صفقت الفتاة الغزال و ضحكت، “هيهيهي لقد ضغطت عليهم بقوة حتى دفعوا ثمناً غالياً للهرب يا عم، ألم يكن من الافضل ان تلين أدمغتهم ببعض الوعود؟ حتى انا احاول التقرب إليك بنفس الطريقة، ما المشكلة في هذا؟”
“…قوتهم القتالي لن تفيدني كثيراً الحرب القادمة التي تحتوي على مئات الاباطرة، ما احتاجه هو الموارد، الكثير من الموارد! و لو قبلتهم بجانبي و اصبحوا اتباعي، بأي وجه اخذ ما جمعوه؟ سأستحي ان اخذ ممتلكاتهم، سيكون واجبي ان ازيدها لهم. انتي سمعتي حواري مع ديكارت، هل سمعتني اقول اني سأخذ منه شئ؟ انا فقط اُعجب بذكاءه فقررت ضمه هذا كل شئ.” تمتم روبين بدون النظر نحو الفتاة الغزال
اما الفتاة الغزال فرفعت كتفيها الصغيرين و رجعت لتقف صامتة.
لم يزح روبين عينه عن البقعة التي اختفها منها تجسيدات روح الاباء الاشجار لفترة طويلة، ثم اخيراً عاد لينظر نحو الفتاة الغزال بعينين ذهبيتين و هو يشير خلفه، ” تلك الظواهر و العلامات التي ظهرت حولهم هى في الحقيق انماط اول مرة اراها، ما حدث للتو له علاقة بك، أليس كذلك؟”
رفعت الفتاة الغزال كتفيها الصغيرين، ” لا تنظر لي، لقد قاموا بالتضحية بجزء من صقلي من اجل تحرير انفسهم، لا يمكنني رفض التدخل بعد إعلان نية التضحية بالثقل، و إلا اين ستذهب مصداقيتي؟”
” صقل روح الكوكب يمكن ان ينفع في حالات كهذه ايضاً؟!” دُهش روبين، هو كان يعلم مقدار قوة طاقة الروح الفضية و مقدار الضغط الذي كان يشعر به تجسيدات الروح، انه ليس بالشئ الذي يسهل الهروب منه
*لماذا لم يستخدم هوفنهايم هذه الطريقة اذاً؟* تلك الفكرة جالت في عقل روبين للحظة، لكنه سرعان ما ضحك على نفسه و تناساها، اولائك الثلاثة استخدموا صقل روح الكوكب لفك الضغط و الهرب، لكن إلى اين كان سيهرب هوفنهايم و هو كان بداخل نطاقه الروحي؟!
“صقلي ولو بنسبة بسيطة يعطي صاحبه عدد غير محدود من الخيارات خاصة في شؤون الروح و القوانين السماوية، طالما ما يريد فعله غير مبالغ فيه كثيراً و يمكنه دفع الثمن، فكل شئ متاح..” الفتاة الغزال رفعت يدى اليسرى النحيلة لتظهر عضلاتها الغير موجودة،”
“هيهي انا رائعة ها، هل اقتنعت بأهمية صقلي اخيراً؟ لو اصبحت ملكك بالكامل فالخيارات المفتوحة امامك ستكون اكبر بكثير!”
“خيارات مثل التعديل في القوانين السماوية او الهرب من حصار روحي؟ كلها اشياء مفيدة فعلاً، لكن يمكن فقط الاستفادة منها وانا بداخل كوكب جرينلاند، ماذا لديك ايضاً؟” عاد روبين ليسأل مبتسماً، نسي ان ارواح ثلاث اباء اشجار هربوا منه للتو
“هممم… يمكنني ان اجعلك تتحكم في الطقس و حتى التضاريس كما تشاء، مع انه بعد صقلي بالكامل اشياء كهذه لن تستنفد منك نسبة صقل إلا انها ستسهلك قوة روحك بشكل مريع لذا لا انصح بهذا جداً. فلنرى، ماذا ايضاً… اوه، سأجلك ترى و تسمع كل شئ في جرينلاند، سأجعلك تقرأ كل شئ فيه كراحة يدك، يمكنني ايضاً ان ادلك على مواقع التعدين المهمة و النباتات العتيقة و المخلوقات النادرة، يمكنني ايضاً ان ادلك على ينبوع الشباب و جمرة قلب العالم و المزيد و المزيد من الاشياء التي لم تتخيلها يوماً!” فكرت الفتاة الغزال للحظة ثم وعدت، ” انت لا يمكنك تخيل المزايا التي تمنحها لك روح عالم، لا يمكنك حتى تخيل ما يحدث في الحزام الكوكبي المتوسط بسببنا، انت لديك فرصة للإستفراد بروح كوكب لمدة 300 الف عام لوحدك، لكنك تتردد؟”
“….” حتى روبين لم يملك القلب ليتخطى هذه الوعود ببساطة، ان يعرف مواقع الكنوز في العالم لهى افضل وسيلة يمكنه بها تقوية نفسه بسرعة، اي واحدة من المزايا التي تتكلم عن روح الكوكب كفيلة لتجعل اي شخص يلهث خلفها، لكنها حاول كبح نفسه و سأل مجدداً بعدم اهتمام ” ماذا لديك ايضاً؟”
“اشعر انك تحتال علي يا عم! كيف كل هذا لم يرضيك؟ ماذا اعطيك اكثر؟ هل تريد ان تتزوجي او شئ كهذا؟” ضربت الفتاة الغزال قدمها في الارض، غضبها كان لطيف جداً
