مرت عدة ساعات منذ رحيل جابا

روبين ما يزال واقف في مكانه بنفس ملامحه الباردة و كأن الزمن تجمد، الاباطرة ما يزالون جالسين على الارض غالقين حواسهم الستة ليستوعبوا التقنية او يطبقونها… فقط رايدين كان واقف ينظر نحو روبين تارة و نحو الارض تارة، يحك شعره احياناً و يقضم اظافره احياناً اخرى

هو يعرف ان الموقف سئ و ان روبين يشتعل غضباً الان، لكنه لا يعرف ماذا عليه ان يفعل في هذا الموقف المحرج… هل يواسي روبين كأنه فقد شخص عزيز عليه؟ لكن ماذا لو كان معاليه غاضب منه؟! او ربما يطعن في جابا لأنه غادر؟ لكن ماذا لو كان معاليه يحب تلميذه و لا يطيق عليه كلمة؟! رايدين قضى طفولته يركض وراء المواشي و يحرث الحقول، و بعدما اكتشف موهبته تم إلقاءه في الأكاديميات و الحروب، هو لا يفهم في هذه المواقف الاجتماعية!

اخيراً وبعد ساعات طوال استجمع رايدين بعض الشجاعة و اقترب من روبين بعد اخذ نفس عميق، ” امم… معاليك، اعلم انك تشعر بالأسف على مجريات الامور، لكن ارجو منك ان تحاول استعادة صفاء ذهنك فالجميع يعتمدون عليك.” ثم اطلق زفير طويل، هذه الجملة كانت اكثر شئ محايد فكر فيه

ظل روبين صامتاً لفترة حتى ان رايدين قلق قليلاً ان تدخله لم يكن مناسب، لكنه في النهاية فتح فمه و تكلم بنبرة متماسكة، “انا لا اشعر بالأسف. جابا لديه طريقه و انا لدي خاصتي، وجوده بجانبي لفترة كان مفيد لكلينا، لكن في النهاية لكلٍ حكايته الخاصة، ارجو له التوفيق في ما يسعى إليه.”

“لكن.. ماذا لو كان مسعاه يتعارض مع خطتك؟ اه.” فرح رايدين ان معاليه رد عليه ثم سأل، لكنه بسرعة ندم على سؤاله، أليس هذا السؤال كأنه يضع الملح على الجرح؟!

“جابا يحاول انقاذ ما يمكن انقاذه من عالمه و هذا لا يتعارض مع موقفي من كوكب نيهاري، لو نجح فهنيئاً له، و إن لم ينجح فلا دخل لي.” روبين لم يغضب كما توقع، بل إبتسامة خفيفة ظهرت على وجهه و تكلم بحزم فأراح قلب رايدين قليلاً، لكنه شهق عندما سمعه يكمل، ” لكن.. لو حاول الوقوف في طريق خطتي فعلاً، سأسحقه.”

*بلع* عاد رايدين للصمت مجدداً

لقد علم في هذه اللحظة انه لم يكن عليه *مواساة* معاليه من البداية، هذه الشخصية القوية لا تحتاج مواساة من احد، بل يحتاج هدف! و طالما هدفه في مرمى عينيه، لن يحيده عنه أي شئ اخر.

و ظل الصمت عنوان الموقف حتى اقترب ظل بسرعة، قدَم رايدين خطوة للأمام و اتخذ وضعية متأهبة حتى بدأت ملامح صاحبة الظل تتضح… شعر احمر طويل يتطاير في الهواء، قرون سميكة تخرج من فوق اذنيها المدببتين، طويلها يفوق المترين و ترتدي ملابس فاضحة تكشف جسد ناضج، لم يكن هنالك احد هنا بهذه المواصفت غير امبراطور كوكب دم اليتيم فلورا!

