التلة المنحدرة… تلك البقعة العشوائية في كوكب جرينلاند التي ذاع صيتها مؤخراً كرأس الشيطان الذي يخرج منه الغزاة
لكن معظمهم لم يعلم ان تلك التلة اُختيرت بشكل عشوائي ليُبنى عليها بوابة الفضاء و بالتالي اُجبر روبين و البقية على اتخاذها موطئ قدم دائم الإمبراطورية في كوكب جرينلاند، التلة المنحدرة لم تكن افضل خيار لبناء بوابة الفضاء، و بالتأكيد ليست افضل خيار لبناء مدينة!
التلة مقسومة نصفين بوساطة جدار معدني ضخم، النصف العلوي منها لديه حماية عدد هائل من المصوفافات التي تحمي الارض و السماء كما انه يحتوي على بوابة الفضاء، لذا تقرر ان تلك البقعة ستكون موطئ القدم الغير رسمي للإمبراطور مؤقتاً، فتم بناء برج المقر الضخم هناك ليكون تحت حماية المصفوفات و الجدار المعدني، و بالمرة تم بناء عدة انشائات مهمة اخرى مثل ثلاجات جثث البراعم و مصانع الحدادين و ورش رسم النقوش، و ايضاً بعض البنايات السكنية و من ضمنهم قصر امبراطوري صغير.
فيما عدى ذلك فلا يوجد شئ يذكر فوق التلة المنحدرة، فهى لم تكن كبيرة لما يكفي لتحمل مدينة كاملة، كما انه ببساطة لم يكن لدى احد الوقت او النية الكافية لبناء مدينة متكاملة هنا!
فوق التلة المنحدرة– داخل غرفة صغيرة في احد المباني السكنية
كأحد المباني السكنية العشوائية، لم تكن هذا المبنى كبير او ذا تفاصيل فارهة، هذا الغرفة بالذات كانت صغيرة و شبابيكها مغلقة، لكن كانت في هذه اللحظة تأوي عدد كبير من الاشخاص
و لسببٍ ما، كل واحد فيهم كان إما ينقر على شئ بسرعة، او يتحرك ذهاباً و اياباً بسرعة و يداه وراء ظهره
*خطوة.. خطوة..*
*تاك* *تاك* *تاك*
“هلا هدأتم قليلاً حق الجحيم؟!” فوغون ضرب على الطاولة امامه و صاح بصوت منخفض
“كيف؟ كيف نهدأ في موقف كهذا؟ اي كلمة حرفياً ستحدد مصيرنا و مصير قبائلنا!!” الشخص الذي كان يمشي ذهاباً واياباً وقف و نظر نحو فوغون بغضب، لقد كان حديار زعيم قبيلة طيور الليل
“الخوف و التردد لن يفيدكم ايضاً!” عقد فوغون حاجبيه، ثم بدأ ينظر نحو بقية الحضور، ” فقط اخبروني ما رأيكم فيما قلت، دعوني نناقش الوضع مع بعضنا…”
“انت من جلبت لنا هذه الاخبار القبيحة التي تشبه وجهك، فلتخبرنا برأيك اولاً!” زعيم قبيلة السهول، ديباس، تكلم و هو يفرك عينيه ببطئ، لكن كان واضح منه صوته الهلع ايضاً
“…صحيح ان التحالف البشري قرر عقد معاهدة سلام مع الاباء الاشجار و التنسيق معهم للقضاء على الغزاة، لكن هذا ليس بالضرورة شئ سئ.” بعد بضع ثوان تكلم فوغون
“كيف لا يكون سئ؟ كيف لا يكون سئ.. لقد اعلنوا اننا خونة في حال لم ننضم لفهم فوراً و نهاجم الامبراطورية، هذه كارثة بكل المقاييس!” ديباس امسك رأسه بكلتا يديه، “لو قررنا الانضمام للإمبراطورية سيتحتم علينا قتال إخوتنا، بشر مثلنا، حتى يفنى احدنا؟ و لو قررنا الانضمام لهم سنكون قد عادينا الامبراطورية الملاصقة لحدودنا، و لن يكون هنالك فرار من الإبادة، كيف نختار في وضع كهذا؟!”
