“هيهيهي ألا تظن انك جبان جداً يا عم؟” الفتاة الغزال كتفت يداها و نظرت نحو روبين بإبتسامة لعوبة، ” لديك جيش يمكنك به غزو كوكب قوي مثلي، و لديك اسرار في جسدك مكنتك من تدمير 6 اسياد حرب الذين صنعتهم بنفسي و اعرف مقدار قوتهم، و لا حاجة بالطبع للكلام على قوة روحك الفضية! ممن انت خائف؟ انت تجعلني اعيد النظر في ما إن كنت اريدك كـ مالكي، همف!”
عقد روبين حاجباه لبضع ثوانٍ و نظر نحو روح لكوكب بنظرة معقدة، “…انتي لستي سهلة، هاه؟ عندما سمعت عن افعالك من ديكارت تخيلت انك مجرد روح وليدة حمقاء اثارت المتاعب عن غير قصد، لكني الان بدأت اشك ان ما يحدث في هذا الكوكب كان بتخطيط منك.”
“هراء! لماذا تتهم هذه الانسة الصغيرة اللطيفة بهذه الاشياء الفظيعة؟ تقصد ذلك الوقت عندما إلتقيت تلك الارواح الشريرة اول مرة صحيح؟ كنت ما ازال غِرة لا اعرف شرور الناس، كل ما فعلته كان قول بضع كلمات عن طيب خاطر لكن اولائك الاشرار عاثوا فساداً فيني، هم المجرمين هنا! ألم ترني و انا اعاقبهم بكل الطرق؟” الفتاة الغزال وضعت يد في خصرها و الاخرى اشارت بها نحو كرات الروح الثلاث
“اوه، حقاً؟ قبل قليل انتي ذكرتي الحزام الكوكبي اليافع اثناء تكلمنا عن الروح الفضية، هذا يعني انك تعرفي عن الكواكب الاقدم عمراً صحيح؟ لو عرفت مخلوقات الترينت العتيق ماذا سيحدث عندما يتأهل جرينلاند للحزام الكوكبي متوسط العمر هل كانوا ليتقاتلوا بهذا الشكل؟ بل اشك انهم كانوا سيتقاتلوا اصلاً لو عرفوا انك مجرد كوكب من بين ملايين و انك لست *العالم* كله كما يظنون… يمكنك ان تخدعي اولائك القرويين كما تشائين، لكن احذري من اتتباع نفس الاسلوب معي، لا امانع تدمير الكوكب بعدما انتهي منه، كل ما علي فعله هو قتل كل مخلوقاتك الذكية او ترحيلهم لكواكب اخرى، الامر ليس صعباً جداً.” رفع روبين رأسه متحدياً و لمعت عيناه بنية قتل للحظة
انزلت الفتاة الغزال يدها التي كانت تشير بها نحو ارواح الاباء الاشجار و عادت لتنظر نحو روبين و هى تضع يد واحدة على خصرها، هذه المرة نظرتها تحولت من البراءة و الفضول إلى إبتسامة غريبة، “مهلاً مهلاً، انت تجعلني ابدو سيئة جداً، انا لم اكذب عليهم ابداً.”
“لم تقولي كل الحقائق ايضاً.” روبين قال بشكل جدي، ” الحياة الابدية التي تعدين بها ستنتهي في لحظة دخول كوكب جرينلاند لحزام الكواكب متوسطة العمر، صحيح؟ هنالك اعداد لا تحصى من الخبراء هناك و انا ارفض تصديق ان لا احد غيرك يعرف موضوع الحياة الابدية هذا… تلك الاشجار الخرقاء لن تصمد يوم او اثنان في النطاق المتوسط، لو ظلوا يلعبوا لعبة الاشجار الصماء سيتمكنوا من النجاة لملايين السنين لكن *عرضك* قتل معظمهم و الفائز بينهم سيتحول لحطب لتسخين الشاي بعد 300 الف عام”
ثم لمعت عيناه ببرودة، “هل تعتقدين ان هذه معلومة يمكن ان تتجاهليها؟ لو اخبرتيهم انهم سيقتلوا بعضهم من اجل مطاردة حلم غير متاح لهم، ألا تعتقدي ان هذا كان سيُحدث بعض التغييرات؟ كان يمنع بعض الاحداث التي *عاقبتيهم* عليها؟”
“…كانوا سيتقاتلوا و كان مسار التاريخ سيسير بنفس الطريقة.” تكلمت الروح بجدية و طبيعتها الطفولية اختفت للحظة، “حُسم كل شئ عندما ذكرت الحياة الأبدية، الحلم قد يكون غير متاح لهم لكنه ما يزال موجود، لو كان امامك دخول لعبة كبيرة كهذه للفوز بجائزة كبرى او الموت ميتة مليئة بالمجد، او تتشمس وحيداً ليل نهار و تدعو ان لا تمطر اليوم، أيهم ستختار؟”
هز روبين رأسه “هذا ليس شأنك لتقرريه، كان امامك فرصة لتوضيح كل شئ، حتى اليوم كان ما يزال بإمكانك التكلم بدلاً من ارسال تلك الكوارث التي تزيدهم قوة بدلاً من اضعافهم، حقيقة انك بقيتي صامتة يعني ان ما يحدث يعجبك.”
