“معاليك!!” بعد العفريت، الرياح تجمعت حول أليكساندر و كاد يندفع للأمام ايضاً، لكن يد جابا امتدت فجأة و امسكت بذراعه، فنظر وراءه و صاح بصوت عالٍ، ” ما الذي تفعله؟ دعني اذهب! قد لا اكون بقوتك انت و ذلك العفريت بعد، لكن علي ان اساعد!!”

“هذا ليس بشئ يمكنك المساعدة فيه،” *كح كــح* سعل جابا بعض الدماء مجدداً لكنه تمكن من الوقوف على قدمه مجدداً، ” و ليس هنالك داعي أن تساعد على اي حال.”

“ماذا تقصد بأنه لا داعي للمساعدة؟ ما الذي يحدث في الصالة المغلقة؟ هل شن اب شجرة هجوم مفاجئ؟!” سأل أليكساندر بإستغراب، هو يعرف مدى محبة و ولاء جابا إتجاه معلمه، فهو سمع عن كيف تخلى جابا عن قبيلته بالكامل و نكر أباه من اجل ان يتبع معلمه! لذا كونه يتكلم بهذا الهدوء فهذا يعني ان المشكلة على الاقل ليس كبيرة كما كان يعتقد

“هيهي انتظر فحسب، ما المشكلة لو انتظرت؟” ربت جابا على ظهر أليكساندر و سند على كتفه، ” ابق عينك على الصالة فأنت ستشهد مشهد لطيف بعد ثلاثة.. اثنان.. واحد..”

*بوووم!!*

فُتحة اخرى ظهر في سقف صالة التدريب المُغلقة في مشهد مألوف، الفارق ان هذه المرة من تسبب في الفتحة كان العفريت الذي دخل قبل قليل!
جابا اشار نحو العفريت المقذوف و ضحك بصوت عالٍ على المشهد، لكن أليكساندر تحرك بسرعة و صنع وسادة من الريح في طريق العفريت ليخفف من سرعته حتى توقف، و صاح مصدمواً “ماذا يحدث في تلك الصالة بحق الجحيم؟!”
*كراك* *كراك*

في هذه اللحظة جدار الصالة المعدني بدأ يتشقق و ينطوي كالورق، و ظهر من خلفه عملاق متخذ هيئة بشرية و يلمع باللون الذهبي.

*باام* *باام*

ظهور العملاق المفاجئ و صوت خطواته التي تهز الارض جذبت انظار الجميع فوق التلة المنحدرة، موظفي المقر اغلقوا الشبابيك و الابواب على انفسهم و فعُلوا المصفوفات الدفاعية، اعضاء فريق التطوير خرجوا من مبناهم الخاص ليراقبوا ما يجري، الحكماء و القديسين في حالة الحراسة رفعوا اسلحتهم و ذهبوا لحصار الدخيل… كل شئ انقلب رأساً على عقب في لحظة!

“من يهاجم المولى سيموت!!” العفريت ايضاً وقف و عاد ليركض نحو العملاق الذهبي بنية قتل تكاد تكون ملموسة، في منتصف الطريق يده بدأت تمتد حت اصبحت بضعف حجمها ثم تحور شكلها ليتخذ شكل ساطور، ثم قفز على العملاق بدون لحظة تردد و كأنه نسي ما حصل قبل قليل!

عينا روبين لمعت للحظة عندما رأى هذا التغيير و شعر بالقوة وراء هجوم العفريت… إبتسامته كبرت بشكل واضح، لكنه ظل صامت يراقب.

“أووووه!!!” العملاق الذهبي اطلق صيحة حرب عندما رأى مئات القديسين و الحكماء يحاولون محاصرته و يرشقونه بالهجمات، صيحته وحدها كانت كفيلة بدفع القديسين اصحاب المستوى المنخفض نسبياً للخلف

ثم وقع مشهد غريب… العملاق حركة يده بطريقة معينة فظهر امامه كرة لهب ضخمة و هو حوله عدد لا يحصى من حبوب النار الصغيرة، تلك الحبوب اندفعت نحو القديسين و الحكماء فأصابتهم جميعاً في منتصف صدرهم و اسقطتهم ارضاً يتلوون من الألم، “اررغغغ!!!”

اما كرة اللهب الضخم فإندفعت نحو العفريت و ارسلته طائراً مجدداً، لكن هذه المرة العفريت تمكن من قطع كرة اللهب لنصفين في النهاية بدون ان يتكبد اي اصابات و عاد ليقفز نحو العملاق الذهبي مجدداً

اما جابا و أليكساندر فلم يتحركوا، كلما حاول أليكساندر التقدم كان جابا يوقفه مكانهم و يخبره ان لا يتحرك، لهذا انشغل أليكساندر بشئ اخر، التدقيق في وجه العملاق!

بعد حوالي دقيقة من ظهور العملاق تمتم أليكساندر بصوت منخفض، “..أهذا جوليان بارنيت؟!”

“أووووه!!” صرخ العملاق البشر مجدداً و اتخذ وضعية متحدياً الجميع، بدى انه لن يتراجع قبل ان يدمر التلة بمن عليها!

الجنود الساقطين وقفوا ببطئ و هم يمسكوا بصدورهم، مع انهم لا يرو طريقة لإيقاف ذلك الشكل لكن عليهم المتابعة حتى يتراجع او يموتوا هم، لا يجب السماح لذلك العملاق بالوصول للمستوطنة التي تحتوي عائلاتهم اسفل التلة المنحدرة!!

