*كراااككـ* جلس جابا مجدداً و عاد للضغط على ركبتيه حتى بدأت تصدر اصوات غريبة، كيف يمكن انه لا يفهم مُعلمه؟ لو اراد الذهاب و توحيد المنطقة الشرقية تحت رايته فعلاً فكل ما عليه فعله هو الذهاب بنفسه لمدة يوم واحد يُري وجهه للحشود و يعين احد جينرالاته قائداً للعشيرة ثم يغادر مجدداً، هو ببساطة لا يريد فعل شئ حيال الامر

لكن كيف يلومه… كراهيته لكوكب نيهاري تراكمت منذ اول يوم وصل فيه إلى هناك، و تلك الكراهية وصلت لأوجها عندما عرف ما حصل لإبنه و زوجته، و خُتمت عندما خرجت العشيرة عن طوعه.

عندما جائته الاخبار عن قبيلة البرق عادت لتملك اراضيها الخاصة و ان حدودها امتدت لعشرة اضعاف مساحتها في الماضي لم يشعر جابا بأي فرح بل بالعكس، شعر بالشفقة على والده و على كوكب نيهاري كله، ألا يدركون عاقبة اغضاب روبين حقاً؟ أم انهم يعرفوا ولا يهتموا ببساطة؟

جابا كان يبحث عن الاخبار ثم يسمعها بندم و يصمت، أملاً ان روبين سيضع مشاعره جانباً في اللحظة الحرجة و ينفذ وعده لذلك الشخص المستبصر و ينقذ كوكب نيهاري من الغزو، لكن افعال سيوف الظل مؤخراً اثارت قلقه بشكل كبير…

“كوكب نيهاري الذي جئت منه يا اخ جابا و جاء منه العفاريت، صح؟ هل سنذهب إلى هنالك بعدما ننتهي من جرينلاند؟” رفع أليكساندر حاجبيه قليلاً، ” هممم تلك المنطقة الشرقية تبدو فوضاوية جداً و ستكون موطئ قدم مناسب لنا، ماذا عن باقي المناطق؟”

“……”

ضحك روبين و اشار لجابا، ” اجل يا جابا، ماذا عن باقي المناطق؟”

“… قبل ست سنوات بدأت تنتشر اخبار في انحاء المنطقة المركزية و جنوبية و الغربية تفيد بأن هنالك مختار سماء ثالث ظهر من البشر في المنطقة الشرقية و انه تمكن من بناء عشيرة ضخمة غيرت ملامح المنطقة بالكامل و كسر انوف قبائل العمالقة بإستخدامها، كما ان مختار السماء البشري ذاك تنبئ بأن هنالك غزو من عالم اخر قادم ليدمر عالم نيهاري قريباً جداً.” صمت جابا قليلاً هنا ثم تابع، “…لم يكن يعلم من هو مصدر الاخبار و كيف انتشرت بهذه السرعة المرعبة، لكن الجميع كان عليهم التعامل مع هذه الاخبار الغريبة. فالنسبة للبشر و بقية الكائنات المتدنية ان يخرج مختار سماء من وسطهم هذا فخر كبيرخاصة انه نجح لهذه الدرجة و في فترة قصيرة، اما العمالقة في تلك المناطق حاولوا كبح تلك الاخبار و تكذيبها بكل الطرق، فخروج مختار سماء من الاجناس المتدنية لهو عار بالنسبة لهم! …طبعاً كلا الجانبين نسو موضوع الغزو تماماً.”

“…هذه الاخبار كانت بداية لإكتساب الكائنات المتدنية بعض الغرور او يمكن القول *بعض الزخم* فبعض المستوطنات رفضوا تسليم ابنائهم للقيام ببعض الاعمال المهينة، و بعض المستعمرات الاخرى اعلنت العصيان التام، اما هجمات *الجماعات الارهابية* فتزايدت عدة اضعاف. بالوصول لهذه النقطة اصبحت لتلك الاخبار دور محوري في ما يجري في المناطق الثلاث بدون اي تأكيد فعلي، لذا حاول كلاً من العمالقة و الجماعات المسلحة من بقية الاجناس الوصول للمنطقة الشرقية و التحقق من صحة الاخبار مع ان التواصل بين المناطق منقطع تقريباً بسبب سلاسل الجبال و المحيطات و حتى اراضي الموت المحقق التي تقع بينهم فهذه المناطق لم تُحدد بشكل عشوائي، لكن كان عليهم الذهاب على اي حال فالعمالقة ارادوا ان يقتلوا مختار السماء الثالث ذاك ان كان موجود اصلاً، و الجماعات المسلحة ارادوا دعمه و ايجاد طريقة للإستفادة منه.”

“قبائل العمالقة المتبقية في المنطقة الشرقية عندما سمعوا بوصول اشخاص من بقية المناطق حاولوا ابقاء الامر سراً و وضعوا قانون حديدي بمنع التكلم بشأن مختار السماء الثالث بشكل قطعي و صنعوا تاريخ مفبرك ليظهرهم بأنهم الابطال الذي دمروا بقية القبائل و ابتلعوها بقوتهم الخاصة، لكن اكاذيبهم لم تدم طويلاً و السبب ببساطة هو مدن العشيرة. مدن العشيرة السبعة ببساطة كانت عملاقة جداً و لا يمكن عدم ملاحظتها حتى لو كانت متناثرة في ارض الموت، كما ان كل سكانها من الكائنات المتدنية!”