لكن حتى بعدما تأكد رايدين من هويتها ظل متأخذاً لوضعيته المتأهبة، واضح انه لم يثق فيها تماماً، لكنها لم تهتم و تجاوزته مباشرةً حتى وقفت امام روبين *سوووش*، “جائني خبر انك طلبت حضوري، ما الخطب؟”

“سترجعين إلى حيث جئتي.” رد روبين بتعابيره الباردة بدون ان ينظر نحوها

“اوه؟ ما يزال متبقي 4 اشهر على انتهاء المدة، هل انت متأكد؟ يمكنني تحمل البقاء هنا اطول قليلاً…” إبتسمت فلورا إبتسامة ساحرة

“لا داعي، لقد تذكرتك اليوم بالصدفة، قد لا اتذكرك مجدداً قبل بضع سنوات.. من الافضل ان ترجعي الان و اتم وعدي مبكراً قبل ان يُقال اني اخلفت الوعد و ابقيتك عندي لفترة اطول من المتفق عليه.” لوَح روبين

“اوه؟ لا اصدقك، من قد ينسى كل هذا؟ هيهي~” جلجلت فلورا و سحبت يدها بلطف بدأً من صدرها و حتى فخذها جاذبة انظار رايدين نحو مفاتنها

لكن هذه الحيلة لم تنفع على روبين الذي كان ما يزال ينظر نحو الافق، فتحولت تعابير وجهها للجدية، ” ألا يمكنك اخبار جينرالاتك ان يتركوني اذهب بعد اربعة اشهر فحسب؟ قضاء الوقت مع الاخت فيكتوريا ليست سيئة جداً…”

“لا اتعجب من انك اتخذتي فيكتوريا صديقة فكما يقولوا: الطيور على اشكالها تقع، لكن..” نصف إبتسامة ظهرت على وجه روبين اخيراً، ” هل يُخيل لي ما انك تفضلين البقاء هنا على الذهاب لجوار حبيبك؟”

لوحت فلورا كلتا يديه، “آرو لن يحصل له شئ لو انتظرني 4 اشهر اضافية، لكن المهم هنا هو ان تحفظ وعدك امام الناس و إلا سيقولوا انك متساهل!”

اخيراً روبين نظر في عينيها قبل ان ينفجر ضحكاً، “مثير للإهتمام، فعلاً مثير… بضع اشجار و مياه نظيفة و بعض اللحم و الخضار، هذه الاشياء نراها كشئ بديهي مُسلم به، لكنها تبدو كالجنة بالنسبة للأخرين. قبل خمس سنوات جئتي معي بأعين ميتة، و الان ترفضين العودة مع اني جعلتك تقاتلي في صفي بعيدة عن اهلك؟ ربما كان علي توقع هذا… كيف يمكنني ان اخرج شخص من الجنة و ألقيه مجدداً في الجحيم بعدما اختبر الاثنين؟”

عقدت فلورا حاجبيه لكنها لم تقل شيئاً… فلو رفضت سيرد بأنها عليها ان تذهب إذاً طالما لا تريد البقاء، و هذا شئ لا تريده. و لو وافقته سيحسب انها رخيصة مستعدة للابتعاد عن اهلها مقابل العيش الرغد.

لكن ماذا تفعل؟ الفارق بين كوكبا جرينلاند و دم اليتيم كالسحاب و الطين، من قد يخرج من السجن و يقول لنفسه *يجب ان ارجع مجدداً لأني اشتقت زميل زنزانتي*؟! قد يذهب المرء لزيارته كل اسبوع مثلاً و البقاء معه قليلاً، لكن قطعاً لن يفضل العودة للسجن بشكل دائم!
اما رايدين في الجانب فأطلق تنهيدة طويلة. هو لم يكن يهتم للفتاة العظاءة الفاتنة، لكن رؤية معاليه يضحك مجدداً لهو مدعاة للراحة..

