ميدان المعركة—
*شوالاااااا*
“احذروا انه اللهب الاسود مجدداً!!”
“اااااااههـ!!!”
ميدان المعركة كان يشغل مساحة ضخمة، جيش الامبراطورية الذي كان يبلغ وحده حوالي 3 ملايين جندي كانوا يشغلون مساحة تمتد على مرمى البصر، لذا حتى مستخدمي البرق و اللهب المكلفون بالهجوم لم يكونوا يركضوا كالحمقى من الشرق للغرب يهاجموا بعشوائية، بل قسموا بعضهم بحيث تصل هجماتهم لمحيط التشكيل الدفاعي كله، و هذا يعني ان كل واحد منهم عليه البقاء منه و الدفاع عن منطقته التي خصصت له حتى يتم استبداله، او حتى يموت..
لكن حالياً كان يوجد مشهد غريب جداً، واحد من القوات المُكلفة بالهجوم، تحديداً من مستخدمي اللهب، كان يضع يده في جيوبه و الاخرى يمسك بها مطرد ذهبي اللون، بين كل حين و اخر كان يحرك مطرده بشكل افقي ليلقي هجوم واسع المدى ثم يرجع ليقف كما كان
و الاغرب ان المنطقة التي كُلف ذلك الشخص بمهاجمتها كانت على الاقل عشرة اضعاف منطقة اي مُهاجم اخر و كانت شبه خالية من الاعداء، لم يكن هنالك سوى تل صغير من الجثث تحترق بلهيب اسود، و على مرمى البصر كان يقف البشر و الوحوش سواء لا يجرؤوا على الاقتراب اكثر
هالة اللهب الاسود كانت تجبر القلب على التوقف و تجبر الأرجل على التقهقر مرتعشة، و إن لم يكفيهم هذا فمنظر تل الجثث خير نذير!
لقد رأوا كل شئ… كلما تقدمت موجة تحاول مهاجمة جنود الامبراطورية من هذا الجانب يظهر جدار من اللهب الاسود يندفع نحوهم، أي شخص يلمسه ذلك اللهب يموت فوراً.
اللهب ليس قوي بشكل خاص مثلاً و لا يترك ندوب، لا يصيب نقاط حيوية مثلاً ولا يسبب الصراخ… كل من يطوله ذلك اللهب يسقط ارضاً فحسب.
هنالك بضع اشخاص لمسهم اللهب الاسود و نجو لكن كلهم كانوا في قمة نطاق حكيم، و كلهم تراجعوا على الفور يلهثون بأعين جاحظة و كأنهم تصارعوا مع الموت و أفلتوا منه، و كل ايضاً لم يعودوا لهذه الجبهة مجدداً بلا استثناء، و يقال ان بعضهم غادر ميدان المعركة كلها!
وقوف الشاب ذا المطرد هنا جعلت المنطقة التي يقوم بحمايتها أمنة نسبياً من الهجمات القريبة، يمكن حتى القول ان مستخدمي المياة و النباتات و الحياة و الرياح الذين يؤدوا المهام الدفاعية امامه كانوا يشعروا بالراحة و حتى بعض الملل! لكنه ايضاً تسبب في زيادة الضغط على بقية الجبهات بجواره و حملهم ضغوط اكثر…
“الجينرال الاعلى قيصر، نحتاجك في جبهة شمال شرق، الضغط عالي هناك و اعداد الموتى من جانبنا يتزايد بشكل ملحوظ، نرجوك ان تزورنا هناك لخمس دقائق فقط!” جندي في منتصف العمر جاء منحني للشاب ذا المطرد
بدون ان ينظر نحو الرسول، القى قيصر نظرة خاطفة نحو جبهة شمال شرق لبضع ثوانٍ…
في حين ان قيصر كان يتولى الجنوب، قوات الهجوم في الجبهة الشمالية بالكاملة كانت تقع تحت حماية رئيس كتيبة البرق الملقب بفتى الرعد رايدين، مع انه ما يزال حكيم في المستوى 34 إلا انه ما يزال صغير في السن و موهبته في مسار البرق خرافية كما ان له روح قيادية جيدة و كتيبة البرق كلها تحترمه كما ان الجميع يتوقع له ان يخترق لنطاق امبراطور خلال العشر سنوات القادمة إن لم يحدث له مكروه! ..لكن بالطبع كل هذا يأتي مستقبلاً، حالياً هو فعلاً ليس كافٍ ليتولى عملية الضغط الهجومي في المنطقة الشمالية بالكامل.