ثم اظهر جابا ضحكة ساخرة، ” العمالقة من بقية المناطق الثلاث الذي دخلوا للمنطقة الشرقية وضعوا اعينهم على مدن العشيرة و قرروا التجمع و مهاجمة تلك المدن لإستئصال هذه الشائعات مرة و إلى الابد، لكن تم سحقهم بدون يتعرق سكان العشيرة حتى. كيف يعلم اولائك الحمقى ان هذه ليست مجرد مستوطنة ضخمة يسكنها دجاج و كلاب بل يوجد الملايين من مستخدمي القوانين في الداخل؟ كما انه يوجد الالاف من اسياد النقوش و الحدادين الإلهيين، كل مدينة من السبعة هى ببساطة هى حصن قائم بنفسه!”

“تلك المعركة الصغيرة اعلنت للجميع ان تلك الشائعات لم تكن فارغة، فهذه المدن يستحيل ان تخرج من العدم بدون وجود مختار سماء ثالث، و واحد قوي جداً ايضاً! كما ان هنالك من قال ان العشيرة وفرت مأوى للجماعات المسلحة من بقية المناطق و اعطتهم اسلحة إلهية و طلاسم و خواتم فضاء ليحملوا فيها كل هذا و حتى بعض المتطوعين من العشيرة ذهبوا مع تلك الجماعات، لكن اورزون و بقية الشيوخ الذين يقودوا العشيرة حالياً رفضوا تسليم اي تقنية تدريب او طريقة صناعة قائلين انه لم يؤذن لهم.” ثم رفع جابا كتفيه، ” بالطبع تلك الإمدادات كانت كافية لخلق جحيم في بقية المناطق الثلاث، خاصةً ان الكائنات المتدنية شعروا انه اصبح لديهم ظهر يحميهم و رأوا الامل اخيراً، لذا تضاعفت اعمال الشغب و الثورات و حاولت الكثير من المستعمرات الهجرة نحو المنطقة الشرقية!”

“…و ماذا بعد؟” سأل أليكساندر بعد بجدية

” ما حصل بعد يمكن ان يتم تخمينه، كيف لقبائل العمالقة ان تسمح بشئ كهذا؟ تم تحريك جيشوهم و بدأت حرب إبادة حقيقية على كل الاجناس المتدنية، اي مستعمرة تقع في طريقهم كانت تُباد فوراً، قائدهم قال حرفياً انهم قرروا الابقاء على كلب واحد حي من بين كل مئة يطولوهم، و بالفعل تم دك عدد لا يحصى من مستعمرات الكائنات المتدنية،فمع ان اعداد الكائنات المتدنية الإجمالي في تلك المناطق يصل لعدة مليارات و كلهم ثاروا ضد العمالقة إلا ان فارق القوة كان مهول لصالح العمالقة، و مع ذلك ثوار المستعمرات لم يستسلموا، و هم لم يكونوا ضعاف ايضاً بعد الدعم الذي تلقوه من العشيرة! فبدأ العمالقة يتحركوا في جيوش نظامية يمسحوا اي شئ في وجوههم و بدأ ثوار الاجناس المتدنية يتحركوا في جماعات صغيرة مسلحة لإصطياد العمالقة الجنود منهم و المدنيين، كلمتا دمار و فوضى لا تكفيان لوصف ما يحصل هناك، و هذا الوضع إستمر حتى…”

“حتى ماذا؟!” ربت أليكساندر على فخذ جابا حتى يتكلم

رفع جابا رأسه و نظر نحو روبين، ” حتى انتشر بين الكائنات المتدنية تقنيات امتصاص الطاقة المُطلقة و المئات من تقنيات القوانين حتى المستوى الثالث، كما انتشرت بينهم تقنيات تقوية الروح و صنع الطلاسم و النقش على المعادن.. إلخ~ تقريباً كل تقنيات الإمبراطورية يعني، كما انتشر بينهم معلومات عن مواقع مناجم احجار الطاقة و مناجم المعادن المُستعملة في الحدادة الإلهية و حتى بعض المواقع الحيوية الخاصة بالعمالقة كمخازن السلاح و الطعام و غيرها من اللوجيستيات…”

رداً على نظرة جابا، إبتسم روبين و لم يقل شئ

نشر *كل تقنيات الامبراطورية* جعلت أليكساندر يستوعب شئ فألقى نظر نحو روبين ثم غرق في الصمت لبعض ثوانٍ، سند ظهره على المقعد و اكمل الكلام و كأنه لم يلحظ شئ، “…معلومات كهذه بالتأكيد قلب موازين الحرب القائمة في المناطق الغربية و الجنوبية و الوسطى، فأعداد البشر و بقية اجناس الـ -اسف على اللفظ لكن هذا حسب قولك، الاجناس المتدنية، كبير جداً، بالميارات تقول؟ فور انتشار تلك التقنيات سيخترق اعداد هائلة لنطاق الفروسية و خلال بضع اشهر سيدخل عدد ضخم منهم لنطاق قديس و ستتحول تلك المناطق لجحيم، هذه بالتأكيد تحولت لحرب حقيقية بدلاً من حرب عصابات، وضعهم اسوأ بكثير من المنطقة الشرقية، على الاقل في المنطقة الشرقية يوجد سلام على السطح.”

ثم بدى أليكساندر و كأنه تذكر شئ و نظر نحو جابا، ” انت ذكرت حتى الان المنطقة الشرقية و الغربية و المركزية و الجنوبية.. ألا يملك ذلك الكوكب منطقة شمالية؟”

من Zeus

-+=