في نشر الامراض، لكن اباطرة البشر لم يسمحوا لهم، ريتشارد اصدر امر ان هذه التلال يجب ان تبقي مكانها ، و قد بقيت لأشهر رغم عن انوف الجميع.

اباطرة اخرون حاولوا ايجاد طريقة للخروج و جلب بعض الطعام، و بعضهم يحاول التواصل مع ريتشارد ليقبل شروط

الاستسلام اياً كانت ما هى و البعض يحاول التفكير في خطط للخروج من هذه المدينة الملعونة

لكن داودار ما يزال في غرفته عقله عاجز عن العمل

*طرق* *طرق*

“جلالتك!! تقرير عاجل! افتح يا صاحب الجلالة!!!” جاء صوت فزع من خارج الصوت و صاحبه بدأ يطرق على الباب بقوة

داودار عقد حاجبيه قليلاً، هو فعلاً كان يريده ان يصرخ على ذلك الطارق ثم يقوم و يخنقه لأنه يعكر صفو هدوء جلالته، لكن صوتاُ لم يخرج من فمه، و لم يشعر بقوة في قدميه ليقوم من مكانه، فتجاهله فحسب

ماذا سيقول الطارق مثلاً؟ ماذا سيكون قد حصل اسوأ؟

لعل احدى بعثات البحث عن الطعام و عادوا مُطاردين كالعادة، و ربما وباء اخر انتشر بين الجنود بسبب انتشار الجثث، او ربما اكتشف الجنود انهم يأكلون بعضهم طوال هذا الوقت؟ لا يهم.. لم يعد اي شئ يهم..

“جلالتك، ارجوك نحن نحتاجك، هنالك ثلاثين امبراطور بشري ظهروا فجأة و بدأوا قتال مع ابنائك و اعمامك في الخارج!!” صوت الطارق بدأ يزداد فزعاً، صوت الانفجارات في الخارج كاد يغطي عليه

“…” لكن دوادار حافظ على صمته، ما الجديد؟ انه محاصرين من جميع الجهات و بقية قبائل العمالقة تخلوا عنهم، طبيعي ان يتلقوا هجمات، ما اسوأ ما قد يحدث.. يموتوا؟ هو لا يرى فارق بين الموت و هذه الحياة.

ثانياً هجوم من ثلاثين امبراطور بشري فقط لا يبدو كرقم كبير يستحق خروجه…

“جلالتك؟ جلالتك هل تسمعني؟!” اخذ الطارق يصرخ اكثر لكنه لم يجد رداً، فنظر للأسفل و هو يعتصر لا يعرف ماذا يفعل، عندها تذكر شئ و صاح مجدداً، ” ريتشارد في الخارج، انه من يقود الهجوم!!”

================
لدعم هذا العمل مادياً:

باي بال: paypal.me/eslam997

دفع فيزا مباشر موقع كوفي : https://ko-fi.com/teamx15699

اي محفظة كاش مصر: 01020451397

إجمالي دعم هذا الشهر: 5$

~~~~
لدعم هذا العمل معنوياً لا تنس التعليق و الدعاء

~~~~~~~

الموقع القديم لمشاهدة الفصول القديمة: اضغط هنا
~~~~~~

سيرفر ديسكورد لرؤية صور الشخصيات و متابعة مواعيد نزول الفصل:

https://discord.gg/AxDFN6uVTE

من Zeus

-+=