*اووومننننــ*
“اررغغ!!” اسياد النقوش الذي فضلوا البقاء داخل الصالة المغطاة لم يعد بإمكانهم تحمل الضغط، بعضهم امسك بصدره متألماً و فر بسرعة للخارج، اما الاقوياء منهم فمدوا ايديهم للأمام و صنعوا درع طاقة ليخفف الضغط و الحرارة عليهم، هم كانوا يريدون رؤية نتيجة تعبهم طوال الايام الستة مهما كان الثمن!
*ززززنننننـ*
“ااه!!” لكن الاغرب قد حدث، رائحة لحم يحترق ملأت القاعة المغطاة فوراً، اولائك الذين مدو ايديهم بدروع الطاقة ليوقفوا تقدم بحر الضوء الذهبي إتجاههم احترقت جلودهم فورما حدث التلامس!
اجل، تلامس! ذلك الضوء الذهبي الكثيف لم يكن مجرد شكل، اسياد النقوش بمستوى حكيم الذين حاولوا ايقافه شعروا ان ايديهم لامست زيت من شدة كثافته!!
*خطوة.. خطوة..*
“هذا الشعور..؟” عقد جابا حاجبيه و اخذ خطوتين للأمام، اجبر نفسه على النظر مجدداً نحو بحر الضوء
“…حسناً هذا كافٍ،” اخيراً قال روبين شئ، ” جوليان، يمكنك الان ان تتبع نفس التعليمات التي اعطيتها لهم، لكن لا تدخل حالة تأمل، انت بالذات يجب ان يبقى ذهنك حاضر.”
“عــــ عُلم!” رد جوليان بصوت متألم، هو كان يقف على مقربة شديدة من كتيبة الجنود خلفه و يمكن القول انه إنغمذ بداخل بحر الضوء، لولا تدريبه القوي الذي بدأ بالفعل طريقه نحو نطاق امبراطور، ولا ارادته القوية التي اجبرته على الوقوف في المكان الذي امره به معاليه، لهرب و هو يصرخ منذ فترة طويلة
*شهيق عميق..*
“هووووو~”
اطلق جوليان زفير ببطئ حتى يهدئ نفسه و يرخي جسده، ثم بدأ يتبع التعليمات و يرسل رشقات من طاقته نحو الوشم الخاص به.
*شوووااالاااااااااا!!!*
“ااااه!!! هوف.. هوف..” اخيراً اسياد النقوش الذين حبسوا انفسهم داخل القاعة المغلقة تمكنوا من تنفس الصعداء بعدما خف الضغط عليهم، لكن فرحتهم سرعان ما تحولت إلى صدمة عندما نظروا للأعلى، “…ايه؟”
اما جابا فكان رد فعله اقوى حتى، بدور اخذ بضع خطوات بسرعة للأمام و هو ينظر للأعلى بعيناه الخضراوين واضعاً يديه على رأسه و هو يصرخ، “لا لا لا، أهذا ما افكر فيه؟ مستحيل!! كيف فكرت بشئ كهذا؟ كيف جمعت الانماط المناسبة لإتمامه؟!”
“هاهاها أتحسب ان عينك مجرد اداة غش لرؤية انماط القوانين ثم تدوينها؟ المهم ليس ما ترى يا تلميذي العزيز بل كيفية استخدام ما ترى، انت تستخف بقدرات عين الحقيقة كثيراً!” ضحك روبين بشكل هستيري و هو ينظر للأعلى، هو لم يجرب هذا الشعور بالفخر نتيجة صنع شئ منذ زمن بعيد
تطوير نظام التدريب الداخلي و زيادة مستوياته المتاحة حتى نطاق إمبراطور، تعديل نظام الاوشام ليناسب البشر، ارجاع حرفة صناعة الأسلحة الإلهية مجدداً… كل تلك كانت انجازات عظيمة، لكنه كان مجرد مطور، شخص وجد بناء قائم من سنين من بضع طوابق و هو قرر بناء طابق جديد او اصلاح الطوابق الموجودة، هذا البناء لن يكون ملكه ابداً!
اما ما يراه امام عينه الان فهو احد الإبتكارات القليلة التي فكر فيها و ابتكرها من الصفر، انها عصارة ابحاثه طوال هذه السنين، جوهرة تاج تاريخه!
“يا له… من شعور.. غريب..” رفع الحكيم جوليان يده و حك رأسه، لقد شعر بدفعة طاقة هائلة للحظة جعلته يفقد الشعور بجسده، ثم في اللحظة التالية تحول كل شئ لسواد، و الان عاد مجدداً يتحكم بحواسه و حركته… لكن ما يزال هنالك شئ غريب، فهو يحاول النظر حوله ليبحث عن معاليه او الكتيبة التي كانت خلفه لكنه لا يوجد سوى ألواح معدنية مرصوصة فوق رأسه تماماً، هل قام بشئ خاطئ و تم سجنه في هذا المكان الصغير؟
“بسسست، هاي جوليان، هل كل شئ على ما يرام عندك في الاعلى!”
“همم؟” سمع جوليان شئ جعله ينظر حوله اكثر، لربما يجد شخص يسأله عن سبب سجنه هنا
“هوي، انظر للأسفل!”
“همم؟” نظر جوليان للأسفل حسب طلب المُتكلم، ليجد منظر غريب جداً، “مـ معاليك؟ ما الذي حدث لكما؟! اه؟ ما الذي حدث لصوتي؟ لحظة.. أهذا جسدي في الاسفل؟!”
عندما نظر للأسفل وجد معاليه ينظر نحوه بفخر بإبتسامة كبيرة من الاذن للأذن، و رأى تلميذه بجابا ينظر له بصدمه بينما اللعاب يسيل من فمه و كأنه رأى اكبر جوهرة في العالم، لكن الغريب انهما اصبحا في حجم فأر!