في هذا الجو المشحون سُمع صوت هادئ، “حسناً حسناً، لقد احسنت عملاً يا جوليان لا تخيفهم اكثر، ارجع للصالة الان.”

“أووووووو– اوه، حاضر معاليك” العملاق ادى التحية العسكرية ثم عاد ماشياً نحو صالة التدريب المغلقة مجدداً

كل الاعين فوق التلة المنحدرة تابعت المشهد الغريب بفم مفتوح، اعينهم ظلت مركزة على العملاق حتى دخل الصالة و قام بطي المعدنللأ على مجدداً ليغلق القاعة مجدداً و كأن شيئاً لم يحدث!

“هاه؟!”

“هاها حسناً جميعاً عودوا لما كنت تعملوه، هذا كان تدريب لإختبار مدى استعدادكم في مواجهة الطوارئ و قد احسنتم عملاً.” ضحك روبين بصوت عالٍ ثم اشار نحو جابا و أليكساندر، ” تعاليا خلفي.” بعدها ارسل نظرة غريبة نحو العفريت المصاب و اشار له، ” تعال انت ايضاً، سنتحدث في الداخل.” و بدأ يتمشى عائداً للصالة

“……….”

“……….”

“ألم تسمعوا معاليه؟ هيا عودوا لمواقعكم ايها الحثالة!” صاح أليكساندر عندما رأى الجميع ما يزال واقفين اماكنهم يحاولوا استيعاب ما حدث للتو، ثم اشار نحو جندي يعرج و يظهر انه يتألم، ” انت هناك، لا تمثل انك مصاب حتى تتهرب من مهامك لليوم فالعملاق كان يعبث معكم و لم يؤذي احد، إن لم تحرك مؤخرتك الان سأخصم من 10 نقاط.”

في هذه اللحظة عاد الجميع لحواسهم و بدأوا يركضوا في جميع الاتجاهات، حتى ذلك الجندي الشاب الذي كان يتصنع الإصابة ركض كالحصان، فقط العفريت ظل واقف مكانه مذهولاً لبضع ثوانٍ اضافية قبل ان يبدأ التحرك نحو الصالة بجانب أليكساندر و جابا

“تلميذ المولى.. كيف اكتسبت هذه القوة و لماذا اصبحت بهذا القصر؟” العفريت سأل بعد اخذ عدة خطوات

“هذا ليس مهذب جداً، لما لا تبدأ بنفسك؟ لماذا اصبحت انت بهذا الطول و كيف اكتسبت هذه القوة؟ حسب ما رأيت منك فأنت لست اضعف مني بكثير.” رفع جابا كتفيه و رد بسؤال اخر

“انا لست اضعف منك على الاطلاق ايها العملاق القزم!” العفريت صحح ثم عاد للصمت لبعض ثوان، قبل ان يسأل مجدداً: “…ما كان هذا الشئ الضخم؟ لديه قوة مخيفة… هل إبتكر المولى شئ جديد؟”

“اوه، لديك عدد كبير من الكلمات في فمك بالنسبة لعفريت أبكم، هل بدأت تشعر بالخوف ان مكانتكم ستتضائل لديه يا أكلي الجيف؟ هذا جيد!” قهقه جابا عند سماع سؤال العفريت، مع ان تلك الاشياء نادراً ما تظهر اي مشاعر إلى ان التردد كان واضح في صوته

“…المولى لن يتخلى عنا ابداً، ليس بدون سبب قوي على الاقل، طالما نطيعه و ننفذه اوامره سيتجاهل كل ما يسمعه عنه من الحشرات التي تريد عمل وقيعة بيننا و سيتركنا متعلقين بقدميه.” بعد التفكير لعدة لحظات تكلم العفريت بصوته الأجش، ثم نظر إلى جانبه، “لكن لا يمكن قول المثل عن بنو جنسك ايها العملاق القصير.”

توقف جابا مكانه و نظر نحو العفريت بجدية، “ماذا تقصد يا هذا؟ بنو جنسي ليسو اتباع لمعاليه اصلاً حتى يتخلى عنهم.”

“كيكيكي بالضبط، انهم ليسوا اتباعه اساساً بما انهم رفضوا النعمة و لم يتخيلوا ان يحكمهم شخص من الاجناس المتدنية، كثيراً ما يتم دعوتنا بالوحوش الغبية، لكن هل يوجد اغبى من ابوك و بقية بنو جنسك؟” نظر العفريت لأعلى و ضحك بصوت عالٍ، “لو كنت مكانك لتوقفت عن العبث في الارجاء، و اقلق على اهلي بدلاً من ذلك! انت تعرف مدى معزتكم الخاصة في قلوبنا نحن العفاريت، كيف اصفها؟ اوه، من الاسهل ان أكرر لك ما قاله لي ذاك الإنسان قبل قليل: كل شئ يتعلق بكلمة واحدة من المولى! كيكيكي” ثم نظر للأسفل نحو جابا لمرة اخيرة اظهر فيها ابتسامته القبيحة، بعدها تمشى لوحده نحو الصالة

تاركاً جابا واقفاً لوحده بعينين تائهتين…

من Zeus

-+=