“ماذا ستفعل لو وفرت لك مطية مثالية؟”
“ماذا قلتي للتو؟” عقد روبين حاجبيه و نظر جانبه
“هيهي سأريك ما اقول، انظر… هنا!” حركت ايفرجرين المشهد حتى وصلت لمشهد معين داخل المعركة
ذلك المشهد لم يكن غير مألوف، كان عبارة عن وحش يحمل صاحبه على ظهره و يحاول اخراجه سالماً من المذبحة سالماً، الوحش كان شكله غريب بعض الشئ، او بالاصح هو يبدو كخليط من عدة وحوش في آنٍ واحد… فهى يملك البنية الجسدية تشبه حصان لكنه بضعف حجم الحصان الحرب العادي، لونه اسود كالليل الحالك، و لديه مخالب بدلاً من الحوافر، و ذيل طويل كذيول الزواحف ملئ بالأشواك يُلوح يميناً و يساراً، قرنين مدببان للأمام يشق بيهما اي شئ في طريقه، فم يشبه منقار الصقر يمكنه قضم إلى شئ إلى نصفين بعضة واحدة، و لديها بنية عظمية تخرج من رأسه و تمتد للأعلى و كأنها تاج
رفع روبين حاجبيه قليلاً عندما رأى ذلك المخلوق، فهو كان يركض بسرعة كبيرة بالنسبة لأنه يتعرض لعشرة اضعاف قوة الجاذبية، و الاغرب انه لم يكن كبقية الوحوش يحاول قتال جنود الامبراطورية في طريقه بل كان يتلافى الصِدام قدر الامكان و يأخذ الطرق التي فيها نسبة اكبر للنجاة، و حتى عندما يقابل جنود الامبراطورية كان يتخذ وضعيات دفاعية ليتلقي الهجمات بأقل ضرر ممكن، اما صاحبه فهو يحتمي خلف التاج العظمي الصلبي الموجود فوق رأس الوحش فلا يصيبه اي ضرر، و بعدها يقوم الوحش بعمل عاصفة ترابية بذيله فيتوارى عن الانظار و يجد طريق اخر…
“تلك الوحوش تتخصص في استعمال قانون الرياح؟” رفع روبين حاجبيه و سأل بسرعة، قوة هذه العاصفة بالتأكيد لم تكن بفعله تلويحة ذيله فحسب
“في الحقيق وحوش التيرا لا يملكون قانون موحد يستعملونه كلهم كبقية الوحوش، كل واحد منه يولد و له قانون خاص به” وضعت ايفرجرين يدها وراء ظهرها و شرحت
“أتقولين انه يمكن للأبوين ان يستخدما قانون الرياح و يخرج إبنهم يستخدم قانون النار مثلاً؟” سأل روبين متعجباً
“صحيح،” اومئت ايفرجرين، “معظم اجناس الوحوش يكون مخصص لهم قانون يستخدمونه جميعاً منذ مولدهم، مثالي عظاءات الارض و ثيران البرق و وحوش النار مثل الدراكو، و هكذا~ لكن هنالك وحوش معينة لا تخضع لهذه القاعدة تسمى بأبناء الكوكب او الوحوش النبيلة، اعتقد وحش الدراكو خاصتك يمكن وصفه بالوحش نصف النبيل لكنه تنقصه عدة اشياء تجعل وحش نبيل حقيقي، هنالك بالتأكيد وحوش نبيلة حقيقية اخرى في ذلك الكوكب نيهاري.”
ظل روبين عاقداً حاجبيه لبضع ثوانٍ و ينظر نحو ايفرجرين، ثم عاد للنظر نحو وحش التيرا مجدداً…
فبجانب سرعته الكبيرة، قدرة تحمله العالية التي مكنته من تحمل عدة هجمات مباشرة و غير مباشرة، و الحماية التي يوفرها التاج العظمي لراكبه، فالوحش كان ذكي جداً! روبين فرك ذقنه قليلاً و اشار عدة مرات نحو المشهد، “يا لها من وحش، يا له من وحش… على هذا المنوال فذلك الوحش سينجح من الخروج من حقل الجاذبية خلال بضع دقائق، لو كان جيش الاتحاد كله يملك هذه المطية لكان تمكن عدد ضخم منهم من النجاة اليوم او ربما حتى جمع انفسهم و عمل هجوم مضاد، مسار المعركة كان سيتغير بشكل كبير، ربما هذه المذبحة التي تجري الان كانت ستتحول إلى توازن مجدداً في النهاية… من حسن الحظ ان لا ارى الكثير من امثاله.”
“همف، انت لم تر شيئاً بعد، سأريك شيئاً جميلاً..” تكلمت ايفرجرين بثقة و طقلت اصبعيها، الشاشة في هذه اللحظة كانت ما تزال تعرض طريق الوحش، لكن المشهد تغير بشكل كبير، الان هنالك تيارات حرارية غريبة يمكن رؤيتها تدخل جسد الوحش و الجنود من حوله
“هممم، هل اعطيتي للطاقة الطبيعية شكلاً حراريا؟ لماذا..؟” بسرعة فهم روبين ما يراه
“ركز على جسد الوحش.” ربتت ايفرجرين على ظهره و قربت الصورة لتكون على الوحش فقط
“ههمم؟” روبين ظل يراقب لبضع ثوانٍ قبل ان يفتح عيناه على اخرهما و يصيح، ” ما الذي يحدث هنا؟!”