“هيهي انا فتاة خجولة و لست من النوع المُتكلم، لم يسألني احد لذا لم أر داعٍ لقول شئ، هل علي ان اخبرهم بكل شئ اعرفه مثلاً؟” وضعت الفتاة الغزال يدها خلف ظهرها مجدداً بمظهر لعوب
عند هذه النقطة كان يمكن لروبين الشعور بوضوح بأرواح الاباء الاشجار الثلاث و هى تنتفض، قد يكونوا وصلوا لبعض الاستنتاجات او ربما حتى لم يفهموا شئ، لكن المحادثة ببساطة كانت مفزعة… هل كانوا فعلاً مغيبين طوال تلك الفترة؟
“لماذا لديك معلومات عن الاحزمة الكوكبية؟ كتلة من التراب تسبح في الفضاء مثلك ليس من المفترض لها ان تعرف بوجود كواكب اخرى، بعض النظر عن طريقة تصنيفهم! و قبل قليل قلتي انك مصممة لإتتباع الاقوى، ماذا كنت تقصدين؟” تابع روبين اسئلته بنبرة صارمة
” لن تجد اجابة عندي.” رفع الفتاة الغزال كتفيها الصغيرين
” و ماذا إن أصررت؟” اخذ روبين خطوة للأمام، هالته القوة انفجرت بالكامل
“يمكنك ان تصر قدر ما تشاء، هنالك اشياء ليس مخول لي قولها مهما حدث، كما انه -اسفة مسبقاً على جرح ثقتك بنفسك- اخشى انك لن تتمكن من فعل شئ لي على اي حال.” مرت الفتاة الغزال اصبعها و نقرت صدر روبين بإبتسامة و كأنها لم تعر اي اهتمام لقوة روحه، “هاي، لماذا تأخذ كل شئ بجدية يا عم؟ بالفرض انك ستواجه المشاكل عندما ادخل الحزام الكوكبي المتوسط، ما مشكلتك في ذلك؟ متبقي على دخولي الحزام الكوكبي المتوسط اقل من 300 الف عام بقليل، يمكنك ببساطة ان تتخلي عني قبل ان يأتيك الصيادين، الحصول على 300 الف عام من الحياة الاضافية ليست صفقة سيئة.”
ثم اكملت بعيناها اللامعتين ” فكر في الامر، هذه قد تكون هذه صفقة خاسرة بالنسبة لمخلوقات الترينت العتيق، لكنك بشري، و البشر مهما اصبحوا اقوى فقوانين الكون تمنعهم من ان يتخطوا عمر الـ 100 الف عام بدون مساعدة خارجية و تلك المساعدات الخارجية محدودة جداً، اشهرهم ان تحكم كوكب و تمتلك روحه. انا الان اعرض عليك 300 الف سنة اضافية من الحياة، خلالهم يمكنك ان تصل لمستويات قوة عالية و تزيد فترة حياتك الاصلية، و بعدما تتخل عني ستعتمد على قوة حياتك الخاصة لتعيش لمئة الف عام اخرى، هذه ليست صفقة سيئة ابداً ان اردت رأيي. و من يعلم؟ قد تغير رأيك بعد 300 الف عام عندما تصبح اقوى و تقرر البقاء مالكاً لي و تدافع عني، من يعلم ماذا قد يحدث غداً؟”
هالة روبين عادت لتهدأ مجدداً عندما شعر انه الفتاة الغزال لو تهتم لها، كما ان عيناه اصبحت باردة جداً في نظراتها لها… روح الكوكب فعلاً ليست روح صغيرة حمقاء كما توقع، بل يمكن حتى القول ان الانخراط معها خطير جدا، حتى في مثل هذا الموقع ما تزال تحاول ان تبيع مميزاتها لتحصل على مالك؟!
و ما خطب *هنالك اشياء ليس مخول لي قولها *؟ من الذي يخول لها ما تقول و من يعطيها المعلومات؟!
“عرضك ما يزال بلا فائدة بالنسبة لي، انا من النوع الذي يمل بسرعة، ماذا سأفعل بـ 400 الف عام؟ تسك تسك~ ماذا لديك ايضاً؟” روبين تخل عن نظراته الجادة و قرر ان يماشى طاقة روح الكوكب اللعوبة.
“همم انا يمكنني ان اعطيك الـ-” الفتاة الغزال نقرت على خدها بضع مرات و بدأت تتكلم
لكن روبين رفع يده و قاطعها ثم نظر نحو ارواح الاباء الاشجار، ” هل سمعتم بما يكفي؟ اعتقد ان ما قيل سيساعدكم على اتخاذ قراركم، ما سيُقال بعد هذه النقطة لا يخصكم كما ان مهلة العشر دقائق قد انتهت، اخبروني ماذا قررتم… الاستسلام او الدمار؟”
الموضوع التاليالموضوع السابق