“لا… تريد؟!” تسمر جابا مكانه ناظراً نحو روبين بصدمة
لم يضف روبين كلمة، فقط اكتفى بايماءة بسيطة
“…مُعلمي، ما الذي لا تريده بالضبط؟” حاول جابا بكل الطرق البقاء هادئاً، ” لا تريد اتمام وعدك للمستبصر و الذهاب لنيهاري للإستعداد للتصدي للغزو؟ أم لا تريد التوقف عن دعم الفوضى في الكوكب كله و تركهم يقضون على بعضهم البعض حتى قبل وصول الغزو؟ مُعلمي.. ما الذي لا تريده بالضبط؟!”
“هاي، راقب نبرتك!” رايدين صاح من بعيد
“لا تتدخل مرة اخرى.” رفع روبين يده و اسكت رايدين بسرعة بدون ان يعطي جابا فرصة، ثم رجع ليركز في عينا جابا مجدداً، “بالنسبة للاقتتال الداخلي فكما قلت انا مجرد تاجر لا علاقة لي بما يحصل، و لو اردت حقاً ابادة سكان تلك المناطق لأرسلت جزء من جيش العفاريت او حتى جزء من جيش البشر لمسحهم أجمعين، فأنت تعرف الحصار المعلوماتي المفروض على المنطقة الشمالية، و ما لا تعرفه ان المنطقة الشمالية مشغولة بزيادة مؤخراً… لذا لا تظلمني بأني اريد قتلهم كلهم، كل ما في الامر ان ما يحدث الان سيخدم الصورة الكبرى لاحقاً~ اما بالنسبة للغزاة فلدي خطتي الخاصة في التعامل معهم، فقط وقتها لم يحن بعد.”
سكت جابا لبضع ثوانٍ قابضاً على يديه و كأنه يريد سحقها، قبل ان يخرج صوته متردداً، “…إن سمحت لي ان اسأل، هل خطتك الخاصة تتضمن انقاذ سكان نيهاري من الغزو، ام فقط منع الغزاة من جمع الغنائم؟”
“ربما ينجو بعضهم، ربما لا.. انا لست المتحكم في الاقدار.” رد روبين ببرود و يداه وراء ظهره
“هكذا إذاً.. كان علي توقع هذا.. انت لن تغير نظرتك لنيهاري مهما فعلت للمساعدة.. كل شئ كان قد تقرر منذ ذلك اليوم المشؤوم..” تنهد جابا و توقف عن الضغط على يديه، بدى كأنه شاخ مئة عام في هذه اللحظة
“…هيه~ هذا غير صحيح يا جابا.. لولا وجودك لما كان جيش واحد سيغزو نيهاري، و بالتأكيد ما كان ليكون هنالك فرصة لنجاة احد.” امال روبين رأسه للجانب و تكلم بعينان نصف مفتوحتان
” معك حق، علي ان اكون شاكر لهذه الفرصة.” إبتسم جابا و هو ينظر للأسفل لبضع ثوانٍ قبل ان يضيف، “..لكن ماذا إن لم اكن مقتنع بهذه الفرصة فقط؟ ماذا إن كنت اريد اكثر لموطني؟”
“لو كنت تحاول التأثير علي لأغير رؤيتي المستقبلية فأسف، الخطة وُضعت و إرادتي ستنُفذ.” افصح روبين بحزم، لكنه سرعان ما تنهد و اكمل بصوت هادئ، “…جابا، حتى في اسوأ حالاتي النفسية انا لم اكرهك ابداً و لم اعتبرك كبقية بنو جنسك هذا لأنك فعلاً مختلف عنهم، انت شخص مقدر له العظمة، انا متفهم انك تشعر انك مسؤول عن حماية موطنك لأنه لا يوجد غيرك يمكنه رفع الراية، لكنك رأيت ما حدث لي عندما حاولت، ذلك المكان ميؤوس منه… تابع طريقك يا جابا، تعلم و استكشف الكون و قوي نفسك، بهذه الطريقة فقط سيزيد عدد الناجين من نيهاري عندما تكتمل الصورة.”
ظل الاثنان صامتان لحوالي دقيقة اخرى قبل ان يخرج جابا كتاب كثيف من خاتمه الفضائي و مرره لروبين بكلتا يديه، ” هذا الكتاب يحتوي كل التقدم الذي احرزته في عملي على مصفوفة تقوية الجسد، المصفوفة يمكنها الان مساعدة الاشخاص ذوي الارادة القوية على الوصول لقوة جسدية توازي نطاق حكيم خلال فترة قدرها 5 سنوات فقط، هنالك بضع جوانب تحتاج للتطوير مثل انها تستهلك كمية درر طاقة كبيرة، اكثر من الف درة للشخص الواحد، او ان مصاريف عمل مصفوفة واحدة مرتفعة بسبب ندرة المكونات، لكن طالما معاليك موجود فالطبع يمكنك التغلب على هذه المشكلات البسيطة.”