رؤية الطاقة تتحرك بهذا الشكل لم يكن بالشئ الجديد عليها بنا ان لديه عين الحقيقة، من البديهي ان يتم جذب الطاقة الطبيعية نحو الجسد ليتم صقلها و تسييلها ثم يستخدمها صاحبها في المعركة على الهيئة التي يريدها صاحبها، لكنه في هذه اللحظة رصد شيئاً غريباً… في نفس الوقت الذي يقوم الوحش فيه بإمتصاص الطاقة، يقوم مجدداً بطرد جزء منها من خلال ظهره، روبين لم يتمكن من رصد هذا الفعل مباشرةً لأن معظم تلك الطاقة تدخل لجسد الشخص الذي يركب الوحش!
“هذه هى قدرة وحوش التيراميسو، او وحوش التيرا كما يحب المحليين تسميته، تلك الوحوش تقسم جزء من الطاقة التي تمتصها و تعيد بثها بشكل تلقائي من خلال ظهرها عندما يركبهم احد، رائع ها؟” ايفرجرين نكزت روبين بضع مرات متفاخرة
“هل تقولي لي ان الشخص الذي يحظي بهذه المطية يكون لديه فيض لا ينضب من الطاقة الطبيعية المصقولة الجاهزة؟ لماذا قد يكون لدى وحش قدرة غريبة كهذه من الاساس؟ بالإضافة لولاء الوحش اتجاه صاحبه، للذكاء العالي بالنسبة لوحش و القدرة الدفاعية و الهجومية العالية و السرعة الكبيرة، ذلك الـ تيرا… يبدو و كأنه خُلق ليكون مطية مثالية؟!” اخذ روبين يغير نظره بين ايفرجرين و الشاشة لبضع ثوانٍ، ثم بدى و كأنه تذكر شيئاً و نظر نحو ايفرجرين مطولاً، “…إعترفي، أهذا من عمل يديك؟”
“هيهي اصبت!” ضحكت ايفرجرين بصوت عالٍ، ” لطالما اردت ان احظى بمخلوق من نسل وحش الكيلين الاسطوري فبدأت العمل على تهجين وحش التيرا منذ زمن بعيد، و عندما بدأت الحرب و رأيت كل شئ ينهار اردت مساعدة البشر قليلاً على الصمود امام الاباء الاشجار حتى لا تتم ابادتهم سريعاً، لذا اضفت بضع خصائص تجعل التيرا حليف مثالي لهم، لكني في نفس الوقت وضعت فيه بضع القيود تحد من انتشاره حتى لا تتسبب افعالي في هزم الاباء الاشجار بدلاً من ذلك.”
“عيوب؟ أي عيوب؟” سأل روبين بإهتمام
“معدل انجاب وحوش التيرا ضعيف جداً، انثاه تنجب شبل واحد كل عشر سنوات، لذا مع ان اعمارهم طويلة فهم قليلوا العدد، اعتقد انه يوجد حوالي 4 الاف آلاف وحش تيرا على ظهر جرينلاند حالياً و جزء كبير منهم ما يزالوا وحوش برية لم يتم ترويضهم بعد، لذا ستجد ان عدد قليلاً جداً يملكون هذا الوحش كمطية، ذلك الشخص الذي يركبه امامك مثلاً هو ابن رئيس قبيلة ذئاب الجنوب” رفعت ايفرجرين كتفيها الصغيرين، ” طبعاً هنالك تأتي مشكلة إطعامه بما انه وحش نبيل لذا فمثل وحوش الدراكو خاصتك يجب اطعامه لحوم و نباتات عالية الطاقة بل و بكميات اكثر، و ايضاً كائنات التيرا حساسة جداً لذا يجب ان يعامله مالكه كرفيق و يعتني به جيداً و إلا سيتركه و يهرب او قد ينتحر!”
“…أهذه مطية ام زوجة؟!” تعجب روبين و هز رأسه، ” لقد رفعتي آمالي على الفاضي، فقط حقيقة ان تكاثرهم ضعيف اغلق ملفهم بالكامل، لكنها فعلاً مخلوقات أنيقة، قد أمر بإصطياد واحد او اثنان لأبنائي يلعبوا بهم…”
لكن رد فعل ايفرجرين كان مفاجئ اكثر، “ماذا لو اخبرتك انه يمكنني تجهيز جيشك من تلك المخلوقات من اجلك؟”
“هاه؟!” نظر روبين بجانبه بسرعة، ” يمكنك فعل شئ كهذا؟!”
” تهجين الوحوش و التعديل عليهم هو شئ سهل بالنسبة لي و انت ستتمكن من فعله ايضاً في اي كوكب تملكه بالكامل، مع ان هذا يأخذ وقت طويل و قوة روحية عالية و عقاب بسيط، كما انك ستضطر للتضحية بقطرات من شريان حياتك، إلا ان هذا ممكن.” وضعت ايفرجرين يدها خلف ظهرها و شرحت مبتسمة
“….” ظل روبين صامتاً لبضع ثوان قبل ان يرفع حاجب واحد، “طالما سيمكنني التعديل على الوحوش.. أيمكنني فعل المثل على المخلوقات الذكية؟”
======
صورة لوحش التيرا في سيرفر ديسكورد
الموضوع التاليالموضوع السابق