*كاتشااا*

في هذه اللحظة صاعقة ضربت بجوار قيصر و شاب فضي الشعر خرج منها، ثم ادى التحية العسكرية، “الجينرال الاعلى، اشعر بالخجل لأنك اضطررت للقدوم للشمال مجدداً، حصل هجوم شديد اخر عند منطقة اخرى في الناحية الشمالية و كان علي تركيز كل اهتمامي هناك و تجاهل ما يحصل هنا، لكن هذا لا ينفي انه تقصير مني، انا اتحمل المسؤولية كاملة.”

قيصر اومئ و لم يحاول مواساته، دور المدافعين هو منع الاعداء من دخول التشكيلة و التصدي لأي هجوم قادم، اما دور الجناح الهجومي للجيش في هذه الحالة كان ابعاد جيش الاعداء للخلف قدر المستطاع و جعلهم يشعروا بأنهم مهددون حتى يخففوا الضغط على الجناح الدفاعي

اقتراب الاعداء لهذه الدرجة يعني فشل المنظومة الهجومية في اداء عملها.

حرك قيصر مطرده مجدداً و ارسل موجة اخرى من نار الموت فدفع بالاعداء للخلف اكثر، ثم اطلق تنهيدة و ربت على كتف الشاب بجواره، ” رايدين ابق بنفسك هنا و تأكد انهم لن يعيدوا التجمع في هذه النقطة مجدداً على الاقل حتى يستعيد الجناح الدفاعي شيئاً من قوتهم، انا ساذهب لأخذ جولة على بقية الجبهات..”

قبل ان يقفز قيصر نحو هدفه التالي شعر بيده تمسك به و تشده للأسفل، ” همم؟ أهنالك شئ اخر تريده يا رايدين؟”

حدق رايدين في عينا قيصر لبضع ثوانٍ، ثم فتح فاهه اخيراً: “…هل يمكنني ان اطلب منك الانتظار معي هنا قليلاً؟ فقط شاهدني و انا اتم واجبات الجناح الهجومي و أعطني ملاحظات، سأستفيد كثيراً من خبرتك صاحب السمو إن منحتني هذه الفرصة.”

قيصر لم يرد فوراً على هذا الطلب الغريب بل عقد حاجبيه قليلاً و ركز في اعين الشاب الماثل امامه… فهو يعرف مدى كبرياء هذا العبقري الشاب و يعرف ان مجرد طلب المساعدة يضع عبئ كبير عليه و ان كلمات كهذه لا تخرج من فمه في العادة

ثم بدى قيصر و كأنه فهم شئ اخيراً إبتسم سحب يده من يد رايدين، ” ماذا، هل جينرالك الاعلى يبدو هزيل جداً لدرجة انك تريدني ان استريح بجانبك؟”

“…هذا لم يكن قصدي.” نظر رايدين يميناً و يساراً قبل ان ينطق، هو لم يرد ان يسمع الجنود هذا لكن فعلاً قيصر قال السبب الحقيقي… مع انه كان يرتدي الخوذة إلا ان عيناه المرهقتان و جلده الشاحب و هالته الهزيلة فضحوه

“هاها يسعدني ان احدهم وضع حالتي الصحية في حسبانه، لكني بخير حال، شئ كهذا لن يوقفني، هذا الحصار ليس بشئ مقارنةً بحصار هوفنهايم الذي استمر لعامين كاملين.” ضحك قيصر بصوت عالٍ و ربت على كتف رايدين بقوة

” في حصار هوفنهايم كان يمكننا التراجع للراحة بين كل حين و اخر، و انت يا صاحب السمو كنت تتدخل ايضاً في الحالات الحرجة فقط و مع ذلك كنت احد الاسباب الرئيسية التي مكنتنا من الصمود لعامين، لكن معدل تدخلك الان…” تكلم رايدين مجدداً بقلق، مع انه لا يعرف ما يشعر به الجينرال الاعلى و ما هو تأثير استخدام لهب الموت عليه، إلا ان قوة جبارة كلهب الموت بالتأكيد لها عواقب

هز قيصر رأسه مبتسماً ثم اشار نحو جبهة اخرى مقاربة، “أترى هذا؟”

*بووم* *بووم*

عقد رايدين حاجبيه قليلاً و قبض كلتا يديه بقوة، بسبب تدخل قيصر في هذه المنطقة و دفع الاعداء للخلف، قام اولائك الاعداء بالالتفاف يميناً و يساراً لمهاجمة اقرب نقاط يمكنهم الوصول لها بعيداً عن لهب الموت، اي ان الضغط زاد على نقاط اخرى عدة اضعاف…

ربت قيصر على كتف رايدين مبتسماً، “اثناء حديثنا القصير الان لم يفارق حسي الروحي تلك النقطة، قُتل 15 شاب جيد هناك اثناء تبادلنا اطراف الحديث و ما يزال العدد يزداد، لو كنت تركتني اذهب لربما كانوا سيعودوا لأسرهم احياء.”

ثم اخذ بضع خطوات بعيداً عنه واضعاً يده وراء ظهره، ” الجميع هنا يحملون ارواحهم على ايديهم و يبذلون اقصى ما يمكنهم لإجتياز المحنة بدون التفكير في انفسهم، لن ادع بعض الاعراض الجانبية توقفني.” ثم قفز نحو اقرب جبهة بدون انتظار رد، رافعاً مطرده على كتفه

“… لكنك لو انهرت سنموت جميعاً…” لم يكن في يد رايدين إلا ان تمتم و هو يرى ظهر قيصر يبتعد، قلقه و احترامه للجينرال الاعلى قد تضاعفا عدة مرات.