ما حدث ان بحر الضوء الذهبي الذي كاد يدمر الصالة المغطاة بدا يتغير بسرعة بعدما قام الحكيم جوليان بتفعيل وشمه، فبدلاً من انه كان يتمدد للجوانب بدأ ينكمش من الاجناب و يتمدد للأعلى ثم بدأت تخرج لبحر الضوء ذلك اطراف و تظهر له ملامح بشرية تشبه الحكيم جوليان
في خلال بضع ثوان فقط تحول بحر الضوء اللزج ذاك إلى بشري بطول 25 متراً… هذا ارتفاع مبنى مكون من 8 طوابق!!
“هاها ليس ما حدث لنا يا صديقي بل ما حدث لك!” ضحك روبين بصوت عالٍ و هو يراقب لوحته المفضلة، ” هاي، اريدك ان تهدا، بما ان التجربة قد نجحت فسأشرح للجميع كل شئ بالتفصيل، لكن اولاً اريد ان اختبر قوتك قليلاً، هل انت جاهز؟”
“جوليان دائماً جاهز لخدمة معاليك.” العملاق رفع يده و ضرب صدره، مع انه لم يفهم ما يحدث بالكامل إلا ان هذا بالتأكيد ناتج عن النقوش التي تلقوها!
“هذه هى الروح المطلوبة!” صفق روبين متحمساً، ثم نظر بجواره و لطم على ظهر تلميذه، ” هيا اذهب و العب معه.”
————————–
في نفس الوقت– بوابة الفضاء المتواجدة على التلة المنحدرة
*بززززتتتـ*
عندما بدأ الفضاء داخل البوابة بالإضطراب تقدم بضع حكماء المسؤولين عن حمايتها في وضعية دفاعية، لكن عندما رأوا الشخص الذي خرج أدوا التحية
العسكرية”نحيي الحاكم أليكساندر و الـ..—-” لكن عُقدت ألسنتهم و ارتجفت قلوبهم عندما رأوا الشخص– بل الشئ الذي خرج بعده
ليس و كأنهم لم يروا عفريت من قبل، نفس الجلد القرمزي الذي تملأه الحراشف الداكنة و القرون الحلازونية المدببة للأعلى و الشعر الابيض الطويل، و نفس الوجه الخالي من كل شئ ما عدا فم ملئ بالأسنان الحادة، لقد كان وحشاً كبقيتهم، لكن هذا بالذات كان مختلفاً…
هالة هذا العفريت خانقة لدرجة غير طبيعية، حتى هم كحكماء حُشرت الكلمات في افواههم عندما رأوه، كم انه جسدياً لا يشبه بقية العفاريت ايضاً بل هو اطول بشكل واضح من اقرانه، في الواقع طوله على الاقل 3 امتار كما كان حال تلميذ معاليه، جابا، قبل معركة اسياد الحرب!
اما أليكساندر و ذلك العفريت المرعب بدأوا بالتقدم بإتجاه صالة التدريب المغلقة متجاهلين الحراس كلياً، ثم تكلم أليكساندر بحاجبين معقودين و هو يضع يده وراء ظهره، ” لو كنت اتيت عندما طلبت منكم، أما كنت ستتلافى هذا الموقف؟ ليس و كأني كنت اريد ان اؤذيكم بل كنت اريد اعطائكم تقنيات تقويكم، انظر الان و قد اغضبتم معاليه!”
“المولى حكيم.. المولى رحيم.. المولى سيتفهم الوضع..” تكلم العفريت بصوت خشن تقشعر له الابدان
“همف، اتمنى ذلك، مع اني لا اريد ان اكون عدواً لكم يا معشر الوحوش، لكن عليك ان تفهم ان كل شئ يتوقف على كلمة واحدة من معاليه، لا تحاولوا اختبار حدوده كثيراُ فقد تندمون على ذلك.” تكلم أليكساندر بجدية
لكن العفريت رد بإبتسامة قبيحة، ” المولى حكيم.. المولى لن يختار ذلك..”
*بووووووم!!*
في هذه اللحظة و عندما كانت صالة التدريب المغلقة على مرمى البصر، شخص قُذف منها كطلقة مندفع
*سووووش*
العفريت تحرك بسرعة خاطفة قبل ان يتمكن أليكساندر من ابداء ردة فعل و إلتقط الشخص المقذوف و هو يبصق دماً، و بتفحص سريع فتح العفريت فاهه مجدداً ليتكلم، “… أأنت تلميذ المولى جابا؟ كيف اصبحت بهذا القصر؟”
جابا اراد فتح فمه لقول شئ، لكن *بوووف* كمية ليست قليلة من الدماء اندفعت من فمه
“جابا؟ من بحق الجحيم يمكنه ان يفعل بك هذا؟ و اين معاليه، لقد تركته معك!!” ركض أليكساندر لجوارهم و سأل بهلع
“اين هو المولى؟ تكلم” العفريت رفع جابا من ياقته حتى لم تعد قدماه تلامس الارض و صاح عليه
جابا مسح الدماء من دمه و كاد ان يلكم العفريت ذا رائحة الفم النتنة بعيداً، لكن ابتسامة غريبة ظهرت على وجهه ثم اشار نحو الصالة، ” انه هناك، العملاق الذهبي داخل القاعة يريده قتله، اذهب و انقذه بسرعة.”
“يجب حماية المولى.” ألقى العفريت جابا و اندفع نحو صالة التدريب المغلقة
——————-
صورة للعفريت في سيرفر الرواية في ديسكورد:
https://discord.gg/FuSyge6kjc