بعد ستة ايام– التلة المنحدرة– في صالة التدريب المغطاة

*باام*

*لهاث* *لهاث* “لقد انتهيت.. لقد انتهيت…” سقط رسام نقوش على ظهره بعد رسم اخر خط على ظهر الجندي امامه، و اخذ يلهث للهواء و كأنه احدهم كان يُبقى رأسه تحت الماء خلال الساعة الفائتة

ليس هو وحده، الصالحة المغطاة كلها كانت مليئة بأجساد مُلقاة على الارض او مستندة على الحائط، اسياد النقوش الذين دخلوا في بهاء بملابس نظيفة و انف مرفوع، كلهم الان يبدون كالمتسولين بمناظرهم الضعيفة و ملابسهم الملطخة بالأحبار، يبدو انه حتى طفل عشوائي من اي مستعمرة يمكنه قتلهم جميعاً!

“….” ليس على مسافة بعيدة روبين كان يجلس في نفس بقعته، عيناه مركزتان بالكامل و هو يرسم شيئاً على كتف رجل امامه، الرسمه كانت تبدو اكبر بشكل ملحوظ من البقية و الشخص نفسه لم يكن يبدو عادي ايضاً.

الحكيم الجالس امام روبين كان في منتصف العمر ذا ملامح حادة و شعر طويل، ذو لحية كثيفة و ندبة ظاهرة تقسم لحيته من على خده الايمن، و هالته القوية توحي انهي في قمة مستوى حكيم على اقل تقدير، هو بلا شك من الذين اشتروا احد نسخ الدرجة الرابعة من القوانين!

“…انا ايضاً انتهيت.” روبين اظهر أسنانه البيضاء مبتسماً، “تدعى جوليان بارنيت، صحيح؟ هيا قُم إرتدي درعك و استرح، انت ستكون جزء حيوي من التجارب التي سنبدأها.”

“يبدو ان رسم الاوشام الإلهية على القديسين قد انتهى ايضاً، ممتاز! يبدو اني كنت اخر من انتهي لكن لا بأس سأعترف بالهزيمة هذه المرة” ثم وقف روبين و نظر حوله برضا ثم اومئ مبتسماً و تكلم بصوت عالٍ، ” اسمعوني جميعكم جميعكم، من لم يرتدي دروعه من الجنود فليرتدها ثم قفوا في مربع واحد و نظموا أنفسكم بحيث كل من يملكون نفس الوشم يقفوا بجوار بعضهم… و الاخوة اسياد النقوش رجاءً أخلوا القاعة او راقبوا من الجانب حتى لا تتأذوا.”

“حاضر!” صيحة عالية رجت الصالة ثم بدأ الجميع بالتحرك فوراً

وقف الحكيم جوليان ايضاً و انحنى نحو امبراطوره، ” حاضر، معاليك.” ثم اخذ بضع خطوات للوراء قبل ان يبدأ بإرتداء دروعه، مع انه لا يعرف اي تجارب سيبدأ لكنه عليه ان يفعل كما اُمر

” هممم؟” لكن المنظر الغريب حول الحكيم جذب نظره اثناء ارتداءه لدروعه…

الحكماء كانوا في قسم خاص بهم على الجانب يركزون بالكامل على معاليه و النقوش الذي تنتظرهم، جوليان بالذات لم يبعد عينه عن معاليه لحظة او يهتم بأي شئ اخر، لذا لم يكن يعرف ما يحصل حوله

حتى مع الهرج و المرج الحاصل في القاعة حالياً هو لم يستطع منع نفسه من ملاحظة ان الحوالي 30 سيد نقوش كانوا جميعاً يبدون منهكين كلياً بل يمكن القول انه يتشبثون بالحياة، بل حتى تلميذ الامبراطور الوحيد، جابا، كان يقف على الجانب مستنداً على الحائط يأخذ انفاسه ببعض الصعوبة!

بالطبع هذا ليس غريب جداً بما انه من المعروف ان رسم النقوش يستنزف قوة الروح و اسياد النقوش هؤلاء عمِلوا بجهد مضاعف خلال الايام الماضية لإرضاء معاليه، اسياد النقوش هؤلاء ليسوا اشخاص عاديين قادمين من الشارع بل كلهم حكماء او في قمة نطاق قديس، كلهم نخبة و مُعترف بقوة ارواحهم انها اعلى بكثير من اقرانهم و مع ذلك حصل فيهم هذا!