روبين عاد مجدداً لينظر للأفق بإبتسامة خفيفة، ” لأصدقك القول انا كنت اخطط للتأثير عليك بأن اريك جيوشي و تقنياتي و كنوزني و حتى الكواكب المختلفة تحت سيطرتي، لم اتوقع ان أكلة حلوة و نسمة هواء ستفي بالغرض، لكن المهم اننا وصلنا للنتيجة المرجوة.”

“تؤثر علي لأفعل ماذا بالضبط؟ إن اردتني ان اطعن اهلي في ظهورهم فأنت تحلم!” صاحت فلورا لكنها ظلت محتفظة بنبرة احترام، هى فعلاً تريد التمسك بالبقاء هنا حتى اخر دقيقة من المدة، لكنها قطعاً لن تخون آرو و تخون قبيلتها و شعبها في مقابل ذلك!

“تطعنيهم في الظهر؟” إبتسم روبين، ” اسف لكن ليس هنالك حاجة لهذا. احد شروط هدنة الخمس سنوات كانت تسليم جثث مستخدمي القوانين الذين تمت التضحية بهم، نحن نتكلم في حوالي ثلاثة او اربعة ملايين جثة مستخدم قوانين؟ لابد ان اعداد اباطرة العفاريت تضاعفت بحلول الان على اقل تقدير و في طريقها للتضاعف اكثر و اكثر.”

“لا.. هذا غير ممكن! جثث الاشخاص الذين تمت التضحية بهم خالية من مستويات الطاقة الصلبة، لقد اصبحت جثث اشخاص فانون لم يتدربون في حياتهم! لقد وافق الجميع على هذا الشرط بأسى لأنه سيملئ بطون العفاريت بأشخاص موتى بالفعل و سيجعل صيدهم اقل خلال الخمس سنوات، لكن لأننا ايضاً نعلم العفاريت لن يستفادوا كثيراً من جثثهم!” هزت فلورا رأسها غير مصدقة

“هيهي، هذا ما تعتقدونه انتم، و لهذا ايضاً طلبته منكم واثقاً انكم ستوافقوا. العفاريت لا يهتموا بالطاقة الطبيعية، اجسادهم ترفضها ببساطة، انهم يستعملوا شئ انا اطلق عليه طاقة الدم. ما يسعون خلفه هو دماء و لحوم مستخدمي القوانين. لذا يمكن للعفاريت الان الاعتماد على الوحوش و الفانون في طعامهم اليومي، و عندما يكونوا مستعدين للترقي يأكلوا جثة او اثنتين من مستخدمي القوانين الذين وفرتوهم لهم على طبق من فضة، أليس هذا رائع؟” قهقه روبين ثم نظر في عينيها، “تضحياتكم العظيمة و قراراكم النبيل يستحقوا الاحترام فعلاً، لكن انتم ببساطة اعطيتم العفاريت مائدة من مستخدمي القوانين لن تنتهي لعشرات السنين و اعطيتموني جيشاً جراراً لم اكن احلم بصنعه بهذه السرعة، شكراً!”

================
لدعم هذا العمل مادياً:

باي بال: paypal.me/eslam997

دفع فيزا مباشر موقع كوفي : https://ko-fi.com/teamx15699

اي محفظة كاش مصر: 01020451397

إجمالي دعم هذا الشهر: 150$+ إكتمل!
شكراً جزيلاً لكل من دعم العمل للإستمرار لشهر اخر ^^
~~~~~~~~~~~~~~
لدعم هذا العمل بدخول الاعلانات رجاءً اجتز هذا الرابط مرة واحد حتى تصل لفصل الرواية مجدداً:

https://best-cash.net/r43rbnVg

او

https://exe.io/TzRoO

~~~~
لدعم هذا العمل معنوياً لا تنس التعليق و الدعاء

~~~~~~~
سيرفر ديسكورد لرؤية صور الشخصيات و متابعة مواعيد نزول الفصل:

https://discord.gg/AxDFN6uVTE

من Zeus

-+=