*فـــرررروووووم!!*

*قعقعة* *قعقعة*

في هذه اللحظة سًمع صوت الرعد قوي كأنه نتج عن اشقاق السماء و الارض

“ما– ما الذي يجري؟!”

في هذه اللحظة لم يكن هنالك فارق الجيش الامبراطوري و جيش الاتحاد، كلهم لبثوا اماكنهم و بدأوا ينظروا حولهم بترقب، الجميع كان موقن ان هنالك شئ كبير سيحدث، و كلا الجانبين كانا يشكان في الجانب الاخر!

“انظروا في الاعلى!!”

لم يكن معروف من الذي اطلق هذه الصيحة، لكن الجميع بدأوا ينظروا للأعلى واحداً تلو الاخر، في غمضة عين المعركة الهائلة توقفت و الجميع وجهوا وجووهم للأعلى، و ما يحدث في السماء كان اشد غرابة

في هذه اللحظة الغيوم كانت تدور حول نفسها بسرعة و ترسم ملامح وجه بشري غاضب!

“هذا.. هذا…”

“انه.. انه معاليه!”

“انه وجه معاليه!!”

“يحيا معاليه! تحيا امبراطورية البداية الحقيقية!!”

“يحيا معاليه! تحيا امبراطورية البداية الحقيقية!!”

حالة من الهياج العاطفي ضربت الملايين من جنود الامبراطورية، بدى في هذه اللحظة و كأن كل التعب و الارهاق الذي تملكهم كأنه اختفى بدون اثر

حتى قيصر توقف في منتصف طريقه و رفع حاجبيه و اطلق صفيراً خافتاً و هو يتمتم، “يبدو ان ذلك العجوز تعلم بعض الخدع الجديدة…”

*فارغي العيون* من جنود الاخشاب و البراعم في الجيش حاولوا حث الجميع على التقدم مجدداً و تجاهل الوجه في السماء، لكن هيهات.. ذلك الوجه الغاضب الذي غطى عشرات الاميال أتت معه هالة قامعة و صحبته رياح عاصفة و امطار رعدية، هذا الوجه بدى و كأنه تجسيد لغضب العالم، كيف يتحركوا الان و إلى اين؟ افضل خيار هو ان يهربوا!

“ابناء امبراطورية البداية الحقيقية.” اخيراً الوجه الغاضب فتح فمه الضخم و بدأ يتكلم لغة اهل جرينلاند بصوت ينفجر في الصدور و العقول، ” لقد سمعت للتو عن الفخ الحقير الذي اوقعكم فيه اولائك الحثالة المحليون، و انا، جلالة الإمبراطور روبين بورتون، لن اسمح بإيذاء رجالي!”

*قعقعة* *قعقعة*

الرعد دوى في السماء مجدداً و هبطت بعض الصواعق صنعت حفر في الارض بقطر عشرات الامتار لكنها لم تؤذي اي احد

“كيييه!!” جنود الاتحاد بدأوا يتراجعوا بضع خطوات للخلف بشكل تلقائي، عدد ليس بقليل منهم سقط اثناء التراجع و تعرض للدهس حتى الموت

“روبين بورتوووون!!!” سيد الحرب الخاص بالأب الشجرة فلوريس اشار نحو الوجه في السماء بغضب و صاح بصوت عالٍ، ” هل تحاول تهديدنا بهذه الالعاب؟ هل تعتقد ان جيشنا الجرار سينكسر امام بضع كلمات؟ لو كنت رجل حقيقي تعال و واجهني لعلك تفعل شيئاً!”

الوجه في السماء كافٍ ضخم جداً لدرجة انه غطى المسافة بين المعركة الكبرى و معركة الاباطرة، لذا لم يحتج الوجه ان يحرك عينه حتى بدأ يضحك و هى ينظر للأسفل بإحتقار، ” هاهاها الاب الشجرة فلوريس، هل سمعت بشكل صحيح ام انك تدعوني لنزال؟ من اعطاك هذه الجرأة؟ ألم تتعظ بعدما رأيتي ادمر 6 اسياد حرب في آن واحد سابقاً؟ هل استخدمت هذه اللعبة التي تدعوها سيد حرب في اقناع اولائك القرويين الحمقى ليتبعوك إلى حتفهم؟ ماذا، أتريدني ان اتي لأدمرك بنفسي حتى تتفاخر بأن قاتلت الامبراطور روبين شخصياً؟ هاها في احلامك.”

ثم هدأت ضحكة روبين قليلاً و عاد لينظر للأسفل بغضب، ” لا يا فلوريس، لا انت ولا غيرك لديكم وزن كافٍ يجبرني على القتال بيداي، جنودي سيكفو!”

“أهوووووه!!” رفع جنود الامبراطورية اسلحتهم و صاحوا

“جنودي لديهم القوة الكافية لأكلكم احياء!”

“أهوووووووه!!”

“جنودي سيبيدوا هذا الجيش التافه بالكامل اليوم و يذبحوا طريقهم نحو اعناقكم جميعاً!”

“أهوووووووه!!” “أهوووووووه!!” “أهوووووووه!!”

من Zeus

-+=