“لماذا اساساً قرروا محاربة الامبراطورية؟ من ابن العاهرة الذي اقنعهم بهذا؟ ارغغ لو امسكت به سأكله بأسناني!! بمساعدة الإمبراطورية تمكننا من قتل الاب الشجرة هوفنهايم صاحب فكرة البراعم اشباه البشر التي أرهقت التحالف البشري بالكامل، حتى امبراطورهم روبين قام بإخضاع الاب الشجرة ديكارت بدون حرب تذكر!” صاح حديار مجدداً، ” لو دعمنا الامبراطورية اكثر قليلاً فلن يطول الامر قبل الاطاحة ببقية الاباء الاشجار الخمسة و نسترد عالمنا، من يهتم لو كانوا قادمين من عالم اخر؟ هل التحالف البشري أحب العيش تحت رحمة الاباء الاشجار و لم يستطيع الاستغناء عنهم؟!”
“نظرتك تُحترم يا حديار، لكن هل سنسترده العالم لنا حقاً؟ نحن ننتظر منذ حوالي شهر ان نستلم نصيبنا من الغنائم لكن كل يوم يخبرونا ان امبراطورهم روبين في عزلة و يجب ان ننتظر، انا اقول لكم ان هذا كذب و انهم بالفعل وزعوا كل شئ و يلعبون بنا! هذا عالمنا و نحن ننتظر ان يعطونا كسارات الخبز. ألا يعطيكم هذا نظرة عن ما سيحدث لنا بعض القضاء على الاباء الاشجار؟ ضد الاباء الاشجار نحن فعلاً معرضين لخطر الموت لكننا تمكننا من الصمود طويلاً، اما ضد الغزاة فسنتحول لعبيد للأبد!” قال فوغون بسخرية ممزوجة بغضب
ثم اكمل، “ثانياً لا ترفعوا من شأن العدو و تقللوا من قيمتكم، صحيح ان هوفنهايم قد قُتل، لكن أكان هذا سيحدث بدون مساعدة قبائلنا الثلاث؟ حتى في حرب ديكارت كانت قبيلة جرذان المراعي تشارك بقوة، كما ان ديكارت استسلم لأنه جبان فحسب ولا يريد ان يحدث له ما حدث لهوفنهايم.”
ثم نظر ببطئ نحو ديباس، “هل تحسبوا ان الامبراطورية هزمت هوفنهايم بسهولة؟ لا يغرنكم تدخل امبراطويهم المدعو روبين الذي يملك قوة غير عقلانية، هم انفسهم ليسوا بهذه القوة! الإمبراطورية خسرت في الحرب مئات الاف الجنود مع انهم حظوا بمساعدة قبائلنا الاربعة، هل كانوا ليفعلوا شئ من دوننا؟ انا اضع حياتي على المحك لأراهن انه لو استخدمت الامبراطورية جيشها الكامل ضد الاب الشجرة ديكارت او اي أب شجرة اخر بدون مساعدتنا سيُهزموا شر هزيمة، او على الاقل سيخضعوه بعد عدة عقود! ماذا سيحدث برأيكم لولائك الغزاة لو قاتلوا الاباء الاشجار الخمسة في وقت واحد؟ و فوقهم التحالف البشر كاملاً؟! سيتم طردهم في غمضة عين!”
