*شهيق عميق*
“هوووه~” اطلق روبين زفيراً طويلاً و هو ينظر نحو الافق واضعاُ يديه وراء ظهره، ” علي ان اعترف، المكان مختلف هنا، لا عجب انهم يسمونه بـ *دم اليتيم*، فبخلاف العدد الهائل من الايتام و الارامل التي تخلفها الحرب الوجودية هنا، المكان نفسها دموي بشكل مريب… أتسائل هل طبيعة قوانين هذا العالم أثرت بالسكان، ام دموية السكان هى ما أثرت بطبيعة العالم؟”
منذ اخر روبين اول خطوة خارج بوابة الفضاء انشغل فوراً بالاحداث الجارية لم يكن لديه وقت يقضيه في التأمل في محيطه، الان فقط حظي بهذه الفرصة
بخلاف السماء الزرقاء في كلاً من كوكبي يورا و نيهاري، و الاخضر الفاتح في كوكب جرينلاند، اللون القرمزي كان المسيطر هنا.
في السماء يوجد ست شموس قرمزية صغيرة تتحرك بسرعة فتظهر في المغرب و تختفي بعد عدة دقائق في المغرب قبل ان تعاود الظهور، الغيوم ايضاً تأثرت بلون السماء و الشموس فأخذت ظلاً احمر قاتم، و بالطبع الجو العام و حتى التربة لم يسلموا من هذا اللون المثير للغرائز
اما *الاشجار* حول المدينة فكانت مليئة بالأشواك بدلاً من الورق، و الارض تنضح بعصارة داكنة اللون لم يرها روبين من قبل لكن واضح ان التربة لم تكن صالحة لزراعة اي شئ يؤكل
“بمجرد النظر يمكنني رؤية موارد و معادن يفترض ان تكون نادرة مُلقاة في كل مكان، لكن يمكنني ايضاً فهم نظام سير هذا العالم حيث القوي يأكل الضعيف بشكل حرفي، فلا يوجد آمن او نظام حكم ثابت في بيئة يستشاع فيها قوانين التعطش للدم و الفوضى، بل بدأت اعتقد انه من المثير للإعجاب انهم تمكنوا من الحفاظ على نظام القبائل!” هز روبين رأسه و هو يراقب حوله
اقترب آمون و ساكار منه و طافوا في الهواء بجواره، آمون الذي اُكتمل شفاءه سأل، ” قوانين التعطش للدم و الفوضى.. المشاعر كالتعطش للدم لها قوانين ايه المولى؟ و حتى الفوضى تحكمها قانون؟”
“كل شئ يحكمه قوانين يا آمون، انت نفسك عبارة عن كتلة متحركة من القوانين.” اظهر روبين ابتسامة خفيفة، ” ألم تفكر ابداً ان هنالك اماكن تذهب لها لتكون سعيد و اماكن اخرى تشعرك بالكئابة؟ هذه الاماكن تراكمت فيها قوانين تلك المشاعر إلى حد معين، و يبدو ان هذا ما حدث هنا ايضاً لكن على امتداد الكوكب.”
“إذاً لماذا لم يصنع لها المولى أي تقنية؟ المولى صنع مئات التقنيات حتى اليوم..” آمون سأل مجدداً
قهقهة روبين، ” اصنع تقنية لماذا؟ زيادة التعطش للدم و الغضب و كل تلك المشاعر السلبية بدون زيادة في القوة تعني صنع انتحاريين، نقصهم يصنع اشخاص متبلدي المشاعر لا فرق بينهم و بين الاحجار شئ، هنالك اشياء معينة يجب عدم العبث بها و تركها كما هى لأنه لا جدوى من العبث فيها، قوانين المشاعر احدها.” ثم عقد حاجبيه قليلاً، ” و هنالك قوانين اخرى حتى لو اردت العبث بها لا استطيع، حتى هذه اللحظة كنت اظن ان الموت وحده هو من يعطيني هذا الشعور بالتحذير من الاقتراب، لكن قانون الفوضى اخذ اليوم المرتبة الثانية.”
“لهذه الدرجة؟” سأل آمون مرة اخرى، ساكار بدى انه يستمع بإنصات ايضاً
إبتسم روبين و اخذ ينظر حوله قليلاً ثم اشار نحو شجرة ارجوانية صغيرة بالقرب من السور، “هذه الشجرة هناك مفعمة بالحياة و ما تزال يافعة لكن قانون الفوضى بدأ يتراكم عليها، هنالك شئ سيحدث دعونا نرى معاً.”