استمر روبين في النظر نحو الكتاب و التصفح فيه حتى سمع كلمة *معاليك* من جابا فعاد للنظر نحوه بحاجبين معقودين
جابا في هذه اللحظة سقط على ركبته و لمست جبهته الارض، ” اعلم ان مصفوفة تقوية الجسد لا تقارن بما وفرته لي، إن احتجتني في أي شئ يمكن لمعاليك ان تتواصل معي و سأنفذه على الفور، شكراً على كل شئ.”
“هل تقطع رابطتك معي كتلميذ؟” ارسل روبين الكتاب لخاتمه الفضائي و عاد ليضع يداه خلف ظهره
“لأكون تلميذك يجب ان اعتبرك سيدي، اسمع و اطيع، لكن هذه المرة علي الخروج عن ارادتك و الرجوع لإنقاذ موطني، معاليك تستحق تلميذ افضل مني.” خرجت الكلمات من جابا بصعوبة، صوته بدى و كأنه يختنق بالدموع
ظل روبين صامتاً ايضاً لفترة قبل ان يخرج صوته الهادئ، ” عندما تذهب لعشيرة اتحاد نيهاري سأسمح لك ان تعلن انك مبعوث رسمي مني، سينصتوا لك ويلتفوا حولك بهذا الشكل… اوه، عندما اتخذتك تلميذاً جعلتك تقسم على ان لا تسرب اي شئ تعلمته مني، اعفيك من هذا القسم، استعمل كل شئ تراه في مصلحتك.. و كن حذراً.”
“..شكراً لك، معاليك، شكراً لك.” رفع جابا رأسه ثم لامس الارض مجدداً ثلاث مرات، قبل ان يقوم و ينحني مرة اخرى، ثم غادر..
“….” مجدداً رايدين لم يعرف ما عليه فعله امام موقف كهذا فبدأ يحك شعره بيده اليمنى، لكنه اطمئن قليلاً عندما رأى تعابير وجه روبين ما تزال هادئة فقرر ان يذهب للوقوف بجانبه مجدداً و يغير الموضوع او شئ كهذا، لكن بعد اخذ خطوتين سمع صوت سقوط قطرات: *دروب* *دروب*
لقد كانت قطرات دماء تنزل من وراء ظهر روبين، لقد حفر في يده فأطراف اصابعه حتى سال الدم.
تسمر رايدين مكانه و نظر بعيداً، عرف في هذه اللحظة ان تعابير وجه معاليه الهادئة و نبضات قلبه الثابتة تخفي ورائها غضب مكبوت
و كان محقاً.. لهذا السبب رفض روبين التكلم مع جابا لأطول فترة ممكنة، هو يعرف حب الفتى لكوكبه، او بمعنى اصح، هو يعلم ان جابا يرى نفسه من سلالة مختاري السماء الاساطير و انه عليه ان يكون مثل اسلافه يحاول ان ينقذ العالم حتى يموت، و يعلم ايضاً ان احد اسباب إتتباع جابا له حتى الان كان انه يأمل في تغيير رأي روبين ليعود
لكن يغير رأيه اتجاه ماذا؟ و يجعله يعود من اجل من؟!
لقد قال جابا الحق قبل قليل، كل شئ كان قد تقرر في اليوم الذي قابل فيه ريتشارد.
================
لدعم هذا العمل مادياً:
باي بال: paypal.me/eslam997
دفع فيزا مباشر موقع كوفي : https://ko-fi.com/teamx15699
اي محفظة كاش مصر: 01020451397
إجمالي دعم هذا الشهر: 150$+ إكتمل!
شكراً جزيلاً لكل من دعم العمل للإستمرار لشهر اخر ^^
~~~~~~~~~~~~~~
لدعم هذا العمل بدخول الاعلانات رجاءً اجتز هذا الرابط مرة واحد حتى تصل لفصل الرواية مجدداً:
https://best-cash.net/r43rbnVg
او
https://exe.io/TzRoO
~~~~
لدعم هذا العمل معنوياً لا تنس التعليق و الدعاء
~~~~~~~
سيرفر ديسكورد لرؤية صور الشخصيات و متابعة مواعيد نزول الفصل:
https://discord.gg/AxDFN6uVTE
اسف على التأخير في النشر ،كان يوم سئ جداً مثل يوم جابا..
الموضوع التاليالموضوع السابق