“هيهي بالمناسبة احد الاباء الاشجار ناداك قبل قليل بإسم ايفرجرين، هذا اسمك ، صحيح؟ اسم لطيف.. إسمعي، انا امبراطور احكم عدة كواكب و لدي روح فضية ستمكنني بسهولة من صقل اي روح كوكب اريدها، ما تقولينه فعلاً مغري لكن يمكنني بسهولة ان اصقل روح احد كواكبي الاخرى. بصراحة افعالك لا تعجبني و ارى اني سأكون الطرف الخاسر لو استمرت علاقتي بك، إن لم تعطيني سبب قوي لأصقلك فلن اتعب نفسي معك و سأدمر كل الاباء الاشجار لذا لن يصقلوك ايضاً و سيتحتم عليك الانتظار لعدد لا يحصى من السنين حتى تجدين لنفسك مالك، هيا اخبرني بما لديك، قد اوافق و اخذك تحت جناحي…” نقر روبين انف الفتاة الغزال
“همف همف! انا ليس لي اسم، واحد من اولائك الاشخاص ناداني بإيفرجرين و الاسم اعجب البقية و بدأوا ينادوني به ايضاً! لكن اعتقد انك يمكنك استخدامه ايضاً بما انه إلتصق به لفترة طويلة..” كتفت ايفرجرين يديها و بدت منزعجة، ” ثانياً من قال اني سأحزن إن ذهبت و صقلت روح اخرى، يمكنك ان كانت لديك القوة يمكنك ان تمتلك قدر ما تشاء منا، بدلاً من واحدة خذنا كلنا و انا سأكون سعيدة بوجود اخوة و اخوات معي، لما لا؟ فقط ضع في حسبانك انك بدلاً من الدفاع عن كوكب واحد سيتحتم عليك الدفاع عن كل تلك الكواكب في نفس الوقت، يجب ان تكون قوياً جداً لفعل شئ كهذا في الحزام الكوكبي المتوسط يا عم، كل الاشخاص الذين تمكنوا من إمتلاك اكثر من كوكب لفترة طويلة هم وحوش حقيقيون، هل يمكنك ان تكون واحد منهم يا عم؟ أمل هذا هيهي.”
“إذاً بقية الكواكب في الحزام الكوكبي اليافع فعلاً لديهم ارواح مثلك؟ و صقل كوكب لا يُحكم علي البقاء فيه او يمنعني من صقل واحد اخر، مثير للإهتمام… إذاً لماذا لم تحاول ارواح الكواكب تلك التواصل مع قانطيها مثلما فعلتي انتي؟ ألا يريدون مالك؟” تسائل روبين، لو اُكتشف وجود لروح كوكب يورا او كوكب نيهاري لتغير كل شئ فيهم
” بالطبع كل الكواكب لها ارواح! لكن في البداية وعينا يكون شبه نائم بحيث نشرف على العمليات الحيوية للكوكب و امتصاص الطاقة من الفوضى البدائية حولنا، و ربما نختار أجنة عشوائية للعبث فيها احياناً، عندما يبدأ سكاننا بتدريب الطاقة ينشط وعينا اكثر بحيث اننا نبدأ بتشجيع اولائك الذين يسلكون طرق التدريب و الاكتشاف للمضي قدماً اسرع، و عندما يبدأ احد سكاننا بإستخدام الدرجة الثانية من اي قانون، يُفتح مجالنا الروحي الخاص و يتحور وعينا حتى يتخذ هيئة مميزة كهذه الهيئة اللطيفة.” وضعت ايفرجرين يدها خلف ظهرها وشرحت، ثم اخذ بضع خطوات لبعيد، ” ثم انك تتهمني بإهتهام خطير يا عم، من قال اني تواصلت مع اي احد؟”
“هاه؟ اذاً ما الذي فعلتيه بالضبط؟ منذ ذلك اليوم الذي جاء فيه مخلوقات الترينت العتيق إلى هنا و– أتقصدين؟” فجأة روبين تذكر شيئاً و توقف
إلتفت ايفرجرين لتواجه روبين مباشرةً و رفعت اصبعها الابهام ضاحكةً، “بالضبط، نحن لا يمكننا التواصل مع السكان بإرادتنا حتى نصل للحزام الكوكبي المتوسط، هنالك يكون السكان لديهم القوة الكافية لمعرفة هذا السر و التنافس عليه، اما المعرفة الان فهى ستؤدي للدمار فقط، انت رأيت ما حدث في جرينلاند… مهمتنا الاساسية تقوية السكان و المراقبة من بعيد و ربما ارشادهم نحو الطريق الصواب بدون ان نظهر انفسنا، لكن إن كان هنالك ساكن مميز و وصل إلينا بنفسه، فالامور ستختلف، حينها مسموح لنا ان نختار التواصل معهم او لا، و انا ببساطة اخترت ان اخبرهم.”
“لماذا لا يمكنكم التواصل مع سكانكم؟ ماذا تقصدين بغير مسموح؟ واضح جداً انك قادرة على ايصال صوتك و وجودك لكل مخلوقات الكوكب فوراً ما ان اردتي!” سأل روبين بسرعة
لكن رد ايفرجرين الوحيد كان انها رفعت كتفيها الصغيرين ثم عادت لتأخذ جولة حول الكرة الخضراء الضخمة
الموضوع التاليالموضوع السابق