بعد بضع ثوانٍ
*سووووش*
الشجرة تركت جذورها و طارت للأعلى حتى اختفت في الافق.
“هاها حسناً هذا كان عشوائي جداً، كنت اعتقد انها ستموت او شئ كهذا.” حتى روبين لم يتمكن من قمع ضحكته
“هذا ما يحدث اذاً؟! كنا نعتقد ان المحليين يريدون ان يربكونا بتلك الاحداث الغريبة، قبل بضعة ايام اشتعلت النار في بئر الماء!” جاء مورين طائفاً و اقترب من روبين و برفقته عدد من اباطرة العفاريت
حتى فلورا التي كانت تطفو في الهواء بأعين ميتة قبل قليل دُب في عينيها الحياه مجدداً و هى تستمع لروبين، هى محلية و تعرف هذا النوع من الاحداث العشوائية لدرجة انه اصبح امر واقع ولا يجب التساؤل فيه، هذه كانت اول مرة تسمع فيها شئ عن قانون الفوضى ذاك
“ما رأيتموه و اختبرتموه ما هو إلا تدخل طفيف من قانون الفوضى، مجرد مس بسيط لهذا العالم. حسب ما ارى فقانون الفوضى يتدخل في القوانين الاخرى و يؤثر عليها لتعمل بطريقة غريبة و غير منطقية، لكن نسبة قانون الفوضى هنا ما تزال في الحد المعقول و لو ازدادت نسبة ذلك القانون قليلاً بعد لأصبح العيش هنا مستحيلاً.” ثم صفق مرة واحدة، ” المهم، كنت انوي البقاء هنا بعض الوقت لأتم بعض الابحاث في هذا العالم لكن يبدو ان هذا لن يكون ممكناً، حالة الفوضى هنا ستضاعف الوقت اللازم لإتمام أي شئ مهم، الافضل ان اعود لجرينلاند.”
“بهذه السرعة ايها المولى؟” صوت آمون بدى حزيناً
اومئ روبين و هو ما يزال ينظر حوله بعيناه الذهبيتين، “انتم لستم بحاجة لي الفترة القادمة، فقط ابقوا بجوار البوابة لحمايتها و ارسلوا فرق صيد معقولة كما وعدت لجمع الغذاء لملوك العفاريت، حاولوا ان تزيدوا اعداد الاباطرة بينكم لأكبر عدد ممكن خلال الخمس سنوات. اوه، و استعدوا لهجوم مفاجئ في اي وقت لأني لا اتصور انهم سيحفظوا عهد الخمس سنوات.
“همف!” فلورا نفخت غاضبة لكنها لم تضف كلمة اخرى
مورين اومئ لكنه لم يكن موافق بالكامل، “سنستعد كما امرتنا ايها المولى، لكن لا داعي للقلق كثيراً، طالما آرو قبِل بالاتفاق و غادر فعلى الارجح هو سيلتزم بوعده.”
“…” ساكار لم يقل كلمة لكن اومئ
رفع روبين حاجبيه قليلاً و نظر لساكار، ” اوه؟ انت تشهد لعدوك بالصدق في موقف حياة او موت كهذا؟ يبدو انه شخصية مثيرة للإهتمام اكثر مما يبدو. لكن هذا لا يغير وصيتي، حتى لو لم يفعلها هو فيوجد الكثيرين غيره.”
“حاضر ايها المولى.” اومئ مورين و بقية ملوك العفاريت
ثم عاد روبين لينظر نحو فلورا بنصف إبتسامة، ” هل حلمتي بالخروج من عالمك من قبل؟”
================
لدعم هذا العمل مادياً:
باي بال: paypal.me/eslam997
دفع فيزا مباشر موقع كوفي : https://ko-fi.com/teamx15699
اي محفظة كاش مصر: 01020451397
إجمالي دعم هذا الشهر: 150$+ إكتمل!
شكراً جزيلاً لكل من دعم العمل للإستمرار لشهر اخر ^^
~~~~~~~~~~~~~~
لدعم هذا العمل بدخول الاعلانات رجاءً اجتز هذا الرابط مرة واحد حتى تصل لفصل الرواية مجدداً:
https://best-cash.net/r43rbnVg
او
https://exe.io/TzRoO
~~~~
لدعم هذا العمل معنوياً لا تنس التعليق و الدعاء