*شهيق عميق* “هوووه~ حسناً سأذهب للمساعدة، خذ انت مكاني ريثما اعود.” اومئ قيصر بثِقل ثم رفع و بدأ يقفز بإتجاه هدفه الجديد…
“فيو~” جنود الامبراطورية المخصصين لحماية جبهة قيصر تنفسوا الصعداء، لم يبدو انهم حزانى ان الجينرال الاعلى قد غادر و انهم اصبحوا معرضين للهجمات قصيرة المدى الاخطر مجدداً، بل بدى انهم ارتاحوا لسببٍ ما
اما قيصر نفسه فقد غادر و لم ينظر خلفه او يترك اوامر اخرى، و تعابير وجهه تحت الخوذة الذهبية حالياً لم تبدو جيدة مطلقاً، بل يمكن القول انه كان شاحب كالشبح في حين الهالات السوداء تحت عينيه كانتا واضحتان جداً، هذا بالإضافة لشعره و عيناه السوداوان و وجهه الذي اصبح يبدو جلد على عظم.. كل المؤشرات تقول ان الشخص الذي مسح جبهة بمفرده للتو مع انها ما يزال حكيم في المستوى 38 فقط، كان مريض جداً!
هو فعلاً مريض، لكن ليس مرضاً جسدياً… منذ اعطاه والده التبني لهب الموت ذلك اليوم و هو يعرف انه تلقى قوة عظيمة، مجرد ظهور اللهب الاسود في ساحة المعركة يغير النتيجة، مجرد هالة لهب الموت تكفي لصرع بعض ضعاف القلوب موتى!
… لكن قيصر نفسه لا يفلت بدون عواقب.
حتى روبين نفسه يكره كتابة تقنية هذا القانون و يكره اي شعور له علاقة بقانون الموت، انه القانون الوحيد الذي يعرف كل شئ عنه لكنه لم يستخدمه او يكتب له تقنية حتى الان و كأنه يتظاهر انه غير موجود! فماذا عن من يستخدمه في كل معاركه؟ …القانون قام بالتعديل على جسد قيصر بما يكفي لإستخدامه بدون اذى جسدي، لكن لم يخفف من الاضرار العقلية و النفسية الناتجة من الاحتكاك بقانون الموت بهذه الكثرة!
حتى اتباعه الذين يقفوا بمقربه منه اثناء تنفيذه لأي هجوم يشعروا ان الموت نفسه يتنفس بجانب اعناقنهم مما يجعلهم مشدودين دائماً و يرغبوا بالمغادرة بعيداً عنه!
الاستخدام الامثل للهب الموت هو معركة خاطفة يصيب بها خصمه باللهب من اول هجوم و ينهي الامر.
هذه هى سخرية القدر… لهب الموت هو الكابوس الافظع لأي جيش نظامي، لكنه مستعمله و المقربين منه لا يفلتوا من الاذى!
لهب الموت اعطى لقيصر القوة و القدرة على ان يكون الجينرال الاعلى لجيش الإمبراطورية، لكنه ايضاً كان يحاول دفعه ليكون وحيد دائماً و يبتعد عن من حوله حتى لا يؤذيهم
كيف يمكن للشخص ان يكون قائد و منعزل في نفس الوقت؟ هذا سؤال لم يعثر قيصر له على اجابة بعد.
*شوالاااااا*
“اااااااه!!!”
“انه اللهب الاسود! تراجعوا!!”
بعد ظهور اول موجة من اللهب الاسود سقط اكثر من مئتا جندي من الاعداء قتلى بينما فر الاخرين للخلف، في غمضة عين هدأ الهجوم قريب المدى على هذه الجبهة و اكتفى الاعداء بالهجمات بعيدة المدى مجدداً
لكن…
*بلع*
جنود الامبراطورية بدأوا يتعرقوا و يبتلعوا ريقهم، بدلاً من ان يتنفسوا الصعداء…