و هنا يأتي الغريب فعلاً في الامر.. و هو ان معاليه كان عليه ان يرسل الوشوم لـ 500 حكيم، نقوش تبدو اكبر و اعقد من النقوش على اجساد القديسين بفارق واضح، بينما كل واحد من اسياد النقوش هؤلاء كان عليه الرسم لـ 150 قديس فقط، و مع ذلك معاليه لم يكن يتعرق حتى اثناء رسم النقش عليه و هو اخر واحد، بل لم تتوقف يده للحظة واحدة خلال الايام الماضية او يأخذ استراحه!

و يقول انه يعترف بالهزيمة لأنه اخر من انتهى.. بعد تلك الكلمات رأى جوليان اسياد النقوش يهزون رؤوسهم بضعف و كأنهم يريدون من الارض ان تنشق و تبعلهم، الفارق ببساطة كان كبير جداً!!

لم يتمكن جوليان من كبح نفسه إلا ان اخذ نظرة خاطفة على معاليه مجدداً، قبل ان يعود للبس دروعه مجدداً بشكل اسرع… هذه المرة كان هو من يتعرق.

*صخب* *صخب*

الصالة المغطاة كانت واسعة و شديدة الصلابة بحيث يمكنها تحمل قتال حقيقي بين عدة حكماء بحيث يمكنهم التحرك و اعطائهم مساحة للطيران بحرية، لكنها ما تزال ليست واسعة بما يكفي لتتسع اكثر من خمسة الاف شخص بسهولة، خاصةً و هم يتحركوا كالذباب مقطوع الرأس حيث كل واحد يحاول ايجاد فريقه الذي يحملون نفس الوشم مثله!

مع ذلك، جنود مدربون و شديدوا الخبرة مثلهم لم يستغرقوا سوى بضع دقائق لينفذوا الاوامر، الـ 5500 قديس و حكيم وقفوا في تشكيلة مربع منتظم

“معاليك، اين.. اقف بالضبط؟” تقدم الحكيم جوليان، و انحنى امام روبين برهبة هو لم يتمكن من ايجاد شخص اخر يحمل نفس وشمه ليقف معه

“انت ستقف امامهم بالطبع، كل كتيبة تحتاج لقائد، صحيح؟” ربت روبين على كتف الحكيم جوليان و ضحك، ثم اشار له إلى حيث يفترض ان يقف بالضبط

“… سأقاتل من اجل معاليك حتى النهاية!!” لم يتمالك الحكيم جوليان سعادته بأن تم تعيين قائد من قِبل الامبراطور شخصياً، فإنحنى مجدداً ثم تقدم بخطىً سريعة ليأخذ موقعه، حرفياً مستعد لقيادة هذه الكتيبة إلى الموت إن لزم الامر

*شهيق عميق* ” هووووه~” تقدم جابا ليقف بجوار مُعلمه، ” إذاً، ماذا ستفعل بكل هؤلاء؟” الاجهاد ما يزال واضح عليه بما انه رسم نقوش 150 قديس ثم ساعد بقية اسياد النقوش على رسم عدة اشخاص في فرقهم ايضاً حتى ينتهو بسرعة، حتى هو لم يعرف كم وشم رسم لكن العدد بالتأكيد ليس اقل من 300!

“سترى، فقط جهز نفسك لأنك ستكون اداة الاختبار.” قهقه روبين

“هيه؟ اختبار ماذا؟!”

تبسم روبين و لم يجب مجدداً، ثم ولى انتباهه للأمام مجدداً و صاح، “دعونا نبدأ… كلامي الان موجه لكم جميعاً ما عدا الحكيم جوليان، اغلقوا اعينكم الان و ادخلوا حالة تأمل، لا تشغلوا بالكم بشئ ولا تفكروا في شئ، ثم قوموا بتدوير الطاقة في اجسادكم بأقصى سرعة و مرروها عبر اوشامكم مرة واحدة كل ثانية، افعلوا هذا بالتزامن بعد 10 ثوان من الان… مستعدون؟ ابدأوا!”

بدون الحاجة للرد، الـ 5000 قديس و الـ 500 حكيم اغلقوا اعينهم فوراً و بدأوا بالعد التنازلي في رؤوسهم

*صمت….*

*اوووووومننننــــ*

“هذا…” بعد انتهاء العشر ثوان، لاحظ جابا شئ غريب يحدث

صالة التدريب المغطاة التي لا يدخلها الا القليل من الضوء بدأت تُضاء تدريجياً حتى اُجبر على وضع يده على عينه، “اررغ!!”

كتيبة الجنود امامه كانوا مغطين بطبقة حريرية من اللون الذهبي شديدة السطوع و شديدة الحرارة، تلك الطبقة أخذت في الازدياد شيئاً فشيئاً حتى بدى و كأن الجنود غارقون تحت بحر من ماء الذهب، لا… هذا البحر كان هائج جداً و حار جداً، و كأنها الشمس نفسها انصهرت!

من Zeus

-+=