“انا ايضاً لا اريد ان اُعادي التحالف البشري من اجل حفنة من الغزاة، حتى بالفرض انهم انتصروا ضد تحالف الاباء الاشجار و البشر، ماذا بعد؟ هم إما سيأخذوا كل موارد عالمنا و يتركونا نتضور جوعاً او سيبقوا هنا و يكونوا الاسياد و نحن العبيد، هذا ان تركونا احياء اساساً، علينا فعل شئ طالما ما يزال بإمكاننا…” شخص اخر تكلم، من ملابسه واضح انه من قبيلة السهول
“حمقى!!” شخص يرتدي درع قبيلة طيور الليل ضرب الكوب الذي كان يمسكه بالأرض، “حتى لو تعاوننا مع الاباء الاشجار و التحالف البشري و لنفترض عرضاً ان لديهم القوة الكافية لسحق الغزاة فعلاً، هل نسيتم اين نحن؟ جميعاً على حدود اراضي ديكارت و هوفنهايم، اراضي الامبراطورية! لو قمنا بخيانتهم فتأكدوا انهم سيقضون علينا على الاقل قبل ان يغادروا عائدين من حيث أتو، هل انتم مستعدون ان تكونوا مداس لقدم بقية التحالف؟”
“……..” الصمت حل على الجميع مجدداً، هذا كان مربط الفرس بالنسبة لهم
بعد عدة دقائق نظر فوغون نحو ركن في الغرفة بغضب، ذلك الركن كان هنالك شخص سمين يجلس براحة، يضع قدمه على طاولة صغيرة امامه و ينظر نحو السقف و كأنه لا يهتم بكل ما يجري، ” شارفير، ألا تنوي المشاركة في امر مهم كهذا؟ هل الدهون على بطنك أثرت على عقلك؟”
“هيهي انت تقول هذا، لكن انا ارى نفسي اعقل واحد فيكم.” قهقه زعيم قبيلة جرذان المراعي، ” افعلوا ما تشاؤون، قبيلة جرذان المراعي ستقسم على الولاء لجلالة الإمبراطور اليوم و ننضم للإمبراطورية مهم قلتم.”
“ماذا؟!” الجميع تقريباً وقفوا في نفس الوقت و صاحوا
“انت.. هل تدرك من ستعادي عندما تأخذ هذا القرار؟ ألا ترى ان هذه خيانة؟ هل تعتقد ان للغرباء فرصة امام تحالف الاباء الاشجار مع التحالف البشري؟ الغرباء يمكنهم الهرب من بوابة الشيطان خاصتهم، لكن ماذا سيحدث لقبيلة جرذان المراعي؟” فوغون اخذ خطوة للأمام و هدد
“هيهي فليذهب كلاهما للجحيم، خيانة لمن؟ الأولين اعدائي منذ قديم الاذل و الثانين لم ينفعوني بشئ، هذه اول مرة نلتقي فيها جسدياً اساساً، هل يفترض بي ان اعتبركم عائلتي او شئ كهذا؟” قهقه شارفير و فتح عينه، ثم بدأ يمررها على الجميع بجدية، “يبدو ان هذه قد تكون اخر مرة نجتمع فيها دعوني اخبركم بنصيحة.. إياكم ان تستخفوا بالإمبراطور روبين بورتون و جيشه.”
“…هل تعرف شئ لا نعرفه يا شارفير؟” سأل حديار بجدية، شعور سئ بدأ يتصاعد داخل قلبه
” ما سمعته و رأيته داخل تلك الخيمة، ذلك الكائن الجحيمي… انسوا الامر، لقد وعدت ان لا اتكلم.” رفع شارفير كتفه و عاد للنظر نحو السقف، ” لو تريدون الموت فتفضلوا، ولا تقلقوا ان لن افضح خطتكم فأنا لم اقسم على الولاء له بعد، فقط حاولوا ان لا تضغطوا على الامبراطور روبين كثيراً و إلا فاللون القرمزي سيملأ عالمنا.”
“….” الغرفة التي كانت تحتوي اكثر من عشر اشخاص سقطت في صمت مجدداً
“أ- أبي… انا اشارك العم شارفير في الرأي، دعنا لا نستفز الامبراطورية مجدداً.”
*بووف*
سقط فوغون جالساً مكانه مجدداً و نظر نحو ابنته بصدمة، ” إليس.. حتى انتي؟!”
“……”
“……”
* طرق* *طرق*
في هذه اللحظة جاء صوت من خارج المبنى، ” معاليه امبراطور امبراطورية البداية الحقيقية قد خرج من خلوته و يطلب حضوركم الفوري في قاعة القصر.”
الموضوع التاليالموضوع السابق